الباحث القرآني
(p-٣٨)بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ
تَفْسِيرُ سُورَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَلامُ
هَذِهِ السُورَةُ مَكِّيَّةٌ، ويُرْوى أنَّ اليَهُودَ سَألُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ عن قِصَّةِ يُوسُفَ فَنَزَلَتِ السُورَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، ويُرْوى أنَّ اليَهُودَ أمَرُوا كُفّارَ مَكَّةَ أنْ يَسْألُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنِ السَبَبِ الَّذِي أحَلَّ بَنِي إسْرائِيلَ بِمِصْرَ فَنَزَلَتِ السُورَةُ، وقِيلَ: سَبَبُ نُزُولِها تَسْلِيَةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَمّا يَفْعَلُهُ بِهِ قَوْمُهُ بِما فَعَلَ إخْوَةُ يُوسُفَ بِيُوسُفَ، وسُورَةُ يُوسُفَ لَمْ يَتَكَرَّرْ مِن مَعْناها في القُرْآنِ شَيْءٌ كَما تَكَرَّرَتْ قَصَصُ الأنْبِياءِ، فَفِيها حُجَّةٌ عَلى مَنِ اعْتَرَضَ بِأنَّ الفَصاحَةَ تَمَكَّنَتْ بِتَرْدادِ القَوْلِ، وفي تِلْكَ القَصَصِ حُجَّةٌ عَلى مَن قالَ في هَذِهِ: لَوْ كُرِّرَتْ لَفَتَرَتْ فَصاحَتُها.
قوله عزّ وجلّ:
﴿الر تِلْكَ آياتُ الكِتابِ المُبِينِ﴾ ﴿إنّا أنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكم تَعْقِلُونَ﴾ ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أحْسَنَ القَصَصِ بِما أوحَيْنا إلَيْكَ هَذا القُرْآنَ وإنْ كُنْتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الغافِلِينَ﴾
تَقَدَّمَ القَوْلُ في فَواتِحِ السُوَرِ، و"الكِتابُ": القُرْآنُ، ووَصْفُهُ بـِ "المُبِينِ" قِيلَ: مِن جِهَةِ أحْكامِهِ وحَلالِهِ وحَرامِهِ، وقِيلَ: مِن جِهَةِ مَواعِظِهِ وهُداهُ ونُورِهِ، وقِيلَ: مِن جِهَةِ بَيانِ اللِسانِ العَرَبِيِّ وجَوْدَتِهِ إذْ فِيهِ سِتَّةُ أحْرُفٍ لَمْ تَجْتَمِعْ في لِسانٍ، -رُوِيَ هَذا القَوْلُ عن مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ- ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مُبِينًا لِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ بِإعْجازِهِ والصَوابُ أنَّهُ مُبِينٌ بِجَمِيعِ هَذِهِ الوُجُوهِ، والضَمِيرُ في قَوْلِهِ: "أنْزَلْناهُ" لِلْكِتابِ، والإنْزالُ إمّا بِمَعْنى (p-٣٩)الإثْباتِ، وإمّا أنْ تَتَّصِفَ بِهِ التِلاوَةُ والعِبارَةُ، وقالَ الزَجّاجُ: الضَمِيرُ في "أنْزَلْناهُ" يُرادُ بِهِ خَبَرُ يُوسُفَ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وهَذا ضَعِيفٌ.
وقَوْلُهُ: "لَعَلَّكُمْ" يُحْتَمَلُ أنْ تَتَعَلَّقَ بِـ "أنْزَلْناهُ"، أيْ: أنْزَلْناهُ لَعَلَّكُمْ، ويُحْتَمَلُ أنْ تَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ: "عَرَبِيًّا"، أيْ: جَعَلْناهُ عَرَبِيًّا لَعَلَّكم تَعْقِلُونَ إذْ هو لِسانُكُمْ، و"قُرْآنًا" حالٌ، و"عَرَبِيًّا" صِفَةٌ لَهُ، وقِيلَ: إنَّ "قُرْآنًا" بَدَلٌ مِنَ الضَمِيرِ، وهَذا فِيهِ نَظَرٌ، وقِيلَ: "قُرْآنًا" تَوْطِئَةٌ لِلْحالِ، و"عَرَبِيًّا" حالٌ، وهَذا كَما تَقُولُ: "مَرَرْتُ بِزَيْدٍ رَجُلًا صالِحًا".
وقَوْلُهُ تَعالى: "نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ" الآيَةُ. رَوى ابْنُ مَسْعُودٍ «أنَّ أصْحابَ رَسُولِ اللهِ ﷺ مَلُّوا مَلَّةً فَقالُوا: لَوْ قَصَصْتَ عَلَيْنا يا رَسُولَ اللهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، ثُمَّ مَلُّوا مَلَّةً أُخْرى فَقالُوا: لَوْ حَدَّثْتَنا يا رَسُولَ اللهِ، فَنَزَلَتْ: ﴿اللهُ نَزَّلَ أحْسَنَ الحَدِيثِ كِتابًا﴾ [الزمر: ٢٣]»، (p-٤٠)و"القَصَصُ": الإخْبارُ بِما جَرى مِنَ الأُمُورِ، كَأنَّ الأنْباءَ تَتَبُّعٌ بِالقَوْلِ كَما يُقْتَصُّ الأثَرُ، وقَوْلُهُ: ﴿بِما أوحَيْنا إلَيْكَ﴾ أيْ: بِوَحْيِنا، و"القُرْآنُ" نَعْتٌ لـ "هَذا"، ويَجُوزُ فِيهِ البَدَلُ، وعَطْفُ البَيانِ فِيهِ ضَعِيفٌ. و"إنْ" هي المُخَفَّفَةُ مِنَ الثَقِيلَةِ، واللامُ في خَبَرِها لامُ التَأْكِيدِ، هَذا مَذْهَبُ البَصْرِيِّينَ، ومَذْهَبُ أهْلِ الكُوفَةِ أنَّ "إنْ" بِمَعْنى "لَها"، و(اللامُ) بِمَعْنى (إلّا)، والضَمِيرُ في "قَبْلِهِ" لِلْقَصَصِ العامِّ لِما في جَمِيعِ القُرْآنِ مِنهُ، و﴿مِنَ الغافِلِينَ﴾ [الأعراف: ٢٠٥] أيْ عن مَعْرِفَةِ هَذا القَصَصِ. ومَن قالَ: إنَّ الضَمِيرَ في "قَبْلِهِ" عائِدٌ عَلى "القُرْآنِ" جَعَلَ ﴿لَمِنَ الغافِلِينَ﴾ في مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضالا فَهَدى﴾ [الضحى: ٧]، أيْ: عَلى طَرِيقٍ غَيْرِ هَذا الدِينِ الَّذِي بُعِثْتَ بِهِ، ولَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ السَلامُ في ضَلالِ الكُفّارِ ولا في غَفْلَتِهِمْ، لِأنَّهُ لَمْ يُشْرِكْ قَطُّ، وإنَّما كانَ مُسْتَهْدِيًا رَبَّهُ عَزَّ وجَلَّ مُوَحِّدًا، والسائِلُ عَنِ الطَرِيقِ المُتَحَيِّرُ يَقَعُ عَلَيْهِ -فِي اللُغَةِ- اسْمُ ضالٍّ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["الۤرۚ تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡمُبِینِ","إِنَّاۤ أَنزَلۡنَـٰهُ قُرۡءَ ٰ نًا عَرَبِیࣰّا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ","نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَیۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ بِمَاۤ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ ٱلۡغَـٰفِلِینَ"],"ayah":"الۤرۚ تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡمُبِینِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق