الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَمَا عَلَيْكَ أَلا يَزَّكَّى (٧) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (٨) وَهُوَ يَخْشَى (٩) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (١٠) ﴾
.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: أما من استغنى بماله فأنت له تتعرّض رجاء أن يُسلِم.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى﴾ قال: نزلت في العباس.
⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى﴾ قال عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة ﴿وَمَا عَلَيْكَ أَلا يَزَّكَّى﴾ يقول: وأي شيء عليك أن لا يتطهَّر من كفره فيُسلم؟ ﴿وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى﴾ يقول: وأما هذا الأعمى الذي جاءك سعيا، وهو يخشى الله ويتقيه ﴿فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾ يقول: فأنت عنه تعرض، وتشاغل عنه بغيره وتغافل.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (١٦) قُتِلَ الإنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (١٧) ﴾
.
يقول تعالى ذكره: ﴿كَلا﴾ ما الأمر كما تفعل يا محمد من أن تعبس في وجه من جاءك يسعى وهو يخشى، وتتصدّى لمن استغنى ﴿إنَّها تَذْكِرَة﴾ يقول: إن هذه العظة وهذه السورة تذكرة: يقول: عظة وعبرة ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ﴾ يقول: فمن شاء من عباد الله ذكره، يقول: ذكر تنزيل الله ووحيه والهاء في قوله: "إنَّها" للسورة، وفي قوله: "ذَكَرَهُ" للتنزيل والوحي. ﴿فِي صُحُفِ﴾ يقول: إنها تذكرة ﴿فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ﴾ يعني: في اللوح المحفوظ، وهو المرفوع المطهر عند الله.
* * *
وقوله: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾
يقول: الصحف المكرّمة بأيدي سفرة، جمع سافر.
واختلف أهل التأويل فيهم ما هم؟ فقال بعضهم: هم كَتَبة.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾ يقول: كَتَبة.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾ قال: الكَتَبة.
وقال آخرون: هم القرّاء.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾ قال: هم القرّاء.
وقال آخرون: هم الملائكة.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ يعني: الملائكة.
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ قال: السَّفَرة: الذين يُحْصون الأعمال.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: هم الملائكة الذين يَسْفِرون بين الله ورسله بالوحي.
وسفير القوم: الذي يسعى بينهم بالصلح، يقال: سفرت بين القوم: إذا أصلحت بينهم، ومنه قول الشاعر:
ومَا أدَعُ السِّفارَةَ بَين قَوْمي ... ومَا أمْشِي بغِشّ إنْ مَشِيتُ [[الخبر ١٥٧- إسناد صحيح. محمد بن سنان القزاز، شيخ الطبري: تكلموا فيه من أجل حديث واحد. والحق أنه لا بأس به، كما قال الدارقطني. وهو مترجم في التهذيب، وله ترجمة جيدة في تاريخ بغداد ٥: ٣٤٣- ٣٤٦. أبو عاصم: هو النبيل، الضحاك بن مخلد، الحافظ الحجة. شبيب: هو ابن بشر البجلي، ووقع في التهذيب ٤: ٣٠٦ "الحلبي" وهو خطأ مطبعي، صوابه في التاريخ الكبير للبخاري ٢ / ٢ / ٢٣٢ / ٢٣٣ والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٣٥٧- ٣٥٨ والتقريب وغيرها، وهو ثقة، وثقه ابن معين.]]
وإذا وُجِّه التأويل إلى ما قلنا، احتمل الوجه الذي قاله القائلون: هم الكَتَبة، والذي قاله القائلون: هم القرّاء لأن الملائكة هي التي تقرأ الكتب، وتَسْفِر بين الله وبين رسله.
* * *
وقوله: ﴿كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾
والبَررَة: جمع بارّ، كما الكفرة جمع كافر، والسحرة جمع ساحر، غير أن المعروف من كلام العرب إذا نطقوا بواحدة أن يقولوا: رجل بر، وامرأة برّة، وإذا جمعوا ردّوه إلى جمع فاعل، كما قالوا: رجل سري، ثم قالوا في جمعه: قوم سراة وكان القياس في واحده أن يكون ساريا، وقد حُكي سماعا من بعض العرب: قوم خِيَرَة بَرَرَة، وواحد الخيرة: خير، والبَررَة: برّ.
* * *
وقوله: ﴿قُتِلَ الإنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾
يقول تعالى ذكره: لعن الإنسان الكافر ما أكفره.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال مجاهد.
⁕ حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا عبد الحميد الحِماني، عن الأعمش، عن مجاهد قال: ما كان في القرآن قُتِلَ الإنسانُ أو فُعل بالإنسان، فإنما عنِي به: الكافر.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ﴿قُتِلَ الإنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾ بلغني أنه: الكافر.
وفي قوله: ﴿أكْفَرَهُ﴾ وجهان: أحدهما: التعجب من كفره مع إحسان الله إليه، وأياديه عنده. والآخر: ما الذي أكفره، أي: أيّ شيء أكفره.
{"ayahs_start":5,"ayahs":["أَمَّا مَنِ ٱسۡتَغۡنَىٰ","فَأَنتَ لَهُۥ تَصَدَّىٰ","وَمَا عَلَیۡكَ أَلَّا یَزَّكَّىٰ","وَأَمَّا مَن جَاۤءَكَ یَسۡعَىٰ","وَهُوَ یَخۡشَىٰ","فَأَنتَ عَنۡهُ تَلَهَّىٰ","كَلَّاۤ إِنَّهَا تَذۡكِرَةࣱ","فَمَن شَاۤءَ ذَكَرَهُۥ","فِی صُحُفࣲ مُّكَرَّمَةࣲ","مَّرۡفُوعَةࣲ مُّطَهَّرَةِۭ","بِأَیۡدِی سَفَرَةࣲ","كِرَامِۭ بَرَرَةࣲ","قُتِلَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مَاۤ أَكۡفَرَهُۥ"],"ayah":"قُتِلَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مَاۤ أَكۡفَرَهُۥ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق