قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿شَرَعَ لَكم مِنَ الدِّينِ ما وصّى بِهِ نُوحًا﴾ وفي ﴿شَرَعَ لَكُمْ﴾ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: سَنَّ لَكم.
الثّانِي: بَيَّنَ لَكم.
الثّالِثُ: اخْتارَ لَكم، قالَهُ الكَلْبِيُّ.
الرّابِعُ: أوْجَبَ عَلَيْكم.
﴿مِنَ الدِّينِ﴾ يَعْنِي الدِّينَ ومِن زائِدَةٌ في الكَلامِ.
وَفي ﴿ما وصّى بِهِ نُوحًا﴾ وجْهانِ:
أحَدُهُما: تَحْرِيمُ الأُمَّهاتِ والبَناتِ والأخَواتِ، لِأنَّهُ أوَّلُ نَبِيٍّ أتى أُمَّتَهُ بِتَحْرِيمِ.
ذَلِكَ، قالَهُ الحَكَمُ.
(p-١٩٧)الثّانِي: تَحْلِيلُ الحَلالِ وتَحْرِيمُ الحَرامِ، قالَهُ قَتادَةُ.
﴿والَّذِي أوْحَيْنا إلَيْكَ وما وصَّيْنا بِهِ إبْراهِيمَ ومُوسى وعِيسى أنْ أقِيمُوا الدِّينَ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: اعْمَلُوا بِهِ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
الثّانِي: ادْعُوا إلَيْهِ.
قالَ مُجاهِدٌ: دِينُ اللَّهِ في طاعَتِهِ وتَوْحِيدِهِ واحِدٌ.
وَيَحْتَمِلُ وجْهًا ثالِثًا: جاهِدُوا عَلَيْهِ مَن عانَدَهُ.
﴿وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ وفِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: لا تَتَعادَوْا عَلَيْهِ، وكُونُوا عَلَيْهِ إخْوانًا، قالَهُ أبُو العالِيَةِ.
الثّانِيَةُ: لا تَخْتَلِفُوا فِيهِ فَإنَّ كُلَّ نَبِيٍّ مُصَدِّقٌ لِمَن قَبْلَهُ، قالَهُ مُقاتِلٌ.
﴿كَبُرَ عَلى المُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهم إلَيْهِ﴾ قالَ قَتادَةُ: مِن شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ.
وَيَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مِنَ الِاعْتِرافِ بِنُبُوَّتِهِ، لِأنَّهُ عَلَيْهِمْ أشَدُّ وهم مِنهُ أنْفَرُ.
﴿اللَّهُ يَجْتَبِي إلَيْهِ مَن يَشاءُ﴾ الآيَةَ.
فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: يَجْتَبِي إلَيْهِ مَن يَشاءُ هو مَن يُولَدُ عَلى الإسْلامِ.
﴿وَيَهْدِي إلَيْهِ مَن يُنِيبُ﴾ هو مَن يُسْلِمُ مِنَ الشِّرْكِ، قالَهُ الكَلْبِيُّ.
الثّانِي: يَسْتَخْلِصُ إلَيْهِ مَن يَشاءُ.
قالَهُ مُجاهِدٌ ويَهْدِي إلَيْهِ مَن يُقْبِلُ عَلى طاعَتِهِ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَما تَفَرَّقُوا﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: عَنْ مُحَمَّدٍ ﷺ.
الثّانِي: في القُرْآنِ.
﴿إلا مِن بَعْدِ ما جاءَهُمُ العِلْمُ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: إلّا مِن بَعْدِ ما تَبَحَّرُوا في العِلْمِ، قالَهُ الأعْمَشُ.
الثّانِي: إلّا مِن بَعْدِ ما عَلِمُوا أنَّ الفُرْقَةَ ضَلالٌ، قالَهُ ابْنُ زِيادٍ.
الثّالِثُ: إلّا مِن بَعْدِ ما جاءَهُمُ القُرْآنُ، وسَمّاهُ عِلْمًا لِأنَّهُ يُتَعَلَّمُ مِنهُ.
﴿بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: لِابْتِغاءِ الدُّنْيا وطَلَبِ مُلْكِها، قالَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ.
الثّانِي: لِبَغْيِ بَعْضِهِمْ عَلى بَعْضٍ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.
(p-١٩٨)﴿وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَبِّكَ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: في رَحْمَتِهِ لِلنّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ.
الثّانِي: في تَأْخِيرِ عَذابِهِمْ، قالَ قَتادَةُ.
﴿إلى أجَلٍ مُسَمًّى﴾ إلى قِيامِ السّاعَةِ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿بَلِ السّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ﴾ الآيَةَ.
وَيَحْتَمِلُ إلى الأجَلِ الَّذِي قُضِيَ فِيهِ بِعَذابِهِمْ.
﴿لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ أيْ لَعُجِّلَ هَلاكُهم.
﴿وَإنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الكِتابَ مِن بَعْدِهِمْ﴾ فِيهِمْ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُمُ اليَهُودُ والنَّصارى، قالَهُ السُّدِّيُّ.
الثّانِي: أنَّهم نُبِّئُوا مِن بَعْدِ الأنْبِياءِ، قالَهُ الرَّبِيعُ.
﴿لَفِي شَكٍّ مِنهُ مُرِيبٍ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: لَفي شَكٍّ مِنَ القُرْآنِ، قالَهُ الرَّبِيعُ.
الثّانِي: لَفي شَكٍّ مِنَ الإخْلاصِ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ.
الثّالِثُ: لَفي شَكٍّ مِن صِدْقِ الرَّسُولِ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
{"ayahs_start":13,"ayahs":["۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّینِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحࣰا وَٱلَّذِیۤ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ وَمَا وَصَّیۡنَا بِهِۦۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ وَمُوسَىٰ وَعِیسَىٰۤۖ أَنۡ أَقِیمُوا۟ ٱلدِّینَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِیهِۚ كَبُرَ عَلَى ٱلۡمُشۡرِكِینَ مَا تَدۡعُوهُمۡ إِلَیۡهِۚ ٱللَّهُ یَجۡتَبِیۤ إِلَیۡهِ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِیۤ إِلَیۡهِ مَن یُنِیبُ","وَمَا تَفَرَّقُوۤا۟ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡیَۢا بَیۡنَهُمۡۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةࣱ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّى لَّقُضِیَ بَیۡنَهُمۡۚ وَإِنَّ ٱلَّذِینَ أُورِثُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَفِی شَكࣲّ مِّنۡهُ مُرِیبࣲ"],"ayah":"وَمَا تَفَرَّقُوۤا۟ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡیَۢا بَیۡنَهُمۡۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةࣱ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّى لَّقُضِیَ بَیۡنَهُمۡۚ وَإِنَّ ٱلَّذِینَ أُورِثُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَفِی شَكࣲّ مِّنۡهُ مُرِیبࣲ"}