الباحث القرآني
قوله تعالى: {كَذِباً} : فيه أربعة أوجه، أحدها: أنه مفعول «افترى» أي: اختلقَ كَذِباً وافتعله. الثاني: أنه مصدرٌ له على المعنى أي: افترى افتراءً، وفي هذا نظر؛ لأنَّ المعهود في مثل ذلك إنما هو فيما كان المصدر فيه نوعاً من الفعل نحو: «قعد القرفصاء» أو مرادفاً له ك «قعدت جلوساً» أمَّا/ ما كان المصدر فيه أعمَّ من فعله نحو: افترى كذباً وَتَقَرْفَصَ قعوداً، فهذا غيرُ معهود إذ لا فائدة فيه، والكذبُ أعمُّ من الافتراء، وقد تقدم تحقيقه. الثالث: أنه مفعول من أجله أي: افترى لأجل الكذب. الرابع: أنه مصدر واقع موقع الحال أي: افترى حال كونه كاذباً وهي حال مؤكدة. وقوله «أو قال» عطف على افترى، و «إلى» في محل رفع لقيامه مقام الفاعل. وجَوَّز أبو البقاء أن يكون القائم مقام الفاعل ضمير المصدر قال: «تقديره: أُوحي إليَّ الوحيُ أو الإِيحاء» ، والأول أولى؛ لأن فيه فائدةً جديدة بخلاف الثاني فإن معنى المصدر مفهوم من الفعل قبله.
قوله: {وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} جملة حالية، وحُذِف الفاعل هنا تعظيماً له لأنَّ الموحي هو الله تعالى. وقوله: «ومن قال» مجرور المحل لأنه نَسَقٌ على «مَنْ» المجرور ب مِنْ أي: وممَّن قال. وقد تقدَّم نظير هذا الاستفهام في البقرة، وهناك سؤال وجوابه. وقرأ أبو حيوة: «سَأُنَزِّل» مضعفاً. وقوله: «مثلَ» يجوز فيه وجهان أحدهما: أنه منصوبٌ على المفعول به أي: سأنزل قرآناً مثل ما أنزل الله، و «ما» على هذا موصولة اسمية أو نكرة موصوفة أي: مثل الذي أنزله أو مثل شيء أنزله. والثاني: أن يكون نعتاً لمصدر محذوف تقديره: سأنزل إنزالاً مثل ما أنزل الله، و «ما» على هذا مصدرية أي: مثل إنزال الله، و «إذ» منصوبٌ ب «ترى» ، ومفعول الرؤية محذوف أي: ولو ترى الكفار أو الكذَبة، ويجوز أن لا يُقَدَّر لها مفعول أي: ولو كنت من أهل الرؤية في هذا الوقت، وجواب «لو» محذوف أي: لَرَأَيْتَ أمراً عظيماً. و «الظالمون» يجوز أن تكون فيه أل للجنس، وأن تكون للعهدِ، والمراد بهم مَنْ تقدَّم ذكرُه من المشركين واليهود والكذَبَة المفترين.
و {فِي غَمَرَاتِ الموت} خبر المبتدأ، والجملة في محل خفض بالظرف. والغَمَرات: جمع غَمْرة وهي الشدة المفظعة، وأصلها مِنْ غَمَرَهُ الماء إذا ستره، كأنها تستر بغمِّها وتنزل به، قال:
1982 - ولا يُنْجي من الغَمَراتِ إلاَّ ... بَرَاكاءُ القتالِ أو الفرارُ
وتجمع على غُمَر كعَمْرة وعُمَر، قال:
1983 -. . . . . . . . . . . . . . . . . . ... وحان لتالِكَ الغُمَرِ انقشاعُ
ويروى «انحسار» . وقال الراغب: «أصل الغَمْر إزالة أثر الشيء، ومنه قيل للماء الكثير الذي يزيل أثر سيله غَمْر وغامِر، وأنشد غيرُ الراغب على غامر:
1984 - نصفَ النهارُ الماءُ غامِرُه ... ورفيقُه بالغيب لا يدري
ثم قال:» والغَمْرَة معظمُ الماء لسَتْرها مقرَّها، وجُعِلت مثلاً للجهالة التي تغمر صاحبها «. والغَمْر: الذي لم يجرِّبْ الأمور وجمعه أغمار، والغِمْر: بالكسر الحقد، والغَمْر بالفتح الماء الكثير، والغَمَر بفتح الغين والميم ما يغمر من رائحة الدسم سائرَ الروائح، ومنه الحديث:» من بات وفي يديه غَمَر «، وغَمِرَت يده وغَمِر عرضَه دنسٌ، ودخلوا في غُمار الناس وخمارهم، والغُمْرَة ما يُطْلَى به من الزَّعْفَران، ومنه قيل للقَدَح الذي يُتناول به الماء: غُمَرٌ، وفلان مغامِرٌ: إذا رَمى بنفسه في الحرب: إمَّا لتوغُّله وخوضه فيه، وإمَّا لتصور الغَمارة منه.
قوله: {والملائكة باسطوا} جملة في محل نصب على الحال من الضمير المستكنِّ في قوله» في غَمَرات «و» أيديهم «خفض لفظاً وموضعه نصب، وإنما سقطت النون تخفيفاً.
قوله: {أخرجوا} منصوب المحل بقول مضمر، والقول يُضْمر كثيراً تقديره: يقولون: أخرجوا، كقوله: {يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد: 23] أي يقولون: سلامٌ عليكم، وذلك القول المضمر في محلِّ نصبٍ على الحال من الضمير في» باسطو «.
قوله: {اليوم تُجْزَوْنَ} في هذا الظرف وجهان، أحدهما: أنه منصوب ب» أخْرِجوا «بمعنى أخرجوها من أبدانكم، فهذا القول في الدنيا، ويجوز أن يكونَ في يوم القيامة، والمعنى: خلِّصوا أنفسكم من العذاب، فالوقف على قوله» اليوم «. والابتداءُ بقوله {تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهون} . والثاني: أنه/ منصوب بتُجْزون، والوقف حينئذ على» أنفسَكم «، والابتداء بقوله» اليوم «والمراد باليوم يحتمل أن يكون وقت الاحتضار وأن يكون يوم القيامة، و» عذابَ «مفعول ثان والأول قائم مقام الفاعل، والهُون: الهَوان، قال تعالى: {أَيُمْسِكُهُ على هُون} [النحل: 59] وقال ذو الإِصبع:
1985 - اذهَبْ إليك فيما أمي براعيةٍ ... ترعى المَخَاضَ ولا أُغْضي على الهُون
وقالت الخنساء:
1986 - يُهينُ النفوسَ وهُونُ النفو ... سِ يومَ الكريهة أَبْقَى لها
وأضاف العذابَ إلى الهُون إيذاناً بأنه متمكن فيه، وذلك أنه ليس كلُّ عذابٍ يكون فيه هُون، لأنه قد يكون على سبيل الزجر والتأديب، ويجوز أن يكون من باب إضافةِ الموصوفِ الى صفته، وذلك أن الأصل: العذاب الهون، وصفَه به مبالغةً ثم أضافه إليه على حدِّ إضافته في قولهم: بقلة الحمقاء ونحوه. ويدل على أن الهُون بمعنى الهوان قراءة عبد الله وعكرمة له كذلك.
قوله: {بِمَا كُنتُمْ} » ما «مصدريةٌ أي: بكونكم قائلين غير الحق وكونكم مستكبرين. والباء متعلقة بتُجْزون أي بسببه. و» غير الحق «نصبُه من وجهين، أحدهما: أنه مفعول به أي: تذكرون غير الحق. والثاني: أنه نعت مصدرٍ محذوفٍ أي: تقولون القول غير الحق. وقوله:» وكنتم «يجوز فيه وجهان، أحدهما: وهو الظاهر أنه عطف على» كنتم «الأولى فتكون صلةً ل» ما «كما تقدم. والثاني: أنها جملة مستأنفة سِيقت للإِخبار بذلك. و» عن آياته «متعلق بخبر كان، وقُدِّم لأجل الفواصل.
{"ayah":"وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ قَالَ أُوحِیَ إِلَیَّ وَلَمۡ یُوحَ إِلَیۡهِ شَیۡءࣱ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثۡلَ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُۗ وَلَوۡ تَرَىٰۤ إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِی غَمَرَ ٰتِ ٱلۡمَوۡتِ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ بَاسِطُوۤا۟ أَیۡدِیهِمۡ أَخۡرِجُوۤا۟ أَنفُسَكُمُۖ ٱلۡیَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ ٱلۡهُونِ بِمَا كُنتُمۡ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَیۡرَ ٱلۡحَقِّ وَكُنتُمۡ عَنۡ ءَایَـٰتِهِۦ تَسۡتَكۡبِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق