الباحث القرآني

(p-٣٥٠١)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ يُوسُفَ سُمِّيَتْ بِهِ، لِأنَّ مُعْظَمَ قِصَّتِهِ مَذْكُورَةٌ، ومُعْظَمُ ما فِيها قِصَّتُهُ. قالَ الشِّهابُ: لَمّا خُتِمَتِ السُّورَةُ الَّتِي قَبْلَها بِقَوْلِهِ: ﴿وكُلا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِن أنْباءِ الرُّسُلِ﴾ [هود: ١٢٠] ذُكِرَتْ هَذِهِ بَعْدَها، لِأنَّها مِن أنْبائِهِمْ. وقَدْ ذَكَرَ أوَّلًا ما لَقِيَ الأنْبِياءُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ مِن قَوْمِهِمْ، وذَكَرَ في هَذِهِ ما لَقِيَ يُوسُفُ مِن إخْوَتِهِ، لِيَعْلَمَ ما قاسَوْهُ مِن أذى الأجانِبِ والأقارِبِ، فَبَيْنَهُما أتَمُّ المُناسَبَةِ. والمَقْصُودُ تَسْلِيَةُ النَّبِيِّ ﷺ بِما لاقاهُ مِن أذى القَرِيبِ والبَعِيدِ. انْتَهى-. و(يُوسُفُ) اسْمٌ عِبْرانِيٌّ، تَعْرِيبُهُ يَزِيدُ، أوْ زِيادَةٌ. وذَلِكَ لِما رُوِيَ أنَّ أُمَّهُ (راحِيلَ) كانَتْ قَعَدَتْ عَنِ الحَمْلِ مُدَّةً، ولَحِقَها الحُزْنُ تِلْقاءَ ضِرّاتِها الوالِداتِ، ولَمّا وهَبَها تَعالى، بَعْدَ سِنِينَ، ولَدًا سَمَّتْهُ (يُوسُفَ) وقالَتْ: يَزِيدُنِي بِهِ رَبِّي ولَدًا آخَرَ. وهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ اتِّفاقًا، وآيُها مِائَةٌ وإحْدى عَشْرَةَ بِلا خِلافٍ. وقَدْ رَوى البَيْهَقِيُّ في (الدَّلائِلِ) أنَّ طائِفَةً مِنَ اليَهُودِ، حِينَ سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَتْلُو هَذِهِ السُّورَةَ، أسْلَمُوا لِمُوافَقَتِها ما عِنْدَهم. (p-٣٥٠٢)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ١ ] ﴿الر تِلْكَ آياتُ الكِتابِ المُبِينِ﴾ ﴿الر﴾ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى مِثْلِهِ، وأنَّها إمّا حُرُوفٌ مَسْرُودَةٌ عَلى نَمَطِ التَّعْدِيدِ، والإشارَةُ في قَوْلِهِ: ﴿تِلْكَ آياتُ الكِتابِ المُبِينِ﴾ إلى آياتِ السُّورَةِ، نَزَّلَ ما بَعْدَهُ، لِكَوْنِهِ مُتَرَقَّبًا، مَنزِلَةَ المُتَقَدِّمِ. والإشارَةُ بِالبَعِيدِ لِعَظَمَتِهِ، وبُعْدِ مَرْتَبَتِهِ، وإمّا اسْمٌ لِلسُّورَةِ، والإشارَةُ في " تِلْكَ" إلَيْها. والمُرادُ بِـ " الكِتابُ" السُّورَةُ؛ لِأنَّهُ بِمَعْنى المَكْتُوبِ، فَيُطْلَقُ عَلَيْها. أوِ القُرْآنُ، لِأنَّهُ كَما يُطْلَقُ عَلى كُلِّهِ، يُطْلَقُ عَلى بَعْضِهِ. و(المُبِينُ) بِمَعْنى الظّاهِرِ أمْرُها وإعْجازُها، إنْ أُخِذَ مِن (بانَ) لازِمًا بِمَعْنى ظَهَرَ، وإنْ أُخِذَ مِنَ المُتَعَدِّي فالمَفْعُولُ مُقَدَّرٌ، أيْ: أنَّها مِن عِنْدِ اللَّهِ تَعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب