الباحث القرآني
﴿قُتِلَ الإنْسانُ ما أكْفَرَهُ﴾ في ﴿قُتِلَ﴾ وجْهانِ:
أحَدُهُما: عُذِّبَ.
الثّانِي: لُعِنَ.
وَفي ﴿الإنْسانُ﴾ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ إشارَةٌ إلى كُلِّ كافِرٍ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الثّانِي: أنَّهُ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
الثّالِثُ: أنَّهُ عُتْبَةُ بْنُ أبِي لَهَبٍ حِينَ قالَ: إنِّي كَفَرْتُ بِرَبِّ النَّجْمِ إذا هَوى، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: « (اَللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبَكَ فَأخَذَهُ الأسَدُ في طَرِيقِ الشّامِ)»، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ والكَلْبِيُّ.
وَفي ﴿ما أكْفَرَهُ﴾ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: أنْ (ما) تَعَجُّبٌ، وعادَةُ العَرَبِ إذا تَعَجَّبُوا مِن شَيْءٍ قالُوا قاتَلَهُ اللَّهُ ما أحْسَنَهُ، وأخْزاهُ اللَّهُ ما أظْلَمَهُ، والمَعْنى: أعَجِبُوا مِن كُفْرِ الإنْسانِ لِجَمِيعِ ما ذَكَرْنا بَعْدَ هَذا.
الثّانِي: أيُّ شَيْءٍ أكْفَرَهُ، عَلى وجْهِ الِاسْتِفْهامِ، قالَهُ السُّدِّيُّ ويَحْيى بْنُ سَلامٍ.(p-٢٠٦)
الثّالِثُ: ما ألْعَنَهُ، قالَهُ قَتادَةُ.
﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: خُرُوجُهُ مِن بَطْنِ أُمِّهِ، قالَهُ عِكْرِمَةُ والضَّحّاكُ.
الثّانِي: سَبِيلُ السَّعادَةِ والشَّقاوَةِ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الثّالِثُ: سَبِيلُ الهُدى والضَّلالَةِ، قالَهُ الحَسَنُ.
وَيَحْتَمِلُ رابِعًا: سَبِيلُ مَنافِعِهِ ومَضارِّهِ.
﴿ثُمَّ أماتَهُ فَأقْبَرَهُ﴾ فِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: جَعَلَهُ ذا قَبْرٍ يُدْفَنُ فِيهِ، قالَهُ الطَّبَرِيُّ، قالَ الأعْشى
؎ لَوْ أسْنَدَتْ مَيْتًا إلى نَحْرِها عاشَ ولَمْ يُنْقَلْ إلى قابِرِ
الثّانِي: جُعِلَ مَن يُقْبِرُهُ ويُوارِيهِ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلامٍ.
﴿ثُمَّ إذا شاءَ أنْشَرَهُ﴾ يَعْنِي أحْياهُ، قالَ الأعْشى
؎ حَتّى يَقُولَ النّاسُ مِمّا رَأوْا ∗∗∗ يا عَجَبًا لِلْمَيِّتِ النّاشِرِ
﴿كَلا لَمّا يَقْضِ ما أمَرَهُ﴾ فِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ الكافِرُ لَمْ يَفْعَلْ ما أُمِرَ بِهِ مِنَ الطّاعَةِ والإيمانِ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلامٍ.
الثّانِي: أنَّهُ عَلى العُمُومِ في المُسْلِمِ والكافِرِ، قالَ مُجاهِدٌ: لا يَقْضِي أحَدٌ أبَدًا ما افْتُرِضَ عَلَيْهِ، وكَلّا ها هُنا لِتَكْرِيرِ النَّفْيِ وهي مَوْضُوعَةٌ لِلرَّدِّ.
وَيَحْتَمِلُ وجْهَ حَمْلِهِ عَلى العُمُومِ أنَّ الكافِرَ لا يَقْضِيهِ عُمُرًا، والمُؤْمِنُ لا يَقْضِيهِ شَهْرًا.
﴿فَلْيَنْظُرِ الإنْسانُ إلى طَعامِهِ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: إلى طَعامِهِ الَّذِي يَأْكُلُهُ وتَحْيا نَفْسُهُ بِهِ، مِن أيِّ شَيْءٍ كانَ، قالَهُ يَحْيى.(p-٢٠٧)
الثّانِي: ما يَخْرُجُ مِنهُ أيُّ شَيْءٍ كانَ؟ ثُمَّ كَيْفَ صارَ بَعْدَ حِفْظِ الحَياةِ ومَوْتِ الجَسَدِ.
قالَ الحَسَنُ: إنَّ مَلَكًا يَثْنِي رَقَبَةَ ابْنِ آدَمَ إذا جَلَسَ عَلى الخَلاءِ لِيَنْظُرَ ما يَخْرُجُ مِنهُ.
وَيُحْتَمَلُ إغْراؤُهُ بِالنَّظَرِ إلى وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: لِيَعْلَمَ أنَّهُ مَحَلُّ الأقْذارِ فَلا يَطْغى.
الثّانِي: لِيَسْتَدِلَّ عَلى اسْتِحالَةِ الأجْسامِ فَلا يَنْسى.
﴿أنّا صَبَبْنا الماءَ صَبًّا﴾ يَعْنِي المَطَرَ.
﴿ثُمَّ شَقَقْنا الأرْضَ شَقًّا﴾ يَعْنِي بِالنَّباتِ.
﴿فَأنْبَتْنا فِيها حَبًّا﴾ ﴿وَعِنَبًا وقَضْبًا﴾ والقَضْبُ: القَتُّ والعَلَقُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لَقَضْبَهُ بَعْدَ ظُهُورِهِ.
﴿وَزَيْتُونًا ونَخْلا﴾ ﴿وَحَدائِقَ غُلْبًا﴾ فِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: نَخْلًا كِرامًا، قالَهُ الحَسَنُ.
الثّانِي: الشَّجَرُ الطُّوالُ الغِلاظُ، قالَ الكَلْبِيُّ: الغُلْبُ الغِلاظُ، قالَ الفَرَزْدَقُ
؎ عَوى فَأثارَ أغْلَبَ ضَيْغَمِيًّا ∗∗∗ فَوَيْلُ ابْنِ المَراغَةِ ما اسْتَثارَ
وَفِي (اَلْحَدائِقِ) ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها ما التَفَّ واجْتَمَعَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: أنَّهُ نَبْتُ الشَّجَرِ كُلِّهِ.
الثّالِثُ: أنَّهُ ما أُحِيطَ عَلَيْهِ مِنَ النَّخْلِ والشَّجَرِ، وما لَمْ يُحَطْ عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِحَدِيقَةٍ حَكاهُ أبُو صالِحٍ.
وَيَحْتَمِلُ قَوْلًا رابِعًا: أنَّ الحَدائِقَ ما تَكامَلَ شَجَرُها واخْتَلَفَ ثَمَرُها حَتّى عَمَّ خَيْرُها.(p-٢٠٨)
وَيَحْتَمِلُ الغُلْبُ أنْ يَكُونَ ما غَلَبْتَ عَلَيْهِ ولَمْ تَغْلِبْ فَكانَ هَيِّنًا.
﴿وَفاكِهَةً وأبًّا﴾ فِيهِ خَمْسَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّ الأبَّ ما تَرْعاهُ البَهائِمُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ: وما يَأْكُلُهُ الآدَمِيُّونَ الحَصِيدَةَ، قالَ الشّاعِرُ في مَدْحِ النَّبِيِّ ﷺ
؎ لَهُ دَعْوَةٌ مَيْمُونَةٌ رِيحُها الصَّبا ∗∗∗ بِها يُنْبِتُ اللَّهُ الحَصِيدَةَ والأبّا
الثّانِي: أنَّهُ كُلُّ شَيْءٍ يَنْبُتُ عَلى وجْهِ الأرْضِ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
الثّالِثُ: أنَّهُ كُلُّ نَباتٍ سِوى الفاكِهَةِ، وهَذا ظاهِرُ قَوْلِ الكَلْبِيِّ.
الرّابِعُ: أنَّهُ الثِّمارُ الرَّطْبَةُ، قالَهُ ابْنُ أبِي طَلْحَةَ.
الخامِسُ: أنَّهُ التِّبْنُ خاصَّةً، وهو يُحْكى عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أيْضًا، قالَ الشّاعِرُ
؎ فَما لَهم مَرْتَعٌ لِلسَّوا ∗∗∗ مِ والأبُّ عِنْدَهم يُقْدَرُ
وَوَجَدْتُ لِبَعْضِ المُتَأخِّرِينَ سادِسًا: أنَّ رَطْبَ الثِّمارِ هو الفاكِهَةُ، ويابِسَها الأبُّ.
وَيَحْتَمِلُ سابِعًا: أنَّ الأبَّ ما أخْلَفَ مِثْلَ أصْلِهِ كالحُبُوبِ، والفاكِهَةَ ما لَمْ يُخْلِفْ مِثْلَ أصْلِهِ مِنَ الشَّجَرِ.
رُوِيَ أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ قَرَأ ﴿عَبَسَ وتَوَلّى﴾ فَلَمّا بَلَغَ إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَفاكِهَةً وأبًّا﴾ قالَ: قَدْ عَرَفْنا الفاكِهَةَ، فَما الأبُّ؟ ثُمَّ قالَ: لَعَمْرُكَ يا ابْنَ الخَطّابِ إنَّ هَذا هو التَّكَلُّفُ وألْقى العَصا مِن يَدِهِ.
وَهَذا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعالى لِبَعْثِ المَوْتى مِن قُبُورِهِمْ فَهم كَنَباتِ الزَّرْعِ بَعْدَ دُثُورِهِ، وتَضَمَّنَ امْتِنانًا عَلَيْهِمْ بِما أنْعَمَ.(p-٢٠٩)
{"ayahs_start":17,"ayahs":["قُتِلَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مَاۤ أَكۡفَرَهُۥ","مِنۡ أَیِّ شَیۡءٍ خَلَقَهُۥ","مِن نُّطۡفَةٍ خَلَقَهُۥ فَقَدَّرَهُۥ","ثُمَّ ٱلسَّبِیلَ یَسَّرَهُۥ","ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ","ثُمَّ إِذَا شَاۤءَ أَنشَرَهُۥ","كَلَّا لَمَّا یَقۡضِ مَاۤ أَمَرَهُۥ","فَلۡیَنظُرِ ٱلۡإِنسَـٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِۦۤ","أَنَّا صَبَبۡنَا ٱلۡمَاۤءَ صَبࣰّا","ثُمَّ شَقَقۡنَا ٱلۡأَرۡضَ شَقࣰّا","فَأَنۢبَتۡنَا فِیهَا حَبࣰّا","وَعِنَبࣰا وَقَضۡبࣰا","وَزَیۡتُونࣰا وَنَخۡلࣰا","وَحَدَاۤىِٕقَ غُلۡبࣰا","وَفَـٰكِهَةࣰ وَأَبࣰّا","مَّتَـٰعࣰا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَـٰمِكُمۡ"],"ayah":"قُتِلَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مَاۤ أَكۡفَرَهُۥ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق