الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ في خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «قالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ: ادْعُ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَ لَنا الصَّفا ذَهَبًا نَتَقَوّى بِهِ عَلى عَدُوِّنا. فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: إنِّي مُعْطِيهِمْ، فَأجْعَلُ لَهُمُ الصَّفا ذَهَبًا، ولَكِنْ إنْ كَفَرُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَذَّبْتُهم عَذابًا لا (p-١٠٨)أُعَذِّبُهُ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ. فَقالَ: ”رَبِّ، دَعْنِي وقَوْمِي، فَأدْعُوهم يَوْمًا بِيَوْمٍ“ . فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿إنَّ في خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ والفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي في البَحْرِ﴾ . وكَيْفَ يَسْألُونَكَ الصَّفا وهم يَرَوْنَ مِنَ الآياتِ ما هو أعْظَمُ مِنَ الصَّفا» ! . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: «سَألَتْ قُرَيْشٌ اليَهُودَ، فَقالُوا: حَدِّثُونا عَمّا جاءَكم بِهِ مُوسى مِنَ الآياتِ، فَحَدَّثُوهم بِالعَصا، وبِيَدِهِ البَيْضاءِ لِلنّاظِرِينَ، وسَألُوا النَّصارى عَمّا جاءَهم بِهِ عِيسى مِنَ الآياتِ، فَأخْبَرُوهم أنَّهُ كانَ يُبْرِئُ الأكْمَهَ والأبْرَصَ، ويُحْيِيَ المَوْتى بِإذْنِ اللَّهِ. فَقالَتْ قُرَيْشٌ عِنْدَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: ادْعُ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَ لَنا الصَّفا ذَهَبًا؛ فَنَزْدادَ بِهِ يَقِينًا، ونَتَقَوّى بِهِ عَلى عَدُوِّنا. فَسَألَ النَّبِيُّ ﷺ رَبَّهُ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: إنِّي مُعْطِيهِمْ ذَلِكَ، ولَكِنْ إنْ كَذَّبُوا بَعْدُ عَذَّبْتُهم عَذابًا لَمْ أُعَذِّبْهُ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ. فَقالَ: ”ذَرْنِي وقَوْمِي، فَأدْعُوهم يَوْمًا بِيَوْمٍ“، فَأنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: ﴿إنَّ في خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ الآيَةَ. فَخَلْقُ السَّماواتِ والأرْضِ واخْتِلافُ اللَّيْلِ والنَّهارِ، أعْظَمُ مِن أنْ أجْعَلَ الصَّفا ذَهَبًا» . وأخْرَجَ وكِيعٌ، والفِرْيابِيُّ، وآدَمُ بْنُ أبِي إياسٍ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ في «العَظَمَةِ»، والبَيْهَقِيُّ (p-١٠٩)فِي «شُعَبِ الإيمانِ»، عَنْ أبِي الضُّحى قالَ: لَمّا نَزَلَتْ: ﴿وإلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ﴾ [البقرة: ١٦٣] عَجِبَ المُشْرِكُونَ وقالُوا: إنَّ مُحَمَّدًا يَقُولُ: وإلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ إنْ كانَ مِنَ الصّادِقِينَ. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إنَّ في خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ الآيَةَ. يَقُولُ: إنَّ في هَذِهِ الآياتِ: ﴿لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: «نَزَلَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ بِالمَدِينَةِ: ﴿وإلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ لا إلَهَ إلا هو الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ١٦٣] فَقالَ كُفّارُ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ: كَيْفَ يَسَعُ النّاسَ إلَهٌ واحِدٌ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إنَّ في خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ فَبِهَذا يَعْلَمُونَ أنَّهُ إلَهٌ واحِدٌ، وأنَّهُ إلَهُ كُلِّ شَيْءٍ وخالِقُ كُلِّ شَيْءٍ» . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ﴾ وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ في «العَظَمَةِ»، عَنْ سَلْمانَ قالَ: اللَّيْلُ مُوَكَّلٌ بِهِ مَلَكٌ يُقالُ لَهُ: شَراهِيلُ. فَإذا حانَ وقْتُ اللَّيْلِ أخَذَ خَرَزَةً سَوْداءَ، فَدَلّاها مِن قِبَلِ المَغْرِبِ، فَإذا نَظَرَتْ إلَيْها الشَّمْسُ وجَبَتْ في أسْرَعِ مِن طَرْفَةِ عَيْنٍ، وقَدْ أُمِرَتِ الشَّمْسُ ألّا تَغْرُبَ حَتّى تَرى الخَرَزَةَ، فَإذا غَرَبَتْ جاءَ اللَّيْلُ، فَلا تَزالُ الخَرَزَةُ مُعَلَّقَةً حَتّى يَجِيءَ مَلَكٌ آخَرُ يُقالُ لَهُ: هَراهِيلُ. بِخَرَزَةٍ بَيْضاءَ، فَيُعَلِّقُها مِن قِبَلِ المَطْلِعِ، فَإذا رَآها شَراهِيلُ مَدَّ إلَيْهِ خَرَزَتَهُ، وتَرى الشَّمْسُ الخَرَزَةَ البَيْضاءَ فَتَطْلُعُ، وقَدْ أُمِرَتْ ألّا (p-١١٠)تَطْلُعَ حَتّى تَراها، فَإذا طَلَعَتْ جاءَ النَّهارُ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي في البَحْرِ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي مالِكٍ في قَوْلِهِ: ﴿والفُلْكِ﴾ قالَ: السَّفِينَةِ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وبَثَّ فِيها مِن كُلِّ دابَّةٍ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿وبَثَّ فِيها مِن كُلِّ دابَّةٍ﴾ قالَ: بَثَّ: خَلَقَ. وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ جابِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”أقِلُّوا الخُرُوجَ إذا هَدَأتِ الرِّجْلُ، إنَّ اللَّهَ يَبُثُّ مِن خَلْقِهِ بِاللَّيْلِ ما شاءَ“» . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وتَصْرِيفِ الرِّياحِ﴾ . أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وتَصْرِيفِ الرِّياحِ﴾ قالَ: إذا شاءَ جَعَلَها رَحْمَةً، لَواقِحَ لِلسَّحابِ ونَشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، وإذا شاءَ جَعَلَها عَذابًا، رِيحًا عَقِيمًا لا تُلْقِحُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قالَ: كُلُّ شَيْءٍ في القُرْآنِ مِنَ الرِّياحِ (p-١١١)فَهِيَ رَحْمَةٌ، وكُلُّ شَيْءٍ في القُرْآنِ مِنَ الرِّيحِ فَهو عَذابٌ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ»، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قالَ: لا تَسُبُّوا الرِّيحَ؛ فَإنَّها مِن نَفَسِ الرَّحْمَنِ، قَوْلُهُ: ﴿وتَصْرِيفِ الرِّياحِ والسَّحابِ المُسَخَّرِ﴾ ولَكِنْ قُولُوا: اللَّهُمَّ إنّا نَسْألُكَ مِن خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ وخَيْرِ ما فِيها وخَيْرِ ما أُرْسِلَتْ بِهِ، ونَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّها وشَرِّ ما أُرْسِلَتْ بِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدّادِ بْنِ الهادِ قالَ: الرِّيحُ مِن رُوحِ اللَّهِ، فَإذا رَأيْتُمُوها فاسْألُوا مِن خَيْرِها وتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِن شَرِّها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَبْدَةَ، عَنْ أبِيها قالَ: إنَّ مِنَ الرِّياحِ رَحْمَةً، ومِنها رِياحُ عَذابٍ، فَإذا سَمِعْتُمُ الرِّياحَ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ اجْعَلْها رِياحَ رَحْمَةٍ ولا تَجْعَلْها رِياحَ عَذابٍ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ في «العَظَمَةِ»، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الماءُ والرِّيحُ جُنْدانِ مِن جُنُودِ اللَّهِ، والرِّيحُ جُنْدُ اللَّهِ الأعْظَمُ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: الرِّيحُ لَها جَناحانِ وذَنَبٌ. وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في كِتابِ «المَطَرِ»، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ في «العَظَمَةِ»، عَنِ ابْنِ عَمْرٍو قالَ: الرِّياحُ ثَمانٌ؛ أرْبَعٌ مِنها (p-١١٢)رَحْمَةٌ، وأرْبَعٌ عَذابٌ؛ فَأمّا الرَّحْمَةُ؛ فالنّاشِراتُ، والمُبَشِّراتُ، والمُرْسَلاتُ، والذّارِياتُ، وأمّا العَذابُ؛ فالعَقِيمُ، والصَّرْصَرُ، وهُما في البَرِّ، والعاصِفِ، والقاصِفِ، وهُما في البَحْرِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الرِّياحُ ثَمانٌ؛ أرْبَعٌ رَحْمَةٌ، وأرْبَعٌ عَذابٌ، الرَّحْمَةُ؛ المُنْتَشِراتُ والمُبَشِّراتُ والمُرْسَلاتُ والرَّخاءُ، والعَذابُ؛ العاصِفُ والقاصِفُ، وهُما في البَحْرِ، والعَقِيمُ والصَّرْصَرُ وهُما في البَرِّ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ عِيسى بْنِ أبِي عِيسى الخَيّاطِ قالَ: بَلَغَنا أنَّ الرِّياحَ سَبْعٌ؛ الصَّبا والدَّبُورُ والجَنُوبُ والشَّمالُ والنَّكْباءُ والخَرُوقُ ورِيحُ القائِمِ، فَأمّا الصَّبا فَتَجِيءُ مِنَ المَشْرِقِ، وأمّا الدَّبُورُ فَتَجِيءُ مِنَ المَغْرِبِ، وأمّا الجَنُوبُ فَتَجِيءُ عَنْ يَسارِ القِبْلَةِ، وأمّا الشَّمالُ فَتَجِيءُ عَنْ يَمِينِ القِبْلَةِ، وأمّا النَّكْباءُ فَبَيْنَ الصَّبا والجَنُوبِ، وأمّا الخَرُوقُ فَبَيْنَ الشَّمالِ والدَّبُورِ، وأمّا رِيحُ القائِمِ فَأنْفاسُ الخَلْقِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: جُعِلَتِ الرِّياحُ عَلى الكَعْبَةِ، فَإذا أرَدْتَ أنْ تَعْلَمَ ذَلِكَ فَأسْنِدْ ظَهْرَكَ إلى بابِ الكَعْبَةِ؛ فَإنَّ الشَّمالَ عَنْ شِمالِكَ، وهي مِمّا يَلِي الحِجْرَ، والجَنُوبَ عَنْ يَمِينِكَ، وهو مِمّا يَلِي الحَجَرَ الأسْوَدَ، والصَّبا (p-١١٣)مُقابِلُكَ، وهي مُسْتَقْبِلُ بابِ الكَعْبَةِ، والدَّبُورُ مِن دُبُرِ الكَعْبَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الجُعْفِيِّ قالَ: سَألْتُ إسْرائِيلَ بْنَ يُونُسَ: عَنْ أيِّ شَيْءٍ سُمِّيَتِ الرِّيحُ؟ قالَ: عَلى القِبْلَةِ؛ شَمالُهُ الشَّمالُ، وجَنُوبُهُ الجَنُوبُ، والصَّبا: ما جاءَ مِن قِبَلِ وجْهِها، والدَّبُورُ: ما جاءَ مِن خَلْفِها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ قالَ: الدَّبُورُ الرِّيحُ الغَرْبِيَّةُ، والقَبُولُ الشَّرْقِيَّةُ، والشَّمالُ الجَنُوبِيَّةُ، واليَمانُ القِبْلِيَّةُ، والنَّكْباءُ تَأْتِي مِنَ الجَوانِبِ الأرْبَعِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الشَّمالُ: ما بَيْنَ الجَدْيِ ومَطْلِعِ الشَّمْسِ، والجَنُوبُ: ما بَيْنَ مَطْلِعِ الشَّمْسِ وسُهَيْلٍ، والصَّبا: ما بَيْنَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ إلى الجَدْيِ، والدَّبُورُ: ما بَيْنَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ إلى سُهَيْلٍ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”الجَنُوبُ مِن رِيحِ الجَنَّةِ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا في كِتابِ «السَّحابِ»، وابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ في (p-١١٤)«العَظَمَةِ»، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”رِيحُ الجَنُوبِ مِنَ الجَنَّةِ، وهي مِنَ اللَّواقِحِ، وفِيها مَنافِعُ لِلنّاسِ، والشَّمالُ مِنَ النّارِ، تَخْرُجُ فَتَمُرُّ بِالجَنَّةِ، فَتُصِيبُها نَفْحَةٌ مِنَ الجَنَّةِ، فَبَرْدُها مِن ذَلِكَ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وإسْحاقُ بْنُ راهُوَيْهِ، في «مُسْنَدَيْهِما»، والبُخارِيُّ في «تارِيخِهِ»، والبَزّارُ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ أبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «”إنَّ اللَّهَ خَلَقَ في الجَنَّةِ رِيحًا بَعْدَ الرِّيحِ بِسَبْعِ سِنِينَ، مِن دُونِها بابٌ مُغْلَقٌ، وإنَّما يَأْتِيكُمُ الرِّيحُ مِن خَلَلِ ذَلِكَ البابِ، ولَوْ فُتِحَ ذَلِكَ البابُ لَأذْرَتْ ما بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ، وهي عِنْدَ اللَّهِ الأزْيَبُ، وعِنْدَكُمُ الجَنُوبُ“» . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الجَنُوبُ سَيِّدَةُ الأرْواحِ، واسْمُها عِنْدَ اللَّهِ الأزْيَبُ، ومِن دُونِها سَبْعَةُ أبْوابٍ، وإنَّما يَأْتِيكم مِنها ما يَأْتِيكم مِن خَلَلِها، ولَوْ فُتِحَ مِنها بابٌ واحِدٌ لَأذْرَتْ ما بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ما راحَتْ جَنُوبٌ قَطُّ إلّا سالَ وادٍ مِن ماءٍ، رَأيْتُمُوهُ أوْ لَمْ تَرَوْهُ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبادَةَ قالَ: الشَّمالُ مِلْحُ الأرْضِ، ولَوْلا (p-١١٥)الشَّمالُ لا تُنْبِتُ الأرْضُ. وأخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ في «زَوائِدِ الزُّهْدِ»، وأبُو الشَّيْخِ في «العَظَمَةِ»، عَنْ كَعْبٍ قالَ: لَوِ احْتُبِسَتِ الرِّيحُ عَنِ النّاسِ ثَلاثَةَ أيّامٍ لَأنْتَنَ ما بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المُبارَكِ قالَ: إنَّ لِلرِّيحِ جَناحًا، وإنَّ القَمَرَ يَأْوِي إلى غِلافٍ مِنَ الماءِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ عُثْمانَ الأعْرَجِ قالَ: إنَّ مَساكِنَ الرِّياحِ تَحْتَ أجْنِحَةِ الكَرُوبِيِّينَ حَمَلَةِ العَرْشِ، فَتَهِيجُ فَتَقَعُ بِعَجَلَةِ الشَّمْسِ، فَتُعِينُ المَلائِكَةَ عَلى جَرِّها، ثُمَّ تَهِيجُ مِن عَجَلَةِ الشَّمْسِ، فَتَقَعُ في البَحْرِ، ثُمَّ تَهِيجُ في البَحْرِ، فَتَقَعُ بِرُءُوسِ الجِبالِ، ثُمَّ تَهِيجُ مِن رُءُوسِ الجِبالِ، فَتَقَعُ في البَرِّ، فَأمّا الشَّمالُ فَإنَّها تَمُرُّ بِجَنَّةِ عَدْنٍ، فَتَأْخُذُ مِن عَرْفِ طِيبِها، ثُمَّ تَأْتِي الشَّمالُ حَدُّها مِن كُرْسِيِّ بَناتِ نَعْشٍ إلى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، وتَأْتِي الدَّبُورُ حَدُّها مِن مَغْرِبِ الشَّمْسِ إلى مَطْلِعِ سُهَيْلٍ، وتَأْتِي الجَنُوبُ حَدُّها مِن مَطْلِعِ سُهَيْلٍ إلى مَطْلِعِ الشَّمْسِ، وتَأْتِي الصَّبا حَدُّها مِن مَطْلِعِ الشَّمْسِ إلى كُرْسِيِّ بَناتِ نَعْشٍ، فَلا تَدْخُلُ هَذِهِ في حَّدِ هَذِهِ، ولا هَذِهِ في (p-١١٦)حَدِّ هَذِهِ. وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، وأبُو داوُدَ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «أخَذَتِ النّاسَ رِيحٌ بِطَرِيقِ مَكَّةَ وعُمَرُ حاجٌّ، فاشْتَدَّتْ، فَقالَ عُمَرُ لِمَن حَوْلَهُ: ما بَلَغَكم في الرِّيحِ؟ فَقُلْتُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ”الرِّيحُ مِن رَوْحِ اللَّهِ، تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وبِالعَذابِ، فَلا تَسُبُّوها، وسَلُوا اللَّهَ مِن خَيْرِها، وعُوذُوا بِاللَّهِ مِن شَرِّها“» . وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ، عَنْ صَفْوانَ بْنِ سُلَيْمٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”لا تَسُبُّوا الرِّيحَ، وعُوذُوا بِاللَّهِ مِن شَرِّها“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ»، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، «أنَّ رَجُلًا لَعَنَ الرِّيحَ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: ”لا تَلْعَنِ الرِّيحَ، فَإنَّها مَأْمُورَةٌ، وإنَّهُ مَن لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ“» . وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ، وأبُو الشَّيْخِ، والبَيْهَقِيُّ في «المَعْرِفَةِ»، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «ما هَبَّتْ رِيحٌ قَطُّ إلّا جَثا النَّبِيُّ ﷺ عَلى رُكْبَتَيْهِ وقالَ: ”اللَّهُمَّ اجْعَلْها رَحْمَةً ولا تَجْعَلْها عَذابًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْها رِياحًا ولا تَجْعَلْها رِيحًا“» . قالَ ابْنُ (p-١١٧)عَبّاسٍ: واللَّهِ، إنَّ تَفْسِيرَ ذَلِكَ في كِتابِ اللَّهِ: ﴿فَأرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا﴾ [فصلت: ١٦]، و﴿أرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ العَقِيمَ﴾ [الذاريات: ٤١]، وقالَ: ﴿وأرْسَلْنا الرِّياحَ لَواقِحَ﴾ [الحجر: ٢٢] . وأرْسَلَنا الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ. وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ في «زَوائِدِ المُسْنَدِ»، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”لا تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإنَّها مِن رَوْحِ اللَّهِ تَعالى، وسَلُوا اللَّهَ خَيْرَها وخَيْرَ ما فِيها وخَيْرَ ما أُرْسِلَتْ بِهِ، وتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِن شَرِّها وشَرِّ ما فِيها وشَرِّ ما أُرْسِلَتْ بِهِ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: هاجَتْ رِيحٌ فَسَبُّوها، فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لا تَسُبُّوها؛ فَإنَّها تَجِيءُ بِالرَّحْمَةِ، وتَجِيءُ بِالعَذابِ، ولَكِنْ قُولُوا: اللَّهُمَّ اجْعَلْها رَحْمَةً، ولا تَجْعَلْها عَذابًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أنَّهُ كانَ إذا عَصَفَتِ الرِّيحُ فَدارَتْ يَقُولُ: شُدُّوا التَّكْبِيرَ، فَإنَّها مُذْهِبَةٌ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي لَيْلى قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”لا تَسُبُّوا اللَّيْلَ والنَّهارَ، ولا الشَّمْسَ، ولا القَمَرَ، ولا الرِّيحَ؛ فَإنَّها تُبْعَثُ (p-١١٨)عَذابًا عَلى قَوْمٍ، ورَحْمَةً عَلى آخَرِينَ“» . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والسَّحابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ في «العَظَمَةِ»، والبَيْهَقِيُّ في «الأسْماءِ والصِّفاتِ»، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ مُعاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ الجُهَنِيِّ قالَ: رَأيْتُ ابْنَ عَبّاسٍ سَألَ تُبَيْعَ ابْنَ امْرَأةِ كَعْبٍ: هَلْ سَمِعْتَ كَعْبًا يَقُولُ في السَّحابِ شَيْئًا؟ قالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إنَّ السَّحابَ غِرْبالُ المَطَرِ، لَوْلا السَّحابُ حِينَ يَنْزِلُ الماءُ مِنَ السَّماءِ لَأفْسَدَ ما يَقَعُ عَلَيْهِ مِنَ الأرْضِ. قالَ: وسَمِعْتُ كَعْبًا يَذْكُرُ أنَّ الأرْضَ تُنْبِتُ العامَ نَباتًا، وتُنْبِتُ عامًا قابِلًا غَيْرَهُ. وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إنَّ البَذْرَ يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ مَعَ المَطَرِ، فَيَخْرُجُ في الأرْضِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: صَدَقْتَ، وأنا قَدْ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِن كَعْبٍ. أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ في «العَظَمَةِ»، عَنْ عَطاءٍ قالَ: السَّحابُ يَخْرُجُ مِنَ الأرْضِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ خالِدِ بْنِ مَعْدانَ قالَ: إنَّ في الجَنَّةِ شَجَرَةً تُثْمِرُ السَّحابَ، فالسَّوْداءُ مِنها الثَّمَرَةُ الَّتِي نَضِجَتِ الَّتِي تَحْمِلُ المَطَرَ، والبَيْضاءُ الثَّمَرَةُ الَّتِي لَمْ تَنْضَجْ لا تَحْمِلُ المَطَرَ. (p-١١٩)وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: السَّحابُ الأسْوَدُ فِيهِ المَطَرُ، والأبْيَضُ فِيهِ النَّدى، وهو الَّذِي يُنْضِجُ الثِّمارَ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ أبِي المُثَنّى أنَّ الأرْضَ قالَتْ: رَبِّ ارْوِنِي مِنَ الماءِ، ولا تُنْزِلْهُ عَلَيَّ مُنْهَمِرًا كَما أنْزَلْتَهُ عَلَيَّ يَوْمَ الطُّوفانِ. قالَ: سَأجْعَلُ لَكِ السَّحابَ غِرْبالًا. وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في كِتابِ «المَطَرِ»، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الغِفارِيِّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «”يُنْشِئُ اللَّهُ السَّحابَ، فَيَنْطِقُ أحْسَنَ المَنطِقِ، ويَضْحَكُ أحْسَنَ الضَّحِكِ“» . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ عائِشَةَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «”إذا أنْشَأتْ بَحْرِيَّةً ثُمَّ تَشامَتْ فَتِلْكَ عَيْنٌ أوْ عامٌ غَدِيقَةٌ“» . يَعْنِي: مَطَرًا كَثِيرًا. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ»، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: أشَدُّ خَلْقِ رَبِّكَ عَشَرَةٌ؛ الجِبالُ، والحَدِيدُ يَنْحِتُ الجِبالَ، والنّارُ تَأْكُلُ الحَدِيدَ، والماءُ يُطْفِئُ (p-١٢٠)النّارَ، والسَّحابُ المُسَخَّرُ بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ يَحْمِلُ الماءَ، والرِّيحُ تُقِلُّ السَّحابَ، والإنْسانُ يَتَّقِي الرِّيحَ بِيَدِهِ، ويَذْهَبُ فِيها لِحاجَتِهِ، والسُّكْرُ يَغْلِبُ الإنْسانَ، والنَّوْمُ يَغْلِبُ السُّكْرَ، والهَمُّ يَمْنَعُ النَّوْمَ، فَأشَدُّ خَلْقِ رَبِّكَ الهَمُّ. أخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ، أنَّهُ كانَ إذا نَظَرَ إلى السَّحابِ قالَ: فِيهِ واللَّهِ رِزْقُكُمْ، ولَكِنَّكم تُحْرَمُونَهُ بِذُنُوبِكم. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأبُو داوُدَ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، عَنْ عائِشَةَ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كانَ إذا رَأى سَحابًا مُقْبِلًا مِن أُفُقٍ مِنَ الآفاقِ، تَرَكَ ما هو فِيهِ، وإنْ كانَ في صَلاةٍ، حَتّى يَسْتَقْبِلَهُ، فَيَقُولُ: ”اللَّهُمَّ إنّا نَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ ما أُرْسِلَ بِهِ“ فَإنْ أمْطَرَ قالَ: ”اللَّهُمَّ سَيْبًا نافِعًا“ . مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلاثًا، وإنْ كَشَفَهُ اللَّهُ ولَمْ يُمْطِرْ حَمِدَ اللَّهَ عَلى ذَلِكَ» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب