الباحث القرآني

ثم قال تعالى: ﴿أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [المطففين ٤، ٥] يعني: ألَا يتيقَّن هؤلاء ويعلموا عِلْم اليقين. لأنَّ الظنَّ هنا بمعنى اليقين، والظنُّ بمعنى اليقين يأتي كثيرًا في القرآن؛ مثل قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة ٤٦]، فقال: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ وهم يتيقَّنون أنهم ملاقو الله، لكن الظن يُستعمل بمعنى اليقين كثيرًا في اللغة العربية. وهنا يقول عز وجل: ﴿أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ﴾ ألَا يتيقَّن هؤلاء أنهم مبعوثون؛ أي: مُخرَجون من قبورهم لله رب العالمين. ﴿لِيَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ هذا اليوم عظيمٌ، ولا شك أنَّه عظيمٌ؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ [الحج ١]؛ عظيمٌ في طوله، في أهواله، فيما يحدث فيه، في كلِّ معنًى تحمله كلمة ﴿عَظِيمٌ﴾. لكن هذا العظيم هو على قومٍ عسيرٌ، وعلى قومٍ يسيرٌ؛ قال تعالى: ﴿عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾ [المدثر ١٠]، وقال تعالى: ﴿يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾ [القمر ٨]، لكنَّه بالنسبة للمؤمنين -جعلني الله وإيَّاكم منهم- يسيرٌ كأنما يؤدِّي به صلاةَ فريضةٍ من سهولته عليه ويُسره عليه، لا سيَّما إذا كان مِمَّن استحقَّ هذه الوقاية العظيمة وكان من الذين يُظِلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه، المهم أن هذا يومٌ عظيمٌ لكنه بالنسبة للناس يكون يسيرًا ويكون عسيرًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب