الباحث القرآني
(ترجي من تشاء منهن) قرىء ترجي مهموزاً وغير مهموز، وهما لغتان والإرجاء التأخير. يقال: أرجأت الأمر وأرجيته إذا أخرته (وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ) أي تضم إليك. يقال: آواه إليه بالمد ضمه إليه، وأوى مقصوراً أي ضم إليه، والمعنى: أن الله وسع على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وجعل الخيار إليه في نسائه، فيؤخر من شاء منهن ويؤخر نوبتها ويتركها ولا يأتيها من غير طلاق، ويضم إليه من شاء منهن ويضاجعها ويبيت عندها.
وقد كان القسم واجباً عليه حتى نزلت هذه الآية فارتفع الوجوب وصار الخيار إليه، وكان ممن آوى إليه عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب، وممن أرجى سودة وجويرية وأم حبيبة وميمونة وصفية، فكان - صلى الله عليه وسلم - يسوي بين من آوى في القسم، وكان يقسم لمن أرجاه ما شاء، هذا قول جمهور المفسرين في معنى الآية، وهو الذي يناسب ما مضى، وقد دلت عليه الأدلة الثابتة في الصحيح وغيره.
قال ابن العربي: هذا الذي ثبت في الصحيح هو الذي ينبغي أن يعول عليه لكنه كان يقسم من قبل نفسه دون فرض عليه تطييباً لنفوسهن، وصوناً لهن عن أقوال الغيرة التي تؤدي إلى ما لا ينبغي. وقيل: هذه الآية في الواهبات أنفسهن لا في غيرهن من الزوجات قاله الشعبي وغيره، وقيل: معنى الآية في الطلاق أي: تطلق من تشاء منهن وتمسك من تشاء.
وقال الحسن. إن المعنى تنكح من شئت من نساء أمتك وتترك نكاح من شئت منهن، وقد قيل: إن هذه الآية ناسخة لقوله: لا يحل لك النساء من بعد، وعن ابن عباس: ترجي أي تؤخر، وعنه قال: من شئت خليت سبيلها منهن، ومن أحببت أمسكت منهن.
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة قالت: كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وأقول: تهب المرأة نفسها. فلما أنزل الله: ترجي من تشاء منهن الآية قلت: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.
وعن أبي رزين قال: هَمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلق من نسائه فلما رأين ذلك أتينه فقلن: لا تخل سبيلنا وأنت في حل فيما بيننا وبينك افرض لنا من نفسك ومالك بما شئت فأنزل الله ترجي من تشاء منهن، يقول: تعزل من تشاء فأرجى منهن نسوة، وآوى نسوة، وكان ممن أرجى ميمونة وجويرية وأم حبيبة وصفية وسودة، وكان يقسم بينهن من نفسه وماله ما شاء، وكان ممن آوى عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب فكانت قسمته من نفسه وماله بينهن سواء.
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستأذن في يوم المرأة منا بعد أن أنزلت هذه الآية ترجي من تشاء منهن، فقلت لها ما كنت تقولين؟ قالت كنت أقول إن كان ذلك إلي فإني أريد أن لا أوثر عليك أحداً.
(ومن ابتغيت ممن عزلت) الابتغاء الطلب، والعزل الإزالة، والمعنى إن أردت أن تؤوي إليك امرأة ممن قد عزلتهن من القسمة وتضمها إليك (فلا جناح عليك) في ذلك، والحاصل أن الله سبحانه فوض الأمر إلى رسوله يصنع في زوجاته ما شاء من تقديم وتأخير وعزل وإمساك، وضم من أرجى وإرجاء من ضم إليه، وما شاء في أمرهن فعل توسعة عليه ونفياً للحرج عنه، وأصل الجناح الميل، يقال: جنحت السفينة إذا مالت، والمعنى لا ميل عليك بلوم ولا عتب فيما فعلت.
(ذلك) أي ما تقدم من التفويض إلى مشيئته وهو مبتدأ وخبره قوله (أدنى أن تقر أعينهن) أي ذلك التخيير والتفويض فوضناك أقرب إلى رضائهن وأطيب لأنفسهن إذ كان من عندنا لأنهن إذا علمن أنه من الله قرت أعينهن، واطمأنت نفوسهن، وذهب التغاير وحصل الرضاء. قرىء تقر على البناء للفاعل مسنداً إلى أعينهن، وقرىء بضم التاء من أقرر وفاعله ضمير المخاطب وبنصب أعينهن على المفعولية، وقرىء على البناء للمفعول، وقد تقدم بيان معنى قرة العين في سورة مريم.
(ولا يحزن) أي لا يحصل معهن حزن بتأثيرك بعضهن دون بعض (ويرضين بما آتيتهن كلهن) أي بما أعطيتهن من تقريب وإرجاء وعزل وإيواء وكان يقسم بينهن في القسمة حتى مات، ولم يستعمل شيئاًً مما أتيح له ضبطاً لنفسه، وأخذاً بالأفضل غير سودة فإنها وهبت ليلتها لعائشة رضي الله عنهما.
(والله يعلم ما في قلوبكم) من كل ما تضمرونه ومن ذلك ما تضمرونه من أمور النساء والميل إلى بعضهن (وكان الله عليماً) بكل شيء وبما في ضمائركم لا تخفى عليه خافية (حليماً) عنكم لا يعاجل العصاة بالعقوبة فينبغي أن تتقى محارمه لأن انتقام الحليم وغضبه أمر عظيم.
{"ayah":"۞ تُرۡجِی مَن تَشَاۤءُ مِنۡهُنَّ وَتُـٔۡوِیۤ إِلَیۡكَ مَن تَشَاۤءُۖ وَمَنِ ٱبۡتَغَیۡتَ مِمَّنۡ عَزَلۡتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكَۚ ذَ ٰلِكَ أَدۡنَىٰۤ أَن تَقَرَّ أَعۡیُنُهُنَّ وَلَا یَحۡزَنَّ وَیَرۡضَیۡنَ بِمَاۤ ءَاتَیۡتَهُنَّ كُلُّهُنَّۚ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ مَا فِی قُلُوبِكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِیمًا حَلِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق