الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿وَمُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَوْراةِ ولأُحِلَّ لَكم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكم وجِئْتُكم بِآيَةٍ مِنَ رَبِّكم فاتَّقُوا اللهَ وأطِيعُونِ﴾ ﴿إنَّ اللهَ رَبِّي ورَبُّكم فاعْبُدُوهُ هَذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾
قَوْلُهُ: "مُصَدِّقًا" حالٌ مَعْطُوفَةٌ عَلى قَوْلِهِ: ﴿أنِّي قَدْ جِئْتُكم بِآيَةٍ﴾ [آل عمران: ٤٩]. لِأنَّ قَوْلَهُ في مَوْضِعِ الحالِ، وكانَ عِيسى عَلَيْهِ السَلامُ مُصَدِّقًا لِلتَّوْراةِ مُتَّبِعًا عامِلًا بِما فِيها. قالَ وهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: كانَ يَسْبِتُ ويَسْتَقْبِلُ بَيْتَ المَقْدِسِ.
وقالَ قَتادَةُ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: ﴿وَلأُحِلَّ لَكم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾، كانَ الَّذِي جاءَ بِهِ عِيسى ألْيَنَ مِنَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى، وقالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أحَلَّ لَهم لُحُومَ الإبِلِ والشُحُومَ، قالَ الرَبِيعُ: وأشْياءَ مِنَ السَمَكِ، وما لا صِئْصِئَةَ لَهُ مِنَ الطَيْرِ. وكانَ في التَوْراةِ مُحَرَّماتٌ تَرَكَها شَرْعُ عِيسى عَلى حالِها، فَلَفْظَةُ البَعْضِ عَلى هَذا مُتَمَكِّنَةٌ، وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: البَعْضُ في هَذِهِ الآيَةِ بِمَعْنى الكُلِّ، وخَطَّأهُ الناسُ في هَذِهِ المَقالَةِ، وأنْشَدَ أبُو عُبَيْدَةَ شاهِدًا عَلى قَوْلِهِ بَيْتَ لَبِيدٍ:
؎ تَرّاكُ أمْكِنَةٍ إذا لَمْ يَرْضَها أو يَخْتَرِمْ بَعْضَ النُفُوسِ حِمامُها
(p-٢٣٢)وَلَيْسَتْ في البَيْتِ لَهُ حُجَّةٌ، لِأنَّ لَبِيدًا أرادَ نَفْسَهُ فَهو تَبْعِيضٌ صَحِيحٌ، وذَهَبَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ إلى أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ إشارَةٌ إلى ما حَرَّمَهُ الأحْبارُ بَعْدَ مُوسى وشَرَعُوهُ، فَكَأنَّ عِيسى رَدَّ أحْكامَ التَوْراةِ إلى حَقائِقِها الَّتِي نَزَلَتْ مِن عِنْدِ اللهِ تَعالى.
وقَرَأ عِكْرِمَةُ: "حَرَّمَ عَلَيْكُمْ" بِفَتْحِ الحاءِ والراءِ المُشَدَّدَةِ، وإسْنادِ الفِعْلِ إلى اللهِ تَعالى أو إلى مُوسى عَلَيْهِ السَلامُ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: "وَجِئْتُكم بِآيَةٍ"، وفي مُصْحَفِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: "وَجِئْتُكم بِآياتٍ مِن رَبِّكُمْ". وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاتَّقُوا اللهَ وأطِيعُونِ﴾ تَحْذِيرٌ ودُعاءٌ إلى اللهِ تَعالى.
وقَرَأ جُمْهُورُ الناسِ: ﴿إنَّ اللهَ رَبِّي ورَبُّكُمْ﴾ بِكَسْرِ الألِفِ عَلى اسْتِئْنافِ الخَبَرِ، وقَرَأهُ قَوْمٌ "أنَّ اللهَ رَبِّي ورَبُّكُمْ" بِفَتْحِ الألِفِ. قالَ الطَبَرِيُّ: "إنَّ" بَدَلٌ مِن "آيَةٍ"، في قَوْلِهِ: ﴿جِئْتُكم بِآيَةٍ﴾ [آل عمران: ٤٩]، وفي هَذا ضَعْفٌ، وإنَّما التَقْدِيرُ: أطِيعُونِي، لِأنَّ اللهَ رَبِّي ورَبُّكُمْ، أو يَكُونُ المَعْنى: لِأنَّ اللهَ رَبِّي ورَبُّكم فاعْبُدُوهُ.
وقَوْلُهُ: ﴿هَذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ إشارَةٌ إلى قَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللهَ رَبِّي ورَبُّكم فاعْبُدُوهُ﴾، لِأنَّ ألْفاظَهُ جَمَعَتِ الإيمانَ والطاعاتِ. والصِراطُ: الطَرِيقُ، والمُسْتَقِيمُ: الَّذِي لا اعْوِجاجَ فِيهِ.
{"ayahs_start":50,"ayahs":["وَمُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِی حُرِّمَ عَلَیۡكُمۡۚ وَجِئۡتُكُم بِـَٔایَةࣲ مِّن رَّبِّكُمۡ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُونِ","إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّی وَرَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ هَـٰذَا صِرَ ٰطࣱ مُّسۡتَقِیمࣱ"],"ayah":"وَمُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِی حُرِّمَ عَلَیۡكُمۡۚ وَجِئۡتُكُم بِـَٔایَةࣲ مِّن رَّبِّكُمۡ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُونِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق