الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ﴾، قال أبو عبيد: الأحبار: "الفقهاء" [[لم أجده إلا في "تفسير الرازي" 16/ 37، وهو كثير النقل من "البسيط" للواحدي، ويغلب على الظن أنه وهم من المؤلف فإن عبارة أبي عبيد في "غريب الحديث" 1/ 60 نصها: وأما الحبر من قول الله تعالى: ﴿مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ﴾ فإن الفقهاء يختلفون فيه فبعضهم يقول: حَبْرٌ، وبعضهم يقول: حِبْرٌ، وقال الفراء: "إنما هو حِبْرٌ يقال للعالم ذلك". فلعل المؤلف نظر نظرة عجلى إلى هذا النص وحسب أن كلمة (الفقهاء) فيه تفسير للأحبار، لا سيما أنه موطن اشباه، والله أعلم.]]، واختلفوا في واحده فبعضهم يقول: حَبْر، وبعضهم يقول حِبْر، قال: وقال الفراء: "إنما هو حِبْر، يقال ذلك للعالم". وقال الأصمعي: "لا أدري أهو الحَبر أو الحِبر للرجل العالم" [[ا. هـ. كلام أبي عبيد، و"غريب الحديث" 1/ 61، وانظر: قول الفراء أيضًا في "تهذيب اللغة" (حبر) 1/ 721، و"تفسير ابن جرير" 10/ 113 - 114 ولم أجده في "معاني القرآن".]]. وكان أبو الهيثم يقول: واحد الأحبار حَبر بالفتح لا غير، وينكر الكسر [[ساقط من (ح).]] [["تهذيب اللغة" (حبر) 1/ 721.]]. ابن السكيت عن ابن الأعرابي: حِبْر وحَبْر للعالم [["إصلاح المنطق" ص 32، والمصدر السابق، نفس الموضع.]]. [وقال الليث: "هو حِبْر وحَبْر للعالم] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ى).]] ذميا كان أو مسلما بعد [[في عبارة النسخة (ى) اضطراب، ونصها: ذميًّا كان أو مسلمًا بعد حبر وحبر أن يكون ... إلخ.]] أن يكون من أهل الكتاب" [["تهذيب اللغة" (حبر) 1/ 721، والنص في كتاب "العين" (حبر) 3/ 218، وانظر إطلاق الحبر على العالم المسلم ولو لم يكن من أهل الكتاب في "صحيح البخاري" (6736)، كتاب الفرائض، باب ميراث ابنة ابن مع ابن.]]. والكلام في الرهبان قد مضى عند قوله: ﴿قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا﴾ [المائدة: 82] [[انظر: النسخة (ح) 2/ 67 أحيث قال: (وأما الرهبان فهو جمع راهب، مثل راكب وركبان، وفارس وفرسان، قال الليث: الرهبانية مصدر الراهب، والترهب: التعبد في صومعة .. وأصل الرهبانية من الرهبة بمعنى المخافة).]]. وقال أهل المعاني: "الحبر: العالم الذي صناعته تحبير المعاني بحسن البيان عنها، والراهب: الخاشي الذي يظهر عليه لباس الخشية، وكثير استعماله في متنسكي النصارى" [[انظر: "تفسير الرازي" 16/ 37.]]. قال ابن عباس في قوله تعالى: ﴿أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ﴾: فقهاؤهم وعبادهم" [[ذكره المصنف في "الوسيط" 2/ 490، ورواه ابن أبي حاتم 6/ 1784 بلفظ: الأحبار: القراء، وفي "تنوير المقباس" ص191: "اتخذوا أحبارهم": علماءهم.]]. وقال الضحاك: "علماؤهم وقراؤهم" [[رواه ابن جرير 10/ 114، وابن أبي حاتم 6/ 1784.]]. وقال عدي بن حاتم: "انتهيت إلى رسول الله -ﷺ- وهو يقرأ من سورة براءة فقرأ هذه الآية، فقلت له: إنا لسنا نعبدهم! وكان عدي نصرانيا، فقال: "أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه [[في (م): (فتستحلونه).]]؟ " فقلت بلى، فقال: "فتلك عبادتهم" [[رواه الترمذي (3095)، كتاب التفسير، باب: ومن سورة التوبة، والبيهقي في "السنن الكبرى"، كتاب آداب القاضي، رقم (20350) 10/ 198، وابن جرير 10/ 114، وابن أبي حاتم 6/ 1784، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 3/ 415، وزاد نسبته إلى ابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه، وفي سند الترمذي والبيهقي وابن جرير وابن أبي حاتم غطيف بن أعين، وهو ضعيف كما في "تقريب التهذيب" ص 443 (5364)، وكتاب "الضعفاء والمتروكين" ص324، وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث. لكن للحديث طرق انظرها في: "كتاب تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف" 2/ 66.]]. وقال أبو البختري [[هو: سعيد بن فيروز الطائي مولاهم، أبو البختري الكوفي، تابعي فقيه ثقة، وكان مقدم الصالحين القراء الذين ثاروا على الحجاج في فتنة ابن الأشعث، وقتل في وقعة الجماجم سنة 83 هـ. انظر: "سيرأعلام النبلاء" 4/ 279، و"تهذيب التهذيب" 2/ 38، و"شذرات الذهب" 1/ 92.]] في هذه الآية: "أما إنهم لم يصلوا لهم، ولو أمروهم أن يعبدوهم من دون الله ما أطاعوهم، ولكنهم أمروهم فجعلوا حلال الله حرامه، وحرامه حلاله فأطاعوهم، فكانت تلك الربوبية" [[رواه الثعلبي 6/ 98 أ، ورواه بمعناه ابن جرير 10/ 115.]]. وقال الربيع: "قلت لأبي العالية: كيف كانت تلك [[من (م).]] الربوبية في بني إسرائيل؟ فقال: إنهم وجدوا في كتاب الله ما أمروا به وما نهوا عنه، (فقالوا [[في (ى): (فقال).]]: لن نسبق أحبارنا بشيء) [[ما بين القوسين تحرف في تفسير ابن جرير (تحقيق: شاكر) هكذا: "قال: لم يسبوا أحبارنا بشيء مضى" وأشار المحقق إلى أنه لم يهتد للصواب، وحذفت الجملة برمتها في طبعة الحلبي، فليصحح.]]، فما أمرونا به ائتمرنا، وما نُهينا [[هكذا في جميع النسخ، والأولى: نهونا، كما في تفسير ابن جرير والثعلبي.]] عنه انتهينا، فاستنصحوا الرجال ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم" [[رواه الثعلبي 6/ 98ب، وبنحوه ابن جرير 10/ 115، وأشار إليه ابن أبي حاتم 6/ 1784.]]. قال أهل المعاني: "معناه: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم كالأرباب حيث [[ساقط من (ح).]] أطاعوهم في كل شيء، كقوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا﴾ [الكهف: 96] أي كنار" [[ذكره الثعلبي 6/ 98 ب، والقرطبي 8/ 120 منسوبا إلى أهل المعاني دون تعيين.]]. وهذا بيان أن مخالف أمر الله في التحريم والتحليل كالمشرك في عبادة الله، لأن استحلال ما حرم الله كفر بالإجماع، وكل كافر مشرك، ومن اعتقد طاعة أحد لعينه أو لصفة فيه فأطاعه في خلاف ما أمر الله فهو من الذين ذكروا في هذه الآية أنهم كانوا يعتقدون وجوب طاعة أحبارهم، فأخبر الله تعالى أنهم اتخذوهم أربابًا. وقوله تعالى: ﴿وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ﴾، قال ابن عباس: "يريد: اتخذوه ربًا" [[ذكره المصنف في "الوسيط" 2/ 490، ورواه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 191 بلفظ: اتخذوا المسيح ابن مريم إلهًا.]]. [وقوله -عز وجل-] [[من (م).]] ﴿وَمَا أُمِرُوا﴾، قال: يريد في التوراة والإنجيل" [[ذكره المصنف في "الوسيط" 2/ 490، ورواه الفيروزأبادي ص 191 بلفظ: في جملة الكتب.]]، ﴿إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا﴾ وهو الذي ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [[في (م): (وهو الذي لا إله غيره).]] سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ نزه نفسه أن يكون له ولدٌ، أو شريك، قال الزجاج: "معناه: تنزيها له عن شركهم" [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 444.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب