الباحث القرآني
ثُمَّ دَلَّ عَلى ما ذَكَّرَهم مِن وحْدانِيَّتِهِ وقُدْرَتِهِ، بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ في خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ﴾: فَآيَةُ السَّماءِ: ارْتِفاعُها بِغَيْرِ عَمَدٍ مِن تَحْتِها ولا عَلائِقَ مِن فَوْقِها، ثُمَّ ما فِيها مِنَ الشَّمْسِ والقَمَرِ والنُّجُومِ السّائِرَةِ.
وَآيَةُ الأرْضِ: بِحارُها، وأنْهارُها، ومَعادِنُها، وشَجَرُها، وسَهْلُها، وجَبَلُها.
وَآيَةُ اللَّيْلِ والنَّهارِ: اخْتِلافُها بِإقْبالِ أحَدِهِما وإدْبارِ الآخَرِ، فَيُقْبِلُ اللَّيْلُ مِن (p-٢١٧)
حَيْثُ لا يُعْلَمُ، ويُدْبِرُ النَّهارُ إلى حَيْثُ لا يُعْلَمُ، فَهَذا اخْتِلافُهُما.
ثُمَّ قالَ: ﴿والفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي في البَحْرِ بِما يَنْفَعُ النّاسَ﴾ الفُلْكُ: السُّفُنُ، الواحِدُ والجَمْعُ بِلَفْظٍ واحِدٍ، وقَدْ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ.
والآيَةُ فِيها: مِن وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: اسْتِقْلالُها لِحَمْلِها.
والثّانِي: بُلُوغُها إلى مَقْصِدِها.
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وَما أنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِن ماءٍ﴾ يَعْنِي بِهِ المَطَرَ المُنَزَّلَ مِنها، يَأْتِي غالِبًا عِنْدَ الحاجَةِ، ويَنْقَطِعُ عِنْدَ الِاسْتِغْناءِ عَنْهُ، وذَلِكَ مِن آياتِهِ.
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَأحْيا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها﴾ وإحْياؤُها بِذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِن وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: ما تَجْرِي بِهِ أنْهارُها وعُيُونُها.
والثّانِي: ما يَنْبُتُ بِهِ مِن أشْجارِها وزُرُوعِها، وكِلا هَذَيْنِ سَبَبٌ لِحَياةِ الخَلْقِ مِن ناطِقٍ وبُهْمٍ.
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وَبَثَّ فِيها مِن كُلِّ دابَّةٍ﴾ يَعْنِي جَمِيعَ الحَيَوانِ الَّذِي أنْشَأهُ فِيها، سَمّاهُ (دابَّةً) لِدَبِيبِهِ عَلَيْها، والآيَةُ فِيها مَعَ ظُهُورِ القُدْرَةِ عَلى إنْشائِها مِن ثَلاثَةِ أوْجُهٍ: أحَدُها: تَبايُنُ خَلْقِها.
والثّانِي: اخْتِلافُ مَعانِيها.
والثّالِثُ: إلْهامُها وُجُوهَ مَصالِحِها.
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ﴾ والآيَةُ فِيها مِن وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: اخْتِلافُ هُبُوبِها في انْتِقالِ الشَّمالِ جَنُوبًا، والصَّبا دَبُورًا، فَلا يُعْلَمُ لِانْتِقالِها سَبَبٌ، ولا لِانْصِرافِها جِهَةٌ.
والثّانِي: ما جَعَلَهُ في اخْتِلافِها مِن إنْعامٍ يَنْفَعُ، وانْتِقامٍ يُؤْذِي.
وَقَدْ رَوى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ شُرَيْحٍ قالَ: ما هاجَتْ رِيحٌ قَطُّ إلّا لِسُقْمِ صَحِيحٍ أوْ لِشِفاءِ سَقِيمٍ، والرِّياحُ جَمْعُ رِيحٍ وأصْلُها أرْواحٌ.
وَحَكى أبُو مُعاذٍ أنَّهُ كانَ في مُصْحَفِ حَفْصَةَ: وتَصْرِيفِ الأرْواحِ وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: سُمِّيَتِ الرِّيحُ لِأنَّها تُرِيحُ ساعَةً بَعْدَ ساعَةٍ.
قالَ ذُو الرُّمَّةِ: (p-٢١٨)
؎ إذا هَبَّتِ الأرْواحُ مِن نَحْوِ جانِبٍ بِهِ آلُ مَيٍّ هاجَ شَوْقِي هُبُوبُها
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿والسَّحابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ﴾ المُسَخَّرُ: المُذَلَّلُ، والآيَةُ فِيهِ مِن ثَلاثَةِ أوْجُهٍ: أحَدُها: ابْتِداءُ نُشُوئِهِ وانْتِهاءُ تَلاشِيهِ.
والثّانِي: ثُبُوتُهُ بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ مِن غَيْرِ عَمَدٍ ولا عَلائِقَ.
والثّالِثُ: تَسْخِيرُهُ وإرْسالُهُ إلى حَيْثُ يَشاءُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ.
وَهَذِهِ الآيَةُ قَدْ جَمَعَتْ مِن آياتِهِ الدّالَّةِ عَلى وحْدانِيَّتِهِ وقُدْرَتِهِ ما صارَ لِذَوِي العُقُولِ مُرْشِدًا وإلى الحَقِّ قائِدًا.
فَلَمْ يَقْتَصِرِ اللَّهُ بِنا عَلى مُجَرَّدِ الإخْبارِ حَتّى قَرَنَهُ بِالنَّظَرِ والِاعْتِبارِ.
{"ayah":"إِنَّ فِی خَلۡقِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَـٰفِ ٱلَّیۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلۡفُلۡكِ ٱلَّتِی تَجۡرِی فِی ٱلۡبَحۡرِ بِمَا یَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مِن مَّاۤءࣲ فَأَحۡیَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَا وَبَثَّ فِیهَا مِن كُلِّ دَاۤبَّةࣲ وَتَصۡرِیفِ ٱلرِّیَـٰحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلۡمُسَخَّرِ بَیۡنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق