الباحث القرآني
﴿ويَوْمَ يَحْشُرُهُمْ﴾ نُصِبَ عَلى أنَّهُ مَفْعُولٍ لِمُضْمَرٍ مُقَدَّمٍ مَعْطُوفٍ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ أذَلِكَ﴾ إلَخْ أيْ قِيلَ لَهم ذَلِكَ واذْكُرْ لَهم بَعْدَ التَّقْرِيعِ والتَّحْسِيرِ يَوْمَ يَحْشُرُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ، والمُرادُ تَذْكِيرُهم بِما فِيهِ مِنَ الحَوادِثِ الهائِلَةِ عَلى ما سَمِعْتُ في نَظائِرِهِ أوْ عَلى أنَّهُ ظَرْفٌ لِمُضْمَرٍ مُؤَخِّرٍ قَدْ حُذِفَ لِلتَّنْبِيهِ عَلى كَمالِ هَوْلِهِ وفَظاعَةِ ما فِيهِ والإيذانِ بِأنَّ العَبّارَةَ لا تُحِيطُ بِبَيانِهِ أيْ ويَوْمِ يَحْشُرُهم يَكُونُ مِنَ الأحْوالِ والأهْوالِ ما لا يَفِي بِبَيانِهِ المَقالُ.
(p-248)وقَرَأ الحَسَنُ وطَلْحَةُ وابْنُ عامِرٍ وكَثِيرٌ مِنَ السَّبْعَةِ «نَحْشُرُهُمْ» بِنُونِ العَظَمَةِ بِطَرِيقِ الِالتِفاتِ مِنَ الغَيْبَةِ إلى التَّكَلُّمِ.
وقَرَأ الأعْرَجُ «يَحْشُرُهُمْ» بِكَسْرِ الشِّينِ، قالَ صاحِبُ اللَّوامِحِ: في كُلِّ القُرْآنِ وهو القِياسُ في الأفْعالِ المُتَعَدِّيَةِ الثُّلاثِيَّةِ لِأنْ يَفْعَلَ بِضَمِّ العَيْنِ قَدْ يَكُونُ مِنَ اللّازِمِ الَّذِي هو فِعْلٌ بِضَمِّها في الماضِي، وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وهي قَلِيلَةٌ في الِاسْتِعْمالِ قَوِيَّةٌ في القِياسِ لِأنْ يَفْعَلَ بِكَسْرِ العَيْنِ في المُتَعَدِّي أقِيسُ مَن يَفْعَلُ بِضَمِّ العَيْنِ، وفِيهِ كَلامٌ ذَكَرَهُ أبُو حَيّانَ في البَحْرِ ﴿وما يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ عُطِفَ عَلى مَفْعُولٍ ﴿يَحْشُرُهُمْ﴾ ولَيْسَتِ الواوُ لِلْمَعِيَّةِ وجَوَّزَ ذَلِكَ أبُو البَقاءِ، والمُرادُ بِالمَوْصُولِ عِنْدَ الضَّحّاكِ وعِكْرِمَةَ والكَلْبِيِّ الأصْنامَ بِناءً أنَّ السِّياقَ فِيها ويُنْطِقُها اللَّهُ تَعالى الَّذِي لا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، وقِيلَ: تَتَكَلَّمُ بِلِسانِ الحالِ ولَيْسَ بِذاكَ.
وأخْرَجَ جَماعَةٌ عَنْ مُجاهِدٍ أنَّ المُرادَ بِهِ المَلائِكَةُ وعِيسى وعَزِيزٌ وأضْرابُهم مِنَ العُقَلاءِ الَّذِينَ عَبَدُوا مَن دُونِ اللَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى وهو قَوْلُ الجُمْهُورِ عَلى ما في البَحْرِ لِأنَّ السُّؤالَ والجَوابَ يَقْتَضِيانِهِ لِاخْتِصاصِهِما بِالعُقَلاءِ عادَةً وإنْ كانَ الجَمادُ يَنْطِقُ يَوْمَئِذٍ، وجاءَ فِيما يُشْبِهُ الِاسْتِفْهامَ الآتِيَ النَّصَّ عَلَيْهِمْ نَحْوُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أهَؤُلاءِ إيّاكم كانُوا يَعْبُدُونَ﴾ [سَبَأٌ: 40] وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿أأنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّيَ إلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ [المائِدَةُ: 116] والظّاهِرُ أنَّ المُرادَ- بِما- عَلى هَذا القَوْلِ العُقَلاءُ المَعْبُودُونَ الَّذِينَ لَيْسَ مِنهم إضْلالٌ كالمَلائِكَةِ والأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ لا ما يَشْمَلُهم ولِشَياطِينَ مَثَلًا فَإنَّ الجَوابَ يَأْبى ذَلِكَ بِظاهِرِهِ كَما يَخْفى وأطْلَقَتْ ما عَلى العُقَلاءِ إمّا عَلى أنَّها تُطْلَقُ عَلَيْهِمْ حَقِيقَةً أوْ مَجازًا أوْ بِاعْتِبارِ الوَصْفِ كَأنَّهُ قِيلَ: أوْ مَعْبُودِيهِمْ، وقالَ بَعْضُ الأجِلَّةِ: المُرادُ ما يَعُمُّ العُقَلاءَ وغَيْرَهم إمّا لِأنَّ كَلِمَةً ما مَوْضُوعَةً لِلْكُلِّ كَما يُنَبِّئُ عَنْهُ أنَّكَ إذا رَأيْتَ شَبَحًا مِن بَعِيدٍ تَقُولُ: ما هُوَ؟ أوْ لِأنَّهُ أُرِيدَ بِها الوَصْفُ فَلا تَخْتَصُّ حِينَئِذٍ بِغَيْرِ العُقَلاءِ كَما إذا أُرِيدَ بِها الذّاتُ أوْ لِتَغْلِيبِ الأصْنامِ عَلى غَيْرِها تَنْبِيهًا عَلى بُعْدِهِمْ عَنِ اسْتِحْقاقِ العِبادَةِ وتَنْزِيلِهِمْ في ذَلِكَ مَنزِلَةَ مَن لا عِلْمَ لَهُ ولا قُدْرَةَ أوِ اعْتِبارًا لِغَلَبَةِ عَبَدَتِها وكَثْرَتِهِمْ ﴿فَيَقُولُ﴾ أيِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ لِلْمَعْبُودِينَ مِن دُونِهِ أثَرُ حَشْرِ الكُلِّ تَقْرِيعًا لِلْعَبَدَةِ وتَبْكِيتًا لَهم.
وقَرَأ الحَسَنُ وطَلْحَةُ وابْنُ عامِرٍ «فَنَقُولُ» بِنُونِ العَظَمَةِ أيْضًا، ومَن قَرَأ مِمَّنْ عَداهم هُناكَ بِالنُّونِ وهُنا بِالياءِ كانَ عَلى قِراءَتِهِ هُنا التِفاتًا مِنَ التَّكَلُّمِ إلى الغَيْبَةِ، وفي نُونِ العَظَمَةِ هُناكَ إشارَةٌ إلى أنَّ الحَشْرَ أمْرٌ عَظِيمٌ.
﴿أأنْتُمْ أضْلَلْتُمْ عِبادِي هَؤُلاءِ﴾ بِأنْ دَعَوْتُمُوهم إلى عِبادَتِكم وإضافَةُ ( عِبادِي ) قِيلَ لِلتَّرَحُّمِ أوْ لِتَعْظِيمِ جُرْمِهِمْ لِعِبادَةِ غَيْرِ خالِقِهِمْ أوْ لِتَعْظِيمِ أمْرِ إضْلالِهِمْ بِدَعْوَتِهِمْ إلى عِبادَتِهِمْ مَعَ كَوْنِهِمْ عِبادًا لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ ( وهَؤُلاءِ ) بَدَلٌ مِنهُ، وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ نَعْتًا لَهُ ﴿أمْ هم ضَلُّوا السَّبِيلَ﴾ أيْ عَنِ السَّبِيلِ بِأنْفُسِهِمْ لِإخْلالِهِمْ بِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ وإعْراضِهِمْ عَنِ المُرْشِدِ مِن كِتابٍ أوْ رَسُولٍ فَحُذِفَ الجارُّ وأُوصِلَ الفِعْلُ إلى المَفْعُولِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحْزابُ: 4] والأصْلُ إلى السَّبِيلِ أوْ لِلسَّبِيلِ.
وذَكَرَ بَعْضُ الأجِلَّةِ أنَّهُ لَمْ يَقُلْ عَنِ السَّبِيلِ لِلْمُبالَغَةِ فَإنْ ضَلَّهُ بِمَعْنى فَقَدَهُ وضَلَّ عَنْهُ بِمَعْنى خَرَجَ عَنْهُ. والأوَّلُ أبْلَغُ لِأنَّهُ يَوْمَ أنَّهُ لا وُجُودَ لَهُ رَأْسًا، وتَقْدِيمُ الضَّمِيرَيْنِ عَلى الفِعْلَيْنِ لِما أنَّ المُرادَ بِالسُّؤالِ التَّقْرِيعِيِّ هو المُتَصَدِّي لِلْفِعْلِ لا نَفْسُهُ.
{"ayah":"وَیَوۡمَ یَحۡشُرُهُمۡ وَمَا یَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَیَقُولُ ءَأَنتُمۡ أَضۡلَلۡتُمۡ عِبَادِی هَـٰۤؤُلَاۤءِ أَمۡ هُمۡ ضَلُّوا۟ ٱلسَّبِیلَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق