الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ الآية. الآيات جمع آية، ومعنى الآية في اللغة: العلامة [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 47، "معجم مقاييس اللغة" (أبي) 1/ 168، "الزاهر" 1/ 172، "مفردات الراغب" ص 33، "اللسان" (أيا) 1/ 185، و"فوائد في مشكل القرآن" ص 68، "البرهان في علوم القرآن" 1/ 266.]]، ومنه قوله: {تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ} [المائدة: 114] أي علامة منك لإجابتك دعاءنا، فكل آية من الكتاب علامة ودلالة على المضمون فيها. وقال أبو عبيدة: معنى الآية: أنها علامة لانقطاع الكلام الذي قبلها، وانقطاعه من الذي بعدها [[في "المجاز" لأبي عبيدة. (إنما سميت آية لأنها كلام متصل إلى انقطاعه، انقطاع معناه قصة ثم قصة (1/ 5) وانظر: "الزاهر" 1/ 172.]]. ثعلب عن ابن الأعرابي: الآية العلامة [[لم أجده عن ابن الأعرابي، ويظهر أن الواحدي نقل الكلام وما بعده من "تهذيب اللغة"، ولم أجد بحث (آية) في المطبوع من "تهذيب اللغة"، انظر: "الغربيين" للهروي 1/ 116، 117، "اللسان" (أيا) 1/ 185.]]. الليث: الآية العلامة، والآية من آيات القرآن، والجميع: الآي [[في "الصحاح" جمع الآية: آي وآياي، آيات، "الصحاح" (أيا) 6/ 2275، انظر: "اللسان" (أيا) 1/ 185، وقيل: آياي جمع الجمع.]]، ولم يزد على هذا. فالآية بمعنى العلامة في اللغة صحيحة [[انظر: "الصحاح" (أيا) 6/ 2275، "مقاييس اللغة" (أي) 1/ 168، "مفردات الراغب" ص 33، "اللسان" (أيا) 1/ 185.]]. قال الأحوص [[هو الأحوص بن محمد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت، لشعره رونق وحلاوة أكثر في الغزل، وكان يشبب بنساء أشراف المدينة، فنفاه سليمان بن عبد الملك إلى (دهلك)، انظر: "الشعر والشعراء" ص 345، "الخزانة" 2/ 16.]]: أَمِنْ رَسْمِ آيَاتٍ عَفَوْنَ وَمَنْزِلٍ ... قَدِيمٍ تُعَفِّيهِ [[في (ج): (يعفيه).]] الأَعاَصِيرُ مُحْوِلِ [[ورد البيت في "الزاهر" 1/ 172، ولم أجده في شعر الأحوص جمع (عادل سليمان جمال)، والمُحْوِل: المنزل الذي رحل عنه أهله وتغير حاله، انظر: "اللسان" (حول) 2/ 1060.]] قال ابن السكيت [["إصلاح المنطق" ص 304، وانظر: "الزاهر" 1/ 173، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص 34، "زاد المسير" 1/ 71.]] وحكاه لنا أبو عمرو [[هو أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني، جاور بني شيبان في الكوفة ونسب اليهم، شهر بالغريب، أخذ عنه ابن السكيت، انظر ترجمته في: مقدمة "تهذيب اللغة" 1/ 33، "طبقات النحويين واللغويين" ص 194.]] يقال [[في (ب): (فقال).]]: خرج القوم بآيتهم، أي بجماعتهم، لم يدعوا وراءهم شيئا [[ذكر البغدادي في "الخزانة": أن علي بن حمزة البصري رد قول ابن السكيت واستشهاده بكلام أبي عمرو الشيباني، ورجح أن الآية: العلامة، انظر: "الخزانة" 6/ 515.]]، وقال بُرْج بن مُسْهِر [[في (ج): (مرج بن شهر). وهو البرج بن مُسْهِر بن جلاس الطائي شاعر معمر. قال ابن دريد. وفد إلى النبي ﷺ، انظر: "الاشتقاق" لابن دريد ص 382، "الأعلام" 2/ 47.]]: خَرَجْنَا مِنَ النَّقْبَيْنِ لَا حَيَّ مْثِلُنَا ... بآِيَتِناَ نُزْجِي اللِّقَاحَ المطَافِلاَ [[قوله: نزجي: نسوق، واللقاح: النوق ذوات اللبن، والمطافل: النوق معها أولادها. ورد البيت في "إصلاح المنطق" ص 304، "الزاهر" 1/ 172، "مقاييس اللغة" (أي) 1/ 169، "تفسير القرطبي" 1/ 57، "زاد المسير" 1/ 71، (الخزانة) 6/ 515، "اللسان" (أيا) 1/ 185، "الدر المصون" 1/ 308.]] معناه: خرجنا بجماعتنا. فعلى هذا القول معنى الآية من كتاب الله جماعة حروف دالة على معنى مخصوص [[سبق ذكر رد علي بن حمزة البصري على هذا القول، وانظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص 34، "الزاهر" 1/ 172، "اللسان" (أيا) 1/ 185.]]. وبعض أصحابنا [[أي من علماء الشافعية.]] يجوّز على هذا القول أن يسمَّى أقل من الآية آية، لولا أن التوقيف ورد بما هي الآن معدودة آيات [[أنظر: "البرهان في علوم القرآن" 1/ 267، "الإتقان" 1/ 230. قال الزمخشري: (هذا علم توقيفي لا مجال للقياس فيه كمعرفة السور) "الكشاف" 1/ 105.]]. قال ابن الأنباري: وفي الآية قول ثالث: وهو أن تكون [[في (أ)، (ج): (يكون) واخترت ما في (ب) لأنه هو الصواب موافق لكلام ابن الأنباري في "الزاهر" 1/ 173.]] سميت آية، لأنها عجب، وذلك أن قارئها إذا قرأها يستدل على مباينتها [[في (أ): (مبانيتها) وما في (ب)، (ج) هو الصواب وموافق لما في "الزاهر".]] كلام المخلوقين، ويعلم أن العالم يعجزون عن التكلم بمثلها، فتكون الآية العجب من قولهم: (فلان آية من الآيات) أي عجب من العجائب [["الزاهر" 1/ 173، وانظر: "زاد المسير" 1/ 72. وخلاصة القول في معنى الآية: أنها تطلق في اللغة على: 1 - المعجزة، 2 - العلامة، 3 - العبرة، 4 - الأمر العجيب، 5 - الجماعة، 6 - البرهان والدليل.]] فهذا هو القول في معنى الآية. فأما وزنها من [[(من) ساقطة من (ج).]] الفعل، فقال الفراء [[كلام الفراء ورده على الكسائي ذكره ابن منظور في "لسان العرب" عن كتاب (المصادر) للفراء، ولعله نقله عن "تهذيب اللغة"، ولم أجد مبحث (آية) في المطبوع من "تهذيب اللغة"، انظر: "اللسان" (ايا) 1/ 185. (والآية) وزنها من الفعل - عند الفراء: (فَعْلَة) وعند الخليل (فَعَلَة) أصلها (أَيَيَة)، وعند الكسائي (فَاعِلَة)، أنظر: "الزاهر" 1/ 342، "تفسير ابن عطية" 1/ 71 - 72، "المفردات في غريب القرآن" ص 33، "فوائد في تأويل المشكل" ص 68، "البرهان" 1/ 266، "الدر المصون" 1/ 308، "الخزانة" 6/ 517، وقد ذكر في أصلها ستة وجوه.]]: إنما تركت العرب همز (ياء) آية، كما يهمزون كل (ياء) بعد الألف ساكنة نحو: قائل وغائب [[(قائل وغائب) مكانها بياض في (ج).]] وبابه، لأنها كانت فيما يرى [[في (ج): (ترى).]] (أَيَّة) على وزن (فَعْلَة) فثقل عليهم التشديد فأبدلوه ألفا، لانفتاح ما قبل التشديد كما قالوا: أَيْمَا [في (أَمَّا)، وكما فعلوا بدينار وقيراط لما استثقلوا التشديد أبدلوا من الحرف الأول (ياء) لانكسار ما قبله. [[(دينار) و (قيراط) أصلهما (دَنَّار) و (قَرَّاط) فاستثقلوا التشديد فأبدلوا من الحرف الأول (ياء) لانكسار ما قبله فصار: دينار وقيراط. انظر "الزاهر" 1/ 173، "الصحاح" (أيا) 6/ 2275.]] وقال] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ج).]] الكسائي: آية [وزنها (فَاعِلَة)، أصلها آيِيَة، فنقصت [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]]]. الكسائي يقول: استثقلت الكسرة على الياء الأولى فسكنت، ثم حذفت لاجتماع الساكنين [[انظر (الزاهر) 1/ 342.]]، هذا معنى قوله: (فنقصت). قال الفراء: ولو كانت (آية) فَاعِلَة ما صغروها [[في (أ): (ما صنعوها) وما في (ب)، (ج) هو الصحيح، وفي "اللسان" (ما صغرها).]] أيَيَّة، لأن (فاعلة) تصغّر (فُوَيْعِلَة). فقال الكسائي: قد صغروا: عاتكة وفاطمة عُتَيكة وفُطَيْمة، فالآية مثلها. فقال الفراء: العرب لا تصغر (فاعلة) (فُعَيلة) إلا أن يكون اسماً في مذهب (فلانة) فيقولون هذه فُطَيْمة قد جاءت، إذا كان [[في (ب): (كانت).]] اسمها [[في "اللسان" (اسما) 1/ 185.]]، فلو قلت: (هذه فَاطِمة ابنها) ثم صغرتها لم يجز الا فويطمة [[في "اللسان" (فإذا قلت هذه فُطَيْمة ابنها، يعني فاطمته من الرضاع لم يجز)، "اللسان" (أيا) 1/ 185.]]، ومثل: (هذا صُلَيْح قد جاء)، لرجل اسمه صالح، ولو قال قائل: كيف بُنَيُّك [[في "اللسان" (بنتك).]]؟ قلت: صويلح ولم يجز صليح لأنه ليس باسم له. وكذلك رجل اسمه أسود يقول: هذا سويد [قد جاء، لأنه فلان، فإن كان نعتًا قلت: (أُسَيْد) و (أُسَيْوِيد) ولا يجوز هذا رجل سُوَيد] [[ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج)، وأثبته من (ب)، لأن صحة السياق تقتضيه.]]. والفرق بين الحالين أن في الاسم العلم روعي التخفيف [فصغر تصغير الترخيم] [[في (ج): (الرخيم). وما بين المعقوفين ساقط من (ب).]]. وفي النعت صُغِّر على الأصل، فعلى قول الفراء آيات [[(آيات) ساقطة من (ب).]] وزنها (فَعْلات)، وعلى قول الكسائى وزنها (فَاعِلات) [[في (ب): (علامات).]]. ومعنى آيات الله في هذه الآية: دلائله، ويدخل فيها كتبه التي أنزلها على أنبيائه [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 253 - 254، "تفسير أبي الليث" 1/ 114، "البحر المحيط" 1/ 170.]]. فإن قيل: لم دخلت الفاء في سورة الحج: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [[في (ب): (أولئك)، تصحيف.]] [الحج: 57]، وسقطت هاهنا؟ قيل: إنما دخل فيه "الفاء" من خبر الذي وأخواته مشبه [[في (ج): (شبه).]] بالجزاء، وما لم يكن [[في (ب): (تكن)]] فيه (الفاء) فعلى أصل الخبر مثال ذلك من الكلام أن تقول: (مالي فهو لك) [على أن يكون (ما) بمعنى (الذي) ولو أردت واحد الأموال لم يجز دخول الفاء، كما لا تقول: غلامي فهو لك، [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]]، وهذه المسألة [[انظر شرح هذه المسألة في "سر صناعة الأعراب" 1/ 258.]] يأتي بيانها في مواضع من هذا الكتاب إن شاء الله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب