الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٣٧] ﴿إنَّ في ذَلِكَ لَذِكْرى لِمَن كانَ لَهُ قَلْبٌ أوْ ألْقى السَّمْعَ وهو شَهِيدٌ﴾ ﴿إنَّ في ذَلِكَ﴾ أيْ: في إهْلاكِ القُرُونِ الَّتِي أُهْلِكَتْ مِن قَبْلِ قُرَيْشٍ لَذِكْرى ﴿لِمَن كانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ أيْ: لَتَذْكِرَةٌ يَتَذَكَّرُ بِها مَن كانَ لَهُ عَقْلٌ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ، فَيَنْتَهِي عَنِ الفِعْلِ الَّذِي كانُوا يَفْعَلُونَهُ مِن كُفْرِهِمْ بِرَبِّهِمْ، خَوْفًا مِن أنْ يَحِلَّ بِهِمْ مِثْلُ الَّذِي حَلَّ بِهِمْ مِنَ العَذابِ. ﴿أوْ ألْقى السَّمْعَ﴾ أيْ: أصْغى لِلْأخْبارِ -عَنْ هَذِهِ القُرُونِ الَّتِي أُهْلِكَتْ- بِسَمْعِهِ. ﴿وهُوَ شَهِيدٌ﴾ أيْ: حاضِرُ القَلْبِ مُتَفَهِّمٌ لِما يُخْبِرُ بِهِ عَنْهُمْ، غَيْرُ غافِلٍ ولا ساهٍ. عَلى أنَّ ﴿شَهِيدٌ﴾ مِنَ الشُّهُودِ، وهو الحُضُورُ، والمُرادُ: المُتَفَطِّنُ؛ لِأنَّ غَيْرَ المُتَفَطِّنِ كالغائِبِ، فَهو اسْتِعارَةٌ أوْ مَجازٌ مُرْسَلٌ. أوْ شَهِيدٌ بِمَعْنى شاهِدٍ، وفِيهِ مُضافٌ مُقَدَّرٌ، أيْ: شاهِدٌ ذِهْنُهُ. أوْ هو مِنَ الشَّهادَةِ، والمُرادُ: شاهِدٌ بِصِدْقِهِ، أيْ: مُصَدِّقٌ لَهُ، لِأنَّهُ المُؤْمِنُ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ. وهو كِنايَةٌ عَنِ المُؤْمِنِ، نَقَلَهُ الشِّهابُ. لَطِيفَةٌ: قِيلَ: (أوْ)، لِتَقْسِيمِ المُتَذَكِّرِ إلى تالٍ وسامِعٍ، أوْ إلى فَقِيهٍ ومُتَعَلِّمٍ، أوْ إلى عالِمٍ كامِلِ الِاسْتِعْدادِ لا يَحْتاجُ لِغَيْرِ التَّأمُّلِ فِيما عِنْدَهُ، وقاصِرٍ مُحْتاجٍ لِلتَّعَلُّمِ فَيَتَذَكَّرُ إذا أقْبَلَ بِكُلِّيَّتِهِ، وأزالَ المَوانِعَ بِأسْرِها. وفي تَنْكِيرِ (القَلْبِ) وإبْهامِهِ، تَفْخِيمٌ وإشْعارٌ بِأنَّ كُلَّ قَلْبٍ لا يَتَفَكَّرُ ولا يَتَدَبَّرُ، كَلا قَلْبٍ. (p-٥٥١٦)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب