الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأنْذَرْتُكم نارًا تَلَظّى﴾ أيْ: تَتَلَظّى، واللَّظى: اللَّهَبُ الخالِصُ، وفي وصْفِ النّارِ هُنا بِتَلَظّى مَعَ أنَّ لَها صِفاتٍ عَدِيدَةً مِنها: السَّعِيرُ، وسَقَرُ، والجَحِيمُ، والهاوِيَةُ، وغَيْرُ ذَلِكَ. وَذَكَرَ هُنا صِنْفًا خاصًّا، وهو مَن ﴿كَذَّبَ وتَوَلّى﴾ [الليل: ١٦]، كَما تَقَدَّمَ في مَوْضِعٍ آخَرَ في وصْفِها أيْضًا بِلَظى في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿كَلّا إنَّها لَظى﴾ ﴿نَزّاعَةً لِلشَّوى﴾ [المعارج: ١٥ - ١٦]، ثُمَّ بَيَّنَ أهْلَها بِقَوْلِهِ: ﴿تَدْعُوا مَن أدْبَرَ وتَوَلّى﴾ ﴿وَجَمَعَ فَأوْعى﴾ [المعارج: ١٧] . (p-٥٥١)وَهُوَ كَما هو هُنا: ﴿فَأنْذَرْتُكم نارًا تَلَظّى﴾ ﴿لا يَصْلاها إلّا الأشْقى﴾ ﴿الَّذِي كَذَّبَ وتَوَلّى﴾ [الليل: ١٤ - ١٦]، وهو المَعْنى في قَوْلِهِ قَبْلَهُ: ﴿وَأمّا مَن بَخِلَ واسْتَغْنى﴾ ﴿وَكَذَّبَ بِالحُسْنى﴾ [الليل: ٨ - ٩]، مِمّا يَدُلُّ أنَّ لِلنّارِ عِدَّةَ حالاتٍ أوْ مَناطِقَ أوْ مَنازِلَ، كُلُّ مَنزِلَةٍ تَخْتَصُّ بِصِنْفٍ مِنَ النّاسِ، فاخْتَصَّتْ لَظى بِهَذا الصِّنْفِ، واخْتَصَّتْ سَقَرُ بِمَن لَمْ يَكُنْ مِنَ المُصَلِّينَ، وكانُوا يَخُوضُونَ مَعَ الخائِضِينَ، ونَحْوَ ذَلِكَ. ويَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ: ﴿إنَّ المُنافِقِينَ في الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النّارِ﴾ [النساء: ١٤٥]، كَما أنَّ الجَنَّةَ مَنازِلٌ ودَرَجاتٌ، حَسَبَ أعْمالِ المُؤْمِنِينَ. واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب