الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي﴾ سر بهم ليلًا من أرض مصر ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ﴾ أي: اجعل لهم طريقًا في البحر بالضرب بالعصا حتى ينفلق لهم البحر عن طريق [["جامع البيان" 16/ 191، "تفسير كتاب الله العزيز" 3/ 45، "معالم التنزيل" 5/ 286.]]. فعدي الضرب إلى الطريق لما دخله هذا المعنى، وهو أنه أريد بضرب الطريق جعل الطريق بالضرب. وقوله تعالى: ﴿يَبَسًا﴾ قال الليث: (طريق يبس: لا نداوة فيه ولا بلل) [["تهذيب اللغة" (يبس) 4/ 3973.]]. وقال أبو عبيدة: (يَبَسْ وَيبْس بمعنى: يَابس) [["مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 24.]]، وأنشد لعلقمة بن عبدة [[البيت لعلقمة بن عبدة التميمي. خَشْخَش: الخشخاش الجماعة عليهم سلاح ودروع. واليَبَس: بالفتح اليابس، وهو نقيض الرطوبة. انظر: "ديوانه" ص 107، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 24، "الاقتضاب" ص 460، "لسان العرب" (خشخش) 2/ 1164.]]: تَخَشْخَشُ أَبْدَانُ الحَدِيْدِ عَلَيهِمُ ... كَمَا خَشْخَشَتْ يَبْسَ الحَصَاد جَنُوُب وقال الأزهري: (يقال للأرض إذا يَبِسَت: يَبَس، وللبقول والحطب يَبِس [["تهذيب اللغة" (يبس) 4/ 3973.]]، وأنشد [[البيت لذي الرمة. والخلصاء: مكان. وعنت به: أنبتته نباتًا حسنًا. واليبس: ما يبس من العشب والبقول التي تتناثر إذا يبست. والهجير: يبيس الحمض الذي كسرته الماشية. وهجر: ترك. انظر: "ديوان ذي الرمه" ص 305، "تهذيب اللغة" (يبس) 4/ 3973، "لسان العرب" (هجر) 8/ 4616.]]: ولَمْ يَبْقَ بالخَلْصاءِ مِما عَنَتْ بِه ... مِنَ الرُّطَبِ إلا يَبْسُهَا وهَجِيرُها وقال أبو إسحاق: (يقال: يَبَسَ الشيء يَبَسًا ويُبْسًا ويَيْسًا ثلاث لغات في المصدر، وطريقًا يَبَسًا نعت بالمصدر والمعنى: طريق ذا يَبَسٍ) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 369.]]. قال مجاهد: (يَبَسًا يابِسًا) [["جامع البيان" 16/ 143، "الدر المنثور" 4/ 543.]]. وذلك أن الله تعالى أيبس لهم ذلك الطريق حتى لم يكن فيه ماء ولا طين. وقوله تعالى: ﴿لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى﴾ قال ابن عباس وجميع المفسرين: (لا تخاف [أن يدركك فرعون، ولا أحد من خلفك، ولا تخشى البحر) [["جامع البيان" 16/ 191، "الكشف والبيان" 3/ 22 أ، "تفسير كتاب الله العزيز" 3/ 45، "النكت والعيون" 16/ 191، "معالم التنزيل" 5/ 286.]]. وقال سيبويه: (﴿لَا تَخَافُ دَرَكًا﴾] [[ما بين المعقوفين ساقط من نسخة (ص).]] رفعه على وجهين أحدهما: على الحال، كقولك: غير خائف ولا خاش، كلما قال: ﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ [المدثر: 6]، أي مستكثرًا، قال: ويكون على قطع وابتداء أي: أنت لا تخاف) [[ذكره الرازي في "التفسير الكبير" 22/ 92، وذكر نحوه الفارسي في "الحجة للقراء السبعة" 5/ 239، والعكبري في "إملاء ما من به الرحمن" 1/ 125.]]. وقرأ حمزة: لا تخف جزمًا [[قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، والكسائي، وعاصم: (لا تخافُ دركا) رفعًا بألف. وقرأ حمزة: (لا تخفْ دركا) جزمًا بغير ألف. انظر: "السبعة" ص 421، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 239، "الغاية في القراءات" ص 323، "النشر" 2/ 321.]]. وله وجهان: أحدهما ما ذكره الزجاج وهو: (أنه نهي عن أن يخاف، معناه: ولا تخف أن يدرككم [[في نسخة (ص) يدكك.]] فرعون) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 370.]]. والثاني: ما ذكره أبو علي وهو: (أنه جعله جواب الشرط على معنى إن تضرب لا تخف دركًا ممن خلفك) [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 239.]]. قال أبان بن تغلب [[هو الجريري، له كتاب في غريب القرآن توفي سنة (141 هـ)]] وأبو عبيد: (لو كان لا يخف لكان لا يخشى) [[أورد نحوه الزجاج في "معاني القرآن" 3/ 370 بلا نسبة، والزمخشري في "الكشاف" 2/ 547، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 228.]]. وهذا لا يلزم حمزة لوجوه أحدها: ما ذكره الفراء وغيره: (أنه نوى بقوله: (ولا تخشى) الاستئناف) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 187، "إملاء ما من به الرحمن" 1/ 125.]]. كما قال الله تعالى: ﴿يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾ [آل عمران: 111]، فاستأنف بثم، ويكون المعنى: لا تخف العدو وراءك على النهي، أو على الجواب وأنت لا تخشى الغرق أمامك. وذكر [[في (ص): (وذلك)، وهو تصحيف.]] الفراء وجهًا آخر قال: (ولو نوى حمزة بقوله: (ولا تخشى) الجزم، وإن كانت فيه الياء كان صوابًا، كما قال [[لم أهتد إلى قائله. وذكرته كتب التفسير واللغة بلا نسبة. الجَنَى: الرطب والعسل، وكل ثمر فهو جنى، والإجتناء أخذك إياه. انظر: "جامع البيان" 16/ 192، "معاني القرآن" للفراء 2/ 187، "تهذيب اللغة" (جنى) 1/ 674، "لسان العرب" (جنى) 2/ 707.]]: هُزَّي إِلَيْكِ الجِذْعَ يُجْنِيْكِ الجَنَى [وقال آخر [[ينسب هذا البيت لأبي عمرو بن العلاء، يخاطب به الفرزدق عندما جاء إليه معتذرًا من أجل هجو بلغه عنه. انظر: "الحجة للقراء السبعة" 5/ 240، "معاني القرآن" للفراء 2/ 188، "إعراب القرآن" للنحاس 2/ 352، "الإنصاف" 19، "خزانة الأدب" 8/ 359، "سر صناعة الإعراب" 2/ 360، "معجم الأدباء" 11/ 158، "شرح شواهد الشافية" ص 406، "شرح المفصل" 10/ 104.]]: هَجَوْتَ زَبَّانَ ثمَّ جِئْتَ مُعْتَذِرًا ... مِنْ هَجْمِ زَبَّانَ لَمْ تَهْجُو وَلَمْ تَدَعِ] [[ما بين المعقوفين ساقط من نسخة (س).]] وقال آخر [[البيت لقيس بن زهير العبسي. تنمي: تبلغ. لبون: اللبون من الشاة والإبل ذات اللبن. انظر: "الحجة للقراء السبعة" 5/ 240 "الكتاب" 1/ 32، "الخزانة" 3/ 534، "الخصائص" 1/ 333، "الأغاني" 17/ 131، "شرح شواهد الشافعية" ص 408، "معاني القرآن" للفراء 2/ 188، "إعراب القرآن" للنحاس 2/ 352، "سر صناعة الإعراب" 1/ 78، "المحتسب" 1/ 67.]]: أَلَمْ يَأتِيْكَ والأَنْبَاءُ تَنْمَي ... بِمَا لاَقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيَاد فأثبت الياء [[في (س): (الثاني)، وهو تصحيف.]] في موضع جزم، ولسكونها جاز ذلك) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 188.]]. قال أبو علي: (وهذا لا يحمل على ما ذكره الفراء؛ لأن ذلك إنما يجيء في ضرورة الشعر كقوله [[هذا عجز بيت لعبد يغوث بن وقاص الحارثي، وصدره: وتضحك مني شيخة عبشمية انظر: "سر صناعة الإعراب" 1/ 76، "الحجة" 5/ 239، "ذيل الأمالي" ص 134، "خزانة الأدب" 2/ 201، "الأغاني" 16/ 258، "شرح شواهد المغني" 2/ 675، "المحتسب" 1/ 65، "شرح المفصل" 5/ 97، "لسان العرب" (شمس) 2/ 1926.]]: كَأَنْ لَمْ تَرَ قَبْلِي أَسِيرًا يَمَانِيَا ولكن تقدر أنه حذف الألف المنقلبة عن اللام للجزم، تم أشبعت الفتحة؛ لأنها فاصلة، فأثبت الألف عن إشباع الفتحة [ومثل هذا مما يثبت في الفاصلة قوله: ﴿فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾ [الأحزاب: 67]، وقد جاء إشباع هذه الفتحة] [[ما بين المعقوفين ساقط من نسخة (ص).]] في كلامهم) [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 240.]]، قال [[اليت لابن هرمة يرثي ابنه. والغوائل: نوازل الدهر. بمنتزاح: ببعد عنه. انظر: "ديوان ابن هرمة" 92، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 240، "المحتسب" 1/ 166، "المسائل الحلبيات" 112، "الأشباه والنظائر" 2/ 30، "سر صناعة الإعراب" 1/ 25، "الخصائص" 2/ 316، "شرح شواهد الشافية" ص 25، "الإنصاف" 1/ 25، "خزانة الأدب" 7/ 557، "لسان العرب" (نزح) 14/ 104.]]: فَأَنْتَ مِنْ الغَوائِلِ حِينَ تُرْمَى ... ومِن ذَمَّ الرِّجَالِ بِمُنْتَزَاحِ وقال أبو الفتح الموصلي: (العرب قد تشبع الفتحة فيتولد بعدها ألف؛ لأن الألف في الحقيقة فتحة مشبعة، أنشد سيبويه [[البيت ينسب لرجل من قيس عيلان. الوفضة: خريطة يحمل فيها الراعي أداته وزاده. والزناد: ما تقدح به النار. انظر: "الكتاب" 1/ 171، "المحتسب" 2/ 78، "سر صناعة الإعراب" 1/ 23، "شرح شواهد المغني" 2/ 798، "خزانة الأدب" 7/ 74، "شرح المفصل" 4/ 97، "الأشباه والنظائر" 2/ 36، "لسان العرب" (بين) 1/ 561.]]: فَبَيْنَا نَحْنُ نَرقُبُه أَتَانَا ... عُلِّقَ وَفْضَةٍ وَزِنادَ راعِي أراد: بين نحن نرقبه، فأشبع الفتحة فحدثت بعدها ألف، قال: ومثل هذا يفعلون في الضمة فتتولد الواو، وفي الكسرة فتتولد الياء) [["سر صناعة الإعراب" 1/ 23.]]. والدَّرَك اسم من الإدراك يوضع موضع المصدر [[انظر: "تهذيب اللغة" (درك) 2/ 1176، "لسان العرب" (درك) 3/ 1363، "المعجم الوسيط" (الدرك) 1/ 281.]]. قال الليث: (الدَّرَك: إدراك الحاجة يقال: بكر ففيه درك) [["تهذيب اللغة" (درك) 2/ 1176، "لسان العرب" (درك) 3/ 1363.]]. وقال شمر: قال أبو عدنان: (يقال: أدركوا ماء الرُّكَيَّةَ [[الرُكَية: بئر تحفر، وهي جنس للركية وهي البئر. انظر: "تهذيب اللغة" (ركا) 2/ 1455، "لسان العرب" (ركا) 3/ 1722، "المعجم الوسيط" (الركية) 1/ 371.]] إِدْراكًا ودَرَكًا) [["تهذيب اللغة" (درك) 2/ 1176.]]. قال الأخفش: (ومعنى الآية: اضرب لهم طريقًا لا تخاف فيه دركا، وحذف فيه كما تقول: زيد أكرمت أي: أكرمته، وكما قال: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48] أي: لا تجزي فيه) [["معاني القرآن" للأخفش 2/ 632.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب