الباحث القرآني

(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ) أم هي المنقطعة المقدرة ببل، والهمزة وما فيها من معنى بل للانتقال من البيان الأول إلى الثاني، والهمزة لإنكار الحسبان بطريق إنكار الواقع واستقباحه، والتوبيخ عليه، والاجتراح الاكتساب، ومنه الجوارح، وقد تقدم في المائدة، والجملة مستأنفة سيقت لبيان تباين حالي المسيئين والمحسنين إثر بيان حالي الظالمين والمتقين، وهو معنى قوله: (أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات)؟ أي نسوي بينهم مع اجتراحهم السيئات وبين أهل الحسنات، قيل نزلت في قوم من المشركين، وقيل المسيئون عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، والمحسنون علي وحمزة وعبيدة بن الحرث حين برزوا إليهم يوم بدر فقتلوهم والعموم أولى. (سواء محياهم ومماتهم) في دار الدنيا، وفي الآخرة؟ كلا لا يستوون في شيء منهما، فإن حال أهل السعادة فيهما غير حال أهل الشقاوة، فهؤلاء في عز الإيمان والطاعة وشرفهما في المحيا، وفي رحمة الله تعالى ورضوانه في الممات، وأولئك في ذل الكفر والمعاصي وهو أنهما في المحيا، وفي لعنة الله والعذاب الخالد في الممات، وشتان بينهما، وقيل المراد إنكار أن يستووا في الممات، كما استووا في الحياة. قرأ الجمهور سواء بالرفع على أنه خبر مقدم، والمبتدأ محياهم ومماتهم والمعنى إنكار حسبانهم أن محياهم ومماتهم سواء، وقرىء بالنصب على أنه حال من الضمير المستتر في الجار والمجرور، في قوله: كالذين آمنوا، أو على أنه مفعول ثان لحسب، واختار قراءة النصب أبو عبيدة، وقال: معناه نجعلهم سواء، وقرىء محياهم ومماتهم بالنصب على معنى سواء في محياهم ومماتهم. ولما سقط الخافض انتصب. (ساء ما يحكمون) أي ساء حكمهم هذا الذي حكموا به وقال مجاهد في الآية المؤمن في الدنيا والآخرة مؤمن، والكافر في الدنيا والآخرة كافر، وقال مسروق: قال لي رجل من أهل مكة هذا مقام أخيك تميم الداري، ولقد رأيته قام ذات ليلة حتى أصبح أو قرب أن يصبح يقرأ آية من كتاب الله يركع بها ويسجد، ويبكي (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ) الآية، وعن الفضيل أنه بلغها فجعل يرددها ويبكي ويقول يا فضيل ليت شعري من أي الفريقين أنت؟.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب