الباحث القرآني

﴿أمْ﴾ قالَ الأصْبِهانِيُّ: قالَ الإمامُ: كَلِمَةٌ وُضِعَتْ لِلِاسْتِفْهامِ عَنْ شَيْءٍ حالَ كَوْنِهِ مَعْطُوفًا عَلى آخَرَ سَواءٌ كانَ المَعْطُوفُ مَذْكُورًا أوْ مُضْمَرًا. انْتَهى. وكانَ الأصْلُ: حَسِبُوا، ولَكِنَّهُ [عَدَلَ] عَنْهُ لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّ ارْتِكابَ السُّوءِ مُعْمٍ لِلْبَصِيرَةِ مُضْعِفٌ لِلْعَقْلِ كَما أفادَهُ التَّعْبِيرُ بِالحُسْبانِ كَما تَقَدَّمَ بَيانُهُ في البَقَرَةِ فَقالَ: ﴿حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا﴾ أيْ: فَعَلُوا بِغايَةِ جُهْدِهِمْ ونُزُوعِ شَهَواتِهِمْ ﴿السَّيِّئاتِ أنْ نَجْعَلَهُمْ﴾ مَعَ ما لَنا مِنَ العَظَمَةِ المانِعَةِ مِنَ الظُّلْمِ المُقْتَضِيَةِ لِلْحِكْمَةِ ﴿كالَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا﴾ تَصْدِيقًا لِإقْرارِهِمْ ظاهِرًا وباطِنًا وسِرًّا وعَلانِيَةً ﴿الصّالِحاتِ﴾ بِأنْ نَتْرُكَهم بِلا حِسابٍ لِلْفَصْلِ بَيْنَ المُحْسِنِ والمُسِيءِ. ولَمّا كانَتِ المُماثَلَةُ مُجْمَلَةً، بَيَّنَهُما اسْتِئْنافًا بِقَوْلِهِ مُقَدِّمًا ما هو عَيْنُ (p-٩١)المَقْصُودِ مِنَ الجُمْلَةِ الأُولى: ﴿سَواءً﴾ أيْ: مُسْتَوٍ اسْتِواءً عَظِيمًا ﴿مَحْياهم ومَماتُهُمْ﴾ أيْ: حَياتُهم ومَوْتُهم وزَمانُ ذَلِكَ ومَكانُهُ في الِارْتِفاعِ والسُّفُولِ واللَّذَّةِ والكَدَرِ وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأعْيانِ والمَعانِي. ولَمّا كانَ هَذا مِمّا لا يَرْضاهُ أحَدٌ لِمَن تَحْتَ يَدِهِ ولا لِغَيْرِهِ، قالَ مُعَبِّرًا بِمَجْمَعِ الذَّمِّ: ﴿ساءَ ما يَحْكُمُونَ﴾ أيْ: بَلَغَ حُكْمُهم هَذا في نَفْسِهِ ولا سِيَّما وهم بِإصْرارِهِمْ عَلَيْهِ في تَجْدِيدٍ [لَهُ] كُلَّ ساعَةٍ أقْصى نِهاياتِ السُّوءِ، فَهو مِمّا يُتَعَجَّبُ مِنهُ، لِأنَّهُ لا يَدْرِي الحامِلُ عَلَيْهِ، وذَلِكَ أنَّهُ نَسَبُوا الحَكِيمَ الَّذِي لا حَكِيمَ في الحَقِيقَةِ غَيْرُهُ إلى ما لا يَفْعَلُهُ أقَلُّ النّاسِ فَيِمَن تَحْتَ يَدِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب