الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ﴾ الآية، ذكرنا الكلام في معنى الإرجاء في سورة الأعراف، وهو تأخير الأمر إلى وقت، وسميت المرجئة [[المرجئة فرق شتى ومذاهب مختلفة، وهم أربعة أصناف: مرجئة الخوارج، ومرجئة القدرية، ومرجئة الجبرية، والمرجئة الخالصة، وإذا أطلق لفظ المرجئة فالمراد بهم الصنف الأخير، وهم القائلون إن فعل الأعمال الصالحة، وترك المحظورات البدنية لا يدخل في مسمى الإيمان، وقد افترقوا في تعريف الإيمان إلى اثنتي عشرة فرقة، كما ذكر الأشعري، وذكر ابن تيمية أنهم صاروا على ثلاثة أقوال: الأول: قول علمائهم وأئمتهم إن الإيمان تصديق القلب وقول اللسان. الثاني: قول الجهمية إن الإيمان تصديق القلب فقط. الثالث: قول الكرامية إن الإيمان قول اللسان فقط. انظر: مقالات الإسلاميين 1/ 213، و"الملل والنحل" للشهرستاني 1/ 139، و"مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" 12/ 471، 13/ 55.]] لأنهم لا يجزمون القول بمغفرة التائب ولكن يؤخرونها [[في (ي): (يرجونها).]] إلى مشيئة الله تعالى. وقال الأوزاعي: (لأنهم يؤخرون [[في (ى): (لا يؤخرونها)، وهو خطأ مخالف لقول المرجئة.]] العمل من الإيمان) [[انظر: "تهذيب اللغة" (رجا) 2/ 1362.]]، قال ابن عباس وعامة المفسرين: (نزلت هذه الآية في ثلاثة نفر: كعب بن مالك [[هو: كعب بن مالك بن عمرو بن القين السلمي الأنصاري، شاعر رسول الله -ﷺ- وصاحبه وممن بايع بيعة العقبة، وأحد الثلاثة الذين خلفوا، فتاب الله عليهم، وتوفي في خلافة علي. انظر: "سير أعلام النبلاء" 2/ 523، و"الإصابة" 3/ 302، و"تقريب التهذيب" ص 461 (5649).]] من بني سلمة، وهلال بن أمية الواقفي [[هو: هلال بن أمية بن عامر بن قيس الواقفي الأنصاري صحابي جليل، شهد بدرًا وما بعدها، وتخلف عن غزوة تبوك ثم تاب الله عليه. انظر: الاستيعاب 4/ 103، و"الإصابة" 3/ 606.]]، ومرارة بن الربيع الزبيدي [[هو: مرارة بن الربيع الأوسي الأنصاري، من بني عمرو بن عوف، ويقال إنه حليف لهم وأصله من قضاعة، شهد بدرًا، وتخلف عن غزوة تبوك ثم تاب الله عليه. انظر: " الاستيعاب" 3/ 439، و"الإصابة" 3/ 396 - 697.]] كانوا تخلفوا عن غزوة تبوك وكانوا مياسير، ثم [[ساقط من (م).]] لم يتسع لهم العذر كما اتسع للآخرين الذي ذكروا قبل هذا [[يعني الذين ربطوا أنفسهم بالسواري.]]، ولم يبالغوا في التنصل والاعتذار كما فعل الآخرون، ولم يوثقوا أنفسهم بالسواري، فوقف رسول الله -ﷺ- أمرهم، ونهى الناس عن مكالمتهم ومخالطتهم، حتى نزل قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ [التوبة: 118] الآيات بعد خمسين ليلة [[انظر: "تفسير ابن جرير" 11/ 21 - 22، وابن أبي حاتم 6/ 1878، والثعلبي 6/ 146 أ، والبغوي 4/ 92.]]. ومعنى: ﴿مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ﴾، قال ابن عباس: (مؤخرون ليقضي فيهم ما هو قاضٍ) [["تنوير المقباس" ص 203 بمعناه.]]. وقوله تعالى: ﴿إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ﴾، قال أبو إسحاق: ((إما) لأحد الشيئين، والله -عز وجل- عالم بما يصير إليه أمرهم، إلا أن هذا للعباد، خوطبوا بما يعلمون، المعنى: ليكن أمرهم عندكم على هذا أي على الخوف والرجاء) [["معاني القرآن وإعرابه" 1/ 468 بتصرف.]]، فجعل أناس يقولون: هلكوا إذ لم ينزل لهم [[في (ح): (بهم).]] عذر، وجعل آخرون يقولون: عسى الله أن يغفر لهم. وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾ أي بما تؤول إليه حالهم ﴿حَكِيمٌ﴾ فيما يفعله بهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب