الباحث القرآني
قالَ القُرْطُبِيُّ: وهي مَكِّيَّةٌ في قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، والضَّحّاكِ، ومُقاتِلٍ، ومَدَنِيَّةٌ في قَوْلِ الحَسَنِ، وعِكْرِمَةِ.
وقالَ مُقاتِلٌ أيْضًا: هي أوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بِالمَدِينَةِ.
وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ، وقَتادَةُ: هي مَدَنِيَّةٌ إلّا ثَمانِيَ آياتٍ مِن قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ أجْرَمُوا﴾ إلى آخِرِها.
وقالَ الكَلْبِيُّ، وجابِرُ بْنُ زَيْدٍ: نَزَلَتْ بَيْنَ مَكَّةَ والمَدِينَةِ.
وأخْرَجَ النَّحّاسُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ المُطَفِّفِينَ بِمَكَّةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: آخِرُ ما نَزَلَ بِمَكَّةَ سُورَةُ المُطَفِّفِينَ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ - قالَ السُّيُوطِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ - عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «لَمّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ المَدِينَةَ كانُوا مِن أخْبَثِ النّاسِ كَيْلًا، فَأنْزَلَ اللَّهُ ويْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ فَأحْسَنُوا الكَيْلَ بَعْدَ ذَلِكَ» .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ: ﴿ويْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ ويْلٌ مُبْتَدَأٌ، وسَوَّغَ الِابْتِداءَ بِهِ كَوْنُهُ دُعاءً، ولَوْ نُصِبَ لِجازَ.
قالَ مَكِّيٌّ والمُخْتارُ: في ويْلٍ وشِبْهِهِ إذا كانَ غَيْرَ مُضافٍ الرَّفْعُ، ويَجُوزُ النَّصْبُ، فَإنْ كانَ مُضافًا أوْ مُعَرَّفًا كانَ الِاخْتِيارُ فِيهِ النَّصْبُ نَحْوُ قَوْلِهِ: ﴿ويْلَكم لا تَفْتَرُوا﴾ [طه: ٦١] و( لِلْمُطَفِّفِينَ ) خَبَرُهُ. والمُطَفِّفُ: المُنْقِصُ، وحَقِيقَتُهُ الأخْذُ في الكَيْلِ أوِ الوَزْنِ شَيْئًا طَفِيفًا: أيْ نَزْرًا حَقِيرًا.
قالَ أهْلُ اللُّغَةِ: المُطَفِّفُ مَأْخُوذٌ مِنَ الطَّفَفِ، وهو القَلِيلُ، فالمُطَفِّفُ هو المُقَلِّلُ حَقَّ صاحِبِهِ بِنُقْصانِهِ عَنِ الحَقِّ في كَيْلٍ أوْ وزْنٍ.
قالَ الزَّجّاجُ: إنَّما قِيلَ لِلَّذِي يُنْقِصُ المِكْيالَ والمِيزانَ مُطَفِّفٌ لِأنَّهُ لا يَكادُ يَسْرِقُ في المِكْيالِ والمِيزانِ إلّا الشَّيْءَ اليَسِيرَ الطَّفِيفَ.
قالَ أبُو عُبَيْدَةَ، والمُبَرِّدُ: المُطَفِّفُ الَّذِي يَبْخَسُ في الكَيْلِ والوَزْنِ.
والمُرادُ بِالوَيْلِ هُنا شِدَّةُ العَذابِ، أوْ نَفْسُ العَذابِ، أوِ الشَّرُّ الشَّدِيدُ، أوْ هو وادٍ في جَهَنَّمَ.
قالَ الكَلْبِيُّ: «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المَدِينَةَ وهم يُسِيئُونَ كَيْلَهم ووَزْنَهم لِغَيْرِهِمْ، ويَسْتَوْفُونَ لِأنْفُسِهِمْ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ» .
وقالَ السُّدِّيُّ: «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المَدِينَةَ، وكانَ بِها رَجُلٌ يُقالُ لَهُ أبُو جُهَيْنَةَ، ومَعَهُ صاعانِ يَكِيلُ بِأحَدِهِما ويَكْتالُ بِالآخَرِ» .
فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ.
قالَ الفَرّاءُ: هم بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ أحْسَنُ النّاسِ كَيْلًا إلى يَوْمِهِمْ هَذا.
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحانِهِ المُطَفِّفِينَ مَن هم ؟ فَقالَ: ﴿الَّذِينَ إذا اكْتالُوا عَلى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ﴾ أيْ يَسْتَوْفُونَ الِاكْتِيالَ والأخْذَ بِالكَيْلِ.
قالَ الفَرّاءُ: يُرِيدُ اكْتالُوا مِنَ النّاسِ، وعَلى ومَن في هَذا المَوْضِعِ يَعْتَقِبانِ، يُقالُ اكْتَلْتُ مِنكَ: أيِ اسْتَوْفَيْتُ مِنكَ، وتَقُولُ اكْتَلْتُ عَلَيْكَ: أيْ أخَذْتُ ما عَلَيْكَ.
قالَ الزَّجّاجُ: إذا اكْتالُوا مِنَ النّاسِ اسْتَوْفَوْا عَلَيْهِمُ الكَيْلَ.
ولَمْ يَذْكُرْ " اتَّزَنُوا " لِأنَّ الكَيْلَ والوَزْنَ بِهِما الشِّراءُ والبَيْعُ فَأحَدُهُما يَدُلُّ عَلى الآخَرِ.
قالَ الواحِدِيُّ: قالَ المُفَسِّرُونَ: يَعْنِي الَّذِينَ إذا اشْتَرَوْا لِأنْفُسِهِمُ اسْتَوْفَوْا في الكَيْلِ والوَزْنِ، وإذا باعُوا ووَزَنُوا لِغَيْرِهِمْ نَقَصُوا.
وهُوَ مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿وإذا كالُوهم أوْ وزَنُوهم يُخْسِرُونَ﴾ أيْ كالُوا لَهم أوْ وزَنُوا لَهم فَحُذِفَتِ اللّامُ فَتَعَدّى الفِعْلُ إلى المَفْعُولِ، فَهو مِن بابِ الحَذْفِ والإيصالِ، ومِثْلُهُ نَصَحْتُكَ ونَصَحْتُ لَكَ، كَذا قالَ الأخْفَشُ، والكِسائِيُّ، والفَرّاءُ.
قالَ الفَرّاءُ: وسَمِعْتُ أعْرابِيَّةً تَقُولُ: إذا صَدَرَ النّاسُ أتَيْنا التّاجِرَ فَيَكِيلُنا المُدَّ والمُدَّيْنِ إلى المَوْسِمِ المُقْبِلِ.
قالَ: وهو مِن كَلامِ أهْلِ الحِجازِ ومَن جاوَرَهم مِن قَيْسٍ.
قالَ الزَّجّاجُ: لا يَجُوزُ الوَقْفُ عَلى " كالُوا " حَتّى يُوصَلَ بِالضَّمِيرِ، ومِنَ النّاسِ مَن يَجْعَلُهُ تَوْكِيدًا: أيْ تَوْكِيدًا لِلضَّمِيرِ المُسْتَكِنِ في الفِعْلِ، فَيُجِيزُ الوَقْفَ عَلى " كالُوا " أوْ وزَنُوا.
قالَ أبُو عُبَيْدٍ: (p-١٥٩٦)وكانَ عِيسى بْنُ عُمَرَ يَجْعَلُهُما حَرْفَيْنِ، ويَقِفُ عَلى كالُوا أوْ وزَنُوا، ثُمَّ يَقُولُ هم يُخْسِرُونَ.
قالَ: وأحْسَبُ قِراءَةَ حَمْزَةَ كَذَلِكَ.
قالَ أبُو عُبَيْدٍ: والِاخْتِيارُ أنْ يَكُونا كَلِمَةً واحِدَةً مِن جِهَتَيْنِ: إحْداهُما الخَطُّ، ولِذَلِكَ كَتَبُوهُما بِغَيْرِ ألِفٍ، ولَوْ كانَتا مَقْطُوعَتَيْنِ لَكانَتا " كالُوا " أوْ " وزَنُوا " بِالألِفِ.
والأُخْرى أنَّهُ يُقالُ: كِلْتُكَ ووَزَنْتُكَ بِمَعْنى: كِلْتُ لَكَ ووَزَنْتُ لَكَ وهو كَلامٌ عَرَبِيٌّ، كَما يُقالُ صَدَقْتُكَ وصَدَقْتُ لَكَ، وكَسَبْتُكَ وكَسَبْتُ لَكَ، وشَكَرْتُكَ وشَكَرْتُ لَكَ ونَحْوُ ذَلِكَ.
وقِيلَ هو عَلى حَذْفِ المُضافِ وإقامَةِ المُضافِ إلَيْهِ مَقامَهُ، والمُضافُ المَكِيلُ والمَوْزُونُ: أيْ وإذا كالُوا مَكِيلَهم، أوْ وزَنُوا مَوْزُونَهم، ومَعْنى يُخْسِرُونَ: يُنْقِصُونَ كَقَوْلِهِ: ﴿ولا تُخْسِرُوا المِيزانَ﴾ [الرحمن: ٩] والعَرَبُ تَقُولُ: خَسَرْتُ المِيزانَ وأخْسَرْتُهُ.
ثُمَّ خَوَّفَهم سُبْحانَهُ فَقالَ: ﴿ألا يَظُنُّ أُولَئِكَ أنَّهم مَبْعُوثُونَ﴾ والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ مَسُوقَةٌ لِتَهْوِيلِ ما فَعَلُوهُ مِنَ التَّطْفِيفِ وتَفْظِيعِهِ ولِلتَّعْجِيبِ مِن حالِهِمْ في الِاجْتِراءِ عَلَيْهِ، والإشارَةُ بِقَوْلِهِ: أُولَئِكَ إلى المُطَفِّفِينَ، والمَعْنى: أنَّهم لا يَخْطُرُونَ بِبالِهِمْ أنَّهم مَبْعُوثُونَ فَمَسْئُولُونَ عَمّا يَفْعَلُونَ.
قِيلَ والظَّنُّ هُنا بِمَعْنى اليَقِينِ: أيْ لا يُوقِنُ أُولَئِكَ، ولَوْ أيْقَنُوا ما نَقَصُوا الكَيْلَ والوَزْنَ، وقِيلَ الظَّنُّ عَلى بابِهِ، والمَعْنى: إنْ كانُوا لا يَسْتَيْقِنُونَ البَعْثَ، فَهَلّا ظَنُّوهُ حَتّى يَتَدَبَّرُوا فِيهِ ويَبْحَثُوا عَنْهُ ويَتْرُكُوا ما يَخْشَوْنَ مِن عاقِبَتِهِ.
واليَوْمُ العَظِيمُ هو يَوْمُ القِيامَةِ، ووَصَفَهُ بِالعِظَمِ لِكَوْنِهِ زَمانًا لِتِلْكَ الأُمُورِ العِظامِ مِنَ البَعْثِ والحِسابِ والعِقابِ، ودُخُولِ أهْلِ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وأهْلِ النّارِ النّارَ.
ثُمَّ أخْبَرَ عَنْ ذَلِكَ اليَوْمِ فَقالَ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمِينَ﴾ انْتِصابُ الظَّرْفِ بِـ ( مَبْعُوثُونَ ) المَذْكُورِ قَبْلَهُ، أوْ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَبْعُوثُونَ.
أيْ يُبْعَثُونَ يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ، أوْ عَلى البَدَلِ مِن مَحَلِّ ( لِيَوْمٍ )، أوْ بِإضْمارِ أعْنِي، أوْ هو في مَحَلِّ رَفْعٍ عَلى أنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أوْ في مَحَلِّ جَرٍّ عَلى البَدَلِ مِن لَفْظِ ( لِيَوْمٍ )، وإنَّما بُنِيَ عَلى الفَتْحِ في هَذَيْنِ الوَجْهَيْنِ لِإضافَتِهِ إلى الفِعْلِ.
قالَ الزَّجّاجُ: " يَوْمَ " مَنصُوبٌ بِقَوْلِهِ ( مَبْعُوثُونَ )، المَعْنى: ألا يَظُنُّونَ أنَّهم يُبْعَثُونَ يَوْمَ القِيامَةِ، ومَعْنى ( يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ ): يَوْمَ يَقُومُونَ مِن قُبُورِهِمْ لِأمْرِ رَبِّ العالَمِينَ، أوْ لِجَزائِهِ، أوْ لِحِسابِهِ، أوْ لِحُكْمِهِ وقَضائِهِ.
وفِي وصْفِ اليَوْمِ بِالعِظَمِ مَعَ قِيامِ النّاسِ لِلَّهِ خاضِعِينَ فِيهِ ووَصَفِهِ سُبْحانَهُ بِكَوْنِهِ رَبَّ العالَمِينَ دَلالَةٌ عَلى عِظَمِ ذَنَبِ التَّطْفِيفِ، ومَزِيدِ إثْمِهِ وفَظاعَةِ عِقابِهِ.
وقِيلَ المُرادُ بِقَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ﴾ قِيامَهم في رَشْحِهِمْ إلى أنْصافِ آذانِهِمْ، وقِيلَ المُرادُ قِيامُهم بِما عَلَيْهِمْ مِن حُقُوقِ العِبادِ، وقِيلَ المُرادُ قِيامُ الرُّسُلِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لِلْقَضاءِ، والأوَّلُ أوْلى.
وقَوْلُهُ: ( كَلّا ) هي لِلرَّدْعِ والزَّجْرِ لِلْمُطَفِّفِينَ الغافِلِينَ عَنِ البَعْثِ وما بَعْدَهُ.
ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقالَ: ﴿إنَّ كِتابَ الفُجّارِ لَفي سِجِّينٍ﴾ وعِنْدَ أبِي حاتِمٍ أنَّ ( كَلّا ) بِمَعْنى حَقًّا مُتَّصِلَةٌ بِما بَعْدَها عَلى مَعْنى: حَقًّا إنَّ كِتابَ الفُجّارِ لَفي سِجِّينٍ.
وسِجِّينٌ هو ما فَسَّرَهُ بِهِ سُبْحانَهُ مِن قَوْلِهِ: ﴿وما أدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ﴾ فَأخْبَرَ بِهَذا أنَّهُ كِتابٌ مَرْقُومٌ: أيْ مَسْطُورٌ، قِيلَ هو كِتابٌ جامِعٌ لِأعْمالِ الشَّرِّ الصّادِرِ مِنَ الشَّياطِينِ والكَفَرَةِ والفَسَقَةِ، ولَفْظُ سِجِّينٍ عَلَمٌ لَهُ.
وقالَ قَتادَةُ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، ومُقاتِلٌ، وكَعْبٌ: إنَّهُ صَخْرَةٌ تَحْتَ الأرْضِ السّابِعَةِ تُقْلَبُ، فَيُجْعَلُ كِتابُ الفُجّارِ تَحْتَها، وبِهِ قالَ مُجاهِدٌ، فَيَكُونُ في الكَلامِ عَلى هَذا القَوْلِ مُضافٌ مَحْذُوفٌ، والتَّقْدِيرُ: مَحَلُّ كِتابٍ مَرْقُومٍ.
وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ، والأخْفَشُ، والمُبَرِّدُ، والزَّجّاجُ لَفي سِجِّينٍ لَفي حَبْسٍ وضِيقٍ شَدِيدٍ، والمَعْنى: كَأنَّهم في حَبْسٍ، جَعَلَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلى خَساسَةِ مَنزِلَتِهِمْ وهَوانِها.
قالَ الواحِدِيُّ: ذَكَرَ قَوْمٌ أنَّ قَوْلَهُ: كِتابٌ مَرْقُومٌ تَفْسِيرٌ لِ ( سِجِّينٍ )، وهو بَعِيدٌ لِأنَّهُ لَيْسَ السِّجِّينُ مِنَ الكِتابِ في شَيْءٍ عَلى ما حَكَيْناهُ عَنِ المُفَسِّرِينَ، والوَجْهُ أنْ يُجْعَلَ بَيانًا لِكِتابٍ المَذْكُورِ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ كِتابَ الفُجّارِ﴾ عَلى تَقْدِيرِ هو كِتابٌ مَرْقُومٌ: أيْ مَكْتُوبٌ قَدْ بُيِّنَتْ حُرُوفُهُ. انْتَهى، والأوْلى ما ذَكَرْناهُ، ويَكُونُ المَعْنى: إنَّ كِتابَ الفُجّارِ الَّذِينَ مِن جُمْلَتِهِمُ المُطَفِّفُونَ: أيْ ما يُكْتَبَ مِن أعْمالِهِمْ أوْ كِتابَةِ أعْمالِهِمْ لَفي ذَلِكَ الكِتابِ المُدَوِّنِ لِلْقَبائِحِ المُخْتَصِّ بِالشَّرِّ، وهو سِجِّينٌ.
ثُمَّ ذَكَرَ ما يَدُلُّ عَلى تَهْوِيلِهِ وتَعْظِيمِهِ، فَقالَ: ﴿وما أدْراكَ ما سِجِّينٌ﴾ ثُمَّ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: كِتابٌ مَرْقُومٌ.
قالَ الزَّجّاجُ: مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿وما أدْراكَ ما سِجِّينٌ﴾ لَيْسَ ذَلِكَ مِمّا كُنْتَ تَعْلَمُهُ أنْتَ ولا قَوْمُكَ.
قالَ قَتادَةُ: ومَعْنى مَرْقُومٌ: رُقِمَ لَهم بِشَرٍّ كَأنَّهُ أُعْلِمَ بِعَلامَةٍ يُعْرَفُ بِها أنَّهُ كافِرٌ.
وكَذا قالَ مُقاتِلٌ.
وقَدْ اخْتَلَفُوا في نُونِ ( سِجِّينٍ )، فَقِيلَ هي أصْلِيَّةٌ واشْتِقاقُهُ مِنَ السِّجْنِ، وهو الحَبْسُ، وهو بِناءُ مُبالِغَةٍ كَخِمِّيرٍ وسِكِّيرٍ وفِسِّيقٍ، مِنَ الخَمْرِ والسُّكْرِ والفِسْقِ.
وكَذا قالَ أبُو عُبَيْدَةَ، والمُبَرِّدُ، والزَّجّاجُ.
قالَ الواحِدِيُّ: وهَذا ضَعِيفٌ لِأنَّ العَرَبَ ما كانَتْ تَعْرِفُ سِجِّينًا.
ويُجابُ عَنْهُ بِأنَّ رِوايَةَ هَؤُلاءِ الأئِمَّةِ تَقُومُ بِها الحُجَّةُ، وتَدُلُّ عَلى أنَّهُ مِن لُغَةِ العَرَبِ، ومِنهُ قَوْلُ ابْنُ مُقْبِلٍ:
؎ورُفْقَةٌ يَضْرِبُونَ البَيْضَ ضاحِيَةً ضَرْبًا تَواصَتْ بِهِ الأبْطالُ سِجِّينا
وقِيلَ النُّونُ بَدَلٌ مِنَ اللّامِ، والأصْلُ سِجِّيلٌ، مُشْتَقًّا مِنَ السِّجِلِّ، وهو الكِتابُ.
قالَ ابْنَ عَطِيَّةَ: مَن قالَ إنَّ سِجِّينًا مَوْضِعٌ فَكِتابٌ مَرْفُوعٌ عَلى أنَّهُ خَبَرُ ( إنَّ )، والظَّرْفُ وهو قَوْلُهُ: لَفي سِجِّينٍ مُلْغًى، ومَن جَعَلَهُ عِبارَةً عَنِ الكِتابِ، فَ ( كِتابٌ ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، التَّقْدِيرُ: هو كِتابٌ، ويَكُونُ هَذا الكَلامُ مُفَسِّرًا لِسَجِينٍ ما هو ؟ كَذا قالَ.
قالَ الضَّحّاكُ: مَرْقُومٌ: مَخْتُومٌ بِلُغَةِ حِمْيَرَ، وأصْلُ الرَّقْمِ الكِتابَةُ.
قالَ الشّاعِرُ:
؎سَأرْقُمُ بِالماءِ القُراحِ إلَيْكُمُ ∗∗∗ عَلى بُعْدِكم إنْ كانَ لِلْماءِ راقِمُ
﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ هَذا مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمِينَ﴾ وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ، والمَعْنى: ويْلٌ يَوْمَ القِيامَةِ لِمَن وقَعَ مِنهُ التَّكْذِيبُ بِالبَعْثِ وبِما جاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ.
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحانَهُ هَؤُلاءِ المُكَذِّبِينَ فَقالَ: ﴿الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ والمَوْصُولُ صِفَةٌ لِلْمُكَذِّبِينَ، أوْ بَدَلٌ مِنهُ.
﴿وما يُكَذِّبُ بِهِ إلّا كُلُّ مُعْتَدٍ أثِيمٍ﴾ أيْ فاجِرٍ جائِرٍ مُتَجاوِزٍ في الإثْمِ مُنْهَمِكٍ في أسْبابِهِ.
﴿إذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا﴾ المُنَزَّلَةُ عَلى مُحَمَّدٍ ﷺ ﴿قالَ أساطِيرُ الأوَّلِينَ﴾ (p-١٥٩٧)أيْ أحادِيثُهم وأباطِيلُهُمُ الَّتِي زَخْرَفُوها.
قَرَأ الجُمْهُورُ إذا تُتْلى بِفَوْقِيَّتَيْنِ.
وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ، وأبُو السِّماكِ، والأشْهَبُ العُقَيْلِيُّ، والسُّلَمِيُّ بِالتَّحْتِيَّةِ.
وقَوْلُهُ: كَلّا لِلرَّدْعِ والزَّجْرِ لِلْمُعْتَدِي الأثِيمِ عَنْ ذَلِكَ القَوْلِ الباطِلِ وتَكْذِيبٌ لَهُ، وقَوْلُهُ: ﴿بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ بَيانٌ لِلسَّبَبِ الَّذِي حَمَلَهم عَلى قَوْلِهِمْ بِأنَّ القُرْآنَ أساطِيرُ الأوَّلِينَ.
قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ: غَلَبَ عَلَيْها رَيْنًا ورُيُونًا، وكُلُّ ما غَلَبَكَ وعَلاكَ فَقَدْ رانَ بِكَ ورانَ عَلَيْكَ.
قالَ الفَرّاءُ: هو أنَّها كَثُرَتْ مِنهُمُ المَعاصِي والذُّنُوبُ فَأحاطَتْ بِقُلُوبِهِمْ، فَذَلِكَ الرَّيْنُ عَلَيْها.
قالَ الحَسَنُ: هو الذَّنْبُ عَلى الذَّنْبِ حَتّى يَعْمى القَلْبُ.
قالَ مُجاهِدٌ: القَلْبُ مِثْلُ الكَفِّ، ورَفَعَ كَفَّهُ فَإذا أذْنَبَ انْقَبَضَ وضَمَّ أُصْبُعَهُ، فَإذا أذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ انْقَبَضَ وضَمَّ أُخْرى حَتّى ضَمَّ أصابِعَهُ كُلَّها حَتّى يُطْبَعَ عَلى قَلْبِهِ.
قالَ: وكانُوا يَرَوْنَ أنَّ ذَلِكَ هو الرَّيْنُ.
ثُمَّ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ.
قالَ أبُو زَيْدٍ: يُقالُ قَدْ رِينَ بِالرَّجُلِ رَيْنًا: إذا وقَعَ فِيما لا يَسْتَطِيعُ الخُرُوجَ مِنهُ ولا قِبَلَ لَهُ بِهِ.
وقالَ أبُو مُعاذٍ النَّحْوِيُّ: الرَّيْنُ أنْ يُسَوَّدَ القَلْبُ مِنَ الذُّنُوبِ، والطَّبْعُ أنْ يُطْبَعَ عَلى القَلْبِ وهو أشَدُّ مِنَ الرَّيْنِ، والإقْفالُ أشَدُّ مِنَ الطَّبْعِ.
قالَ الزَّجّاجُ: الرَّيْنُ هو كالصَّدَأِ يَغْشى القَلْبَ كالغَيْمِ الرَّقِيقِ، ومِثْلُهُ الغَيْنُ.
ثُمَّ كَرَّرَ سُبْحانَهُ الرَّدْعَ والزَّجْرَ فَقالَ: ﴿كَلّا إنَّهم عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ وقِيلَ ( كَلّا ) بِمَعْنى حَقًّا: أيْ حَقًّا إنَّهم، يَعْنِي الكُفّارَ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ لا يَرَوْنَهُ أبَدًا.
قالَ مُقاتِلٌ: يَعْنِي أنَّهم بَعْدَ العَرْضِ والحِسابِ لا يَنْظُرُونَ إلَيْهِ نَظَرَ المُؤْمِنِينَ إلى رَبِّهِمْ.
قالَ الحُسَيْنُ بْنُ الفَضْلِ: كَما حَجَبَهم في الدُّنْيا عَنْ تَوْحِيدِهِ حَجَبَهم في الآخِرَةِ عَنْ رُؤْيَتِهِ.
قالَ الزَّجّاجُ: في هَذِهِ الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ يُرى في القِيامَةِ، ولَوْلا ذَلِكَ ما كانَ في هَذِهِ الآيَةِ فائِدَةٌ.
وقالَ جَلَّ ثَناؤُهُ ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ﴾ ﴿إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾ فَأعْلَمَ جَلَّ ثَناؤُهُ أنَّ المُؤْمِنِينَ يَنْظُرُونَ، وأعْلَمَ أنَّ الكُفّارَ مَحْجُوبُونَ عَنْهُ.
وقِيلَ هو تَمْثِيلٌ لِإهانَتِهِمْ بِإهانَةِ مَن يُحْجَبُ عَنِ الدُّخُولِ عَلى المُلُوكِ.
وقالَ قَتادَةُ، وابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ: هو أنْ لا يَنْظُرَ إلَيْهِمْ بِرَحْمَتِهِ ولا يُزَكِّيَهِمْ.
وقالَ مُجاهِدٌ: مَحْجُوبُونَ عَنْ كَرامَتِهِ، وكَذا قالَ ابْنُ كَيْسانَ.
﴿ثُمَّ إنَّهم لَصالُو الجَحِيمِ﴾ أيْ داخِلُو النّارِ ومُلازِمُوها غَيْرُ خارِجِينَ مِنها، وثُمَّ لِتَراخِي الرَّتَبَةِ؛ لِأنَّ صَلْيَ الجَحِيمِ أشَدُّ مِنَ الإهانَةِ وحِرْمانِ الكَرامَةِ.
﴿ثُمَّ يُقالُ هَذا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ أيْ تَقُولُ لَهم خَزَنَةُ جَهَنَّمَ تَبْكِيتًا وتَوْبِيخًا: هَذا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ في الدُّنْيا فانْظُرُوهُ وذُوقُوهُ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ما نَقَضَ قَوْمٌ العَهْدَ إلّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهم، ولا طَفَّفُوا الكَيْلَ إلّا مُنِعُوا النَّباتَ وأُخِذُوا بِالسِّنِينَ» .
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمِينَ﴾ حَتّى يَغِيبَ أحَدُهم في رَشْحِهِ إلى أنْصافِ أُذُنَيْهِ» .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، وأبُو الشَّيْخِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمِينَ﴾ قالَ: فَكَيْفَ إذا جَمَعَكُمُ اللَّهُ كَما يُجْمَعُ النَّبْلُ في الكِنانَةِ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ لا يَنْظُرُ إلَيْكم» .
وأخْرَجَ أبُو يَعْلى، وابْنُ حِبّانَ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ﴿يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمِينَ﴾ بِمِقْدارِ نِصْفِ يَوْمٍ مِن خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، فَيُهَوَّنُ ذَلِكَ عَلى المُؤْمِنِ كَتَدَلِّي الشَّمْسِ إلى الغُرُوبِ إلى أنْ تَغْرُبَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: إذا حُشِرَ النّاسُ قامُوا أرْبَعِينَ عامًا.
وأخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِن حَدِيثِهِ مَرْفُوعًا.
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ «عَنِ ابْنِ عُمَرَ أنَّهُ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ مَقامُ النّاسِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ العالَمِينَ يَوْمَ القِيامَةِ ؟ قالَ: ألْفُ سَنَةٍ لا يُؤْذَنُ لَهم» .
وأخْرَجَ ابْنُ المُبارَكِ في الزُّهْدِ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ مِن طَرِيقِ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ أنَّ ابْنَ عَبّاسٍ سَألَ كَعْبَ الأحْبارِ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿كَلّا إنَّ كِتابَ الفُجّارِ لَفي سِجِّينٍ﴾ قالَ: إنَّ رُوحَ الفاجِرِ يُصْعَدُ بِها إلى السَّماءِ فَتَأْبى السَّماءُ أنْ تَقْبَلَها، فَيُهْبَطُ بِها إلى الأرْضِ فَتَأْبى أنْ تَقْبَلَها، فَيُدْخَلُ بِها تَحْتَ سَبْعِ أرَضِينَ حَتّى يُنْتَهِيَ بِها إلى سِجِّينٍ، وهو خَدُّ إبْلِيسَ، فَيُخْرَجُ لَها مِن تَحْتِ خَدِّ إبْلِيسَ كِتابًا فَيُخْتَمُ ويُوضَعُ تَحْتَ خَذِّ إبْلِيسَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: سِجِّينٌ أسْفَلَ الأرَضِينَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «الفَلَقُ جُبٌّ في جَهَنَّمَ مُغَطًّى، وأمّا سِجِّينٌ فَمَفْتُوحٌ» .
قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: هو حَدِيثٌ غَرِيبٌ مُنْكَرٌ لا يَصِحُّ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عائِشَةَ «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: سِجِّينٌ الأرْضُ السّابِعَةُ السُّفْلى»
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ جابِرٍ نَحْوَهُ مَرْفُوعًا.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ ماجَهْ، والطَّبَرانِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مالِكٍ قالَ: لَمّا حَضَرَتْ كَعْبًا الوَفاةُ أتَتْهُ أُمُّ بِشْرٍ بِنْتُ البَراءِ فَقالَتْ: إنْ لَقِيتَ ابْنِي فَأقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ، فَقالَ: غَفَرَ اللَّهُ لَكِ يا أُمَّ بِشْرٍ نَحْنُ أشْغَلُ مِن ذَلِكَ، فَقالَتْ: أما سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إنَّ نَسَمَةَ المُؤْمِنِ تَسْرَحُ في الجَنَّةِ حِينَ شاءَتْ، وإنَّ نَسَمَةَ الكافِرِ في سِجِّينٍ ؟ قالَ: بَلى، قالَتْ: فَهو ذَلِكَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ المُبارَكِ نَحْوَهُ عَنْ سَلْمانَ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «إنَّ العَبْدَ إذا أذْنَبَ ذَنْبًا نُكِتَتْ في قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْداءُ، فَإنْ تابَ ونَزَعَ واسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ، وإنْ عادَ زادَتْ حَتّى تُغَلِّفَ قَلْبَهُ، فَذَلِكَ الرّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ سُبْحانَهُ في القُرْآنِ ﴿كَلّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾» .
{"ayahs_start":1,"ayahs":["وَیۡلࣱ لِّلۡمُطَفِّفِینَ","ٱلَّذِینَ إِذَا ٱكۡتَالُوا۟ عَلَى ٱلنَّاسِ یَسۡتَوۡفُونَ","وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ یُخۡسِرُونَ","أَلَا یَظُنُّ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَنَّهُم مَّبۡعُوثُونَ","لِیَوۡمٍ عَظِیمࣲ","یَوۡمَ یَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","كَلَّاۤ إِنَّ كِتَـٰبَ ٱلۡفُجَّارِ لَفِی سِجِّینࣲ","وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا سِجِّینࣱ","كِتَـٰبࣱ مَّرۡقُومࣱ","وَیۡلࣱ یَوۡمَىِٕذࣲ لِّلۡمُكَذِّبِینَ","ٱلَّذِینَ یُكَذِّبُونَ بِیَوۡمِ ٱلدِّینِ","وَمَا یُكَذِّبُ بِهِۦۤ إِلَّا كُلُّ مُعۡتَدٍ أَثِیمٍ","إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِ ءَایَـٰتُنَا قَالَ أَسَـٰطِیرُ ٱلۡأَوَّلِینَ","كَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ","كَلَّاۤ إِنَّهُمۡ عَن رَّبِّهِمۡ یَوۡمَىِٕذࣲ لَّمَحۡجُوبُونَ","ثُمَّ إِنَّهُمۡ لَصَالُوا۟ ٱلۡجَحِیمِ","ثُمَّ یُقَالُ هَـٰذَا ٱلَّذِی كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ"],"ayah":"أَلَا یَظُنُّ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَنَّهُم مَّبۡعُوثُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق