الباحث القرآني

(وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم) أي ما تفرقوا إلا عن علم بأن الفرقة ضلالة متوعد عليها، أو العلم بمبعث الرسول أو أسباب العلم من الرسل والكتب وغيرهما، فلم يلتفتوا إليها، وفعلوا ذلك التفرق، قيل: المراد قريش وهم الذين تفرقوا من بعد ما جاءهم العلم، وهو محمد صلى الله عليه وسلم بغياً منهم عليه. وقد كانوا يقولون ما حكاه الله عنهم بقوله (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير) الآية، وبقوله (فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به) وقيل المراد أمم الأنبياء المتقدمين، وأنهم فيما بينهم اختلفوا لما طال بهم المدى، فآمن قوم وكفر قوم. وقيل: اليهود والنصارى خاصة كما في قوله (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة). (بغياً بينهم) أي بغياً من بعضهم على بعض، طلباً للرياسة فليس تفرقهم لقصور في البيان والحجج، ولكن للبغي والظلم والاشتغال بالدنيا والجاه والحمية (ولولا كلمة سبقت من ربك) وهي تأخير العقوبة (إلى أجل مسمى) وهو يوم القيامة كما في قوله (بل الساعة موعدهم) وقيل: إلى الأجل الذي قضاه الله لعذابهم في الدنيا بالقتل والأسر والذل والقهر (لقضي بينهم) أي لوقع القضاء بينهم بإنزال العقوبة بهم معجلة، وقيل يقضي بين من آمن منهم ومن كفر بنزول العذاب بالكافرين ونجاة المؤمنين. (وإن الذين أورثوا الكتاب) أي التوراة والإنجيل وهم اليهود والنصارى الذي كانوا في عهده صلى الله عليه وسلم (من بعدهم) أي من بعد من قبلهم من اليهود والنصارى المختلفين في الحق. وقال مجاهد: معنى من بعدهم من قبل مشركي مكة، وهم اليهود والنصارى وقيل، المراد كفار المشركين من العرب الذين أورثوا القرآن من بعد ما أورث أهل الكتاب كتابهم ووصفهم بأنهم (لفي شك منه) أي من القرآن أو من محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى كلا الوجهين فالشك هنا ليس على معناه المشهور من اعتدال النقيضين وتساويهما في الذهن، بل المراد به ما هو أعم أي مطلق التردد. وقال القرطبي: لفي شك من الذي أوصى به الأنبياء (مريب) موقع في الريبة وهي قلق النفس واضطرابها ولذلك لم يؤمنوا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب