الباحث القرآني

﴿وَآخَرُونَ﴾ عَطْفٌ عَلى آخَرُونَ قَبْلَهُ، أيْ: ومِنَ المُتَخَلِّفِينَ مِن أهْلِ المَدِينَةِ ومَن حَوْلَها مِنَ الأعْرابِ قَوْمٌ آخَرُونَ غَيْرُ المُعْتَرِفِينَ المَذْكُورِينَ ﴿مُرْجَوْنَ﴾ وقُرِئَ (مُرْجَئُونَ) مِن أرْجَيْتُهُ وأرْجَأْتُهُ، أيْ: أخَّرْتُهُ ومِنهُ المُرْجِئَةُ الَّذِينَ لا يَقْطَعُونَ بِقَبُولِ التَّوْبَةِ ﴿لأمْرِ اللَّهِ﴾ في شَأْنِهِمْ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما -: هم كَعْبُ بْنُ مالِكٍ، ومَرارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، وهِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ، لَمْ يُسارِعُوا إلى التَّوْبَةِ والِاعْتِذارِ كَما فَعَلَ أبُو لُبابَةَ وأصْحابُهُ مِن شَدِّ أنْفُسِهِمْ عَلى السَّوارِي، وإظْهارِ الغَمِّ والجَزَعِ والنَّدَمِ عَلى ما فَعَلُوا، فَوَقَفَهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ونَهى أصْحابَهُ عَنْ أنْ يُسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ ويُكَلِّمُوهُمْ، وكانُوا مِن أصْحابِ بَدْرٍ فَهَجَرُوهُمْ، والنّاسُ في شَأْنِهِمْ عَلى اخْتِلافٍ فَمِن قائِلٍ: هَلَكُوا، وقائِلٍ: عَسى اللَّهُ أنْ يَغْفِرَ لَهم فَصارُوا عِنْدَهم مُرْجَئِينَ لِأمْرِهِ تَعالى ﴿إمّا يُعَذِّبُهُمْ﴾ إنْ بَقُوا عَلى ما هم عَلَيْهِ مِنَ الحالِ، وقِيلَ: إنْ أصَرُّوا عَلى النِّفاقِ ولَيْسَ بِذاكَ؛ فَإنَّ المَذْكُورِينَ لَيْسُوا مِنَ المُنافِقِينَ ﴿وَإمّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ﴾ إنْ خَلَصَتْ نِيَّتُهم وصَحَّتْ تَوْبَتُهُمْ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ عَلى الحالِيَّةِ، أيْ: مِنهم هَؤُلاءِ إمّا مُعَذَّبِينَ وإمّا مَتُوبًا عَلَيْهِمْ، وقِيلَ: آخَرُونَ مُبْتَدَأٌ ومُرْجَوْنَ صِفَتُهُ، وهَذِهِ الجُمْلَةُ خَبَرُهُ ﴿واللَّهُ عَلِيمٌ﴾ بِأحْوالِهِمْ ﴿حَكِيمٌ﴾ فِيما فَعَلَ بِهِمْ مِنَ الإرْجاءِ وما بَعْدَهُ، وقُرِئَ (واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب