الباحث القرآني

﴿لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا﴾ مَطْلُوبًا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ سَأَلُوا رَبَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حِينَ قَالُوا: "رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ" [آل عمران: ١٩٤] ، يَقُولُ: كَانَ أَعْطَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ جَنَّةَ خُلْدٍ وَعْدًا، وَعَدَهُمْ عَلَى طَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ فِي الدُّنْيَا وَمَسْأَلَتُهُمْ إِيَّاهُ ذَلِكَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: الطَّلَبُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: "رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ" [غافر: ٨] . ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ﴾ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَيَعْقُوبُ، وَحَفْصٌ: "يَحْشُرُهُمْ" بِالْيَاءِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالنُّونِ، ﴿وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَعِيسَى وَعُزَيْرٍ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ وَالْكَلْبِيُّ: يَعْنِي الْأَصْنَامَ، ثُمَّ يُخَاطِبُهُمْ ﴿فَيَقُولُ﴾ قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ بِالنُّونِ وَالْآخَرُونَ بِالْيَاءِ، ﴿أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ﴾ أَخْطَأُوا الطَّرِيقَ. ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ﴾ نَزَّهُوا اللَّهَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ إِلَهٌ، ﴿مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ﴾ يَعْنِي: مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُوَالِيَ أَعْدَاءَكَ، بَلْ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ. وَقِيلَ: مَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْمُرَهُمْ بِعِبَادَتِنَا وَنَحْنُ نَعْبُدُكَ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ "أَنْ نُتَّخَذَ" بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْخَاءِ، فَتَكُونُ "مِنْ" الثَّانِي صِلَةٌ. ﴿وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ﴾ فِي الدُّنْيَا بِطُولِ الْعُمْرِ وَالصِّحَّةِ وَالنِّعْمَةِ، ﴿حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ﴾ تَرَكُوا الْمَوْعِظَةَ وَالْإِيمَانَ بِالْقُرْآنِ. وَقِيلَ: تَرَكُوا ذِكْرَكَ وَغَفَلُوا عَنْهُ، ﴿وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا﴾ يَعْنِي هَلْكَى غَلَبَ عَلَيْهِمُ الشَّقَاءُ وَالْخِذْلَانُ، رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ بَائِرٌ، وَقَوْمٌ بُورٌ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْبَوَارِ وَهُوَ الْكَسَادُ وَالْفَسَادُ، وَمِنْهُ بَوَارُ السِّلْعَةِ وَهُوَ كَسَادُهَا. وَقِيلَ هُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ كَالزُّورِ، يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكِّرُ وَالْمُؤَنَّثُ. ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ﴾ هَذَا خِطَابٌ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، أَيْ: كَذَّبَكُمُ الْمَعْبُودُونَ، ﴿بِمَا تَقُولُونَ﴾ إِنَّهُمْ آلِهَةٌ، ﴿فَمَا تَسْتَطِيعُونَ﴾ قَرَأَ حَفْصٌ بِالتَّاءِ يَعْنِي الْعَابِدِينَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ يَعْنِي: الْآلِهَةُ. ﴿صَرْفًا﴾ يَعْنِي: صَرْفًا مِنَ الْعَذَابِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، ﴿وَلَا نَصْرًا﴾ يَعْنِي: وَلَا نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ. وَقِيلَ: وَلَا نَصْرَكُمْ أَيُّهَا الْعَابِدُونَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ بِدَفْعِ الْعَذَابِ عَنْكُمْ. وَقِيلَ: "الصَّرْفُ": الْحِيلَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ: إِنَّهُ لِيَصْرِفَ، أَيْ: يَحْتَالُ، ﴿وَمَنْ يَظْلِمْ﴾ يُشْرِكْ، ﴿مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب