الباحث القرآني
﴿قُتِلَ الإنْسانُ ما أكْفَرَهُ﴾ ﴿مِن أيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ ﴿مِن نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ﴾ ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ ﴿ثُمَّ أماتَهُ فَأقْبَرَهُ﴾ ﴿ثُمَّ إذا شاءَ أنْشَرَهُ﴾ .
اسْتِئْنافٌ ابْتِدائِيٌّ نَشَأ عَنْ ذِكْرِ مَنِ اسْتَغْنى، فَإنَّهُ أُرِيدَ بِهِ مُعَيَّنٌ واحِدٌ أوْ أكْثَرُ، وذَلِكَ يُبَيِّنُهُ ما وقَعَ مِنَ الكَلامِ الَّذِي دارَ بَيْنَ النَّبِيءِ ﷺ وبَيْنَ صَنادِيدِ المُشْرِكِينَ في المَجْلِسِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ.
والمُناسَبَةُ وصْفُ القُرْآنِ بِأنَّهُ تَذْكِرَةٌ لِمَن شاءَ أنْ يَتَذَكَّرَ، وإذْ قَدْ كانَ أكْبَرُ (p-١٢٠)دَواعِيهِمْ عَلى التَّكْذِيبِ بِالقُرْآنِ أنَّهُ أخْبَرَ عَنِ البَعْثِ وطالَبَهم بِالإيمانِ بِهِ كانَ الِاسْتِدْلالُ عَلى وُقُوعِ البَعْثِ أهَمَّ ما يُعْتَنى بِهِ في هَذا التَّذْكِيرِ وذَلِكَ مِن أفْنانِ قَوْلِهِ: فَمَن شاءَ ذَكَرَهُ.
والَّذِي عُرِّفَ بِقَوْلِهِ: (مَنِ اسْتَغْنى) يَشْمَلُهُ العُمُومُ الَّذِي أفادَهُ تَعْرِيفُ (الإنْسانِ) مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُتِلَ الإنْسانُ ما أكْفَرَهُ﴾ .
وفِعْلُ قُتِلَ فُلانٌ أصْلُهُ دُعاءٌ عَلَيْهِ بِالقَتْلِ. والمُفَسِّرُونَ الأوَّلُونَ جَعَلُوا (قُتِلَ الإنْسانُ) أنَّهُ لُعِنَ، رَواهُ الضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وقالَهُ مُجاهِدٌ، وقَتادَةُ، وأبُو مالِكٍ. قالَ في الكَشّافِ: دُعاءٌ عَلَيْهِ، وهَذا مِن أشْنَعِ دَعَواتِهِمْ. أيْ: فَمَوْرِدُهُ غَيْرُ مَوْرِدِ قَوْلِهِ تَعالى: قاتَلَهُمُ اللَّهُ وقَوْلِهِمْ: قاتَلَ اللَّهُ فُلانًا؛ يُرِيدُونَ التَّعَجُّبَ مِن حالِهِ، وهَذا أمْرٌ مَرْجِعُهُ لِلِاسْتِعْمالِ ولا داعِيَ إلى حَمْلِهِ عَلى التَّعْجِيبِ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ: ما أكْفَرَهُ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ.
والدُّعاءُ بِالسُّوءِ مِنَ اللَّهِ تَعالى مُسْتَعْمَلٌ في التَّحْقِيرِ والتَّهْدِيدِ لِظُهُورِ أنَّ حَقِيقَةَ الدُّعاءِ لا تُناسِبُ الإلَهِيَّةَ؛ لِأنَّ اللَّهَ هو الَّذِي يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ النّاسُ بِالدُّعاءِ.
وبِناءُ (قُتِلَ) لِلْمَجْهُولِ مُتَفَرِّعٌ عَلى اسْتِعْمالِهِ في الدُّعاءِ، إذْ لا غَرَضَ في قاتِلٍ يَقْتُلُهُ، وكَثُرَ في القُرْآنِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ نَحْوَ ﴿فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ [المدثر: ١٩] .
وتَعْرِيفُ (الإنْسانُ) يَجُوزُ أنْ يَكُونَ التَّعْرِيفَ المُسَمّى تَعْرِيفَ الجِنْسِ فَيُفِيدُ اسْتِغْراقَ جَمِيعِ أفْرادِ الجِنْسِ، وهو اسْتِغْراقٌ حَقِيقِيٌّ، وقَدْ يُرادُ بِهِ اسْتِغْراقُ مُعْظَمِ الأفْرادِ بِحَسَبِ القَرائِنِ فَتَوَلَّدَ بِصِيغَةِ الِاسْتِغْراقِ ادِّعاءٌ لِعَدَمِ الِاعْتِدادِ بِالقَلِيلِ مِنَ الأفْرادِ، ويُسَمّى الِاسْتِغْراقَ العُرْفِيَّ في اصْطِلاحِ عُلَماءِ المَعانِي، ويُسَمّى العامَّ المُرادَ بِهِ الخُصُوصُ في اصْطِلاحِ عُلَماءِ الأُصُولِ، والقَرِينَةُ هُنا ما بُيِّنَ بِهِ كُفْرُ الإنْسانِ مِن قَوْلِهِ: ﴿مِن أيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ إذا شاءَ أنْشَرَهُ﴾، فَيَكُونُ المُرادُ مِن قَوْلِهِ: (الإنْسانُ) المُشْرِكِينَ المُنْكِرِينَ البَعْثَ، وعَلى ذَلِكَ جُمْلَةُ المُفَسِّرِينَ، فَإنَّ مُعْظَمَ العَرَبِ يَوْمَئِذٍ كافِرُونَ بِالبَعْثِ.
قالَ مُجاهِدٌ: ما كانَ في القُرْآنِ (قُتِلَ الإنْسانُ) فَإنَّما عُنِيَ بِهِ الكافِرُ. والأحْكامُ الَّتِي يُحْكَمُ بِها عَلى الأجْناسِ يُرادُ أنَّها غالِبَةٌ عَلى الجِنْسِ، فالِاسْتِغْراقُ (p-١٢١)الَّذِي يَقْتَضِيهِ تَعْرِيفُ لَفْظِ الجِنْسِ المَحْكُومِ عَلَيْهِ اسْتِغْراقٌ عُرْفِيٌّ مَعْناهُ ثُبُوتُ الحُكْمِ لِلْجِنْسِ عَلى الجُمْلَةِ، فَلا يَقْتَضِي اتِّصافَ جَمِيعِ الأفْرادِ بِهِ، بَلْ قَدْ يَخْلُو عَنْهُ بَعْضُ الأفْرادِ وقَدْ يَخْلُو عَنْهُ المُتَّصِفُ بِهِ في بَعْضِ الأحْيانِ، فَقَوْلُهُ: (ما أكْفَرَهُ) تَعْجِيبٌ مِن كُفْرِ جِنْسِ الإنْسانِ أوْ شِدَّةِ كُفْرِهِ وإنْ كانَ القَلِيلُ مِنهُ غَيْرَ كافِرٍ.
فَآلَ مَعْنى الإنْسانِ إلى الكُفّارِ مِن هَذا الجِنْسِ وهُمُ الغالِبُ عَلى نَوْعِ الإنْسانِ.
فَغالِبُ النّاسِ كَفَرُوا بِاللَّهِ مِن أقْدَمِ عُصُورِ التّارِيخِ وتَفَشّى الكُفْرُ بَيْنَ أفْرادِ الإنْسانِ وانْتَصَرُوا لَهُ وناضَلُوا عَنْهُ. ولا أعْجَبَ مِن كُفْرِ مَن ألَّهُوا أعْجَزَ المَوْجُوداتِ مِن حِجارَةٍ وخَشَبٍ، أوْ نَفَوْا أنْ يَكُونَ لَهم رَبٌّ خَلَقَهم.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ تَعْرِيفُ (الإنْسانُ) تَعْرِيفَ العَهْدِ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الإنْسانِ يُعَيِّنُهُ خَبَرُ سَبَبِ النُّزُولِ، فَقِيلَ: أُرِيدَ بِهِ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وكانَ مِمَّنْ حَواهُ المَجْلِسُ الَّذِي غَشِيَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وعِنْدِي أنَّ الأوْلى أنْ يَكُونَ أرادَ بِهِ الوَلِيدَ بْنَ المُغِيرَةِ.
وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ المُرادَ عُتْبَةُ بْنُ أبِي لَهَبٍ، وذُكِرَ في ذَلِكَ قِصَّةٌ لا عَلاقَةَ لَها بِخَبَرِ المَجْلِسِ الَّذِي غَشِيَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَتَكُونُ الجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً اسْتِئْنافًا ابْتِدائِيًّا، والمُناسَبَةُ ظاهِرَةً.
وجُمْلَةُ (ما أكْفَرَهُ) تَعْلِيلٌ لِإنْشاءِ الدُّعاءِ عَلَيْهِ دُعاءَ التَّحْقِيرِ والتَّهْدِيدِ. وهَذا تَعْجِيبٌ مِن شِدَّةِ كُفْرِ هَذا الإنْسانِ.
ومَعْنى شِدَّةِ الكُفْرِ أنَّ كُفْرَهُ شَدِيدٌ كَمًّا، وكَيْفًا، ومَتًى، لِأنَّهُ كُفْرٌ بِوَحْدانِيَّةِ اللَّهِ، وبِقُدْرَتِهِ عَلى إعادَةِ خَلْقِ الأجْسامِ بَعْدَ الفَناءِ، وبِإرْسالِهِ الرَّسُولَ، وبِالوَحْيِ إلَيْهِ ﷺ، وأنَّهُ كُفْرٌ قَوِيٌّ؛ لِأنَّهُ اعْتِقادٌ قَوِيٌّ لا يَقْبَلُ التَّزَحْزُحَ، وأنَّهُ مُسْتَمِرٌّ لا يُقْلَعُ عَنْهُ مَعَ تَكَرُّرِ التَّذْكِيرِ والإنْذارِ والتَّهْدِيدِ.
وهَذِهِ الجُمْلَةُ بَلَغَتْ نِهايَةَ الإيجازِ وأرْفَعَ الجَزالَةِ بِأُسْلُوبٍ غَلِيظٍ دالٍّ عَلى السُّخْطِ بالِغِ حَدِّ المَذَمَّةِ، جامِعٍ لِلْمَلامَةِ، ولَمْ يُسْمَعْ مِثْلُها قَبْلَها، فَهي مِن جَوامِعِ الكَلِمِ القُرْآنِيَّةِ.
(p-١٢٢)وحُذِفَ المُتَعَلِّقُ بِلَفْظِ (أكْفَرَهُ) لِظُهُورِهِ مِن لَفْظِ (أكْفَرَ) وتَقْدِيرُهُ: ما أكْفَرَهُ بِاللَّهِ.
وفِي قَوْلِهِ: ﴿قُتِلَ الإنْسانُ ما أكْفَرَهُ﴾ مُحَسِّنُ الِاتِّزانِ فَإنَّهُ مِن بَحْرِ الرَّمَلِ مِن عَرُوضِهِ الأُولى المَحْذُوفَةِ.
وجُمْلَةُ ﴿مِن أيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ بَيانٌ لِجُمْلَةِ ﴿قُتِلَ الإنْسانُ ما أكْفَرَهُ﴾؛ لِأنَّ مَفادَ هَذِهِ الجُمْلَةِ الِاسْتِدْلالُ عَلى إبْطالِ إحالَتِهِمُ البَعْثَ وذَلِكَ الإنْكارُ مِن أكْبَرِ أُصُولِ كُفْرِهِمْ.
وجِيءَ في هَذا الِاسْتِدْلالِ بِصُورَةِ سُؤالٍ وجَوابٍ لِلتَّشْوِيقِ إلى مَضْمُونِهِ، ولِذَلِكَ قُرِنَ الِاسْتِفْهامُ بِالجَوابِ عَنْهُ عَلى الطَّرِيقَةِ المُتَقَدِّمَةِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَأِ العَظِيمِ﴾ [النبإ: ١] .
والِاسْتِفْهامُ صُورِيٌّ، وجُعِلَ المُسْتَفْهَمُ عَنْهُ تَعْيِينَ الأمْرِ الَّذِي بِهِ خُلِقَ الإنْسانُ؛ لِأنَّ المَقامَ هُنا لَيْسَ لِإثْباتِ أنَّ اللَّهَ خَلَقَ الإنْسانَ، بَلِ المَقامُ لِإثْباتِ إمْكانِ إعادَةِ الخَلْقِ بِتَنْظِيرِهِ بِالخَلْقِ الأوَّلِ عَلى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أفَعَيِينا بِالخَلْقِ الأوَّلِ﴾ [ق: ١٥] أيْ: كَما كانَ خَلْقُ الإنْسانِ أوَّلَ مَرَّةٍ مِن نُطْفَةٍ يَكُونُ خَلْقُهُ ثانِيَ مَرَّةٍ مِن كائِنٍ ما، ونَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الإنْسانُ مِمَّ خُلِقَ﴾ [الطارق: ٥] ﴿خُلِقَ مِن ماءٍ دافِقٍ﴾ [الطارق: ٦] ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ والتَّرائِبِ﴾ [الطارق: ٧] ﴿إنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ﴾ [الطارق: ٨] في سُورَةِ الطّارِقِ.
والضَّمِيرُ المُسْتَتِرُ في قَوْلِهِ: (خَلَقَهُ) عائِدٌ إلى اللَّهِ تَعالى المَعْلُومِ مِن فِعْلِ الخَلْقِ؛ لِأنَّ المُشْرِكِينَ لَمْ يَكُونُوا يُنْكِرُونَ أنَّ اللَّهَ خالِقُ الإنْسانِ.
وقُدِّمَ الجارُّ والمَجْرُورُ في قَوْلِهِ: (﴿مِن نُطْفَةٍ خَلَقَهُ﴾) مُحاكاةً لِتَقْدِيمِ المُبَيَّنِ في السُّؤالِ الَّذِي اقْتَضى تَقْدِيمَهُ كَوْنُهُ اسْتِفْهامًا يَسْتَحِقُّ صَدْرَ الكَلامِ، مَعَ الِاهْتِمامِ بِتَقْدِيمِ ما مِنهُ الخَلْقُ، لِما في تَقْدِيمِهِ مِنَ التَّنْبِيهِ لِلِاسْتِدْلالِ عَلى عَظِيمِ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعالى؛ إذْ كَوَّنَ أبْدَعَ مَخْلُوقٍ مَعْرُوفٍ مِن أهْوَنِ شَيْءٍ وهو النُّطْفَةُ.
وإنَّما لَمْ يُسْتَغْنَ عَنْ إعادَةِ فِعْلِ (خَلَقَهُ) في جُمْلَةِ الجَوابِ مَعَ العِلْمِ بِهِ بِتَقَدُّمِ ذِكْرِ حاصِلِهِ في السُّؤالِ لِزِيادَةِ التَّنْبِيهِ عَلى دِقَّةِ ذَلِكَ الخَلْقِ البَدِيعِ.
(p-١٢٣)فَذِكْرُ فِعْلِ (خَلَقَهُ) الثّانِي في أُسْلُوبِ المُساواةِ لَيْسَ بِإيجازٍ، ولَيْسَ بِإطْنابٍ.
والنُّطْفَةُ: الماءُ القَلِيلُ، وهي فُعْلَةٌ بِمَعْنى مَفْعُولَةٍ كَقَوْلِهِمْ: قُبْضَةُ حَبٍّ، وغُرْفَةُ ماءٍ. وغُلِبَ إطْلاقُ النُّطْفَةِ عَلى الماءِ الَّذِي مِنهُ التَّناسُلُ، فَذُكِرَتِ النُّطْفَةُ لِتَعَيُّنِ ذِكْرِها لِأنَّها مادَّةُ خَلْقِ الحَيَوانِ لِلدِّلالَةِ عَلى أنَّ صُنْعَ اللَّهِ بَدِيعٌ، فَإمْكانُ البَعْثِ حاصِلٌ، ولَيْسَ في ذِكْرِ النُّطْفَةِ هُنا إيماءٌ إلى تَحْقِيرِ أصْلِ نَشْأةِ الإنْسانِ؛ لِأنَّ قَصْدَ ذَلِكَ مَحَلُّ نَظَرٍ، عَلى أنَّ المَقامَ هُنا لِلدِّلالَةِ عَلى خَلْقٍ عَظِيمٍ ولَيْسَ مَقامَ زَجْرِ المُتَكَبِّرِ.
وفُرِّعَ عَلى فِعْلِ (خَلَقَهُ) فِعْلُ (فَقَدَّرَهُ) بِفاءِ التَّفْرِيعِ؛ لِأنَّ التَّقْدِيرَ هُنا إيجادُ الشَّيْءِ عَلى مِقْدارٍ مَضْبُوطٍ مُنَظَّمٍ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [الفرقان: ٢]، أيْ: جَعَلَ التَّقْدِيرَ مِن آثارِ الخَلْقِ لِأنَّهُ خَلَقَهُ مُتَهَيِّئًا لِلنَّماءِ وما يُلابِسُهُ مِنَ العَقْلِ والتَّصَرُّفِ وتَمْكِينِهِ مِنَ النَّظَرِ بِعَقْلِهِ، والأعْمالِ الَّتِي يُرِيدُ إتْيانَها، وذَلِكَ حاصِلٌ مَعَ خَلْقِهِ مُدَرَّجًا مُفَرَّعًا.
وهَذا التَّفْرِيعُ وما عُطِفَ عَلَيْهِ إدْماجٌ لِلِامْتِنانِ مِن خِلالِ الِاسْتِدْلالِ.
وحَرْفُ (ثُمَّ) مِن قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ لِلتَّراخِي الرُّتَبِيِّ؛ لِأنَّ تَيْسِيرَ سَبِيلِ العَمَلِ الإنْسانِيِّ أعْجَبُ في الدِّلالَةِ عَلى بَدِيعِ صُنْعِ اللَّهِ؛ لِأنَّهُ أثَرُ العَقْلِ وهو أعْظَمُ ما في خَلْقِ الإنْسانِ وهو أقْوى في المِنَّةِ.
والسَّبِيلُ: الطَّرِيقُ، وهو مُسْتَعارٌ لِما يَفْعَلُهُ الإنْسانُ مِن أعْمالِهِ وتَصَرُّفاتِهِ تَشْبِيهًا لِلْأعْمالِ بِطَرِيقٍ يَمْشِي فِيهِ الماشِي تَشْبِيهَ المَحْسُوسِ بِالمَعْقُولِ.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُسْتَعارًا لِمَسْقَطِ المَوْلُودِ مِن بَطْنِ أُمِّهِ، فَقَدْ أُطْلِقَ عَلى ذَلِكَ المَمَرِّ اسْمُ السَّبِيلِ في قَوْلِهِمُ (السَّبِيلانِ) فَيَكُونُ هَذا مِنَ اسْتِعْمالِ اللَّفْظِ في مَجازِيهِ. وفِيهِ مُناسَبَةٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ ﴿ثُمَّ أماتَهُ فَأقْبَرَهُ﴾، فَ (أماتَهُ) مُقابِلُ (خَلَقَهُ)، و(أقْبَرَهُ) مُقابِلُ ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾؛ لِأنَّ الإقْبارَ إدْخالٌ في الأرْضِ وهو ضِدُّ خُرُوجِ المَوْلُودُ إلى الأرْضِ.
والتَّيْسِيرُ: التَّسْهِيلُ، و(السَّبِيلَ) مَنصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ عَلى طَرِيقِ (p-١٢٤)الِاشْتِغالِ، والضَّمِيرُ عائِدٌ إلى (السَّبِيلَ) . والتَّقْدِيرُ: يَسَّرَ السَّبِيلَ لَهُ، كَقَوْلِهِ: ﴿ولَقَدْ يَسَّرْنا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ [القمر: ١٧] أيْ: لِذِكْرِ النّاسِ.
وتَقْدِيمُ (السَّبِيلَ) عَلى فِعْلِهِ لِلِاهْتِمامِ بِالعِبْرَةِ بِتَيْسِيرِ السَّبِيلِ بِمَعْنَيَيْهِ المَجازِيَّيْنِ، وفِيهِ رِعايَةٌ لِلْفَواصِلِ.
وكَذَلِكَ عَطْفُ (ثُمَّ أماتَهُ) عَلى (يَسَّرَهُ) بِحَرْفِ التَّراخِي وهو لِتَراخِي الرُّتْبَةِ فَإنَّ انْقِراضَ تِلْكَ القُوى العَقْلِيَّةِ والحِسِّيَّةِ بِالمَوْتِ بَعْدَ أنْ كانَتْ راسِخَةً زَمَنًا ما، انْقِراضٌ عَجِيبٌ دُونَ تَدْرِيجٍ ولا انْتِظارِ زَمانٍ يُساوِي مُدَّةَ بَقائِها، وهَذا إدْماجٌ لِلدِّلالَةِ عَلى عَظِيمِ القُدْرَةِ.
ومِنَ المَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أنَّ الكَثِيرَ الَّذِي لا يُحْصى مِن أفْرادِ النَّوْعِ الإنْسانِيِّ قَدْ صارَ أمْرُهُ إلى المَوْتِ وأنَّ مَن هو حَيٌّ آيِلٌ لا مَحالَةَ، فالمَعْنى: ثُمَّ أماتَهُ ويُمِيتُهُ.
فَصِيغَةُ المُضِيِّ في قَوْلِهِ: (أماتَهُ) مُسْتَعْمَلَةٌ في حَقِيقَتِهِ وهو مَوْتُ مَن ماتَ، ومَجازُهُ وهو مَوْتُ مَن سَيَمُوتُونَ؛ لِأنَّ مَوْتَهم في المُسْتَقْبَلِ مُحَقَّقٌ. وذِكْرُ جُمْلَةِ (ثُمَّ أماتَهُ) تَوْطِئَةٌ وتَمْهِيدٌ لِجُمْلَةِ (فَأقْبَرَهُ) .
وإسْنادُ الإماتَةِ إلى اللَّهِ تَعالى حَقِيقَةٌ عَقْلِيَّةٌ بِحَسَبِ عُرْفِ الِاسْتِعْمالِ. وهَذا إدْماجٌ لِلِامْتِنانِ في خِلالِ الِاسْتِدْلالِ كَما أُدْمِجَ فَقَدَّرَهُ ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ فِيما سَبَقَ.
و(أقْبَرَهُ) جَعَلَهُ ذا قَبْرٍ، وهو أخَصُّ مِن مَعْنى قَبَرَهُ، أيْ أنَّ اللَّهَ سَبَّبَ لَهُ أنْ يُقْبَرَ. قالَ الفَرّاءُ: أيْ: (جَعَلَهُ مَقْبُورًا، ولَمْ يَجْعَلْهُ مِمَّنْ يُلْقى لِلطَّيْرِ والسِّباعِ ولا مِمَّنْ يُلْقى في النَّواوِيسِ) جَمْعِ ناوُوسٍ: صُنْدُوقٌ مِن حَجَرٍ أوْ خَشَبٍ يُوضَعُ فِيهِ المَيِّتُ ويُجْعَلُ في بَيْتٍ أوْ نَحْوِهِ.
والإقْبارُ: تَهْيِئَةُ القَبْرِ. ويُقالُ: أقْبَرَهُ أيْضًا، إذا أمَرَ بِأنْ يُقْبَرَ، ويُقالُ: قَبَرَ المَيِّتَ، إذا دَفَنَهُ، فالمَعْنى: أنَّ اللَّهَ جَعَلَ النّاسَ ذَوِي قُبُورٍ.
وإسْنادُ الإقْبارِ إلى اللَّهِ تَعالى مَجازٌ عَقْلِيٌّ؛ لِأنَّ اللَّهَ ألْهَمَ النّاسَ الدَّفْنَ كَما في قِصَّةِ دَفْنِ أحَدِ ابْنَيْ آدَمَ أخاهُ بِإلْهامِ تَقْلِيدِهِ لِفِعْلِ غُرابٍ حَفَرَ لِغُرابٍ آخَرَ مَيِّتٍ حُفْرَةً (p-١٢٥)فَواراهُ فِيها، وهي في سُورَةُ العُقُودِ، فَأُسْنِدَ الإقْبارُ إلى اللَّهِ لِأنَّهُ ألْهَمَ النّاسَ إيّاهُ. وأُكِّدَ ذَلِكَ بِما أمَرَ في شَرائِعِهِ مِن وُجُوبِ دَفْنِ المَيِّتِ.
والقَوْلُ في أنَّ صِيغَةَ المُضِيِّ مُسْتَعْمَلَةٌ في حَقِيقَتِها ومَجازِها نَظِيرُ القَوْلِ في صِيغَةِ (أماتَهُ) .
وهَذِهِ كُلُّها دَلائِلُ عَلى عَظِيمِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى وهم عَدُّوها قاصِرَةً عَلى الخَلْقِ الثّانِي، وهي تَتَضَمَّنُ مِنَنًا عَلى النّاسِ في خَلْقِهِمْ وتَسْوِيَتِهِمْ وإكْمالِ قُواهم أحْياءً، وإكْرامِهِمْ أمْواتًا بِالدَّفْنِ لِئَلّا يَكُونَ الإنْسانُ كالشَّيْءِ اللَّقِيِّ يَجْتَنِبُ بَنُو جِنْسِهِ القُرْبَ مِنهُ، ويُهِينُهُ التِقامُ السِّباعِ وتَمْزِيقُ مَخالِبِ الطَّيْرِ والكِلابِ، فَمَحَلُّ المِنَّةِ في قَوْلِهِ: (ثُمَّ أماتَهُ) هو فِيما فُرِّعَ عَلَيْهِ بِالفاءِ بِقَوْلِهِ: (فَأقْبَرَهُ) ولَيْسَتِ الإماتَةُ وحْدَها مِنَّةً.
وفِي الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ وُجُوبَ دَفْنِ أمْواتِ النّاسِ بِالإقْبارِ دُونَ الحَرْقِ بِالنّارِ كَما يَفْعَلُ مَجُوسُ الهِنْدِ، ودُونَ الإلْقاءِ لِسِباعِ الطَّيْرِ في ساحاتٍ في الجِبالِ مَحُوطَةٍ بِجُدْرانٍ دُونَ سَقْفٍ كَما كانَ يَفْعَلُهُ مَجُوسُ الفُرْسِ، وكَما كانَ يَفْعَلُهُ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ بِمَوْتى الحُرُوبِ والغاراتِ في الفَيافِي، إذْ لا يُوارُونَهم بِالتُّرابِ وكانُوا يَفْتَخِرُونَ بِذَلِكَ ويَتَمَنَّوْنَهُ، قالَ الشَّنْفَرى:
لا تَقْبُرُونِي إنَّ قَبْرِي مُحَرَّمٌ عَلَيْكم ولَكِنْ أبْشِرِي أُمَّ عامِرِ
يُرِيدُ أنْ تَأْكُلَهُ الضَّبْعُ، وأبْطَلَ الإسْلامُ ذَلِكَ، فَإنَّ النَّبِيءَ ﷺ دَفَنَ شُهَداءَ المُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ في قُبُورٍ مُشْتَرَكَةٍ، ووارى قَتْلى المُشْرِكِينَ بِبَدْرٍ في قَلِيبٍ، قالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ قَبْلَ الإسْلامِ:
؎آلَيْتُ لا أدْفِنُ قَتْلاكُمُ ∗∗∗ فَدَخِّنُوا المَرْءَ وسِرْبالَهُ
وجُمْلَةُ ﴿ثُمَّ إذا شاءَ أنْشَرَهُ﴾ رُجُوعٌ إلى إثْباتِ البَعْثِ، وهي كالنَّتِيجَةِ عَقِبَ الِاسْتِدْلالِ. ووَقَعَ قَوْلُهُ: (إذا شاءَ) مُعْتَرِضًا بَيْنَ جُمْلَةِ (أماتَهُ) وجُمْلَةِ (أنْشَرَهُ) لِرَدِّ تَوَهُّمِ المُشْرِكِينَ أنَّ عَدَمَ التَّعْجِيلِ بِالبَعْثِ دَلِيلٌ عَلى انْتِفاءِ وُقُوعِهِ في المُسْتَقْبَلِ و(إذا) ظَرْفٌ لِلْمُسْتَقْبَلِ فَفِعْلُ المُضِيِّ بَعْدَها مُؤَوَّلٌ بِالمُسْتَقْبَلِ. والمَعْنى: ثُمَّ حِينَ يَشاءُ يُنْشِرُهُ، أيْ: يُنْشِرُهُ حِينَ تَتَعَلَّقُ مَشِيئَتُهُ بِإنْشارِهِ.
(p-١٢٦)وأنْشَرَهُ بَعَثَهُ مِنَ الأرْضِ، وأصْلُ النَّشْرِ إخْراجُ الشَّيْءِ المُخَبَّأِ، يُقالُ: نَشَرَ الثَّوْبَ، إذْ أزالَ طَيَّهُ، ونَشَرَ الصَّحِيفَةَ، إذا فَتَحَها لِيَقْرَأها. ومِنهُ الحَدِيثُ فَنَشَرُوا التَّوْراةَ.
وأمّا الإنْشارُ بِالهَمْزَةِ فَهو خاصٌّ بِإخْراجِ المَيِّتِ مِنَ الأرْضِ حَيًّا وهو البَعْثُ، فَيَجُوزُ أنْ يُقالَ: نُشِرَ المَيِّتُ، والعَرَبُ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَقِدُونَ إحْياءَ الأمْواتِ إلّا أنْ يَكُونُوا قَدْ قالُوهُ في تَخَيُّلاتِهِمُ التَّوَهُّمِيَّةِ، فَيَكُونُ مِنهُ قَوْلُ الأعْشى:
؎حَتّى يَقُولَ النّاسُ مِمّا رَأوْا ∗∗∗ يا عَجَبًا لِلْمَيِّتِ النّاشِرِ
ولِذَلِكَ قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ولَئِنْ قُلْتَ إنَّكم مَبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ المَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إنْ هَذا إلّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [هود: ٧] .
وفِي قَوْلِهِ: (﴿إذا شاءَ﴾) رَدٌّ لِشُبْهَتِهِمْ، إذْ كانُوا يَطْلُبُونَ تَعْجِيلَ البَعْثِ تَحَدِّيًا وتَهَكُّمًا لِيَجْعَلُوا عَدَمَ الِاسْتِجابَةِ بِتَعْجِيلِهِ دَلِيلًا عَلى أنَّهُ لا يَكُونُ، فَأعْلَمَهُمُ اللَّهُ أنَّهُ يَقَعُ عِنْدَما يَشاءُ اللَّهُ وُقُوعَهُ لا في الوَقْتِ الَّذِي يَسْألُونَهُ؛ لِأنَّهُ مَوْكُولٌ إلى حِكْمَةِ اللَّهِ واسْتِفادَةِ إبْطالِ قَوْلِهِمْ مِن طَرِيقِ الكِنايَةِ.
{"ayahs_start":17,"ayahs":["قُتِلَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مَاۤ أَكۡفَرَهُۥ","مِنۡ أَیِّ شَیۡءٍ خَلَقَهُۥ","مِن نُّطۡفَةٍ خَلَقَهُۥ فَقَدَّرَهُۥ","ثُمَّ ٱلسَّبِیلَ یَسَّرَهُۥ","ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ","ثُمَّ إِذَا شَاۤءَ أَنشَرَهُۥ"],"ayah":"قُتِلَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مَاۤ أَكۡفَرَهُۥ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق