الباحث القرآني
فجمع سبحانه بين السمع والعقل وأقام بهما حجته على عباده فلا ينفك أحدهما عن صاحبه أصلا فالكتاب المنزل والعقل المدرك حجة الله على خلقه وكتابه هو الحجة العظمى فهو الذي عرفنا ما لم يكن لعقولنا سبيل إلى استقلالها بإدراكه أبدا فليس لأحد عنه مذهب ولا إلى غيره مفزع في مجهول يعلمه ومشكل يستبينه وملتبس يوضحه فمن ذهب عنه فإليه يرجع ومن دفع حكمه فبه يحاج خصيمه إذ كان بالحقيقة هو المرشد إلى الطرق العقلية والمعارف اليقينية التي بالعباد إليها أعظم حاجة فمن رد من مدعي البحث والنظر حكومته ودفع قضيته فقد كابر وعاند ولم يكن لأحد سبيل إلى إفهامه ولا محاجته ولا تقرير الصواب عنده وليس لأحد أن يقول إني غير راض بحكمه بل بحكم العقل فإنه متى رد حكمه فقد رد حكم العقل الصريح وعاند الكتاب والعقل.
والذين زعموا من قاصري العقل والسمع أن العقل يجب تقديمه على السمع عند تعارضهما إنما أتوا من جهلهم بحكم العقل ومقتضى السمع فظنوا ما ليس بمعقول معقولا وهو في الحقيقة شبهات توهم أنه عقل صريح وليست كذلك أو من جهلهم بالسمع إما لنسبتهم إلى الرسول ما لم يرده بقوله وإما لعدم تفريقهم بين ما لا يدرك بالعقول وبين ما تدرك استحالته بالعقول فهذه أربعة أمور أوجبت لهم ظن التعارض بين السمع والعقل.
أحدها: كون القضية ليست من قضايا العقول.
الثاني: كون ذلك السمع ليس من السمع الصحيح المقبول.
الثالث: عدم فهم مراد المتكلم به.
الرابع: عدم التمييز بين ما يحيله العقل وما لا يدركه.
والله سبحانه حاج عباده على ألسن رسله وأنبيائه فيما أراد تقريرهم به وإلزامهم إياه بأقرب الطرق إلى العقل وأسهلها تناولا وأقلها تكلفا، وأعظمها غناء ونفعا وأجلها ثمرة وفائدة.
فحججه سبحانه العقلية التي بينها في كتابه جمعت بين كونها عقلية سمعية ظاهرة واضحة قليلة المقدمات سهلة الفهم قريبة التناول قاطعة للشكوك والشبه ملزمة للمعاند والجاحد ولهذا كانت المعارف التي استنبطت منها في القلوب أرسخ ولعموم الخلق أنفع.
وإذا تتبع المتتبع ما في كتاب الله مما حاج به عباده في إقامة التوحيد وإثبات الصفات وإثبات الرسالة والنبوة وإثبات المعاد وحشر الأجساد وطرق إثبات علمه بكل خفي وظاهر وعموم قدرته ومشيئته وتفرده بالملك والتدبير وأنه لا يستحق العبادة سواه وجد الأمر في ذلك على ما ذكرناه من تصرف المخاطبة منه سبحانه في ذلك على أجل وجوه الحجاج وأسبقها إلى القلوب وأعظمها ملاءمة للعقول، وأبعدها من الشكوك والشبه في أوجز لفظ وأبينه وأعذبه وأحسنه وأرشقه وأدله على المراد.
* وقال في (مفتاح دار السعادة)
والمَقْصُود بَيان حرمان العلم من هَذِه الوُجُوه السِّتَّة:
أحدها ترك السُّؤال
الثّانِي سوء الإنصات وعدم إلقاء السّمع.
الثّالِث سوء الفَهم.
الرّابِع عدم الحِفْظ.
الخامِس عدم نشره وتعليمه، فَإن من خزن علمه ولم ينشره ولم يُعلمهُ ابتلاه الله بنسيانه وذهابه مِنهُ جَزاء من جنس عمله.
وَهَذا أمر يشْهد بِهِ الحس والوجود.
السّادِس عدم العَمَل بِهِ فَإن العَمَل بِهِ يُوجب تذكره وتدبره ومراعاته والنَّظَر فِيهِ، فَإذا أهمل العَمَل بِهِ نَسيَه.
قالَ بعض السّلف كُنّا نستعين على حفظ العلم بِالعَمَلِ بِهِ.
وَقالَ بعض السّلف أيضا العلم يَهْتِف بِالعَمَلِ فَإن أجابه حل، وإلا ارتحل.
فالعَمَل بِهِ من أعظم أسباب حفظه وثباته وترك العَمَل بِهِ أضاعه لَهُ، فَما استدر العلم ولا استجلب بِمثل العَمَل قالَ الله تَعالى ﴿يا أيها الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وآمنوا بِرَسُولِهِ يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته ويجْعَل لكم نورا تمشون بِهِ﴾.
وَأما قوله تَعالى: ﴿واتَّقوا الله ويعلمكم الله﴾ فَلَيْسَ من هَذا الباب بل هما جملتان مستقلتان طلبية وهِي الأمر بالتقوى وخبرية وهِي قوله تَعالى: ﴿ويعلمكم الله﴾ أي والله يعلمكم ما تَتَّقُون ولَيْسَت جَوابا لِلْأمْرِ بالتقوى ولَو أُرِيد بها الجَزاء لأتى بها مجزومة مُجَرّدَة عَن الواو فَكانَ يَقُول واتَّقوا الله يعلمكم، أوْ إن تتقوه يعلمكم. كَما قالَ ﴿إن تتقوا الله يَجْعَل لكم فرقانا﴾ فتدبره.
(قاعِدَة جليلة)
إذا أردْت الِانْتِفاع بِالقُرْآنِ فاجمع قَلْبك عند تِلاوَته وسماعه
وألْقِ سَمعك واحضر حُضُور من يخاطبه بِهِ من تكلّم بِهِ سُبْحانَهُ مِنهُ إلَيْهِ فانه خاطب مِنهُ لَك على لِسان رَسُوله قالَ تَعالى ﴿إنَّ في ذَلِكَ لَذِكْرى لِمَن كانَ لَهُ قَلْبٌ أوْ ألْقى السَّمْعَ وهو شَهِيد﴾
وَذَلِكَ أن تَمام التَّأْثِير لمّا كانَ مَوْقُوفا على مُؤثر مُقْتَض ومحل قابل وشرط لحُصُول الأثر وانْتِفاء المانِع الَّذِي يمْنَع مِنهُ تضمّنت الآيَة بَيان ذَلِك كلّه بأوجز لفظ وأبينه وأدلّه على المُراد فَقَوله ﴿إنَّ في ذَلِكَ لذكرى﴾ أشار إلى ما تقدّم من أوّل السُّورَة إلى هاهُنا وهَذا هو المؤثّر وقَوله ﴿لِمَن كانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ فَهَذا هو المحل القابِل والمراد بِهِ القلب الحيّ الَّذِي يعقل عَن الله كَما قالَ تَعالى ﴿إنْ هو إلّا ذِكْرٌ وقُرْآنٌ مُبِينٌ لِيُنْذِرَ مَن كانَ حَيّا﴾ أي حيّ القلب وقَوله ﴿أوْ ألْقى السَّمْعَ﴾ أي وجَّه سَمعه وأصغى حاسّة سَمعه إلى ما يُقال لَهُ وهَذا شَرط التأثّر بالكلام وقَوله ﴿وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ أي شاهد القلب حاضر غير غائِب قالَ ابْن قُتَيْبَة اسْتمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم لَيْسَ بغافل ولا ساه وهو إشارَة إلى المانِع من حُصُول التَّأْثِير وهو سَهْو القلب وغيبته عَن تعقّل ما يُقال لَهُ والنَّظَر فِيهِ وتأمّله فَإذا حصل المُؤثر وهو القُرْآن والمحل القابِل وهو القلب الحَيّ ووجد الشَّرْط وهو الإصغاء وانتفى المانِع وهو اشْتِغال القلب وذهوله عَن معنى الخطاب وانصرافه عَنهُ إلى شَيْء آخر حصل الأثر وهو الِانْتِفاع والتذكّر.
فَإن قيل إذا كانَ التَّأْثِير إنَّما يتم بِمَجْمُوع هَذِه فَما وجه دُخُول أداة (أو) في قَوْله ﴿أوْ ألْقى السَّمْعَ﴾
والموضع مَوضِع واو الجمع لا مَوضِع (أو) الَّتِي هي لأحد الشَّيْئَيْنِ؟
قيل هَذا سُؤال جيّد والجَواب عَنهُ أن يُقال: خرج الكَلام بِـ (أو) بِاعْتِبار حال المُخاطب المَدْعُو فَإن من النّاس من يكون حَيّ القلب واعيه تامّ الفطْرَة فَإذا فكَّر بِقَلْبِه وجال بفكره دلّه قلبه وعقله على صحّة القُرْآن، وأنه الحق، وشهد قلبه بِما أخبر بِهِ القُرْآن فَكانَ وُرُود القُرْآن على قلبه نورا على نور الفطْرَة.
وَهَذا وصف الَّذين قيل فيهم ﴿وَيَرى الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ هو الحق﴾
وَقالَ في حقّهم ﴿الله نور السَّماوات والأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ المِصْباحُ في زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشاء﴾
فَهَذا نور الفطْرَة على نور الوَحْي، وهَذا حال صاحب القلب الحَيّ الواعي.
قالَ ابْن القيم وقد ذكرنا ما تضمّنت هَذِه الآيَة من الأسْرار والعبر في كتاب اجْتِماع الجيوش الإسلامية على غَزْو المعطّلة والجهميّة فَصاحب القلب يجمع بَين قلبه وبَين مَعاني القُرْآن فيجدها كَأنَّها قد كتبت فِيهِ فَهو يَقْرَأها عَن ظَهْر قَلْب ومن النّاس من لا يكون تامَّ الاستعداد واعي القلب كامِل الحَياة فَيحْتاج إلى شاهد يميّز لَهُ بَين الحق والباطِل ولم تبلغ حَياة قلبه ونوره وزكاء فطرته مبلغ صاحب القلب الحَيّ الواعي فطريق حُصُول هدايته أن يفرغ سَمعه للْكَلام وقَلبه لتأمله والتفكير فِيهِ وتعقل مَعانِيه فَيعلم حِينَئِذٍ أنه الحق فالأول حال من رأى بِعَيْنِه ما دعِي إلَيْهِ وأخْبر بِهِ والثّانِي حال من علم صدق المخبر وتيقّنه وقالَ يَكْفِينِي خَبره فَهو في مقام الإيمان والأوّل في مقام الإحْسان هَذا قد وصل إلى علم اليَقِين وترقى قلبه مِنهُ إلى فنزلة عين اليَقِين وذاكَ مَعَه التَّصْدِيق الجازِم الَّذِي خرج بِهِ من الكفْر ودخل بِهِ في الإسْلام فعين اليَقِين نَوْعانِ نوع في الدُّنْيا ونَوع في الآخِرَة فالحاصِل في الدُّنْيا نسبته إلى القلب كنسبة الشّاهِد إلى العين وما أخْبرت بِهِ الرُّسُل من الغَيْب يعاين في الآخِرَة بالأبصار وفي الدُنْيا بالبصائر فَهو عين يَقِين في المرتبتين.
إذا أردت الانتفاع بالقرآن، فاجمع قلبك عند تلاوته. وألق سمعك.
واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه، منه إليه. فإنه خطاب منه سبحانه لك على لسان رسوله ﷺ.
قال تعالى: ﴿إنَّ في ذلِكَ لَذِكْرى لِمَن كانَ لَهُ قَلْبٌ أوْ ألْقى السَّمْعَ وهو شَهِيدٌ﴾.
وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفا على مؤثر مقتض، ومحل قابل، وشرط لحصول الأثر، وانتفاء المانع الذي يمنع منه: تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه. وأدله على المراد.
فقوله: «إنَّ في ذلِكَ لَذِكْرى» إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى هاهنا. وهذا هو المؤثر
وقوله: «لِمَن كانَ لَهُ قَلْبٌ» فهذا هو المحل القابل.
والمراد به: القلب الحي الذي يعقل عن الله، كما قال تعالى: ﴿إنْ هو إلّا ذِكْرٌ وقُرْآنٌ مُبِينٌ. لِيُنْذِرَ مَن كانَ حَيًّا﴾
أي حي القلب.
وقوله: «أوْ ألْقى السَّمْعَ» أي وجه سمعه، وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له. وهذا هو شرط التأثير بالكلام.
وقوله: «وَهُوَ شَهِيدٌ» أي شاهد القلب حاضر، غير غائب.
قال ابن قتيبة: استمع لكتاب الله وهو شاهد القلب والفهم، ليس بغافل ولا ساه.
وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثر. وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له، والنظر فيه وتأمله.
فإذا حصل المؤثر، وهو القرآن، والمحل القابل، وهو القلب الحي، ووجد الشرط، وهو الإصغاء، وانتفي المانع، وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر: حصل الأثر، وهو الانتفاع بالقرآن والتذكر.
فإن قيل: إذا كان التأثير إنما يتم بمجموع هذه.
فما وجه دخول أداة «أو» في قوله «أوْ ألْقى السَّمْعَ» والموضع موضع واو الجمع، لا موضع «أو» التي هي لأحد الشيئين؟
قيل: هذا سؤال جيد. والجواب عنه أن يقال:
خرج الكلام بـ أو باعتبار حال المخاطب المدعو.
فإن من الناس من يكون حي القلب واعيه، تام الفطرة. فإذا فكر بقلبه وجال بفكره دله قلبه على صحة القرآن، وأنه الحق، وشهد قلبه بما أخبر به القرآن. فكان ورود القرآن على قلبه نورا على نور الفطرة. وهذا وصف الذين قيل فيهم:
﴿وَيَرى الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ هو الحَقَّ﴾
وقال في حقهم: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ والأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ المِصْباحُ في زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشاءُ﴾.
فهذا نور الفطرة على نور الوحي. وهذا حال صاحب القلب الحي الواعي.
فصاحب القلب الحي بين قلبه وبين معاني القرآن أتم الاتصال، فيجدها كأنها قد كتبت فيه. فهو يقرؤها عن ظهر قلب.
ومن الناس من لا يكون تام الاستعداد، واعي القلب، كامل الحياة فيحتاج إلى شاهد يميز له بين الحق والباطل. ولم تبلغ حياة قلبه لتأمله والتفكر فيه، وتعقل معانيه، فيعلم حينئذ أنه الحق.
فالأول: حال من رأى بعينيه ما دعي إليه وأخبر به.
والثاني: حال من علم صدق الخبر وتيقنه. وقال: يكفيني خبره، فهو في مقام الإيمان، والأول في مقام الإحسان. هذا قد وصل إلى علم اليقين، وترقى قلبه منه إلى منزلة عين اليقين.
وذلك معه التصديق الجازم الذي خرج به من الكفر ودخل به في الإسلام.
فعين اليقين نوعان: نوع في الدنيا، ونوع في الآخرة.
فالحاصل في الدنيا نسبته إلى القلب، كنسبة الشاهد إلى العين.
وما أخبرت به الرسل من الغيب يعاين في الآخرة بالأبصار. وفي الدنيا بالبصائر. فهو عين يقين في المرتبتين.
* (فصل)
وَقالَ تَعالى في آياتِهِ المَشْهُودَةِ ﴿وَكَمْ أهْلَكْنا قَبْلَهم مِن قَرْنٍ هم أشَدُّ مِنهم بَطْشًا فَنَقَّبُوا في البِلادِ هَلْ مِن مَحِيصٍ إنَّ في ذَلِكَ لَذِكْرى لِمَن كانَ لَهُ قَلْبٌ أوْ ألْقى السَّمْعَ وهو شَهِيدٌ﴾.
والنّاسُ ثَلاثَةٌ: رَجُلٌ قَلْبُهُ مَيِّتٌ، فَذَلِكَ الَّذِي لا قَلْبَ لَهُ، فَهَذا لَيْسَتْ هَذِهِ الآيَةُ ذِكْرى في حَقِّهِ.
الثّانِي: رَجُلٌ لَهُ قَلْبٌ حَيٌّ مُسْتَعِدٌّ، لَكِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَمِعٍ لِلْآياتِ المَتْلُوَّةِ الَّتِي يُخْبِرُ بِها اللَّهُ عَنِ الآياتِ المَشْهُودَةِ إمّا لِعَدَمِ وُرُودِها، أوْ لِوُصُولِها إلَيْهِ ولَكِنَّ قَلْبَهُ مَشْغُولٌ عَنْها بِغَيْرِها، فَهو غائِبُ القَلْبِ، لَيْسَ حاضِرًا، فَهَذا أيْضًا لا تَحْصُلُ لَهُ الذِّكْرى مَعَ اسْتِعْدادِهِ ووُجُودِ قَلْبِهِ.
الثّالِثُ: رَجُلٌ حَيُّ القَلْبِ مُسْتَعِدٌّ، تُلِيَتْ عَلَيْهِ الآياتُ، فَأصْغى بِسَمْعِهِ، وألْقى السَّمْعَ وأحْضَرَ قَلْبَهُ، ولَمْ يَشْغَلْهُ بِغَيْرِ فَهْمِ ما يَسْمَعُهُ، فَهو شاهِدُ القَلْبِ، مُلْقٍ السَّمْعَ، فَهَذا القِسْمُ هو الَّذِي يَنْتَفِعُ بِالآياتِ المَتْلُوَّةِ والمَشْهُودَةِ.
فالأوَّلُ: بِمَنزِلَةِ الأعْمى الَّذِي لا يُبْصِرُ.
والثّانِي: بِمَنزِلَةِ البَصِيرِ الطّامِحِ بِبَصَرِهِ إلى غَيْرِ جِهَةِ المَنظُورِ إلَيْهِ، فَكِلاهُما لا يَراهُ.
والثّالِثُ: بِمَنزِلَةِ البَصِيرِ الَّذِي قَدْ حَدَّقَ إلى جِهَةِ المَنظُورِ، وأتْبَعَهُ بَصَرَهُ، وقابَلَهُ عَلى تَوَسُّطٍ مِنَ البُعْدِ والقُرْبِ، فَهَذا هو الَّذِي يَراهُ.
فَسُبْحانَ مَن جَعَلَ كَلامَهُ شِفاءً لِما في الصُّدُورِ.
فَإنْ قِيلَ: فَما مَوْقِعُ " أوْ " مِن هَذا النَّظْمِ عَلى ما قَرَّرْتَ؟
قِيلَ: فِيها سِرٌّ لَطِيفٌ، ولَسْنا نَقُولُ: إنَّها بِمَعْنى الواوِ، كَما يَقُولُهُ ظاهِرِيَّةُ النُّحاةِ.
فاعْلَمْ أنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَكُونُ لَهُ قَلْبٌ وقّادٌ، مَلِيءٌ بِاسْتِخْراجِ العِبَرِ، واسْتِنْباطِ الحِكَمِ، فَهَذا قَلْبُهُ يُوقِعُهُ عَلى التَّذَكُّرِ والِاعْتِبارِ، فَإذا سَمِعَ الآياتِ كانَتْ لَهُ نُورًا عَلى نُورٍ، وهَؤُلاءِ أكْمَلُ خَلْقِ اللَّهِ، وأعْظَمُهم إيمانًا وبَصِيرَةً، حَتّى كَأنَّ الَّذِي أخْبَرَهم بِهِ الرَّسُولُ مُشاهَدٌ لَهُمْ، لَكِنْ لَمْ يَشْعُرُوا بِتَفاصِيلِهِ وأنْواعِهِ، حَتّى قِيلَ: إنَّ مَثَلَ حالِ الصِّدِّيقِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ دَخَلا دارًا، فَرَأى أحَدُهُما تَفاصِيلَ ما فِيها وجُزْئِيّاتِهِ، والآخَرُ وقَعَتْ يَدُهُ عَلى ما في الدّارِ ولَمْ يَرَ تَفاصِيلَهُ ولا جُزْئِيّاتِهِ، لَكِنْ عَلِمَ أنَّ فِيها أُمُورًا عَظِيمَةً، لَمْ يُدْرِكْ بَصَرُهُ تَفاصِيلَها، ثُمَّ خَرَجا، فَسَألَهُ عَمّا رَأى في الدّارِ؟ فَجَعَلَ كُلَّما أخْبَرَهُ بِشَيْءٍ صَدَّقَهُ، لِما عِنْدَهُ مِن شَواهِدِهِ، وهَذِهِ أعْلى دَرَجاتِ الصِّدِّيقِيَّةِ، ولا تَسْتَبْعِدْ أنْ يَمُنَّ اللَّهُ المَنّانُ عَلى عَبْدٍ بِمِثْلِ هَذا الإيمانِ، فَإنَّ فَضْلَ اللَّهِ لا يَدْخُلُ تَحْتَ حَصْرٍ ولا حُسْبانٍ.
فَصاحِبُ هَذا القَلْبِ إذا سَمِعَ الآياتِ وفي قَلْبِهِ نُورٌ مِنَ البَصِيرَةِ ازْدادَ بِها نُورًا إلى نُورِهِ، فَإنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ مِثْلُ هَذا القَلْبِ فَألْقى السَّمْعَ وشَهِدَ قَلْبُهُ ولَمْ يَغِبْ حَصَلَ لَهُ التَّذَكُّرُ أيْضًا ﴿فَإنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ﴾ [البقرة: ٢٦٥]
والوابِلُ والطَّلُّ في جَمِيعِ الأعْمالِ وآثارِها ومُوجَباتِها. وأهْلُ الجَنَّةِ سابِقُونَ مُقَرَّبُونَ، وأصْحابُ يَمِينٍ، وبَيْنَهُما في دَرَجاتِ التَّفْضِيلِ ما بَيْنَهُما، حَتّى إنَّ شَرابَ أحَدِ النَّوْعَيْنِ الصِّرْفَ يَطِيبُ بِهِ شَرابُ النَّوْعِ الآخَرِ ويُمْزَجُ بِهِ مَزْجًا، قالَ اللَّهُ تَعالى ﴿وَيَرى الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ هو الحَقَّ ويَهْدِي إلى صِراطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ﴾ [سبأ: ٦]
فَكُلُّ مُؤْمِنٍ يَرى هَذا، ولَكِنَّ رُؤْيَةَ أهْلِ العِلْمِ لَهُ لَوْنٌ، ورُؤْيَةَ غَيْرِهِمْ لَهُ لَوْنٌ آخَرُ.
* (فصل)
قالَ الله تَعالى: ﴿إن في ذَلِك لذكرى لمن كانَ لَهُ قلب أوْ القى السّمع وهو شَهِيد﴾
فَتَأمل ما تَحت هَذِه الألفاظ من كنوز العلم وكَيف تفتح مراعاتها للْعَبد أبواب العلم والهدى، وكَيف ينغلق باب العلم عَنهُ من إهمالها وعدم مراعاتها، فَإنَّهُ سُبْحانَهُ أمر عباده أن يتدبروا آياته المتلوة المسموعة والمرئية المشهودة بِما تكون تذكرة لمن كانَ لَهُ قلب، فَإن من عدم القلب الواعي عَن الله لم ينْتَفع بِكُل آيَة تمر عَلَيْهِ، ولَو مرت بِهِ كل آيَة، ومرور الآيات عَلَيْهِ كطلوع الشَّمْس والقَمَر والنجوم، ومرورها على من لا بصر لَهُ، فَإذا كانَ لَهُ قلب كانَ بِمَنزِلَة البَصِير إذا مرت بِهِ المرئيات فَإنَّهُ يَراها، ولَكِن صاحب القلب لا ينْتَفع بِقَلْبِه إلا بأمرين:
أحدهما أن يحضرهُ ويشهده لما يلقى إليه، فَإن كانَ غائِبا عَنهُ مُسافِرًا في الأماني والشهوات والخيالات لا ينْتَفع بِهِ، فإذا أحضره وأشهده لم ينتفع إلا بأن يلقي سمعه ويصغي بكليته إلى ما يوعظ بِهِ ويرشد إليه
وَهاهُنا ثَلاثَة أمور:
أحدها سَلامَة القلب وصِحَّته وقبوله.
الثّانِي إحضاره وجمعه ومنعه من الشرود والتفرق.
الثّالِث إلقاء السّمع وإصغاؤه والإقبال على الذّكر، فَذكر الله تَعالى الأمور الثَّلاثَة في هَذِه الآية.
قالَ ابْن عَطِيَّة (القلب) هُنا عبارَة عَن العقل إذْ هو مَحَله.
والمعْنى لمن كانَ لَهُ قلب واع ينْتَفع بِهِ.
قالَ وقالَ الشبلي قلب حاضر مَعَ الله لا يغْفل عَنهُ طرفَة عين.
وَقَوله ﴿أوْ ألقى السّمع وهو شَهِيد﴾
مَعْناهُ صرف سَمعه إلى هَذِه الأنباء الواعظة وأثبته في سَمعه، فَذَلِك إلقاء لَهُ عَلَيْها، ومِنه قَوْله ﴿وألقيت عَلَيْك محبَّة مني﴾ أي اثبتها عَلَيْك.
وَقَوله ﴿وَهُوَ شَهِيد﴾
قالَ بعض المتأولين مَعْناهُ وهو شاهد مقبل على الأمر غير معرض عَنهُ ولا مفكر في غير ما يسمع.
قالَ وقالَ قَتادَة هي إشارَة إلى أهل الكتاب فَكَأنَّهُ قالَ إن هَذِه العبر لتذكرة لمن لَهُ فهم، فَتدبر الأمر أوْ لمن سَمعها من أهل الكتاب فَشهد بِصِحَّتِها لعلمه بها من كِتابه التَّوْراة، وسائِر كتب بني إسرائيل.
قالَ فـ (شهيد) على التَّأْوِيل الأول من المُشاهدَة.
وعَلى التأويل الثّانِي من الشَّهادَة.
وَقالَ الزّجاج معنى ﴿من كانَ لَهُ قلب﴾ من شرف قلبه إلى التفهم.
ألا ترى أن قَوْله ﴿صم بكم عمي﴾ أنهم لم يستمعوا اسْتِماع مستفهم مسترشد فَجعلُوا بِمَنزِلَة من لم يسمع
كَما قالَ الشّاعِر
أصم عَمّا ساءَهُ سميع
وَمعنى ﴿أوْ ألقى السّمع﴾ اسْتمع ولم يشغل قلبه بِغَيْر ما يستمع.
والعرب تَقول: ألق إليَّ سَمعك. أي اسْتمع مني
﴿وَهُوَ شَهِيد﴾ أي قلبه فِيما يسمع، وجاء في التَّفْسِير أنه يَعْنِي بِهِ أهل الكتاب الَّذين عِنْدهم صفة النَّبِي.
فالمَعْنى ﴿أوْ ألقى السّمع وهو شَهِيد﴾ أي شاهد أن صفة النَّبِي في كِتابه، وهَذا هو الَّذِي حَكاهُ ابْن عَطِيَّة عَن قَتادَة وذكر أن شَهِيدا فِيهِ بِمَعْنى شاهد أي مخبر.
وَقالَ صاحب الكَشّاف لمن كانَ لَهُ قلب واع لأن من لا يعي قلبه فَكَأنهُ لا قلب لَهُ، وإلقاء السّمع والإصغاء
﴿وَهُوَ شَهِيد﴾ أي حاضر بفطنته، لأن من لا يحضر ذهنه فَكَأنَّهُ غائِب، أوْ هو مُؤمن شاهد على صِحَّته وأنه وحي من الله وهو بعض الشُّهَداء في قَوْله ﴿لِتَكُونُوا شُهَداء على النّاس﴾
وَعَن قَتادَة وهو شاهد على صدقه من أهل الكتاب لوُجُود نَعته عِنْده.
فَلم يخْتَلف في أن المُراد بِالقَلْبِ القلب الواعي، وأن المُراد بإلقاء السّمع إصغاؤه وإقباله على المُذكر وتفريغ سَمعه لَهُ.
واخْتلف في الشَّهِيد على أربعة أقوال:
أحدها أنه من المُشاهدَة وهِي الحُضُور.
وَهَذا أصح الأقوال ولا يَلِيق بالآية غَيره.
الثّانِي أنه شَهِيد من الشَّهادَة وفِيه على هَذِه ثَلاثَة أقوال:
أحدها أنه شاهد على صِحَة ما مَعَه من الإيقان.
الثّانِي أنه شاهد من الشُّهَداء على النّاس يَوْم القِيامَة.
الثّالِث أنه شَهادَة من الله عِنْده على صِحَة نبوة رَسُول الله ﷺ بِما علمه من الكتب المنزلَة.
والصَّواب القَوْل الأول فَإن قَوْله ﴿وَهُوَ شَهِيد﴾ جملَة حالية والواو فِيها واو الحال.
أي ألقى السّمع في هَذِه الحال.
وَهَذا يقتضي أن يكون حال إلقائه السّمع شَهِيدا.
وَهَذا هو من المُشاهدَة والحضور، ولَو كانَ المُراد بِهِ الشَّهادَة في الآخرة أوْ الدُّنْيا لما كانَ لتقييدها بإلقاء السّمع معنى.
إذ يصير الكَلام إن في ذَلِك لآية لمن كانَ لَهُ قلب أوْ ألقي السّمع حال كَونه شاهدا بِما مَعَه في التَّوْراة أوْ حال كَونه شاهدا يَوْم القِيامَة.
وَلا ريب أن هَذا لَيْسَ هو المُراد بالآية وأيضا فالآية عامَّة في كل من لَهُ قلب وألقى السّمع فَكيف يدعى تخصيصها بمؤمني أهل الكتاب الَّذين عِنْدهم شَهادَة من كتبهمْ على صفة النَّبِي وأيْضًا فالسورة مَكِّيَّة والخطاب فِيها لا يجوز أن يخْتَص بِأهْل الكتاب ولا سِيما مثل هَذا الخطاب الَّذِي علق فِيهِ حُصُول مَضْمُون الآية ومقصودها بِالقَلْبِ الواعي وإلقاء السّمع فَكيف يُقال هي في أهل الكتاب.
فَإن قيل: المُخْتَص بهم قَوْله ﴿وَهُوَ شَهِيد﴾ فَهَذا أفسد وأفسد، لأن قَوْله ﴿وَهُوَ شَهِيد﴾ يرجع الضَّمِير فِيهِ إلى جملَة من تقدم وهو من لَهُ قلب أوْ ألقى السّمع فَكيف يدعي عوده إلى شَيْء غايَته أن يكون بعض المَذْكُور أولا ولا دلالَة في اللَّفْظ عَلَيْهِ.
وَأيْضًا فَإن المَشْهُود بِهِ مَحْذُوف ولا دلالَة في اللَّفْظ عَلَيْهِ فَلَو كانَ المُراد بِهِ وهو شاهد بِكَذا لذكر المَشْهُود بِهِ إذْ لَيْسَ في اللَّفْظ ما يدل عَلَيْهِ.
وَهَذا بِخِلاف ما إذا جعل من الشُّهُود وهو الحُضُور فَإنَّهُ لايقتضي مَفْعُولا مشهودا بِهِ ليتم الكَلام بِذكرِهِ وحده.
وأيضا فَإن الآية تَضَمَّنت تقسيما وترديدا بَين قسمَيْنِ:
أحدهما من كانَ لَهُ قلب.
والثّانِي من ألقى السّمع وحضر بِقَلْبِه ولم يغب فَهو حاضر القلب شاهده لا غائبه.
وَهَذا والله أعْلَم سر الإتيان بـ أو دون الواو، لِأن المنتفع بالآيات من النّاس نَوْعانِ:
أحدهما ذُو القلب الواعي الزكي الَّذِي يَكْتَفِي بهدايته بِأدْنى تَنْبِيه، ولا يحْتاج إلى أن يستجلب قلبه ويحضره ويجمعه من مَواضِع شتاته بل قلبه واع زكي قابل للهدى غير معرض عَنهُ، فَهَذا لا يحْتاج إلا إلى وُصُول الهدى إليه فَقَط لكَمال استعداه وصِحَّة فطرته فَإذا جاءَهُ الهدى سارع قلبه إلى قبُوله كأنه كانَ مَكْتُوبًا فِيهِ فَهو قد أدْركهُ مُجملا، ثمَّ جاءَ الهدى بتفصيل ما شهد قلبه بِصِحَّتِهِ مُجملا.
وَهَذِه حال أكمل الخلق استجابة لدَعْوَة الرُّسُل كَما هي حال الصّديق الأكبر رَضِي الله عَنهُ.
والنَّوْع الثّانِي من لَيْسَ لَهُ هَذا الاستعداد والقَبُول فَإذا ورد عَلَيْهِ الهدى أصغى إليه بسمعه وأحضر قلبه وجمع فكرته عَلَيْهِ وعلم صِحَّته وحسنه بنظره واستدلاله.
وَهَذِه طَريقَة أكثر المستجيبين، ولَهُم نوع ضرب الأمثال وإقامَة الحجَج، وذكر المعارضات والأجوبة عَنْها.
والأولون هم الَّذين يدعونَ بالحكمة وهَؤُلاء يدعونَ بِالمَوْعِظَةِ الحَسَنَة فَهَؤُلاءِ نوعا المستجيبين.
وأما المعارضون المدعون للحق فنوعان نوع يدعونَ بالمجادلة بِالَّتِي هي أحسن، فإن اسْتَجابُوا وإلّا فالمجادلة فَهَؤُلاءِ لا بُد لَهُم من جِدال أوْ جلا.
وَمن تَأمل دَعْوَة القُرْآن وجدها شامِلَة لهَؤُلاء الأقسام متناولة لَها كلها كَما قالَ تَعالى ﴿ادْع إلى سَبِيل رَبك بالحكمة والمَوْعِظَة الحَسَنَة وجادلهم بِالَّتِي هي أحسن﴾
فَهَؤُلاءِ المدعوون بالكلام.
وأما أهل الجلاد فهم الَّذين أمر الله قِتالهمْ حَتّى لا تكون فتْنَة ويكون الدّين كُله لله وأما من فسر الآية بِأن المُراد بِمن كانَ لَهُ قلب هو المستغني بفطرته عَن علم المنطق وهو المُؤَيد بِقُوَّة قدسية ينال بها الحَد الأوسط بِسُرْعَة فَهو لكَمال فطرته مستغن عَن مراعات أوضاع المنطق والمراد بِمن ألقى السّمع وهو شَهِيد من لَيست لَهُ هَذِه القُوَّة، فَهو مُحْتاج إلى تعلم المنطق ليوجب لَهُ مراعاته وإصغاؤه إليه أن لا يزِيغ في فكره.
{"ayah":"إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِیدࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق