الباحث القرآني

(مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ) قال مجاهد: إن بعض المهاجرين وقعوا في قطع النخل، فنهاهم بعضهم وقالوا إنما هي مغانم المسلمين، وقال الذين قطعوا بل هو غيظ للعدو فنزل القرآن بتصديق من نهى عن قطع النخل وتحليل من قطعه من الإثم فقال (ما قطعتم من لينة) قال قتادة والضحاك: إنهم قطعوا من نخيلهم وأحرقوا ست نخلات، وقال محمد بن إسحق إنهم أحرقوا نخلة وقطعوا نخلة فقال بنو النضير وهم أهل الكتاب يا محمد ألست تزعم أنك نبي تريد الصلاح؟ أفمن الصلاح قطع النخل وحرق الشجر؟ وهل وجدت فيما أنزل عليك إباحة الفساد في الأرض؟ فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجد المسلمون في أنفسهم فنزلت الآية ومعنى الآية أي شيء قطعتم من ذلك أو تركتم فبإذن الله، والضمير في تركتموها عائد إلى (ما) لتفسيرها باللينة وكذا في قوله (قائمة على أصولها) ومعنى على أصولها أنها باقية على ما هي عليه. واختلف المفسرون في تفسير اللينة فقال الزهري ومالك وسعيد بن جبير وعكرمة والخليل: إنها النخل كله، إلا العجوة، وقال مجاهد: إنها النخل كله ولم يستثن عجوة ولا غيرها، وقال الثوري: هي كرام العجل وقال أبو عبيدة: إنها جميع ألوان التمر سوى العجوة والبرني وقال جعفر بن محمد: إنها العجوة خاصة، وقيل: هي ضرب من النخل يقال لثمره: اللون، تمره أجود التمر، وقال الأصمعي: هي الدقل وأصل اللينة لونه فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، وجمع اللينة لين، وقيل: ليان، وقرأ ابن مسعود: ولا تركتم قوماً على أصولها، أي قائمة على سوقها، وقرىء على أصلها، وقائماً على أصوله، وفي البخاري ومسلم وغيرهما: " عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حرق نخل بني النضير، وقطع وهي البويرة "، ولها يقول حسان رضي الله تعالى عنه: وهان على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير فأنزل الله ما قطعتم الآية، وأخرج الترمذي وحسنه والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه: " عن ابن عباس في الآية قال: اللينة النخلة، قال: استنزلوهم من حصونهم، وأمروا بقطع النخل فحك في صدورهم، فقال المسلمون: قد قطعنا بعضاً وتركنا بعضاً، فلنسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل لنا فيما قطعنا من أجر؟ وهل علينا فيما تركنا من وزر؟ فأنزل الله (ما قطعتم من لينة) الآية "، وفي الباب أحاديث، والكلام في صلح بني النضير مبسوط في كتب السير. (وليخزي الفاسقين) أي ليذل الخارجين عن الطاعة، وهم اليهود، ويغيظهم، في قطعها وتركها لأنهم إذا رأوا المؤمنين يتحكمون في أموالهم كيف شاؤوا، من القطع والترك ازدادوا غيظاً، قال الزجاج: وليخزي الفاسقين بأن يريهم أموالهم يتحكم فيها المؤمنون كيف أحبوا من قطع وترك، والتقدير وليخزي الفاسقين، أذن في ذلك، يدل على المحذوف قوله: (فبإذن الله)، وقد استدل بهذه الآية على أن حصون الكفار وديارهم لا بأس أن تهدم وتحرق وترمى بالمجانيق، وكذلك قطع أشجارهم ونحوها، وعلى جواز الاجتهاد، وعلى تصويب المجتهدين، والبحث مستوفى في كتب الأصول.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب