الباحث القرآني

قوله تعالى ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾: قال أبو بكر بن الأنباري [[انظر: "الزاهر" 1/ 585، وانظر: "تفسير القرطبي" 1/ 171، "تفسير النسفي" 1/ 18، "البحر اليحيط" 1/ 53. قال ابن فارس: (الميم والراء والضاد) أصل صحيح يدل على ما يخرج به الإنسان عن حد الصحة في أي شيء كان، ..) ، "مقاييس اللغة" (مرض) 5/ 311، "تهذيب اللغة" (مرض) 4/ 3378.]]: أصل المرض في اللغة: الفساد، ومرض فلان، فسد جسمه، وتغيرت حالته، وكذلك مرضت الأرض معناه [[(معناه) مكرر في (ب).]] تغيرت وفسدت [[في "التهذيب" (أرض مريضة، إذا ضاقت بأهلها، وأرض مريضة: إذا كثر بها الهرج والفتن والقتل "تهذيب اللغة" مرض) 12/ 35.]]. قالت ليلى الأخيلية [[هي ليلى بنت الأخيل من عقيل بن كعب، أشعر النساء، لا يقدم عليها غير الخنساء، رثت عثمان -رضي الله عنه- ودخلت على عبد الملك بن مروان وقد أسنت. انظر ترجمتها في: "الشعر والشعراء" ص 291، "الأعلام" 5/ 249.]]: إذا هبط الحَجَّاج أرضًا مريضةً ... تتبَّع أقصى [[في (ب): (دهاء).]] دائها فشفاها [[ورد البيت في "الزاهر" 1/ 560، 586، "أساس البلاغة" (مرض) 2/ 379، "جواهر البلاغة" للهاشمي ص 315.]] أرادت: أرضا فاسدة. وقال آخر: ألم تر أن الأرض أضحت مريضة ... لفقد الحسين والبلاد اقشعرت [[البيت من قصيدة لسليمان بن قَنَّة يرثي الحسين بن علي -رضي الله عنه- وردت في "الاستيعاب" 1/ 444، "سير أعلام النبلاء" 3/ 319، "والبداية والنهاية" 8/ 211، والقصيدة في حماسة أبي تمام بشرح المرزوقي، دون البيت المستشهد به هنا 2/ 961.]] وقال غيره: أصل المرض الضعف، يقال [[في (ب): (فقال يقال).]]: مرَّض الرجل في الأمر إذا ضعف فيه، ولم يبالغ، و [عين] [[في (أ)، (ج): (غير) وفي (ب) (عن) والصواب (عين) قال الثعلبي: (المرض في العين: فتورالنظر) "تفسير الثعلبي" 1/ 50 أ، وانظر "الصحاح" (مرض) 3/ 1106 "البحر المحيط" 1/ 53.]] مريضة النظر أي [[(أي) ساقطة من (ب).]]: فاترة ضعيفة، وريح مريضة إذا ضعف هبوبها، وعلى هذا تفسير [[في (ب): (يفسر).]] قول المحدث: رَاحَتْ لأربعك الرياح مريضة [[لم أعثر عليه ولم أعرف قائله فيما اطلعت عليه والله أعلم.]] أي: لينة ضعيفة حتى لا تعفوها. ثعلب عن ابن الأعرابي [[في "التهذيب" ثعلب عن ابن الأعرابي .. ثم ذكره، "تهذيب اللغة" (مرض) 4/ 3378.]]: أصل المرض: النقصان. بدن مريض: ناقص القوة. و [[(الواو) ساقطة من (ب).]] قلب مريض: ناقص الدين، ومَرَّض [[في "التهذيب": (مرض فلان في حاجتى) 4/ 3378.]] في حاجتي إذا نقصت حركته فيها. وقال الأزهري: أخبرني المنذري، عن بعض أصحابه قال: المرض إظلام الطبيعة واضطرابها بعد صفائها، قال: والمرض: الظلمة، وأنشد [[في "التهذيب": (وأنشد أبو العباس)، 4/ 3378، وذكره ابن الأنباري في "الزاهر" قال: أنشدنا أبو العباس 1/ 585.]]: ولَيْلَةٍ مَرِضَتْ مِنْ كُلِّ ناحيةٍ ... فما يُضيءُ لها شَمْسٌ ولا قَمَرُ [[البيت لأبي حية النميري ولفظه في "التهذيب" (فلا يضيء) 4/ 3778، وذكره ابن الأنباري في "الزاهر" 1/ 585 والكرماني في "لباب التفسير" 1/ 126 (رسالة دكتوراه)، وورد في "اللسان" (مرض) 7/ 4180، "البحر المحيط" 1/ 35، "الدر المصون" 1/ 129.]] هذا [[(هذا) ساقط من (ب).]] هو الكلام في أصل المرض ومعناه في اللغة، ثم الشك والجهل [[في (ب): (والجهل هذا والحيرة) وفي ج (والحيرة والجهل).]] والحيرة في القلب كلها تعود إلى هذه الأصول. قال ابن عباس في قلوبهم مرض: أي شك ونفاق [[أخرج ابن جرير بسنده عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (في قلوبهم مرض) أي شك وأخرج بسنده عن الضحاك عن ابن عباس قال: المرض: النفاق، "تفسير الطبري" 1/ 280، وأخرجهما ابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 43، وانظر "تفسير ابن كثير" 1/ 52، "الدر" 1/ 67 - 68.]]، وهو قول ابن مسعود والحسن وقتادة [[انظر أقوالهم والآثار عنهم في: "تفسير الطبري" 1/ 122، "تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 43 - 44، "تفسير ابن كثير" 1/ 52، "الدر" 1/ 67 - 68.]] وجميع أهل التأويل. وقال ابن جرير [["تفسير الطبري" 1/ 122، نقل الواحدي كلامه بتصرف.]]: معناه في اعتقاداتهم مرض، أي: شك وشبه، فاستغنى بذكر القلوب عن ذكر الاعتقادات؛ لأن محلها القلوب كقولهم: (يا خيل الله اركبي) [[قوله: (كقولهم: يا خيل الله اركبي) ذكره ابن الأنباري في "الزاهر"، قال ومعناه. فرسان خيل الله اركبوا وابشروا بالجنة. "الزاهر" 2/ 100، ومنه الحديث (يا خيل الله اركبي) ذكره ابن الأثير في "النهاية" 2/ 94، وذكره السيوطي في "الدرر المنتثرة"، وعزاه للعسكري في "الأمثال"، "الدرر المنتثرة" ص 144 (463)، وذكره العجلوني في "كشف الخفاء" وعزاه لأبي الشيخ في "الناسخ والمنسوخ"، وللعسكري ولابن عائذ في "المغازي" وغيرهم. انظر "كشف الخفاء" 2/ 379، 380، وقد رجعت إلى "جمهرة الأمثال" للعسكري ولم أجده، وترجم أبو داود في "سننه" (باب في النداء عند النفير: يا خيل الله اركبي) كتاب (الجهاد) وساق حديث سمرة بن جندب: أما بعد: فإن النبي -ﷺ- سمى خيلنا خيل الله (2560)، "سنن أبي داوود" 3/ 55 معه "معالم السنن".]]. وليس الأمر على ما قال؛ لأن الشك في القلب على الحقيقة، فأي فائدة لتقدير الاعتقاد ههنا؛ ولأن الشك ينافي الاعتقاد، وهم ليسوا معتقدين [[في (ب): (بمعتقدين).]] إذا كانوا شاكّين [[وفيما قاله الواحدي وجاهة وقوة.]]. وقوله تعالى: ﴿فَزَادَهُمُ اَللَّهُ مَرَضًا﴾. يقال: زاد يزيد زيادة وزيدا [["الحجة" لأبي علي 1/ 322.]]، أنشد أبو زيد: كذلك زَيْدُ المَرْءِ بعدَ انتِقَاصِه [[أنشده أبو زيد مع ثلاثة أبيات قبله ونسبها لحسان السعدي ورواية أبي زيد له مع عجزه: كذلك زيد المرء ثم انتقاصه ... وتكراره في إثره بعد ما مضى "النوادر" ص 358 وأنشد الأبيات المرتضى في "أماليه" ونسبها لبعض شعراء طيى والشطر الأخير عنده: (يعود إلى مثل الذي كان قد بدا) 1/ 416. وهو في "الحجة" وفيه (ثم) بدل (بعد) وفي الحاشية في ط (بعد) مكان (ثم) 1/ 322، ويظهر أن نسخة (ط) هي التي اعتمد المؤلف عليها.]] وقال ذو الإصبع [[هو حرثان بن محرث ذو الإصبع العدواني شاعر جاهلي معمر عاش ثلاثمائة سنة انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص 473، "الخزانة" 5/ 284.]]: وأنتمُ معشرٌ زَيْدٌ على مائة ... فأجمِعُوا أمركم طُرًّا فكيدوني [[البيت ضمن قصيدة لذى الإصبع العدواني في "المفضليات" ص 161، وفيه بدل (طرا)، (كلا) ووردت في ص 163، وفيه (شتى)، وهي في "الأمالي" لأبي علي القالي1/ 256، وفي "شرح المفصل" لابن يعيش 1/ 30.]] كأنه [[في (ب): (كان).]] قال: معشر زيادة على مائة [[في (ب): (على مائة فأجمعوا).]]. وهو [[أي: (زاد).]] فعل يتعدى إلى مفعولين كما قال: ﴿وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ [[في (ب): (تعدى) تصحيف والآية من سورة الكهف: 13.]] [الكهف: 13] وقال: ﴿زِدْنَاهُمْ عَذَابًا﴾ [[الكلام نقله عن "الحجة" لأبي علي1/ 322.]] [النحل: 88]. وكان حمزة يميل (زاد) في جميع القرآن [[قال ابن مجاهد: (قرأ حمزة [وحده] ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ﴾ بكسر الزاي [المراد الإمالة] وكذلك (شاء) و (جاء) و (خاب) و (طاب) و (ضاق) و (خاف) و (حاق) ... ثم قال. وكان ابن عامر يكسر من ذلك كله ثلاثة أحرف: (فزادهم) و (شاء) و (جاء)، "السبعة" لابن مجاهد ص 141، 142، وذكر نحوه مكي، وقال: ووافقه ابن ذكوان في (جاء) و (شاء) حيث وقعا وعلى إمالة (زاد) في أول سورة البقرة خاصة. "الكشف" 1/ 174، وانظر: "الحجة" لأبي علي 1/ 320.]] كأنه أراد أن يدل بالإمالة على أن العين [[في (ب): (المعين).]] (ياء) [ليحافظ] [[في جميع النسخ (لتحافظ) بالتاء، وكتبتها بالياء حسب ما ورد في "الحجة" والكلام منقول منه وهو الصحيح، انظر "الحجة"1/ 326، 327.]] على الحرف الذي هو أصل، كما أنهم قالوا في جمع أبيض وأعين: بيض وعين، فأبدلوا [[في (أ)، جـ، (فأبدوا) وأثبت ما في (ب).]] من الضمة كسرة، لأن جمع (أَفْعَل) [[في (ب): (أفضل).]] (فُعْل) لتصح [[في (ب): (النصح).]] (الياء) ولا تنقلب إلى (الواو) [[جمع (أبيض) على القياس (بوض) فأبدلوا ضمة (الباء) كسرة حتى لا تقلب الياء واوا.]] فكما حوفظ على تصحيح [[في (ب): (الصحيح).]] (الياء) في هذه الحروف كذلك حوفظ على (الياء) في (زاد) بإمالة الألف نحوها [[نحو (الياء).]] يدلك على ذلك: أن الذين أمالوا نحو: (زاد) [[أي ما كان أصل العين فيه ياء.]] و (زاغ) و (خاب) و (طاب) [[في "الحجة": (زاد وباع وناب وعاب) 1/ 327.]] لم يميلوا نحو (عاذ، وعاد) ولا (بابا) ولا (مالا) ولا ما أشبه ذلك مما العين منه (واو) حيث لم تكن في الكلمة [[(في الكلمة) ساقط من (ب).]] (ياء) ولا (كسرة) فتنحى الألف بالإمالة نحوهما. ومما يقوي الإمالة في (زاد) ونحوه: أنه اجتمع فيه أمران كل واحد يوجب الإمالة: أحدهما: ما ذكرنا [[وهو أن تمال الألف ليعلم أنها من الياء،. "الحجة" 1/ 328.]] والثاني: لحَاقُ الكسرة أول فَعَلْتَ [[كذا ورد في "الحجة" 1/ 328 والمراد أن الحرف الأول من فعل زاد يكون مكسورا إذ أسند هذا الفعل إلى تاء المتكلم أو المخاطب أو المخاطبة فتقول: زدتُ، زِدتَ، زِدتِ انظر "الكشف" 1/ 174.]]، وكل واحدة من هاتين الحالتين توجب الإمالة بانفرادها [[الكلام بتصرف يسير من "الحجة" 1/ 327، 328.]]. ومعنى قوله. ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ أى: شكًّا على شكٍّ وفسادَا على فساد [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 122 - 123، و"تفسير البغوي" 1/ 66، "تفسير ابن كثير" 1/ 52.]]. وهذا يدل على أن كفرهم كان مخلوقًا لله تعالى [[المعنى صحيح فإن الله خالق كل شيء من الطاعات والكفر لكن السلف لم يستعملوا هذا اللفظ تأدبا مع الله تعالى انظر التعليق السابق عند تفسير قوله تعالى: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلىَ قُلوُبِهِم﴾ [البقرة: 7].]]؛ لأنه لو لم يخلق مرض [[في (ب): (سمرص).]] قلوبهم ما زادهم المرض ثانياً، وهو كقوله: ﴿وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ﴾ [هود: 52]. قال أبو إسحاق [[هو الزجاج.]]: المرض [[(المرض) ساقط من (ب).]] في القلب يصلح لكل ما خرج به الإنسان عن الصحة في الدين [[في (ب): (على).]]. وقوله تعالى ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ [[كلام الزجاج: (وقوله: ﴿فَزَادهمُ الله مَرَضًا﴾ فيه جوابان قال بعضهم زادهم الله بكفرهم كما قال عز وجل: ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ﴾ [النساء: 155] وقال بعض أهل اللغة: فزادهم الله بما أنزل عليهم من القرآن ...)، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 51.]] أي بما أنزل من القرآن، فشكّوا فيه كما شكّوا في الذي قبله كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ﴾ الآية [التوبة: 124]. وقوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ﴾. أصل العذاب في كلام العرب: من العذب، وهو المنع؛ يقال: عَذَبتَه عَذْبًا أي منعتَه مَنْعَا، فعَذَبَ عُذوبًا أي امتنع [[انظر. "تهذيب اللغة" (عذب) 3/ 2365، "تفسير الدر المصون" 1/ 178 "تفسير البيضاوي" 1/ 10.]]، ومنه يقال للفرس إذا قام في المِعْلف ولم يتناول العلف وامتنع عنه: عَذُوبٌ وعَاذِبٌ، ومنه الماء العَذْب؛ لأنه يمنع العطش [[انظر: "تهذيب اللغة" (عذب) 3/ 2364، "الصحاح" (عذب) 1/ 178، "تفسير الثعلبي" 1/ 48 ب، "الكشاف" 1/ 164.]]. فسمي العذاب عذابًا؛ لأنه يَعْذُبُ المعاقب عن معاودة ما عوقب عليه، ويعذب غيره [[في (ب): (في).]] من أرتكاب مثله [[انظر: "مقاييس اللغة" (عذب) 4/ 260، "تفسير الثعلبي" 1/ 48 ب، "الكشاف" 1/ 165، "تفسير البيضاوي" 1/ 10، "تفسير القرطبي" 1/ 172.]]. وقوله تعالى: ﴿أَلِيمٌ﴾ الأليم بمعنى المؤلم [[انظر. "تفسير الطبري" 1/ 123، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 51، "تفسير أبي الليث" 1/ 95.]] كالسميع: بمعنى المسمع [[في (أ)، (ج) (السمع) وأثبت ما في (ب).]]، وقال ذو الرمة [[هو غيلان بن عقبة من بني صعب بن مالك بن عدي بن عبد مناة، و (الرُّمَّة) بضم الراء وتشديد الميم: قطعة من الحبل الخلق، قيل إن مية لقبته بذلك، شاعر إسلامي عاصر جرير والفرزدق. انظر ترجمته في: "الشعر والشعراء" ص 350، "وفيات الأعيان" 4/ 11، "الخزانة" 1/ 106.]]: وترفع [[كذا في (أ)، (ج) وفي (ب) محتملة ونحوه في "تفسير الطبري" وما عداه من المصادر فيها: (نرفع).]] من صدور شَمَرْدَلاتٍ ... يصُكُّ وجوهَها وَهَجٌ [[في (ب) (هجم).]] أليمُ [[قوله: الشمردلات الإبل الحسان الجميلة الخلق، يصك: يضرب، وهج أليم: شدة الحرارة، البيت في "ديوانه" 2/ 677، "مجاز القرآن" 1/ 32 و"تفسير الطبري" 1/ 123، وفيه (يصد) بدل (يصك)، "تفسير القرطبي" 1/ 198، و"الدر المصون" 1/ 130.]] وقال عمرو [[هو عمرو بن معد يكرب، وفد على النبي ﷺ سنة تسع أو عشر، فأسلم، فارس مشهور، له وقائع في الجاهلية والإسلام، انظر ترجمته في: "الشعر والشعراء" ص 235، "الإصابة" 3/ 18، "الخزانة" 2/ 444.]]: أَمِنْ ريحانة الدَّاعي السَّميع [[تمامه: يؤرقني وأصحابي هجوع وريحانة: أخت عمرو، وكان الصمة أبو دريد قد غزا بني زبيد وسباها، وغزاهم عمرو مرارًا ولم يقدر عليها، وقيل: ريحانة امرأة أراد أن يتزوجها فهو يشبب بها. البيت في "الشعر والشعراء" ص 235، و"تفسير الطبري" 1/ 123، "معاني القرآن" للزجاج1/ 51، و"تفسير الثعلبي" 1/ 50 أ، و"تفسير ابن عطية" 1/ 165، "الأصمعيات" ص 172، "البحر المحيط" 1/ 59.]] أي: المسمع. ومعنى العذاب الأليم [[في (ب): (هو العذاب الذي ...).]]: الذي يخلص وجعه إلى قلوبهم. "قوله تعالى: ﴿بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾. (ما) في تأويل المصدر [[هذا على قول من يجعل لـ (كان) مصدرًا ومن لا يجيز ذلك يجعل ما بمعنى الذي وسيأتي للمسألة مزيد إيضاح عند قوله ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾ [البقرة:28]، وقد ذكر المذهبين الطبري في "تفسيره" 1/ 123، وأبو حيان في "البحر" 1/ 60 والسمين الحلبي في "الدر المصون" 1/ 130.]] كأنه قيل: بكونهم مكذبين وبتكذيبهم. وسنذكر القول في ذلك عند قوله: ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾ [البقرة:28]، إن شاء الله. وحقيقة الكذب: الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو به، وقد يستعار لفظ الكذب فيما ليس بكذب في الحقيقة [[قال أبو حيان: والكذب له محامل في لسان العرب، أحدها: الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه. والثاني: الإخبار بالذي يشبه الكذب ولا يقصد به إلا الحق. والثالث: الخطأ. الرابع: البطول. الخامس: الإغراء بلزوم المخاطب الشيء المذكور. "البحر المحيط" 1/ 60، وانظر: "الكشاف" 1/ 178، "الدر المصون" 1/ 132.]]، كقول الأخطل [[هو غياث بن غوث بن الصلت بن طارقة التغلبي، الشاعر المشهور كان نصرانيًّا == ومات على ذلك، مدح بني أمية وكان مقدما عندهم. انظر ترجمته في: "الشعر والشعراء" ص 319، "الخزانة" 1/ 459.]]: كَذَبتكَ عينُك أَمْ رَأَيتَ بواسطٍ [[البيت مطلع قصيدة للأخطل يهجو بها جريرا وقوله (كذبتك عينك): أي خيل إليك، وواسط: مكان بين البصرة والكوفة. البيت من شواهد سيبويه 3/ 174. وورد في "المقتضب" 3/ 295، "تهذيب اللغة" (الكذب) 4/ 3114، "مغنى اللبيب" 1/ 45.]] كأنها لما أوهمته خلاف الحقيقة كانت بمنزلة ما كذبته [[انظر: "تهذيب اللغة" (كذب) 4/ 3114.]]. وقرأ أهل الكوفة [[عاصم وحمزة والكسائي انظر "السبعة" لابن مجاهد ص 143، "الحجة" لأبي علي 1/ 329، "الكشف" لمكي1/ 227، و"تفسير الطبري" 1/ 121 - 123.]] ﴿يَكْذِبُونَ﴾ بالتخفيف من الكذب، وهو أشبه بما قبله وبما بعده؛ لأن قبله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ [البقرة: 8] وهذا كذب منهم، وبعده قوله: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ﴾ [البقرة: 14] وهذا يدل على كذبهم في دعوى الإيمان. وأيضا فإن قوله تعالى ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ لا يخلو إما أن يراد به المنافقون، أو المشركون، أو الفريقان جميعاً. فإن أراد المنافقين فقد [[في (أ)، (ج): (وقد) وأثبت ما في (ب) ومثله في "الحجة" 1/ 338.]] قال فيهم: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)﴾ [المنافقون: 1]. وإن كانوا المشركين فقد قال: ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ﴾ [المؤمنون: 90 - 91]. وإن كانوا الفريقين فقد أخبر عنهم جميعا بالكذب الذي يلزم [[في (ب): (يلتزم).]] أن يكون فعله (يكذبون) بالتخفيف. ومن شدد [[وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر "السبعة" لابن مجاهد ص 43.]] فلكثرة ما في القرآن مما يدل على التثقيل [[في (أ)، (ج): (الثقيل) وأثبت ما في (ب) ومثله في "الحجة" 1/ 338.]] كقوله: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ﴾ [الأنعام: 34] وقوله: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ﴾ [يونس: 39]، ﴿وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي﴾ [يونس: 41] ونحوها من الآيات [[أخذه عن "الحجة" لأبي علي، بتصرف 1/ 337. وانظر "الكشف" لمكي 1/ 228، وقد رجح مكي قراءة (التشديد) ورجح الطبري قراءة (التخفيف) 1/ 123.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب