الباحث القرآني

المَرَضُ: كُلُّ ما يَخْرُجُ بِهِ الإنْسانُ عَنْ حَدِّ الصِّحَّةِ مِن (p-٣١)عِلَّةٍ أوْ إنْفاقٍ أوْ تَقْصِيرٍ في أمْرٍ، قالَهُ ابْنُ فارِسٍ، وقِيلَ: هو الألَمُ، فَيَكُونُ عَلى هَذا مُسْتَعارًا لِلْفَسادِ الَّذِي في عَقائِدِهِمْ إمّا شَكًّا ونِفاقًا، أوْ جَحْدًا وتَكْذِيبًا، وتَقْدِيمُ الخَبَرِ لِلْإشْعارِ بِأنَّ المَرَضَ مُخْتَصٌّ بِها بِمُبالَغَةٍ في تَعَلُّقِ هَذا الدّاءِ بِتِلْكَ القُلُوبِ لِما كانُوا عَلَيْهِ مِن شِدَّةِ الحَسَدِ وفَرْطِ العَداوَةِ. والمُرادُ بِقَوْلِهِ: فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا الإخْبارُ بِأنَّهم كَذَلِكَ بِما يَتَجَدَّدُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ مِنَ النِّعَمِ، ويَتَكَرَّرُ لَهُ مِن مِنَنِ اللَّهِ الدُّنْيَوِيَّةِ والدِّينِيَّةِ. ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ دُعاءً عَلَيْهِمْ بِزِيادَةِ الشَّكِّ وتَرادُفِ الحَسْرَةِ وفَرْطِ النِّفاقِ. والألِيمُ المُؤْلِمُ: أيِ المُوجِعِ، و( ما ) في قَوْلِهِ: ﴿بِما كانُوا يَكْذِبُونَ﴾ مَصْدَرِيَّةٌ: أيْ بِتَكْذِيبِهِمْ وهو قَوْلُهم: ﴿آمَنّا بِاللَّهِ وبِاليَوْمِ الآخِرِ وما هم بِمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٨] والقُرّاءُ مُجْمِعُونَ عَلى فَتْحِ الرّاءِ مِن قَوْلِهِ: ( مَرَضٌ )، إلّا ما رَواهُ الأصْمَعِيُّ عَنْ أبِي عَمْرٍو أنَّهُ قَرَأ بِإسْكانِ الرّاءِ، وقَرَأ حَمْزَةُ وعاصِمٌ والكِسائِيُّ يَكْذِبُونَ بِالتَّخْفِيفِ، والباقُونَ بِالتَّشْدِيدِ. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ تَعالى: في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قالَ: شَكٌّ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا قالَ: شَكًّا. وأخْرَجَ عَنْهُ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ في قَوْلِهِ: في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قالَ: النِّفاقُ، ولَهم عَذابٌ ألِيمٌ قالَ: نَكالٌ مُوجِعٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ قالَ: يُبَدِّلُونَ ويُحَرِّفُونَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَ ما قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ أوَّلًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كُلُّ شَيْءٍ في القُرْآنِ ألِيمٌ فَهو المُوجِعُ. وأخْرَجَ أيْضًا عَنْ أبِي العالِيَةِ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحّاكِ مِثْلَهُ أيْضًا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ أيْ رِيبَةٌ وشَكٌّ في أمْرِ اللَّهِ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا رِيبَةً وشَكًّا ﴿ولَهم عَذابٌ ألِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ﴾ قالَ: إيّاكم والكَذِبَ فَإنَّهُ بابُ النِّفاقِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قالَ: هَذا مَرَضٌ في الدِّينِ ولَيْسَ مَرَضًا في الأجْسادِ وهُمُ المُنافِقُونَ. والمَرَضُ: الشَّكُّ الَّذِي دَخَلَ في الإسْلامِ. ورُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ وطاوُسٍ أنَّ المَرَضَ: الرِّياءُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب