الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ﴾ الآية إنما قال: ﴿نَصِيبًا﴾؛ لأنهم كانوا يعلمون بعض ما في الكتاب [[وقال الشوكاني في "فتح القدير" 1/ 495: (وتنكير النصيب؛ للتعظيم؛ أي: نصيبًا عظيمًا، كما يفيده مقام المبالغة. ومن قال: إنَّ التنكير للتحقير فلم يصب، فلم ينتفعوا بذلك؛ وذلك بأنهم يدعون إلى كتاب الله الذي أوتوا نصيبًا منه، وهو التوراة). وبهذا قال الزجَّاج في "معاني القرآن" 1/ 391، والنحاس في "معاني القرآن" 1/ 376، والزمخشري في "الكشاف" 1/ 420، وأبو السعود في "تفسيره" 2/ 20.]]. والمراد بهؤلاء: اليهود.
وقوله تعالى: ﴿يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ﴾. قال ابن عباس في رواية الضحَّاك [[هذا الأثر، في "تفسير الثعلبي" 3/ 27 أ، "تفسير البغوي" 2/ 21. وهو كذلك من رواية أبي صالح عنه، وهو قول الحسن، وقتادة. انظر: "النكت والعيون" 1/ 382، "زاد المسير" 1/ 367.]]: المرادبـ (كتاب الله) ههنا: القرآن، والله [تعالى] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (ج)، (د).]] جعل القرآن حَكَماً بينهم وبين رسول الله ﷺ [[في (ج)، (د): (رسوله).]]، فَحَكمَ القرآن عليهم بالضلالة، فأعرضوا عنه.
فإن قيل: كيف دُعوا إلى حكم كتابٍ لا يؤمنون به؟
قيل: إنَّما دُعوا إليه بعد [[(إليه بعد): ساقطة من (ج).]] أن ثبت أنه [[في (ج): (أنهم).]] من عند الله، بموافقته التوراة في الأنباء والقصص، ورصانته [[في (د): (ورصافته).]]، بحيث لم يقدر بشرٌ أن يعارضَه، وهذا قول قتادة [[يعني بـ (قول قتادة) والله أعلم: ما سبق أن ذكره من أن المراد بـ (الكتاب)، هو: القرآن.]]، وقال في رواية سعيد بن جُبَير، وعكرمة: إنَّ النبي ﷺ قال لليهود: "أنا على ملَّة [[في (ج): (ما أنا على ملة)، (د): (ما علامكة).]] إبراهيم، وملَّته: الإسلام"، فقالوا: إن إبراهيم كان يهودياً، فقال لهم رسول الله ﷺ: "فَهَلُمُّوا إلى التوراة". فأبوا عليه. فأنزل الله هذه الآية [[هذا الأثر في "سيرة ابن هشام" 2/ 179 - 180 "تفسير الطبري" 3/ 217، "ابن أبي حاتم" 2/ 622، "الثعلبي" 3/ 27 ب، "أسباب النزول" للواحدي: 102، "تفسير البغوي" 2/ 21 - 22، "زاد المسير" 1/ 366، "تفسير القرطبي" 4/ 50، وأورده السيوطي في "الدر" 2/ 24، "لباب النقول" 50، ونسب إخراجه لابن المنذر.]].
وقال في رواية أبي صالح: أنكروا آية الرجْمِ من التوراة، وكان قد
زنى منهم رجل [[في (ج): (د): (رجل منهم).]] وامرأة، فكرهوا [[في (ج): (وكرهوا).]] رجمَهما [[في (ج): (رجمها).]] وسألوا النبي ﷺ ما يلزمهما [[في (أ): (يلزمها)، والمثبت من: (ب)، (ج) (ء).]]، فحكم بالرجْمِ. فقالوا: جُرْتَ [[قوله: (فقالوا: جرت): ساقط من (ج).]] يا محمد! فقال: "بيني وبينكم التوراة". ثم أتوا بابن صُورِيا [[جاء في "تفسير الثعلبي" 3/ 27 (ب) أن رسول الله ﷺ سأل اليهود، فقال: "فمن أعلمكم بالتوراة؟ " فقالوا: رجل أعور يسكن فدك، يقال له: ابن صوريا. واسمه: عبد الله.]]، فقرأ التوراة، فلما أتى على آية الرجم سترها بكفِّهِ، فقام [[في (ج): (فقال).]] ابنُ سَلام، فرفع كفه [[في (ج): (ارفع كفك).]] عنها، ثم قرأ على رسول الله ﷺ وعلى اليهود الرجْمَ، فغضب اليهودُ لذلك [[(لذلك): ساقطة من (ج).]] غضباً شديداً، وانصرفوا؛ فأنزل الله هذه الآية [[هذا الأثر في "تفسير الثعلبي" 3/ 27 ب من رواية الكلبي عن أبي صالح. كما ورد في "تفسير البغوي" 2/ 22، "زاد المسير" 1/ 366، "البحر المحيط" 2/ 416. وقد ذكره المؤلف هنا مختصرًا وأورد طرفًا منه في "أسباب النزول" 102، وأشار إلى أنه سيأتي بيان ذلك في سورة المائدة، ولكنه عند إيراده لأسباب نزول سورة المائدة، لم يورد هذا الأثر عن ابن عباس، وإنما أورد آثارًا أخرى في نفس المعنى. ولم أجد أحدًا من المفسرين ممن اطَّلعت على تفاسيرهم ذكر هذا السبب عند هذه الآية، إلَّا من سبق ذكره، وإنما أورد المفسرون هذا السبب عند الآية: 41، 43 من سورة المائدة، ولكن بروايات أخرى عن ابن عباس وغيره، وأقرب هذه الروايات إلى ما ذكره المؤلف: ما أخرجه البخاري عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: (إنَّ اليهود جاءوا إلى رسول الله ﷺ، أن رجلًا منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله ﷺ "ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ " فقالوا: نفضحهم ويُجلدون. قال عبد الله بن سَلاَم: كذبتم! إن فيها الرجم. فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدُهم يَدَه على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال عبد الله بن سلام: ارفع يدك. فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم. قالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم. فأمر بهما رسول الله ﷺ فَرُجِما، فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة). "صحيح البخاري" (6841). كتاب الحدود. باب: أحكام أهل الذمة. وأخرجه مسلم في "صحيحه" (1699) كتاب الحدود، باب: رجم اليهود، أهل الذمة. وأخرجه أبو داود (4446). كتاب: الرجم. وليس في لفظ الحديث أنه سبب لنزول الآية. وأما الوارد عن ابن عباس مما هو قريب من هذه الرواية فهو من رواية معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، وأخرجها الطبري 6/ 232 عند آية 41 من المائدة، وليس فيها كذلك أنها سبب لنزول الآية. انظر بقية الروايات، في "الدر المنثور" 2/ 498 - 500، "أسباب النزول" للواحدي: 197 - 200، "لباب النقول" للسيوطي: 91 - 92.]].
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ﴾. إن قيل: كيف خصَّ بالتولِّي فريقاً، ثم جمعهم في الإعراض، فقال: ﴿وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾؟.
فالجواب، ما قال ابن الأنباري [[لم أهتد إلى مصدر قوله، وقد أورد طرفًا منه ابنُ الجوزي في "زاد المسير" 1/ 367.]]، وهو: أنَّ الفريق المتولِّي، هم: المعرضون. وأراد بـ (الفريق المتولي): الرؤساء الذين تدين السَّفَلَةُ لهم، فأفردهم الله تعالى بالذكر، وخصَّهم بالتولي، لأنهم سببٌ لإضلال أتبَّاعهم.
قال [[(قال): ساقطة من (د).]]: ويحتمل أن يكونَ المتولُّون: العلماء والرؤساء، والمعرضون: الباقون منهم؛ كأنه قيل [[في (د): (كانو قبل).]]: ثم يتولى العلماءُ. والتُبَّاعُ معرضون عن القبول من النبي ﷺ لتولي علمائهم. ويجوز أن يكون الفريق اختصه الله [[معنى عبارة المؤلف هنا: أن الله خصَّ بالتولي فريقًا منهم دون الكل، لأن منهم من لم يتولَّ، كابن سلام وغيره.]]؛ لأن عبد الله بن سَلام، وغيره من مؤمني أهل الكتاب، كانوا ممن قبلوا حكم النبي ﷺ فكان [[في (ج)، (د): (وكان).]] المتولِّي بعض مَن أوتي [[في (ج): (أولى).]] الكتاب.
{"ayah":"أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ نَصِیبࣰا مِّنَ ٱلۡكِتَـٰبِ یُدۡعَوۡنَ إِلَىٰ كِتَـٰبِ ٱللَّهِ لِیَحۡكُمَ بَیۡنَهُمۡ ثُمَّ یَتَوَلَّىٰ فَرِیقࣱ مِّنۡهُمۡ وَهُم مُّعۡرِضُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق