الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿تُرْجِي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ وتُؤْوِي إلَيْكَ مَن تَشاءُ﴾ حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحاقَ قالَ: حَدَّثَنا الحَسَنُ بْنُ أبِي الرَّبِيعِ قالَ: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ مَنصُورٍ عَنْ أبِي رَزِينٍ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿تُرْجِي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ﴾ المُرْجاتُ مَيْمُونَةُ وسَوْدَةُ وصَفِيَّةُ وجُوَيْرِيَةُ وأُمُّ حَبِيبَةَ وكانَتْ عائِشَةُ وحَفْصَةُ وأُمُّ سَلَمَةَ وزَيْنَبُ سَواءً في القَسْمِ، وكانَ النَّبِيُّ ﷺ يُساوِي بَيْنَهُنَّ. وحَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحاقَ قالَ: حَدَّثَنا الحَسَنُ بْنُ أبِي الرَّبِيعِ قالَ: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿تُرْجِي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ﴾ قالَ: ( كانَ ذَلِكَ حِينَ أنْزَلَ اللَّهُ أنْ يُخَيِّرَهُنَّ )، قالَ الزُّهْرِيُّ: ( وما عَلِمْنا رَسُولَ اللَّهِ أرْجى مِنهُنَّ أحَدًا، ولَقَدْ آواهُنَّ كُلَّهُنَّ حَتّى ماتَ ﷺ ) . قالَ مَعْمَرٌ: وقالَ قَتادَةُ: ( جَعَلَهُ اللَّهُ في حِلٍّ أنْ يَدَعَ مَن شاءَ مِنهُنَّ ويُؤْوِيَ إلَيْهِ مَن شاءَ، يَعْنِي قَسْمًا؛ وكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَسَمَ )، (p-٢٤٠)قالَ مَعْمَرُ: وأخْبَرَنا مَن سَمِعَ الحَسَنَ يَقُولُ: " كانَ النَّبِيُّ ﷺ إذا خَطَبَ امْرَأةً فَلَيْسَ لِأحَدٍ أنْ يَخْطُبَها حَتّى يَتَزَوَّجَها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أوْ يَدَعَها، فَفي ذَلِكَ نَزَلَتْ: ﴿تُرْجِي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ﴾ " . قالَ أبُو بَكْرٍ: ورَوى زَكَرِيّا عَنِ الشَّعْبِيِّ: ﴿تُرْجِي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ﴾ قالَ " نِساءٌ كُنَّ وهَبْنَ أنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأرْجى بَعْضَهُنَّ ودَخَلَ بِبَعْضٍ مِنهُنَّ أُمُّ شَرِيكٍ لَمْ يَتَزَوَّجْ بَعْدَهُ " . وقالَ مُجاهِدٌ: ﴿تُرْجِي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ﴾ قالَ: ( تُرْجِيهِنَّ مِن غَيْرِ طَلاقٍ ولا تَأْتِيهِنَّ ) . ورَوى عاصِمٌ الأحْوَلُ عَنْ مُعاذَةَ العَدَوِيَّةِ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَسْتَأْذِنُنا في يَوْمِ إحْدانا بَعْدَما أُنْزِلَ: ﴿تُرْجِي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ﴾ فَقالَتْ لَها مُعاذَةُ: فَما كُنْتَ تَقُولِينَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ إذا اسْتَأْذَنَ ؟ قالَتْ: كُنْتَ أقُولُ: إنْ كانَ ذَلِكَ إلَيَّ لَمْ أُوثِرْ عَلى نَفْسِي أحَدًا» . قالَ أبُو بَكْرٍ: وقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ كانَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسائِهِ ولَمْ يَذْكُرْ فِيهِ تَخْصِيصَ واحِدَةٍ مِنهُنَّ بِإخْراجِها مِنَ القَسْمِ؛ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو داوُدَ قالَ: حَدَّثَنا مُوسى بْنُ إسْماعِيلَ قالَ: حَدَّثَنا حَمّادٌ عَنْ أيُّوبَ عَنْ أبِي قِلابَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الخِطْمِيِّ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ ويَقُولُ: اللَّهُمَّ هَذا قَسْمِي فِيما أمْلِكُ فَلا تَلُمْنِي فِيما تَمْلِكُ ولا أمْلِكُ»؛ قالَ أبُو داوُدَ: يَعْنِي القَلْبَ. وحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو داوُدَ قالَ: حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ أبِي الزِّنادِ عَنْ هِشامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أبِيهِ قالَ: «قالَتْ عائِشَةُ: يا ابْنَ أُخْتِي كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لا يُفَضِّلُ بَعْضَنا عَلى بَعْضٍ في القَسْمِ مِن مُكْثِهِ عِنْدَها، وكانَ قَلَّ يَوْمٌ إلّا وهو يَطُوفُ عَلَيْنا جَمِيعًا فَيَدْنُو مِن كُلِّ امْرَأةٍ مِن غَيْرِ مَسِيسٍ حَتّى يَبْلُغَ إلى الَّتِي هو يَوْمُها فَيَبِيتُ عِنْدَها؛ ولَقَدْ قالَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ حِينَ أسَنَّتْ وفَرِقَتْ أنْ يُفارِقَها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يا رَسُولَ اللَّهِ يَوْمِي لِعائِشَةَ فَقَبِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنها» قالَتْ: نَقُولُ في ذَلِكَ أنْزَلَ اللَّهُ تَعالى وفي أشْباهِها، أراهُ قالَ: ﴿وإنِ امْرَأةٌ خافَتْ مِن بَعْلِها نُشُوزًا﴾ [النساء: ١٢٨] ورُوِيَ عَنْ عائِشَةَ: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَأْذَنَ نِساءَهُ في مَرَضِهِ أنْ يَكُونَ عِنْدَ عائِشَةَ، فَأذِنَّ لَهُ» . وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّهُ قَدْ كانَ يَقْسِمُ لِجَمِيعِهِنَّ، وهو أصَحُّ مِن حَدِيثِ أبِي رَزِينٍ الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ أنَّهُ أرْجى جَماعَةً مِن نِسائِهِ ثُمَّ لَمْ يَقْسِمْ لَهُنَّ وظاهِرُ الآيَةِ يَقْتَضِي تَخْيِيرَ النَّبِيِّ ﷺ في إرْجاءِ مَن شاءَ مِنهُنَّ وإيواءِ مَن شاءَ، فَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أنْ يَخْتارَ إيواءَ الجَمِيعِ إلّا سَوْدَةَ فَإنَّها رَضِيَتْ بِأنْ تَجْعَلَ يَوْمَها لِعائِشَةَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ومَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ﴾ يَعْنِي واللَّهُ أعْلَمُ: في إيواءِ مَن أرْجى مِنهُنَّ، أباحَ لَهُ بِذَلِكَ أنْ يَعْتَزِلَ مَن شاءَ مِنهُنَّ ويُؤْوِيَ مَن شاءَ، وأنْ يُؤْوِيَ مِنهُنَّ مَن شاءَ بَعْدَ الِاعْتِزالِ. وقَوْلُهُ تَعالى: (p-٢٤١)﴿ذَلِكَ أدْنى أنْ تَقَرَّ أعْيُنُهُنَّ﴾ يَعْنِي واللَّهُ أعْلَمُ: إذا عَلِمْنَ بَعْدَ الإرْجاءِ أنَّ لَكَ أنْ تُؤْوِيَ وتَرُدَّ إلى القَسْمِ. وهَذِهِ الآيَةُ تَدُلُّ عَلى أنَّ القَسْمَ بَيْنَهُنَّ لَمْ يَكُنْ واجِبًا عَلى النَّبِيِّ ﷺ وأنَّهُ كانَ مُخَيَّرًا في القَسْمِ لِمَن شاءَ مِنهُنَّ وتَرْكِ مَن شاءَ مِنهُنَّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب