الباحث القرآني
* اللغة:
(لِلْمُطَفِّفِينَ) التطفيف: البخس في الكيل والوزن لأن ما يبخس شيء طفيف حقير، وطفف المكيال نقصه قليلا وقال الزجّاج: «وإنما قيل للذي ينقص المكيال والميزان مطفف لأنه يكاد يسرق في المكيال والميزان إلا الشيء اليسير الطفيف» .
(اكْتالُوا) قال الفرّاء يقال اكتلت على الناس استوفيت منهم واكتلت منهم: أخذت ما عليهم فعلى بمعنى من.
(سِجِّينٍ) قال الزمخشري: «فإن قلت قد أخبر الله عن كتاب الفجار إنه في سجين وفسّر سجينا بكتاب مرقوم فكأنه قيل: إن كتابهم في كتاب مرقوم فما معناه؟ قلت: سجين كتاب جامع هو ديوان الشر دوّن الله فيه أعمال الشياطين وأعمال الكفرة والفسقة من الجن والإنس وهو كتاب مرقوم مسطور بيّن الكتابة أو معلّم يعلم من رآه أنه لا خير فيه، فالمعنى أن ما كتب من أعمال الفجّار مثبت في ذلك الديوان، وسمي سجينا فعيلا من السجن وهو الحبس والتضييق لأنه سبب الحبس والتضييق في جهنم» إلى أن يقول: «فإن قلت: فما سجين أصفة هو أم اسم؟ قلت بل هو اسم علم منقول من وصف كحاتم وهو منصرف لأنه ليس فيه إلا سبب واحد وهو التعريف» .
وعبارة أبي حيان: «وسجين قال الجمهور فعيل من السجن كسكير أو في موضع ساجن فجاء بناء مبالغة في سجين على هذا صفة لموضع محذوف قال ابن مقبل:
ورفقة يضربون البيض ضاحية ... ضربا تواصت به الأبطال سجينا»
ثم أورد ما قاله الزمخشري قال: «واختلفوا في سجين إذا كان مكانا اختلافا مضطربا حذفنا ذكره والظاهر أن سجينا هو كتاب ولذلك أبدل منه كتاب مرقوم وقال عكرمة: سجين عبارة عن الخسار والهوان كما تقول بلغ فلان الحضيض إذا صار في غاية الجمود وقال بعض اللغويين سجين نونه بدل من لام وهو من السجل فتلخص من أقوالهم أن سجينا نونه أصلية أو بدل من لام وإذا كانت أصلية فاشتقاقه من السجن» .
وأورد صاحب القاموس في مادة سجن ما نصّه: «وكسكين الدائم الشديد موضع فيه كتاب الفجّار وواد في جهنم أعاذنا الله تعالى منها أو حجر في الأرض السابعة» .
(مَرْقُومٌ) مكتوب مسطور وأصل الرقم الكتابة، ومنه قول الشاعر:
سأرقم في الماء القراح إليكم ... على بعدكم إن كان للماء راقم
* الإعراب:
(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) ويل مبتدأ وسوّغ الابتداء به كونه دعاء وللمطففين خبره، ولو نصب لجاز وقيل: «والمختار في ويل وشبهه إذا كان غير مضاف الرفع ويجوز فيه النصب فإن كان مضافا أو معرّفا كان الاختيار فيه النصب نحو ويلكم لا تغترّوا» ، (الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) الذين صفة للمطففين وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن متضمن معنى الشرط وهو متعلق بالجواب المحذوف وتقديره قبضوا منهم وجملة اكتالوا في محل جر بإضافة الظرف إليها وعلى الناس متعلقان باكتالوا وقيل متعلقان بيستوفون وإنما قدّم المفعول على الفعل لإفادة الخصوصية قال الزمخشري: «لما كان اكتيالهم اكتيالا يضرّهم ويتحامل فيه عليهم أبدل على مكان من للدلالة على ذلك ويجوز أن يتعلق بيستوفون وقدّم المفعول على الفعل لإفادة الخصوصية أي يستوفون على الناس خاصة فأما أنفسهم فيستوفون لها» وقد جعل ابن هشام «على» بمعنى «من» موافقا بذلك الزمخشري. وجملة يستوفون في موضع نصب على الحال من فاعل الجواب المحذوف أي قبضوا منهم مستوفين (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) الواو عاطفة وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن متعلق بالجواب المحذوف وتقديره استوفوا لها وجملة كالوهم في محل جر بإضافة الظرف إليها وكالوهم فعل ماض وفاعل والهاء منصوب بنزع الخافض أي كالوا لهم الطعام وأو حرف عطف ووزنوهم عطف على كالوهم موازن له في إعرابه وعبارة الزمخشري «والضمير في كالوهم أو وزنوهم ضمير منصوب راجع إلى الناس وفيه وجهان: أن يراد كالوا لهم أو وزنوا لهم فحذف الجار وأوصل الفعل كما قال:
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا ... ولقد نهيتك عن نبات الأوبر
فجنى لا يتعدى إلا لواحد وللثاني باللام فالأصل جنيت لك فحذف الجار وأوصل الضمير أو ضمنه معنى انجتك فعدّاه لهما، والأكمؤ جمع كمء كأفلس وهو واحد الكمأة وهي لنوع كبير من نبات يسمى شحمة الأرض سمي كمأة لاشتهاره بها والعساقل جمع عسقول كعصفور وكان حقه عساقيل فحذفت الياء للوزن وقيل أنه جمع عسقل وهو نوع صغير منها جيد أبيض ونبات أوبر نوع رديء منها أسود مزغب كأن عليه وبرا وقيل هو جنس يشبه القلقاس أو اللفت ونبات أوبر جمع ابن أوبر لأنه علم لما لا يعقل وأل فيه زائدة وقال المبرد: هو اسم جنس، والبيت هو من باب التمثيل لحال من اغري على الطيب فعدل إلى الخبيث ثم رجع يتندم على عاقبته. ونعود إلى ما نحن بصدده فنقول ومن أمثلة المنصوب بنزع الخافض قولهم الحريص يصيدك لا الجواد والأصل يصيد لك وما قيل من أن هم ضمير رفع مؤكد للواو في كالوهم خطأ. وأو حرف عطف ووزنوهم معطوف على كالوهم ويقال في إعرابه ما قيل في كلوهم أي وزنوا لهم، وعبارة أبي حيان: «وكال ووزن مما يتعدى بحرف الجر فتقول كلت لك ووزنت لك ويجوز حذف اللام كقولك نصحت لك ونصحتك وشكرت لك وشكرتك والضمير ضمير نصب أي كالوا لهم ووزنوا لهم فحذف حرف الجر ووصل الفعل بنفسه والمفعول محذوف وهو المكيل والموزون» وجملة يخسرون حال من الجواب المحذوف (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) الهمزة للاستفهام الإنكاري ولا نافية ويظن فعل مضارع مرفوع والظن هنا بمعنى اليقين أي ألا يوقن أولئك ولو أيقنوا ما نقصوا في الكيل والوزن، وأولئك فاعل والإشارة للمطففين وأن وما في حيّزها سدّت مسدّ مفعولي يظن وأن واسمها ومبعوثون خبرها وليوم متعلقان بمبعوثون أو هو في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف وإنما بني على الفتح لإضافته إلى الفعل وعظيم نعت ويوم بدل من ليوم تابع له على المحل ومحله النصب بمبعوثون المذكور أو بمقدّر مثله لأن البدل على نية تكرير العامل وجملة يقوم الناس في محل جر بإضافة الظرف إليها ولرب العالمين متعلقان بيقوم، وعن ابن عمران قرأ هذه السورة فلما بلغ قوله يوم يقوم الناس لرب العالمين بكى نحيبا وامتنع من قراءة ما بعده، وعن عبد الملك بن مروان أن أعرابيا قال له: قد سمعت ما قال الله في المطففين أراد بذلك أن المطفف قد توجه عليه الوعيد العظيم الذي سمعت به فما ظنك بنفسك وأنت تأخذ أموال المسلمين بلا كيل ولا وزن (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ) كلا ردع وزجر لهم عن التطفيف والغفلة عن الحساب والبعث وإن واسمها واللام المزحلقة وفي سجين خبر إن وما اسم استفهام مبتدأ وجملة أدراك خبر وما اسم استفهام مبتدأ وسجين خبر والجملة الاسمية المعلقة بالاستفهام سدّت مسدّ مفعول أدراك الثاني وكتاب بدل من سجين أو خبر لمبتدأ محذوف أي هو كتاب مرقوم ومرقوم صفة كتاب، وإذا اعتبر سجين اسم موضع فالأرجح الخبرية أو تقدير مضاف من سجين ليندفع الاعتراض بأن سجينا اسم موضع فكيف يفسّر بكتاب مرقوم (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) ويل مبتدأ كما تقدم ويومئذ ظرف أضيف إلى مثله متعلق بويل وللمكذبين خبر والذين نعت للمكذبين وجملة يكذبون لا محل لها لأنها صلة الذين وبيوم الدين متعلقان بيكذبون (وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) الواو عاطفة أو حالية وما نافية ويكذب فعل مضارع مرفوع وبه متعلق بيكذب وإلا أداة حصر وكل معتد أثيم فاعل يكذب (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) إذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط متعلق بجوابه وهو قال وجملة تتلى في محل جر بإضافة الظرف إليها وعليه متعلقان بتتلى وآياتنا نائب فاعل تتلى وجملة قال لا محل لها لأنها جواب إذا وأساطير الأولين خبر لمبتدأ محذوف أي هي. وتقدم أن الأساطير جمع أسطورة أو أساطرة بالكسر وهي الحكاية التي سطرت قديما.
* البلاغة:
في قوله «الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون» مقابلة أتت على أحسن وجه وأنظمه أي إذا كان الكيل من جهة غيرهم استوفوه وإذا كان الكيل من جهتهم خاصة أخسروه سواء باشروه أو لا، فالضمير لا يدل على مباشرة ولا إشعار أيضا بذلك والذي يدلك على أن الضمير لا يعطي مباشرة الفعل إن لك أن تقول: الأمراء هم الذين يقيمون الحدود لا السوقة لست تعني أنهم يباشرون ذلك بأنفسهم وإنما معناه أن فعل ذلك من جهتهم خاصة، قيل كان أهل المدينة تجّارا يطففون وكانت بياعاتهم المنابزة والملامسة والمخاطرة فنزلت فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقرأها عليهم وقال: خمس بخمس قيل: يا رسول الله: وما خمس بخمس؟ قال: ما نقض قوم العهد إلا سلّط الله عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر. وقيل نزلت في رجل يعرف بأبي جهينة ومعه صاعان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر، أي يأخذ بواحد ويعطي بآخر.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["وَیۡلࣱ لِّلۡمُطَفِّفِینَ","ٱلَّذِینَ إِذَا ٱكۡتَالُوا۟ عَلَى ٱلنَّاسِ یَسۡتَوۡفُونَ","وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ یُخۡسِرُونَ","أَلَا یَظُنُّ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَنَّهُم مَّبۡعُوثُونَ","لِیَوۡمٍ عَظِیمࣲ","یَوۡمَ یَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","كَلَّاۤ إِنَّ كِتَـٰبَ ٱلۡفُجَّارِ لَفِی سِجِّینࣲ","وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا سِجِّینࣱ","كِتَـٰبࣱ مَّرۡقُومࣱ","وَیۡلࣱ یَوۡمَىِٕذࣲ لِّلۡمُكَذِّبِینَ","ٱلَّذِینَ یُكَذِّبُونَ بِیَوۡمِ ٱلدِّینِ","وَمَا یُكَذِّبُ بِهِۦۤ إِلَّا كُلُّ مُعۡتَدٍ أَثِیمٍ","إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِ ءَایَـٰتُنَا قَالَ أَسَـٰطِیرُ ٱلۡأَوَّلِینَ"],"ayah":"أَلَا یَظُنُّ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَنَّهُم مَّبۡعُوثُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق