الباحث القرآني
فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى تتوقد وتتوهج، وقرأ عبيد بن عمير (تتلظى) على الأصل، وغيره على الحذف لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى قرأ أبو هريرة: ليدخلنّ الجنة إلّا من يأبى، قالوا: يا أبا هريرة، ومن يأبى أن يدخل الجنة؟ فقرأ قوله سبحانه: الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا برهان بن علي الصوفي قال: حدّثنا أبو خليفة قال: حدّثنا القعنبي قال: حدّثنا مالك قال: صلّى بنا عمر بن عبد العزيز المغرب، فقرأ فيها وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى ، فلمّا أتى على هذه الآية فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى وقع عليه البكاء فلم يقدر أن [يتعدّاها] من البكاء، وقرأ سورة أخرى [[تفسير القرطبي: 20/ 87 مورد الآية.]] .
وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى قال أهل المعاني: أراد الشقي والتقي، كقول طرفة:
تمنى رجال أن أموت، فإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد [[تاج العروس: 2/ 527، ونسبه إلى الإمام الشافعي. وكذا فعل ابن كثير في تفسيره: 3/ 187.]]
أي بواحد.
أخبرني الحسين قال: حدّثنا أبو حذيفة أحمد بن محمد بن علي قال: حدّثنا عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الله المقري قال: حدّثنا جدّي قال: حدّثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن سالم.
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن يوسف قال: حدّثنا ابن عمران قال: حدّثنا أبو عبيد الله المخزومي قال: حدّثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه أنّ أبا بكر رضي الله عنه أعتق من كان يعذّب في الله: بلال وعامر بن فهيرة والنهدية وبنتها وزنيرة وأم عميس وأمة بني المؤمّل.
فأما زنيرة فكانت رومية وكانت لبني عبد الدار، فلمّا أسلمت عميت، فقالوا: أعمتها اللات والعزى.
فقالت: هي تكفر باللات والعزى، فردّ الله إليها بصرها، ومرّ أبو بكر بها وهي تطحن وسيّدتها تقول: والله لا أعتقك حتى يعتقك صباتك، فقال أبو بكر فحلى إذا يا أم فلان فبكم هي إذا؟ قالت: بكذا وكذا أوقية، قال: قد أخذتها، قومي، قالت: حتى أفرغ من طحني.
وأما بلال فاشتراه، وهو مدفون بالحجارة، فقالوا: لو أبيت إلّا أوقية واحدة لبعناك، فقال أبو بكر: لو أبيتم إلّا مائة أوقية لأخذته، وفيه نزلت يعني أبا بكر، وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى إلى آخرها، وأسلم وله أربعون ألفا فأنفقها كلّها، يعني أبا بكر.
وأنبأني عبد الله بن حامد قال: أخبرني أبو سعيد الحسن بن أحمد بن جعفر اليزدي قال:
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبي عبد الرحمن المقري قال: حدّثنا سفيان، عن عتبة قال: حدّثني من سمع ابن الزبير على المنبر وهو يقول: كان أبو بكر يبتاع الضعفة فيعتقهم، فقال له أبوه: يا بني لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك، قال: [إنما أريد ما أريد] [[عن تفسير القرطبي: 20/ 83 وفي المخطوط تشويش.]] فنزلت فيه وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى إلى آخر السورة [[الآحاد والمثاني: 1/ 203، وأسباب النزول للواحدي: 301 وفيه: ما منع ظهري أريد.]] ، وكان اسمه عبد الله بن عثمان.
عن عطاء، عن ابن عباس، في هذه الآية أن بلالا لما أسلم ذهب إلى الأصنام فسلح عليها، وكان المشركون وكلوا امراة تحفظ الأصنام، فأخبرتهم المرأة، وكان بلال عبدا لعبد الله ابن جدعان، فشكوا إليه، فوهبه لهم ومائة من الإبل ينحرونها لآلهتهم، فأخذوه وجعلوا يعذبونه في الرمضاء، وهو يقول: أحدا أحد، فمرّ به النبي ﷺ فقال: ينجيك أحد أحد، ثم أخبر رسول الله ﷺ أبا بكر أن بلالا يعذّب في الله، فحمل أبو بكر رطلا من ذهب فابتاعه به [[أسباب النزول للواحدي: 301.]] .
وقال سعيد بن المسيب: بلغني أن أمية بن خلف قال لأبي بكر حين قال له أبو بكر:
أتبيعه؟ قال: نعم أبيعه بنسطاس، وكان نسطاس عبدا لأبي بكر صاحب عشرة آلاف دينار وغلمان وجواري ومواشي، وكان مشركا [وحمله] أبو بكر على الإسلام على أن يكون [له] ماله، فأبى فأبغضه أبو بكر، فلمّا قال له أمية: أتبيعه بغلامك نسطاس؟ اغتنمه أبو بكر وباعه به، فقال المشركون: ما فعل أبو بكر ذلك لبلال إلّا ليد كانت لبلال عنده، فأنزل الله سبحانه وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ من أولئك الذين أعتقهم مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى يد نكافئه عليها إِلَّا لكن ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى وَلَسَوْفَ يَرْضى بثواب الله في العقبى عوضا مما فعل في الدنيا.
وأخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد بن السري العروضي في درب الحاجب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله العماني الحفيد قال: حدّثنا أحمد بن نصر بن خفيف القلانسي الرقّاء قال: حدّثنا محمد بن جعفر بن سوّار بن سنان في سنة خمس وثمانين ومائتين قال: حدّثنا علي ابن حجر، عن إسحاق بن نجح، عن عطاء قال: كان لرجل من الأنصار نخلة، وكان له جار، فكان يسقط من بلحها في دار جاره، فكان صبيانه يتناولون، فشكا ذلك الى النبي ﷺ، فقال له النبي (عليه السلام) «بعنيها بنخلة في الجنة» [159] ، فأبى قال: فخرج، فلقيه أبو الدحداح، فقال: هل لك أن تبيعها بجبس [[في تفسير القرطبي: بحسن.]] ؟ يعني حائطا له، فقال: هي لك، قال: فأتى النبي (عليه السلام) ، فقال: يا رسول الله اشترها منّي بنخلة في الجنة، قال: نعم، قال: هي لك، فدعا النبي (عليه السلام) جار الأنصاري، فأخذها، فأنزل الله سبحانه وتعالى وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى إلى قوله: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى أبو الدحداح والأنصاري صاحب النخلة.
فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى أبو الدحداح وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى يعني الثواب فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى يعني الجنة.
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى يعني الأنصاري وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى يعني الثواب فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى يعني النار، وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى يعني به إذا مات كما في قوله: فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى صاحب النخلة وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى يعني أبا الدحداح الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى يعني أبا الدحداح وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى يكافئه بها، يعني أبا الدحداح إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى وَلَسَوْفَ يَرْضى إذا أدخله الجنة. فكان النبي ﷺ يمر بذلك بجبس وعذوقه دانية، فيقول: «عذوق وعذوق لأبي الدحداح في الجنة» [[انظر: تفسير القرطبي: 20/ 90، مع تفاوت.]] .
{"ayahs_start":14,"ayahs":["فَأَنذَرۡتُكُمۡ نَارࣰا تَلَظَّىٰ","لَا یَصۡلَىٰهَاۤ إِلَّا ٱلۡأَشۡقَى","ٱلَّذِی كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ","وَسَیُجَنَّبُهَا ٱلۡأَتۡقَى","ٱلَّذِی یُؤۡتِی مَالَهُۥ یَتَزَكَّىٰ","وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُۥ مِن نِّعۡمَةࣲ تُجۡزَىٰۤ","إِلَّا ٱبۡتِغَاۤءَ وَجۡهِ رَبِّهِ ٱلۡأَعۡلَىٰ","وَلَسَوۡفَ یَرۡضَىٰ"],"ayah":"فَأَنذَرۡتُكُمۡ نَارࣰا تَلَظَّىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق