الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٤ - ٦ ] ﴿ألا يَظُنُّ أُولَئِكَ أنَّهم مَبْعُوثُونَ﴾ ﴿لِيَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [المطففين: ٥] ﴿يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] ثُمَّ قالَ سُبْحانَهُ مُتَوَعِّدًا لَهُمْ: ﴿ألا يَظُنُّ أُولَئِكَ أنَّهم مَبْعُوثُونَ﴾ أيْ: مِن قُبُورِهِمْ بَعْدَ مَماتِهِمْ. ﴿لِيَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [المطففين: ٥] أيْ: عَظِيمِ الهَوْلِ جَلِيلِ الخَطْبِ كَثِيرِ الفَزَعِ، مَن خَسِرَ فِيهِ أُدْخِلَ نارًا حامِيَةً. ﴿يَوْمَ يَقُومُ﴾ [المطففين: ٦] أيْ: لِأمْرِهِ وقَضائِهِ فِيهِمْ بِما يَسْتَحِقُّونَ في مَوْقِفٍ يُغْشى المُجْرِمَ فِيهِ مِنَ الهَوْلِ ما يَوَدُّ الِافْتِداءُ بِكُلِّ مُسْتَطاعٍ. وفي تَأثُّرِ الوَيْلِ لِمُطَفِّفِينَ بِما ذَكَرَ في هاتَيْنِ الآيَتَيْنِ (p-٦٠٩٤)مُبالَغاتٍ في المَنعِ عَنِ التَّطْفِيفِ وتَعْظِيمِ إثْمِهِ، ووَجْهُ ذَلِكَ -كَما لَخَّصَهُ الشِّهابُ- أنَّ في ذِكْرِ الظَّنِّ مِنَ التَّجْهِيلِ مَعَ اسْمِ الإشارَةِ الدّالِّ عَلى التَّبْعِيدِ، تَحْقِيرًا، ووَصْفُ يَوْمِ قِيامِهِمْ بِالعَظَمَةِ وإبْدالُ "يَوْمَ يَقُومُ" مِنهُ، فَإنَّهُ يَدُلُّ عَلى اسْتِعْظامِ ما اسْتَحْقَرُوهُ. والحِكْمَةُ اقْتَضَتْ أنْ لا تُهْمِلَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ مِن خَيْرٍ وشَرٍّ. وعُنْوانُ (رَبِّ العالَمِينَ) لِلْمالِكِيَّةِ والتَّرْبِيَةِ الدّالَّةِ عَلى أنَّهُ لا يَفُوتُهُ ظالِمٌ قَوِيٌّ، ولا يَتْرُكُ حَقَّ مَظْلُومٍ ضَعِيفٍ. وفي تَعْظِيمِ أمْرِ التَّطْفِيفِ إيماءً إلى العَدْلِ ومِيزانِهِ، وأنَّ مَن لا يُهْمِلُ مِثْلَ هَذا كَيْفَ يُهْمِلُ تَعْطِيلَ قانُونِ عَدْلِهِ في عِبادِهِ؟ وناهِيكَ بِأنَّهُ وصَفَهم بِصِفاتِ الكَفَرَةِ. فَتَأمَّلْ هَذا المَقامَ، فَفِيهِ ما تَتَحَيَّرُ فِيهِ الأوْهامُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب