الباحث القرآني

(p-٢٩٨)سُورَةُ المُجادَلَةِ. مَدَنِيَّةٌ. أخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ، والنَّحّاسُ، وأبُو الشَّيْخِ في «العَظَمَةِ»، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ «المُجادَلَةِ» بِالمَدِينَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، مِثْلَهُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ﴾ الآياتِ. أخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والبُخارِيُّ تَعْلِيقًا، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في «سُنَنِهِ» عَنْ عائِشَةَ قالَتِ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وسِعَ سَمْعُهُ الأصْواتَ، لَقَدْ جاءَتِ المُجادِلَةُ إلى النَّبِيِّ ﷺ – تُكَلِّمُهُ، وأنا في ناحِيَةِ البَيْتِ ما أسْمَعُ ما تَقُولُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ» . وأخْرَجَ ابْنُ ماجَهْ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، (p-٢٩٩)والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «تَبارَكَ الَّذِي وسِعَ سَمْعُهُ كُلَّ شَيْءٍ، إنِّي لَأسْمَعُ كَلامَ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ، ويَخْفى عَلَيَّ بَعْضُهُ، وهي تَشْتَكِي زَوْجَها إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وهي تَقُولُ: يا رَسُولَ اللَّهِ أكَلَ شَبابِي، ونَثَرْتُ لَهُ بَطْنِي، حَتّى إذا كَبِرَتْ سِنِّي، وانْقَطَعَ ولَدِي، ظاهَرَ مِنِّي، اللَّهُمَّ إنِّي أشْكُو إلَيْكَ، قالَتْ: فَما بَرِحَتْ حَتّى نَزَلَ جِبْرِيلُ بِهَؤُلاءِ الآياتِ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها﴾ وهو أوْسُ بْنُ الصّامِتِ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في «الأسْماءِ والصِّفاتِ» عَنِ أبِي يَزِيدَ، قالَ: لَقِيَتِ امْرَأةٌ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ، يُقالُ لَها: خَوْلَةُ، وهو يَسِيرُ مَعَ النّاسِ فاسْتَوْقَفَتْهُ، فَوَقَفَ لَها، ودَنا مِنها، وأصْغى إلَيْها رَأْسَهُ، ووَضَعَ يَدَيْهِ عَلى مَنكِبَيْها حَتّى قَضَتْ حاجَتَها وانْصَرَفَتْ، فَقالَ لَهُ رَجُلٌ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ: حَبَسْتَ رِجالاتِ قُرَيْشٍ عَلى هَذِهِ العَجُوزِ! قالَ: ويْحَكَ، وتَدْرِي مَن هَذِهِ؟ قالَ: لا، قالَ: هَذِهِ امْرَأةٌ سَمِعَ اللَّهُ شَكْواها مِن فَوْقِ سَبْعِ سَمَواتٍ، هَذِهِ خَوْلَةُ (p-٣٠٠)بِنْتُ ثَعْلَبَةَ، واللَّهِ لَوْ لَمْ تَنْصَرِفْ عَنِّي إلى اللَّيْلِ، ما انْصَرَفْتُ حَتّى تَقْضِيَ حاجَتَها. وأخْرَجَ البُخارِيُّ في «تارِيخِهِ»، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ ثُمامَةَ بْنِ حَزْنٍ قالَ: بَيْنَما عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ يَسِيرُ عَلى حِمارِهِ لَقِيَتْهُ امْرَأةٌ، فَقالَتْ: قِفْ يا عُمَرُ، فَوَقَفَ، فَأغْلَظَتْ لَهُ القَوْلَ، فَقالَ رَجُلٌ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ ما رَأيْتُ كاليَوْمِ! فَقالَ: وما يَمْنَعُنِي أنْ أسْتَمِعَ إلَيْها، وهي الَّتِي اسْتَمَعَ اللَّهُ لَها، أنْزَلَ فِيها ما أنْزَلَ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها﴾ . وأخْرَجَ أحْمَدُ وأبُو داوُدَ، وابْنُ المُنْذِرِ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ، مِن طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ قالَ: «حَدَّثَتْنِي خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ قالَتْ: فِيَّ واللَّهِ وفي أوْسِ بْنِ الصّامِتِ أنْزَلَ اللَّهُ صَدْرَ سُورَةِ «المُجادَلَةِ»، قالَتْ: كُنْتُ عِنْدَهُ، وكانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ ساءَ خُلُقُهُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا فَراجَعْتُهُ بِشَيْءٍ فَغَضِبَ، فَقالَ: أنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، ثُمَّ رَجَعَ فَجَلَسَ في نادِي قَوْمِهِ ساعَةً، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ، فَإذا هو يُرِيدُنِي عَنْ نَفْسِي، قُلْتُ: كَلّا، والَّذِي (p-٣٠١)نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ لا تَصِلُ إلَيَّ وقَدْ قُلْتَ ما قُلْتَ، حَتّى يَحْكُمَ اللَّهُ ورَسُولُهُ فِينا، ثُمَّ جِئْتُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَما بَرِحْتُ حَتّى نَزَلَ القُرْآنُ، فَتَغَشّى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ما كانَ يَتَغَشّاهُ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقالَ لِي: «يا خَوْلَةُ قَدْ أنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وفي صاحِبِكِ» ثُمَّ قَرَأ عَلَيَّ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿عَذابٌ ألِيمٌ﴾ فَقالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً» قُلْتُ يا رَسُولَ اللَّهِ: ما عِنْدَهُ ما يُعْتِقُ، قالَ: «فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ» قُلْتُ: واللَّهِ، إنَّهُ لَشَيْخٌ كَبِيرٌ، ما بِهِ مِن صِيامٍ، قالَ: «فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وسْقًا مِن تَمْرٍ» قُلْتُ: واللَّهِ، ما ذاكَ عِنْدَهُ، قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فَإنّا سَنُعِينُهُ بِعَرَقٍ مِن تَمْرٍ» فَقُلْتُ: وأنا يا رَسُولَ اللَّهِ سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ، قالَ: «فَقَدْ أصَبْتِ وأحْسَنْتِ فاذْهَبِي فَتَصَدَّقِي بِهِ عَنْهُ، ثُمَّ اسْتَوْصِي بِابْنِ عَمِّكِ خَيْرًا» قالَتْ: فَفَعَلْتُ» . وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَطاءِ بْنِ يَسارٍ «أنَّ أوْسَ بْنَ الصّامِتِ ظاهَرَ مِنِ امْرَأتِهِ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ، فَجاءَتْ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ – فَأخْبَرَتْهُ، وكانَ أوْسٌ بِهِ لَمَمٌ، فَنَزَلَ القُرْآنُ: ﴿والَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِن نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِن قَبْلِ أنْ يَتَماسّا﴾ فَقالَ لِامْرَأتِهِ: «مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ (p-٣٠٢)رَقَبَةً» فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ: والَّذِي أعْطاكَ ما أعْطاكَ ما جِئْتُ إلّا رَحْمَةً لَهُ، إنَّ لَهُ فِيَّ مَنافِعَ، واللَّهِ، ما عِنْدَهُ رَقَبَةٌ ولا يَمْلِكُها، قالَتْ: فَنَزَلَ القُرْآنُ وهي عِنْدُهُ في البَيْتِ، فَقالَ: «مُرِيهِ فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ» فَقالَتْ: والَّذِي أعْطاكَ ما أعْطاكَ ما يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَقالَ: «مُرِيهِ فَلْيَتَصَدَّقْ عَلى سِتِّينَ مِسْكِينًا» فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ: ما عِنْدَهُ ما يَتَصَدَّقُ بِهِ، فَقالَ: «يَذْهَبُ إلى فُلانٍ الأنْصارِيِّ فَإنَّ عِنْدَهُ شَطْرَ وسْقِ تَمْرٍ، أخْبَرَنِي أنَّهُ يُرِيدُ أنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، فَلْيَأْخُذْ مِنهُ، ثُمَّ لِيَتَصَدَّقْ عَلى سِتِّينَ مِسْكِينًا»» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في «السُّنَنِ» عَنْ عائِشَةَ أنَّ خَوْلَةَ كانْتِ امْرَأةَ أوْسِ بْنِ الصّامِتِ، وكانَ امْرَأً بِهِ لَمَمٌ، فَإذا اشْتَدَّ لَمَمُهُ ظاهَرَ مِنِ امْرَأتِهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ كَفّارَةَ الظِّهارِ. وأخْرَجَ النَّحّاسُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ، مِن طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنٍ عَبّاسٍ قالَ: «كانَ الرَّجُلُ في الجاهِلِيَّةِ إذا قالَ لِامْرَأتِهِ: أنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي حَرُمَتْ عَلَيْهِ، وكانَ أوَّلَ مَن ظاهَرَ في الإسْلامِ أوْسٌ، وكانَتْ تَحْتَهُ ابْنَةُ عَمٍّ لَهُ (p-٣٠٣)يُقالُ لَها: خَوْلَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، فَظاهَرَ مِنها، فَأُسْقِطَ في يَدِهِ، وقالَ: ما أراكِ إلّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيَّ، فانْطَلِقِي إلى النَّبِيِّ ﷺ – فاسْألِيهِ، فَأتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَوَجَدَتْ عِنْدَهُ ماشِطَةً تَمْشُطُ رَأْسَهُ، فَأخْبَرَتْهُ، فَقالَ: «يا خَوْلَةُ ما أُمِرْنا في أمْرِكِ بِشَيْءٍ» فَأنْزَلَ اللَّهُ عَلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: «يا خَوْلَةُ أبْشِرِي» قالَتْ: خَيْرًا، قالَ: «خَيْرًا» فَقَرَأ عَلَيْها: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها﴾ الآياتِ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، «أنَّ خَوْلَةَ - أوْ خُوَيْلَةَ - أتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ زَوْجِي ظاهَرَ مِنِّي، فَقالَ لَها النَّبِيُّ ﷺ: «ما أراكِ إلّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ» فَقالَتْ: أشْكُو إلى اللَّهِ فاقَتِي، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها وتَشْتَكِي إلى اللَّهِ﴾ [المجادلة»: ١] . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: في القُرْآنِ ما أنْزَلَ اللَّهُ جُمْلَةً: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها﴾ كانَ هَذا قَبْلَ أنْ تُخْلَقَ خَوْلَةُ، لَوْ أنَّ خَوْلَةَ أرادَتْ ألّا تُجادِلَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ؛ لَأنَّ اللَّهَ كانَ قَدْ قَدَّرَ ذَلِكَ عَلَيْها قَبْلَ أنْ يَخْلُقَها. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها﴾ وذَلِكَ «أنَّ خَوْلَةَ، امْرَأةً مِنَ الأنْصارِ، ظاهَرَ مِنها زَوْجُها فَقالَ: أنْتِ (p-٣٠٤)عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَأتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَتْ: إنَّ زَوْجِي كانَ تَزَوَّجَنِي وأنا أحَبُّ النّاسِ إلَيْهِ، حَتّى إذا كَبِرْتُ ودَخَلْتُ في السِّنِّ، قالَ: أنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وتَرَكَنِي إلى غَيْرِ أحَدٍ، فَإنْ كُنْتَ تَجِدُ لِي رُخْصَةً يا رَسُولَ اللَّهِ تَنْعَشُنِي وإيّاهُ بِها فَحَدِّثْنِي بِها، قالَ: «واللَّهِ ما أُمِرْتُ في شَأْنِكِ بِشَيْءٍ حَتّى الآنَ، ولَكِنِ ارْجِعِي إلى بَيْتِكِ، فَإنْ أُؤْمَرْ بِشَيْءٍ لا أُعَمِّيهِ عَلَيْكِ إنْ شاءَ اللَّهُ» فَرَجَعَتْ إلى بَيْتِها، فَأنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ ﷺ في الكِتابِ رُخْصَتَها ورُخْصَةَ زَوْجِها فَقالَ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿عَذابٌ ألِيمٌ﴾ فَأرْسَلَ إلى زَوْجِها، فَقالَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً»؟ قالَ: إذَنْ يَذْهَبُ مالِي كُلُّهُ، الرَّقَبَةُ غالِيَةٌ، وأنا قَلِيلُ المالِ. قالَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ»؟ قالَ: واللَّهِ لَوْلا أنِّي آكُلُ كُلَّ يَوْمٍ ثَلاثَ مَرّاتٍ لَكَلَّ بَصَرِي، قالَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا»؟ قالَ: لا واللَّهِ، إلّا أنْ تُعِينَنِي، قالَ: «إنِّي مُعِينُكَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صاعًا»» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ أنَسٍ، «أنَّ أوْسَ بْنَ الصّامِتِ ظاهَرَ مِنِ امْرَأتِهِ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ، فَشَكَتْ ذَلِكَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَتْ: ظاهَرَ مِنِّي زَوْجِي حِينَ كِبَرِ سِنِّي، ودَقَّ عَظْمِي، فَأنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الظِّهارِ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأوْسٍ: «أعْتِقْ رَقَبَةً» قالَ: مالِي بِذَلِكَ يَدانِ، قالَ: «فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ» قالَ: إنِّي إذا أخْطَأنِي أنْ آكُلَ في اليَوْمِ ثَلاثَ مَرّاتٍ كَلَّ بَصَرِي، قالَ: «فَأطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» قالَ: ما أجِدُ، إلّا أنْ تُعِينَنِي، فَدَعا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَمْسَةَ عَشَرَ (p-٣٠٥)صاعًا، حَتّى جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أهْلَهُ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: المَرْأةُ الَّتِي جادَلَتْ في زَوْجِها خَوْلَةُ بِنْتُ الصّامِتِ، وأُمُّها مُعاذَةُ الَّتِي أنْزَلَ اللَّهُ فِيها: ﴿ولا تُكْرِهُوا فَتَياتِكم عَلى البِغاءِ﴾ [النور: ٣٣] [النُّورِ: ٣٣] وكانَتْ أمَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قالَ: «إنَّ أوَّلَ مَن ظاهَرَ في الإسْلامِ زَوْجُ خَوْلَةَ، فَأتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَتْ: إنَّ زَوْجِي ظاهَرَ مِنِّي، وجَعَلَتْ تَشْكُو إلى اللَّهِ، فَقالَ لَها النَّبِيُّ ﷺ: «ما جاءَنِي في هَذا شَيْءٌ» فَقالَتْ: فَإلى مَن يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ زَوْجِي ظاهَرَ مِنِّي، فَبَيْنا هي كَذَلِكَ إذْ نَزَلَ الوَحْيُ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها﴾ حَتّى بَلَغَ ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِن قَبْلِ أنْ يَتَماسّا﴾ ثُمَّ حُبِسَ الوَحْيُ، فانْصَرَفَ إلَيْها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَتَلاها عَلَيْها، فَقالَتْ: لا يَجِدُ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «هُوَ ذاكَ» فَبَيْنَما هي كَذَلِكَ إذْ نَزَلَ الوَحْيُ: ﴿فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أنْ يَتَماسّا﴾ ثُمَّ حُبِسَ الوَحْيُ، فانْصَرَفَ إلَيْها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَتَلاها عَلَيْها، فَقالَتْ: لا يا رَسُولَ اللَّهِ، ما يَسْتَطِيعُ أنْ يَصُومَ يَوْمًا واحِدًا، قالَ: «هُوَ ذاكَ» فَبَيْنَما هي كَذَلِكَ إذْ نَزَلَ الوَحْيُ: ﴿فَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَإطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ (p-٣٠٦)فانْصَرَفَ إلَيْها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَتَلاها عَلَيْها، فَقالَتْ: لا يَجِدُ يا رَسُولَ اللَّهِ قالَ: «إنّا سَنُعِينُهُ»» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَطاءٍ الخُراسانِيِّ قالَ: «أعانَهُ رَسُولُ اللَّهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صاعًا» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أبِي يَزِيدَ المَدَنِيِّ، «أنَّ امْرَأةً جاءَتْ بِشَطْرِ وسْقٍ مِن شَعِيرٍ، فَأعْطاهُ النَّبِيُّ -ﷺ- أيْ: مُدَّيْنِ مِن شَعِيرٍ مَكانَ مُدٍّ مِن بُرٍّ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي لَيْلى، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أعانَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صاعًا مِن شَعِيرٍ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الحَسَنِ، «أنَّ رَجُلًا ظاهَرَ مِنِ امْرَأتِهِ عَلى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ وكانَ الظِّهارُ أشَدَّ مِنَ الطَّلاقِ، وأحْرَمَ الحَرامِ، إذا ظاهَرَ مِنِ امْرَأتِهِ لَمْ تَرْجِعْ إلَيْهِ أبَدًا، فَأتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ زَوْجِي وأبا ولَدِي ظاهَرَ مِنِّي، وما يَطَّلِعُ إلّا اللَّهُ عَلى ما يَدْخُلُ عَلَيَّ مِن فِراقِهِ، فَقالَ لَها النَّبِيُّ ﷺ: «قَدْ قالَ ما قالَ»! قالَتْ: فَكَيْفَ أصْنَعُ؟ ودَعَتِ اللَّهَ، واشْتَكَتْ إلَيْهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها﴾ إلى آخِرِ الآياتِ، فَدَعا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَوْجَها فَقالَ: «تُعْتِقُ رَقَبَةً»؟ فَقالَ: ما في الأرْضِ رَقَبَةٌ أمْلِكُها، قالَ: «تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ»؟ قالَ يا رَسُولَ اللَّهِ: إنِّي (p-٣٠٧)بَلَغْتُ سِنًّا، وبِي دَوَرانٌ، فَإذا لَمْ آكُلْ في اليَوْمِ مِرارًا أُدِيرَ عَلَيَّ، حَتّى أقَعَ، قالَ: «تَسْتَطِيعُ أنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا»؟ قالَ: واللَّهِ، ما أجِدُ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سَنُعِينُكَ»» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: «أنَّ امْرَأةَ أخِي عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ جاءَتْ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَشْكُو زَوْجَها تَظاهَرَ عَنْها، وامْرَأةٌ تَفْلِي رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ - أوْ قالَ: تَدْهُنُهُ - فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نَظَرَهُ إلى السَّماءِ، فَقالَتِ الَّتِي تَفْلِي لِامْرَأةِ أخِي عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ - واسْمُها خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ -: يا خَوْلَةُ، ألا تَسْكُنِي، فَقَدْ تَرَيْنَهُ يَنْظُرُ إلى السَّماءِ؟! فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيها: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها﴾ فَعَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ – عَلَيْهِ عِتْقَ رَقَبَةٍ، فَقالَ: لا أجِدُ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ صِيامَ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ، فَقالَ: لا أُطِيقُ، إنْ لَمْ آكُلْ كُلَّ يَوْمٍ ثَلاثَ مَرّاتٍ شَقَّ بِي، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «فَأطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» قالَ: لا أجِدُ، فَأتى النَّبِيُّ ﷺ بِشَيْءٍ مِن تَمْرٍ، فَقالَ لَهُ: «خُذْ هَذا فاقْسِمْهُ» فَقالَ الرَّجُلُ: ما بَيْنَ لابَتَيْها أفْقَرُ مِنِّي، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «كُلْهُ أنْتَ وأهْلُكَ»» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زَيْدٍ الهَمْدانِيِّ «فِي قَوْلِهِ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها﴾ قالَ: هي خَوْلَةُ بِنْتُ الصّامِتِ، وكانَ زَوْجُها مَرِيضًا، فَدَعاها فَلَمْ تُجِبْهُ، وأبْطَأتْ عَلَيْهِ، فَقالَ: أنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَأتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «أعْتِقْ (p-٣٠٨)رَقَبَةً» قالَ: لا أجِدُ، قالَ: «فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ» قالَ: لا أسْتَطِيعُ، قالَ: «فَأطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» قالَ: لا واللَّهِ ما عِنْدِي، إلّا أنْ تُعِينَنِي، فَأعانَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صاعًا، فَقالَ: واللَّهِ ما في المَدِينَةِ أحْوَجُ إلَيْها مِنِّي، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «فَكُلْها أنْتَ وأهْلُكَ»» . وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ عِمْرانَ بْنِ أبِي أنَسٍ قالَ: «كانَ أوَّلَ مَن ظاهَرَ في الإسْلامِ أوْسُ بْنُ الصّامِتِ، وكانَ بِهِ لَمَمٌ، وكانَ يُفِيقُ أحْيانًا، فَلاحى امْرَأتَهُ خَوْلَةَ بِنْتَ ثَعْلَبَةَ في بَعْضِ صَحَواتِهِ، فَقالَ: أنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، ثُمَّ نَدِمَ، فَقالَ: ما أراكِ إلّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيَّ، قالَتْ: ما ذَكَرْتَ طَلاقًا! فَأتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَأخْبَرَتْهُ بِما قالَ، وجادَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ – مِرارًا، ثُمَّ قالَتِ: اللَّهُمَّ إنِّي أشْكُو إلَيْكَ شِدَّةَ وحْدَتِي، وما يَشُقُّ عَلَيَّ مِن فِراقِهِ، قالَتْ عائِشَةُ: فَلَقَدْ بَكَيْتُ وبَكى مَن كانَ في البَيْتِ رَحْمَةً لَها ورِقَّةً عَلَيْها، ونَزَلَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ – الوَحْيُ، فَسُرِّيَ عَنْهُ وهو يَبْتَسِمُ، فَقالَ: «يا خَوْلَةُ قَدْ أنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وفِيهِ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها﴾ [المجادلة»: ١]، ثُمَّ قالَ: «مُرِيهِ أنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً» قالَتْ: لا يَجِدُ، قالَ: «فَمُرِيهِ أنْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ» قالَتْ: لا يُطِيقُ ذَلِكَ، قالَ: «فَمُرِيهِ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» قالَتْ: وأنّى لَهُ؟! قالَ: «فَمُرِيهِ فَلْيَأْتِ أُمَّ المُنْذِرِ بِنْتَ قَيْسٍ فَلْيَأْخُذْ مِنها شَطْرَ وسْقِ تَمْرٍ، فَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ عَلى سِتِّينَ مِسْكِينًا» فَرَجَعَتْ إلى أوْسٍ، فَقالَ: ما وراءَكِ؟ قالَتْ: خَيْرٌ وأنْتَ ذَمِيمٌ، ثُمَّ أخْبَرَتْهُ، فَأتى أُمَّ المُنْذِرِ، فَأخَذَ ذَلِكَ مِنها فَجَعَلَ (p-٣٠٩)يُطْعِمُ مُدَّيْنِ مِن تَمْرٍ كُلَّ مِسْكِينٍ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أبِي قِلابَةَ قالَ: إنَّما كانَ طَلاقُهم في الجاهِلِيَّةِ الظِّهارَ والإيلاءَ، حَتّى قالَ ما سَمِعْتَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وإنَّهم لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ القَوْلِ وزُورًا﴾ قالَ: الزُّورُ الكَذِبُ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في «سُنَنِهِ» عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِن نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا﴾ قالَ: هو الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأتِهِ: أنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَإذا قالَ ذَلِكَ: فَلَيْسَ يَحِلُّ لَهُ أنْ يَقْرَبَها بِنِكاحٍ وغَيْرِهِ، حَتّى يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ، فَإنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أنْ يَتَماسّا - والمَسُّ النِّكاحُ - فَإنْ لَمْ يَسْتَطَعْ فَإطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وإنْ هو قالَ لَها: أنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ فَعَلْتِ كَذا، فَلَيْسَ يَقَعُ في ذَلِكَ ظِهارٌ حَتّى يَحْنَثَ، فَإنْ حَنَثَ فَلا يَقْرَبْها حَتّى يُكَفِّرَ، ولا يَقَعُ في الظِّهارِ طَلاقٌ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا﴾ قالَ: يَعُودُ لِمَسِّها. (p-٣١٠)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ طاوُسٍ: ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا﴾ قالَ: الوَطْءُ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ طاوُسٍ قالَ: إذا تَكَلَّمَ الرَّجُلُ بِالظِّهارِ والمُنْكَرِ والزُّورِ فَقَدْ وجَبَتْ عَلَيْهِ الكَفّارَةُ حَنِثَ أوْ لَمْ يَحْنَثْ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ طاوُسٍ قالَ: كانَ طَلاقُ أهْلِ الجاهِلِيَّةِ الظِّهارَ، فَظاهَرَ رَجُلٌ في الإسْلامِ، وهو يُرِيدُ الطَّلاقَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ الكَفّارَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَطاءٍ أنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: ﴿مِن قَبْلِ أنْ يَتَماسّا﴾ قالَ: هو الجِماعُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿فَإطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ قالَ: كَهَيْئَةِ الطَّعامِ في اليَمِينِ، مُدَّيْنِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: ثَلاثٌ فِيهِنَّ مُدٌّ، كَفّارَةُ اليَمِينِ، وكَفّارَةُ الظِّهارِ، وكَفّارَةُ الصِّيامِ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أمَرَ الَّذِي أتى أهْلَهُ في رَمَضانَ بِكَفّارَةِ المُظاهِرِ» . (p-٣١١)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ عَطاءٍ، والزُّهْرِيِّ، وقَتادَةَ قالُوا: العِتْقُ في الظِّهارِ، والصِّيامُ، والطَّعامُ، كُلُّ ذَلِكَ مِن قَبْلِ أنْ يَتَماسّا. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «كانَ الظِّهارُ في الجاهِلِيَّةِ يُحَرِّمُ النِّساءَ، فَكانَ أوَّلَ مَن ظاهَرَ في الإسْلامِ أوْسُ بْنُ الصّامِتِ، وكانَتِ امْرَأتُهُ خَوْلَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ، وكانَ الرَّجُلُ ضَعِيفًا، وكانَتِ المَرْأةُ جَلْدَةً، فَلَمّا أنْ تَكَلَّمَ بِالظِّهارِ قالَ: لا أراكِ إلّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيَّ، فانْطَلِقِي إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَعَلَّكِ تَبْتَغِي شَيْئًا يَرُدُّكِ عَلَيَّ، فانْطَلَقَتْ، وجَلَسَ يَنْتَظِرُها، فَأتَتِ النَّبِيَّ ﷺ وماشِطَةٌ تَمْشُطُ رَأْسَهُ، فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ أوْسَ بْنَ الصّامِتِ مَن قَدْ عَلِمْتَ مِن ضَعْفِ رَأْيِهِ، وعَجْزِ مَقْدِرَتِهِ، وقَدْ ظاهَرَ مِنِّي يا رَسُولَ اللَّهِ، فابْتَغِي شَيْئًا يَرُدُّنِي إلَيْهِ. قالَ: يا خَوْلَةُ: «ما أُمِرْنا بِشَيْءٍ في أمْرِكِ وإنْ نُؤْمَرْ فَسَأُخْبِرْكِ» فَبَيْنا ماشِطَتُهُ قَدْ فَرَغَتْ مِن شِقِّ رَأْسِهِ، وأخَذَتْ في الشِّقِّ الآخَرِ، أنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ - وكانَ إذا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ تَرَبَّدَ لِذَلِكَ وجْهُهُ حَتّى يَجِدَ بَرْدَهُ، فَإذا سُرِّيَ عَنْهُ عادَ وجْهُهُ أبْيَضَ كالقُلْبِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِما أُمِرَ بِهِ - فَقالَتْ ماشِطْتُهُ: يا خَوْلَةُ إنِّي لَأظُنُّهُ الآنَ في شَأْنِكِ، فَأخَذَها أفْكَلٌ، ثُمَّ قالَتِ: اللَّهُمَّ بِكَ أعُوذُ أنْ تُنْزِلَ فِيَّ إلّا (p-٣١٢)خَيْرًا؛ فَإنِّي لَمْ أبْغِ مِن رَسُولِكَ إلّا خَيْرًا، فَلَمّا سُرِّيَ عَنْهُ قالَ: «يا خَوْلَةُ قَدْ أنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وفي صاحِبِكِ، فَقَرَأ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها وتَشْتَكِي إلى اللَّهِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِن قَبْلِ أنْ يَتَماسّا﴾ [المجادلة»: ٣]، فَقالَتْ: واللَّهِ، يا رَسُولَ اللَّهِ ما لَهُ خادِمٌ غَيْرِي، ولا لِي خادِمٌ غَيْرَهُ قالَ: ﴿فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ﴾ قالَتْ: واللَّهِ، إنَّهُ إذا لَمْ يَأْكُلْ في اليَوْمِ مَرَّتَيْنِ يَشْدَرُ بَصَرُهُ، قالَ: ﴿فَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَإطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ قالَتْ: واللَّهِ، ما لَنا في اليَوْمِ إلّا وُقِيَّةٌ، قالَ: «فَمُرِيهِ فَلْيَنْطَلِقْ إلى فُلانٍ، فَلْيَأْخُذْ مِنهُ شَطْرَ وسْقٍ مِن تَمْرٍ، فَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ عَلى سِتِّينَ مِسْكِينًا، ولْيُراجِعْكِ»» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في «المُصَنَّفِ» مِن طَرِيقِ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، «عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الأنْصارِيِّ، أنَّهُ جَعَلَ امْرَأتَهُ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ حَتّى يَمْضِيَ رَمَضانُ، فَسَمِنَتْ، وتَرَبَّعَتْ، فَوَقَعَ عَلَيْها في النِّصْفِ مِن رَمَضانَ، فَأتى النَّبِيَّ ﷺ كَأنَّهُ يُعَظِّمُ ذَلِكَ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «أتَسْتَطِيعُ أنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً»؟ فَقالَ: لا، قالَ: «أفَتَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ»؟ قالَ: لا، قالَ: «أفَتَسْتَطِيعُ أنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا»؟ قالَ: لا، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: يا فَرْوَةُ بْنَ عَمْرٍو أعْطِهِ (p-٣١٣)ذَلِكَ العَرَقَ» - وهو مِكْتَلٌ يَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ أوْ سِتَّةَ عَشَرَ صاعًا - «فَلْيُطْعِمْهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا» فَقالَ: أعَلى أفْقَرَ مِنِّي؟ فَوالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ما بَيْنَ لابَتَيْها أهْلُ بَيْتٍ أحْوَجُ إلَيْهِ مِنِّي، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ قالَ: «اذْهَبْ بِهِ إلى أهْلِكَ»» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في «السُّنَنِ» عَنْ أبِي العالِيَةِ قالَ: «كانَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ دُلَيْحٍ تَحْتَ رِجْلٍ مِنَ الأنْصارِ، وكانَ سَيِّئَ الخُلُقِ، ضَرِيرَ البَصَرِ، فَقِيرًا، وكانَتِ الجاهِلِيَّةُ إذا أرادَ الرَّجُلُ أنْ يُفارِقَ امْرَأتَهُ قالَ: أنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَنازَعَتْهُ في بَعْضِ الشَّيْءِ، فَقالَ: أنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وكانَ لَهُ عَيِّلٌ أوْ عَيِّلانِ، فَلَمّا سَمِعَتْهُ يَقُولُ ما قالَ احْتَمَلَتْ صِبْيانَها، فانْطَلَقَتْ تَسْعى إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَوافَقَتْهُ عِنْدَ عائِشَةَ، وإذا عائِشَةُ تَغْسِلُ شِقَّ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ قالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ زَوْجِي فَقِيرٌ، ضَرِيرُ البَصَرِ، سَيِّئُ الخُلُقِ، وإنِّي نازَعْتُهُ في شَيْءٍ، فَقالَ: أنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، ولَمْ يُرِدِ الطَّلاقَ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ ﷺ رَأْسَهُ فَقالَ: «ما أعْلَمُ إلّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ» فاسْتَكانَتْ، وقالَتْ: أشْتَكِي إلى اللَّهِ ما نَزَلَ بِي وبِصِبْيَتِي. (p-٣١٤)وتَحَوَّلَتْ عائِشَةُ تَغْسِلُ شِقَّ رَأْسِهِ الآخَرَ، فَتَحَوَّلَتْ مَعَها، فَقالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ، قالَتْ: ولِي مِنهُ عَيِّلٌ أوْ عَيِّلانِ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ رَأْسَهُ إلَيْها فَقالَ: «ما أعْلَمُ إلّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ» فَبَكَتْ، وقالَتْ: أشْتَكِي إلى اللَّهِ ما نَزَلَ بِي وبِصِبْيَتِي، وتَغَيَّرَ وجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَتْ عائِشَةُ: وراءَكِ، فَتَنَحَّتْ، ومَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ انْقَطَعَ الوَحْيُ، فَقالَ: «يا عائِشَةُ أيْنَ المَرْأةُ»؟ قالَتْ: ها هِيَ، قالَ: «ادْعِيها» فَدَعَتْها، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اذْهَبِي فَجِيئِي بِزَوْجِكِ» فانْطَلَقَتْ تَسْعى، فَلَمْ تَلْبَثْ أنْ جاءَتْ، فَأدْخَلَتْهُ عَلى النَّبِيِّ ﷺ فَإذا هو كَما قالَتْ، ضَرِيرُ البَصَرِ، فَقِيرٌ، سَيِّئُ الخُلُقِ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أسْتَعِيذُ بِالسَّمِيعِ العَلِيمِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ، ﷽: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها وتَشْتَكِي﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «أتَجِدُ رَقَبَةً»؟ قالَ: لا، قالَ: «أفَتَسْتَطِيعُ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ»؟ قالَ: والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إنِّي إذا لَمْ آكِلِ المَرَّةَ والمَرَّتَيْنِ والثَّلاثَةَ يَكادُ يُغْشى عَلَيَّ، قالَ: «أفَتَسْتَطِيعُ أنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا»؟ قالَ: لا، إلّا أنْ تُعِينَنِي فِيها، فَأعانَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَكَفَّرَ يَمِينَهُ» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ مُقاتِلِ بْنِ حَيّانَ قالَ: كانَ الظِّهارُ والإيلاءُ طَلاقًا (p-٣١٥)فِي الجاهِلِيَّةِ، فَوَقَّتَ اللَّهِ في الإيلاءِ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ، وجَعَلَ في الظِّهارِ الكَفّارَةَ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَيْسَ الظِّهارُ والطَّلاقُ قَبْلَ المِلْكِ بِشَيْءٍ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَيْسَ مِنَ الأمَةِ ظِهارٌ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قالَ: لا ظِهارَ مِنَ الأمَةِ. وأخْرَجَ البَزّارُ، والحاكِمُ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «أتى رَجُلٌ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: إنِّي ظاهَرْتُ مِنِ امْرَأتِي، فَرَأيْتُ بَياضَ خَلْخالِها في ضَوْءِ القَمَرِ، فَأعْجَبَتْنِي، فَوَقَعْتُ عَلَيْها قَبْلَ أنْ أُكَفِّرَ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «ألَمْ يَقُلِ اللَّهُ: ﴿مِن قَبْلِ أنْ يَتَماسّا﴾ [المجادلة»: ٣] ؟ قالَ: قَدْ فَعَلْتُ يا رَسُولَ اللَّهِ، قالَ: «أمْسِكْ حَتّى تُكَفِّرَ»» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، والحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ، مِن طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، «أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ: إنِّي ظاهَرْتُ مِنِ امْرَأتِي فَوَقَعْتُ عَلَيْها قَبْلَ أنْ أُكَفِّرَ، قالَ: «وما (p-٣١٦)حَمَلَكَ عَلى ذَلِكَ»؟ قالَ: رَأيْتُ خَلْخالَها في ضَوْءِ القَمَرِ، قالَ: «فَلا تَقْرَبْها حَتّى تَفْعَلَ ما أمَرَكَ اللَّهُ»» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وأحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ ماجَهْ، والطَّبَرانِيُّ، والبَغَوِيُّ في «مُعْجَمِهِ» والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، «عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الأنْصارِيِّ قالَ: كُنْتُ رَجُلًا قَدْ أُوتِيتُ مِن جِماعِ النِّساءِ ما لَمْ يُؤْتَ غَيْرِي، فَلَمّا دَخَلَ رَمَضانُ ظاهَرْتُ مِنِ امْرَأتِي حَتّى يَنْسَلِخَ رَمَضانُ؛ فَرَقًا مِن أنْ أُصِيبَ مِنها في لَيْلِي، فَأتَتابَعُ في ذَلِكَ ولا أسْتَطِيعُ أنْ أنْزِعَ حَتّى يُدْرِكَنِي الصُّبْحُ، فَبَيْنا هي تَخْدُمُنِي ذاتَ لَيْلَةٍ إذِ انْكَشَفَ لِي مِنها شَيْءٌ، فَوَثَبْتُ عَلَيْها، فَلَمّا أصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلى قَوْمِي فَأخْبَرَتْهم خَبَرِي، فَقُلْتُ: انْطَلِقُوا مَعِي إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأُخْبِرُهُ بِأمْرِي، فَقالُوا: لا واللَّهِ، لا نَفْعَلُ، نَتَخَوَّفُ أنْ يَنْزِلَ فِينا القُرْآنُ، أوْ يَقُولَ فِينا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَقالَةً يَبْقى عَلَيْنا عارُها، ولَكِنِ اذْهَبْ أنْتَ، فاصْنَعْ ما بَدا لَكَ، فَخَرَجْتُ، فَأتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأخْبَرْتُهُ خَبَرِي، فَقالَ: «أنْتَ بِذاكَ»؟ قُلْتُ: أنا بِذاكَ، قالَ: «أنْتَ بِذاكَ»؟ قُلْتُ: أنا بِذاكَ، قالَ: «أنْتَ بِذاكَ»؟ قُلْتُ: أنا بِذاكَ، وها أنا ذا، فَأمْضِ فِيَّ حُكْمَ اللَّهِ فَإنِّي صابِرٌ لِذَلِكَ، قالَ: «أعْتِقْ رَقَبَةً» فَضَرَبْتُ صَفْحَةَ عُنُقِي بِيَدِي، فَقُلْتُ: لا والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ما أصْبَحْتُ أمْلِكُ غَيْرَها، قالَ: «فَصُمْ شَهْرَيْنِ (p-٣١٧)مُتَتابِعَيْنِ» قُلْتُ: وهَلْ أصابَنِي ما أصابَنِي إلّا في الصِّيامِ، قالَ: «فَأطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» قُلْتُ: والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَقَدْ بِتْنا لَيْلَتَنا هَذِهِ وحْشًا ما لَنا عَشاءٌ، قالَ: «اذْهَبْ إلى صاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ، فَقُلْ لَهُ، فَلْيَدْفَعْها إلَيْكَ، فَأطْعِمْ عَنْكَ مِنها وسْقًا سِتِّينَ مِسْكِينًا، ثُمَّ اسْتَعِنْ بِسائِرِها عَلَيْكَ وعَلى عِيالِكَ» فَرَجَعْتُ إلى قَوْمِي فَقُلْتُ: وجَدْتُ عِنْدَكُمُ الضِّيقَ وسُوءَ الرَّأْيِ، ووَجَدْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ السَّعَةَ والبَرَكَةَ، أمَرَ لِي بِصَدَقَتِكُمْ، فادْفَعُوها إلَيَّ، فَدَفَعُوها إلَيْهِ» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب