الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما كانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إذا دُعُوا إلى اللَّهِ ورَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهم أنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وأطَعْنا وأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ ﴿ومَن يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ ويَخْشَ اللَّهَ ويَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الفائِزُونَ﴾ ﴿وأقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أيْمانِهِمْ لَئِنْ أمَرْتَهم لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾ ﴿قُلْ أطِيعُوا اللَّهَ وأطِيعُوا الرَّسُولَ فَإنْ تَوَلَّوْا فَإنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وعَلَيْكم ما حُمِّلْتُمْ وإنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وما عَلى الرَّسُولِ إلّا البَلاغُ المُبِينُ﴾
اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا حَكى قَوْلَ المُنافِقِينَ وما قالُوهُ وما فَعَلُوهُ أتْبَعَهُ بِذِكْرِ ما كانَ يَجِبُ أنْ يَفْعَلُوهُ وما يَجِبُ أنْ يَسْلُكَهُ المُؤْمِنُونَ، فَقالَ تَعالى: ﴿إنَّما كانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ﴾ وفِيهِ مَسائِلُ:
المسألة الأُولى: قَرَأ الحَسَنُ ”قَوْلُ المُؤْمِنِينَ“ بِالرَّفْعِ، والنَّصْبُ أقْوى لِأنَّ أوْلى الِاسْمَيْنِ بِكَوْنِهِ اسْمًا لَكانَ أوْغَلَهُما في التَّعْرِيفِ و”أنْ يَقُولُوا“ أوْغَلُ لِأنَّهُ لا سَبِيلَ عَلَيْهِ لِلتَّنْكِيرِ بِخِلافِ ”قَوْلَ المُؤْمِنِينَ“ .
المسألة الثّانِيَةُ: قَوْلُهُ: ﴿إنَّما كانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ﴾ مَعْناهُ كَذَلِكَ يَجِبُ أنْ يَكُونَ قَوْلُهم وطَرِيقَتُهم إذا دُعُوا إلى حُكْمِ كِتابِ اللَّهِ ورَسُولِهِ أنْ يَقُولُوا: سَمِعْنا وأطَعْنا، فَيَكُونُ إتْيانُهم إلَيْهِ وانْقِيادُهم لَهُ سَمْعًا وطاعَةً، ومَعْنى ﴿سَمِعْنا﴾ أجَبْنا عَلى تَأْوِيلِ قَوْلِ المُسْلِمِينَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ أيْ قَبِلَ وأجابَ، ثم قال: ﴿ومَن يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ أيْ فِيما ساءَهُ وسَرَّهُ ﴿ويَخْشَ اللَّهَ﴾ فِيما صَدَرَ عَنْهُ مِنَ الذُّنُوبِ في الماضِي ﴿ويَتَّقْهِ﴾ فِيما بَقِيَ مِن (p-٢١)عُمْرِهِ ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الفائِزُونَ﴾ وهَذِهِ الآيَةُ عَلى إيجازِها حاوِيَةٌ لِكُلِّ ما يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِينَ أنْ يَفْعَلُوهُ.
أمّا قَوْلُهُ: ﴿وأقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أيْمانِهِمْ لَئِنْ أمَرْتَهم لَيَخْرُجُنَّ﴾ فَقالَ مُقاتِلٌ: مَن حَلَفَ بِاللَّهِ فَقَدْ أجْهَدَ في اليَمِينِ، ثم قال: لَمّا بَيَّنَ اللَّهُ تَعالى كَراهِيَةَ المُنافِقِينَ لِحُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ، فَقالُوا: واللَّهِ لَئِنْ أمَرْتَنا أنْ نَخْرُجَ مِن دِيارِنا وأمْوالِنا ونِسائِنا لَخَرَجْنا، وإنْ أمَرْتَنا بِالجِهادِ جاهَدْنا، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى أمَرَ رَسُولَهُ أنْ يَنْهاهم عَنْ هَذا القَسَمِ بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ لا تُقْسِمُوا﴾ ولَوْ كانَ قَسَمُهم كَما يَجِبُ لَمْ يَجُزِ النَّهْيُ عَنْهُ لِأنَّ مَن حَلَفَ عَلى القِيامِ بِالبِرِّ والواجِبِ لا يَجُوزُ أنْ يُنْهى عَنْهُ، وإذا ثَبَتَ ذَلِكَ ثَبَتَ أنَّ قَسَمَهم كانَ لِنِفاقِهِمْ، وأنَّ باطِنَهم خِلافُ ظاهِرِهِمْ، ومَن نَوى الغَدْرَ لا الوَفاءَ فَقَسَمُهُ لا يَكُونُ إلّا قَبِيحًا.
أمّا قَوْلُهُ: ﴿طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ﴾ فَهو إمّا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أيِ المَطْلُوبُ مِنكم طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ لا أيْمانٌ كاذِبَةٌ، أوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أيْ طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ أمْثَلُ مِن قَسَمِكم بِما لا تَصْدُقُونَ فِيهِ، وقِيلَ مَعْناهُ دَعُوا القَسَمَ ولا تَغْتَرُّوا بِهِ وعَلَيْكم طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ فَتَمَسَّكُوا بِها. وقَرَأ اليَزِيدِيُّ ”طاعَةً مَعْرُوفَةً“ بِالنَّصْبِ عَلى مَعْنى أطِيعُوا طاعَةَ اللَّهِ ﴿إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾ أيْ بَصِيرٌ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِن سَرائِرِكم، وإنَّهُ فاضِحُكم لا مَحالَةَ، ومُجازِيكم عَلى نِفاقِكم.
أمّا قَوْلُهُ: ﴿قُلْ أطِيعُوا اللَّهَ وأطِيعُوا الرَّسُولَ فَإنْ تَوَلَّوْا فَإنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وعَلَيْكم ما حُمِّلْتُمْ﴾ فاعْلَمْ أنَّهُ تَعالى صَرَفَ الكَلامَ عَنِ الغَيْبَةِ إلى الخِطابِ عَلى طَرِيقَةِ الِالتِفاتِ، وهو أبْلَغُ في تَبْكِيتِهِمْ ﴿فَإنْ تَوَلَّوْا﴾ يَعْنِي إنْ تَوَلَّوْا عَنْ طاعَةِ اللَّهِ وطاعَةِ رَسُولِهِ فَإنَّما عَلى الرَّسُولِ ما حُمِّلَ مِن تَبْلِيغِ الرِّسالَةِ، وعَلَيْكم ما حُمِّلْتُمْ مِنَ الطّاعَةِ ﴿وإنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ أيْ تُصِيبُوا الحَقَّ، وإنْ عَصَيْتُمُوهُ فَما عَلى الرَّسُولِ إلّا البَلاغُ المُبِينُ، والبَلاغُ بِمَعْنى التَّبْلِيغِ، والمُبِينُ الواضِحُ، والمُوَضِّحُ لِما بِكم إلَيْهِ الحاجَةُ، وعَنْ نافِعٍ أنَّهُ قَرَأ ”فَإنَّما عَلَيْهِ ما حَمَلَ“ بِفَتْحِ الحاءِ والتَّخْفِيفِ، أيْ فَعَلَيْهِ إثْمُ ما حَمَلَ مِنَ المَعْصِيَةِ.
{"ayahs_start":51,"ayahs":["إِنَّمَا كَانَ قَوۡلَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ إِذَا دُعُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِیَحۡكُمَ بَیۡنَهُمۡ أَن یَقُولُوا۟ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۚ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ","وَمَن یُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَیَخۡشَ ٱللَّهَ وَیَتَّقۡهِ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَاۤىِٕزُونَ","۞ وَأَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ لَىِٕنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَیَخۡرُجُنَّۖ قُل لَّا تُقۡسِمُوا۟ۖ طَاعَةࣱ مَّعۡرُوفَةٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ","قُلۡ أَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُوا۟ ٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَإِنَّمَا عَلَیۡهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَیۡكُم مَّا حُمِّلۡتُمۡۖ وَإِن تُطِیعُوهُ تَهۡتَدُوا۟ۚ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَـٰغُ ٱلۡمُبِینُ"],"ayah":"إِنَّمَا كَانَ قَوۡلَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ إِذَا دُعُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِیَحۡكُمَ بَیۡنَهُمۡ أَن یَقُولُوا۟ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۚ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق