الباحث القرآني

وقوله تعالى: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَكْسِبُونَ ... الآية، هذا احتجاجٌ على قريشٍ بما أظهر سبحانه في الأمم السالفةِ من نِقمَاتِهِ في الكفارِ الذين كانوا أَكْثَرَ منهم، وأشَدَّ قُوَّةً قال أبو حيان [[ينظر: «البحر المحيط» (7/ 457) .]] : فَما أَغْنى «مَا» نافيةٌ أو استفهامية بمعنى النفي، انتهى. وقوله سبحانه: فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ الآية، الضميرُ في (جاءتهم) عائدٌ على الأمم المذكورةِ، واخْتَلفَ المفسِّرونَ في الضميرِ في فَرِحُوا على مَنْ يَعُودُ؟ فقال مجاهدٌ وغيره: هو عائد على الأممِ المذكُورِينَ [[أخرجه الطبري (11/ 82) برقم: (30413) ، وذكره البغوي (4/ 106) ، وابن عطية (4/ 571) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 89) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 670) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد.]] ، أي: فَرِحُوا بما عِنْدَهُمْ من الْعِلْمِ في ظَنِّهِمْ ومُعْتَقَدِهِمْ من أنهم لا يُبْعَثُونَ ولا يحاسَبُونَ، قال ابن زيد: واغترُّوا بعلمِهِم بالدنيا والمعاش، وظنوا أنه لا آخرة فَفَرِحُوا [[ذكره ابن عطية في «تفسيره» (4/ 571) .]] وهذا كقوله تعالى: يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا [الروم: 7] وقالت فرقة: الضميرُ في فَرِحُوا عائدٌ على الرُّسُلِ، وفي هذا التأويلِ حَذْفٌ وتقديره: فلما جَاءتهم رسُلُهم بالبيناتِ، كذَّبُوهُمْ فَفَرِحَ الرُّسُلُ بما عندَهم من العلمِ باللَّهِ والثقةِ به، وبأنه سينصُرُهُمْ، والضمير في بِهِمْ عائدٌ على الكفارِ بلا خِلافٍ، ثم حكى سبحانَهُ حالةَ بَعْضِهِمْ مِمَّنْ آمَنَ بَعْدَ تَلَبُّسِ العذابِ بهِم، فَلمْ يَنْفَعْهم ذلك وفي ذكر هذا حضٌّ على المبادرة. وسُنَّتَ نصبٌ على المصدرِ، ت: وقيل: المعنى: احْذَرُوا سُنَّةَ اللَّهِ كقوله: ناقَةُ اللَّهِ [الشمس: 13] قَالَ الفَخْرُ، وقوله: هُنالِكَ: اسْمُ مَكَانٍ مُسْتَعَارٌ للزَّمَانِ، أي: وخَسِرُوا وقتَ رؤية البأْس، انتهى، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليما.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب