الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الأمْرِ فاتَّبِعْها ولا تَتَّبِعْ أهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ ﴿إنَّهم لَنْ يُغْنُوا عنكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا وإنَّ الظالِمِينَ بَعْضُهم أولِياءُ بَعْضٍ واللهُ ولِيُّ المُتَّقِينَ﴾ ﴿هَذا بَصائِرُ لِلنّاسِ وهُدًى ورَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ ﴿أمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَيِّئاتِ أنْ نَجْعَلَهم كالَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصالِحاتِ سَواءً مَحْياهم ومَماتُهم ساءَ ما يَحْكُمُونَ﴾
المَعْنى: ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ، فَلا مَحالَةَ أنَّهُ سَيَخْتَلِفُ عَلَيْكَ كَما تَقَدَّمَ لِبَنِي إسْرائِيلَ فاتَّبِعْ شَرِيعَتَكَ، والشَرِيعَةُ في كَلامِ العَرَبِ: المَوْضِعُ الَّذِي يَرِدُ فِيهِ الناسُ في الأنْهارِ والمِياهِ، ومِنهُ قَوْلُ الشاعِرِ:
،
؎ وفي الشَرائِعِ مِن جِلّانِ مُقْتَنِصٍ ∗∗∗ رَثُّ الثِيابِ خَفِيُّ الشَخْصِ مُنْسَرِبِ
(p-٥٩٧)فَشَرِيعَةُ الدِينِ هي مِن ذَلِكَ، كَأنَّها مِن حَيْثُ يَرُدُّ الناسُ أمْرَ اللهِ ورَحْمَتَهُ والقُرْبَ مِنهُ، وقالَ قَتادَةُ: الشَرائِعُ: الفَرائِضُ والحُدُودُ والأمْرُ والنَهْيُ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ "مِنَ الأمْرِ"﴾ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ واحِدَ الأُمُورِ، أيْ: مِن دِينِ اللهِ تَعالى ونُبُوّاتِهِ الَّتِي بَثَّها في سالِفِ الزَمانِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مِن أمْرٍ يَأْمُرُ، أيْ: عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الأوامِرِ والنَواهِي، فَسَمّى اللهُ تَعالى جَمِيعَ ذَلِكَ أمْرًا، و"الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ" هُمُ الكُفّارُ الَّذِينَ كانُوا يُرِيدُونَ صَرْفَ مُحَمَّدٍ ﷺ إلى إرادَتِهِمْ. و﴿ "يُغْنُوا"﴾ مِنَ الغِناءِ، أيْ: لَنْ يَكُونَ لَهم عنكَ دِفاعٌ، ثُمَّ حَقَّرَ تَعالى شَأْنَ الظالِمِينَ مُشِيرًا بِذَلِكَ إلى كُفّارِ قُرَيْشٍ، ووَجْهُ التَحْقِيرِ أنَّهُ تَبارَكَ وتَعالى قالَ: هَؤُلاءِ يَتَوَلّى بَعْضُهم بَعْضًا، والمُتَّقُونَ يَتَوَلّاهُمُ اللهُ تَعالى، فَخَرَجُوا عن وِلايَةِ اللهِ تَعالى وتَبَرَّأتْ مِنهُمْ، ووَكَلَهُمُ اللهُ تَعالى بَعْضَهم إلى بَعْضٍ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿هَذا بَصائِرُ لِلنّاسِ﴾ يُرِيدُ القُرْآنَ، والبَصائِرَ جَمْعُ بَصِيرَةٍ، وهي المُعْتَقَدُ الوَثِيقُ في الشَيْءِ، كَأنَّهُ مَصْدَرٌ مِن إبْصارِ القَلْبِ، فالقُرْآنُ فِيهِ بَيِّناتٌ يَنْبَغِي أنْ تَكُونَ بَصائِرَ، والبَصِيرَةُ في كَلامِ العَرَبِ: الطَرِيقَةُ مِنَ الدَمِ، ومِنهُ قَوْلُ الشاعِرِ:
؎ راحُوا بَصائِرَهم عَلى أكْتافِهِمْ ∗∗∗ ∗∗∗ وبَصِيرَتِي يَعْدُو بِها عَتَدٌ وأيَ
(p-٥٩٨)وَفَسَّرَ الناسُ هَذا البَيْتَ بِطَرِيقَةِ الدَمِ؛ إذْ كانَتْ عادَةُ طالِبِ الدَمِ عِنْدَهم أنْ يَجْعَلَ طَرِيقَةً مِن دَمٍ خَلْفَ ظَهْرِهِ لِيَعْلَمَ بِذَلِكَ أنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ ثَأْرَهُ وأنَّهُ يَطْلُبُهُ، [وَيُظْهِرُ فِيهِ أنَّهُ يُرِيدُ بَصِيرَةَ القَلْبِ، أيْ: قَدِ اطَّرَحَ هَؤُلاءِ بَصائِرَهم وراءَ ظُهُورِهِمْ].
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أمْ حَسِبَ﴾ الآيَةُ قَوْلٌ يَقْتَضِي أنَّهُ نَزَلَ بِسَبَبِ افْتِخارٍ كانَ لِلْكُفّارِ عَلى المُؤْمِنِينَ، قالُوا: "لَئِنْ كانَتْ آخِرَةً كَما تَزْعُمُونَ لِنُفَضَّلَنَّ عَلَيْكم فِيها كَما فُضِّلْنا في الدُنْيا". و"أمْ" هَذِهِ لَيْسَتْ بِمُعادَلَةٍ، وهي بِمَعْنى "بَلْ" مَعَ ألِفِ الِاسْتِفْهامِ، و﴿ "اجْتَرَحُوا"﴾ مَعْناهُ: اكْتَسَبُوا، ومِنهُ جَوارِحُ الإنْسانِ، وجَوارِحُ الصَيْدِ، وتَقُولُ العَرَبُ: "فُلانٌ جارِحَةُ أهْلِهِ"، أيْ: كاسِبُهُمْ، وقَرَأ أكْثَرُ القُرّاءِ: "سَواءٌ" بِالرَفْعِ "مَحْياهم ومَماتُهُمْ" بِالرَفْعِ، وهَذا عَلى أنَّ "سَواءٌ" رُفِعَ بِالِابْتِداءِ، و﴿ "مَحْياهم ومَماتُهُمْ"﴾ خَبَرُهُ، و"كالَّذِينَ" في مَوْضِعِ المَفْعُولِ الثانِي لـِ "نَجْعَلُ"، وهَذا عَلى أحَدِ مَعْنَيَيْنِ: إمّا أنْ يَكُونَ الضَمِيرُ في "مَحْياهُمْ" يُخْتَصُّ بِالكُفّارِ المُجْتَرِحِينَ، فَتَكُونُ الجُمْلَةُ خَبَرًا عن أنَّ حالَهم في الزَمَنَيْنِ حالُ سُوءٍ، والمَعْنى الثانِي: أنْ يَكُونَ الضَمِيرُ في "مَحْياهُمْ" يَعُمُّ الفَرِيقَيْنِ، والمَعْنى: أنَّ مَحْيا هَؤُلاءِ ومَماتَهم سَواءٌ، وهو كَرِيمٌ، ومَحْيا هَؤُلاءِ ومَماتُهم سَواءٌ، وهو غَيْرُ كَرِيمٍ، ويَكُونُ اللَفْظُ قَدْ لَفَّ هَذا المَعْنى وذِهْنُ السامِعِ يُفَرِّقُهُ، إذْ قَدْ تَقَدَّمَ إبْعادُ أنْ يَجْعَلَ اللهُ تَعالى هَؤُلاءِ كَهَؤُلاءِ. قالَ مُجاهِدٌ: المُؤْمِنُ يَمُوتُ مُؤْمِنًا ويُبْعَثُ مُؤْمِنًا، والكافِرُ يَمُوتُ كافِرًا ويُبْعَثُ كافِرًا.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
مُقْتَضِي هَذا الكَلامِ أنَّ لَفْظَ الآيَةِ خَبَرٌ، ويَظْهَرُ لِي أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿سَواءً مَحْياهم ومَماتُهُمْ﴾ داخِلٌ في المُحْسِبَةِ المُنْكِرَةِ السَيِّئَةِ، وهَذا احْتِمالٌ حَسَنٌ، والأوَّلُ أيْضًا جَيِّدٌ، وقَرَأ طَلْحَةُ، وعِيسى، بِخِلافٍ عنهُ: "سَواءً" بِالنَصْبِ، "مَحْياهم ومَماتُهُمْ" بِالرَفْعِ، وهَذا يُحْتَمَلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَعالى: "كالَّذِينَ" في مَوْضِعِ المَفْعُولِ (p-٥٩٩)الثانِي لـِ "نَجْعَلَ" كَما هو في قِراءَةِ الرَفْعِ، ويُنْصَبُ قَوْلُهُ تَعالى: "سَواءً" عَلى الحالِ مِنَ الضَمِيرِ فِي: "نَجْعَلَهُمْ"، والوَجْهُ الثانِي: أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَعالى: "كالَّذِينَ" في نِيَّةِ التَأْخِيرِ، ويَكُونُ قَوْلُهُ تَعالى: "سَواءً" مَفْعُولًا ثانِيًا لِـ "نَجْعَلُ"، وعَلى كِلا الوَجْهَيْنِ: "مَحْياهم ومَماتُهُمْ" مُرْتَفِعٌ بِـ "سَواءٌ" عَلى أنَّهُ فاعِلٌ، وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وحَفَصٌ عن عاصِمٍ، والأعْمَشُ: "سَواءً" بِالنَصْبِ "مَحْياهم ومَماتَهُمْ" بِالنَصْبِ، وذَلِكَ عَلى الظَرْفِ، أو عَلى أنْ يَكُونَ "مَحْياهُمْ" بَدَلًا مِنَ الضَمِيرِ فِي: "نَجْعَلَهُمْ" أيْ: نَجْعَلُ مَحْياهم ومَماتَهم سَواءً، وهَذِهِ الآيَةُ مُتَناوِلَةٌ بِلَفْظِها حالَ العُصاةِ مِن حالِ أهْلِ التَقْوى، وهي مَوْقِفٌ لِلْعارِفِينَ يَبْكُونَ عِنْدَهُ، ورُوِيَ عَنِ الرَبِيعِ بْنِ خَيْثَمَ أنَّهُ كانَ يُرَدِّدُها لَيْلَةً جَمْعاءَ، وكَذَلِكَ عَنِ الفُضَيْلِ بْنِ عِياضٍ، وكانَ يَقُولُ لِنَفْسِهِ: لَيْتَ شِعْرِي مِن أيِّ الفَرِيقَيْنِ أنْتَ؟ وقالَ الثَعْلَبِيُّ: كانَتْ هَذِهِ الآيَةُ تُسَمّى مُبْكاةَ العابِدِينَ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وأمّا لَفْظُها فَيُعْطِي أنَّهُ اجْتِراحُ الكُفْرِ بِدَلِيلِ مُعادَلَتِهِ بِالإيمانِ، ويُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ المُعادَلَةُ بَيْنَ الِاجْتِراحِ وعَمَلِ الصالِحاتِ، ويَكُونُ الإيمانُ في الفَرِيقَيْنِ، ولِهَذا بَكى الخائِفُونَ رَضِيَ اللهُ عنهُمْ، وإمّا مَفْعُولًا "حَسِبَ" فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ "أنْ نَجْعَلَهُمْ"﴾ يَسُدُّ مَسَدَّ المَفْعُولَيْنِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ساءَ ما يَحْكُمُونَ﴾ "ما" مَصْدَرِيَّةٌ، والتَقْدِيرُ: ساءَ الحُكْمُ حُكْمُهم.
{"ayahs_start":18,"ayahs":["ثُمَّ جَعَلۡنَـٰكَ عَلَىٰ شَرِیعَةࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَ ٱلَّذِینَ لَا یَعۡلَمُونَ","إِنَّهُمۡ لَن یُغۡنُوا۟ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَیۡـࣰٔاۚ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۖ وَٱللَّهُ وَلِیُّ ٱلۡمُتَّقِینَ","هَـٰذَا بَصَـٰۤىِٕرُ لِلنَّاسِ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣱ لِّقَوۡمࣲ یُوقِنُونَ","أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِینَ ٱجۡتَرَحُوا۟ ٱلسَّیِّـَٔاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ سَوَاۤءࣰ مَّحۡیَاهُمۡ وَمَمَاتُهُمۡۚ سَاۤءَ مَا یَحۡكُمُونَ"],"ayah":"أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِینَ ٱجۡتَرَحُوا۟ ٱلسَّیِّـَٔاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ سَوَاۤءࣰ مَّحۡیَاهُمۡ وَمَمَاتُهُمۡۚ سَاۤءَ مَا یَحۡكُمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق