الباحث القرآني
قوله تعالى ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ النون فيه للتأكيد، واللام جواب قسم محذوف، وفتحت الواو لالتقاء الساكنين في قول سيبويه، وقال غيره: إنّها مبنية على الفتح [[من "معاني القرآن" للزجاج 1/ 230، وعنده: وقال غيره من أصحابه، وتتمة كلامه: وقد قال سيبويه في لام يفعل، لأنها مع ذلك قد تبنى على الفتحة، فالذين قالوا من أصحابه: إنها مبنية على الفتح غير خارجين من قول له، وكلا القولين جائز. ينظر: "الكتاب لسيبويه" 3/ 518 - 521.]].
ومعنى ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ أي: نعاملكم معاملة المبتلي؛ لأن الله تعالى يعلم عواقب الأمور، فلا يحتاج إلى الابتلاء ليعرف العاقبة، ولكنه يعاملهم معاملة من يبتلي، فمن صبر أثابه على صبره، ومن لم يصبر لم يستحقّ الثواب، فيكون في ذلك إلزام الحجة [[ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 41، "تفسير البغوي" 1/ 169.]].
وقوله تعالى: ﴿بِشَيْءٍ﴾ ولم يقل: بأشياء، وقد ذكر بعده ما هو أشياء لمكان (من)، والمعنى: بشيء من الخوف وشيء [[في (م)، (ش): (شيئًا).]] من الجوع، وهو كقول القائل: أعطني شيئًا من الدراهم، ومن الطعام، فيصير شيء كالمكرر في المعنى، ولو كان (بأشياء) كان صوابًا [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 2312، "تفسير الطبري" 3/ 41، "البحر المحيط" 1/ 450، وقال: أفرده ليدل على التقليل؛ إذ لو جمعه فقال: بأشياء، لاحتمل أن تكون ضروبًا من كل واحد مما بعده.]].
قال ابن عباس: ﴿مِنَ الْخَوْفِ﴾ يعني خوف العدو [[ذكره عن ابن عباس: الثعلبي في "تفسيره" 1/ 1274، والواحدي في "الوسيط" 1/ 236، و"البغوي" 1/ 169، "تفسير القرطبي" 2/ 159.]]، ﴿وَالْجُوعِ﴾ يعني: المجاعة والقحط، ﴿وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ﴾ يعني: الخسران والنقصان في المال وهلاك المواشي، ﴿وَالْأَنْفُسِ﴾ يعني: الموت والقتل. وقيل: المرض. وقيل: الشيب، ﴿وَالثَّمَرَاتِ﴾ يعني: الجوائح، وأن لا تخرج الثمرة كما كانت تخرج [[هذا من رواية عطاء وقد تقدم الحديث عنها، وقد ذكر هذا بتمامه: الثعلبي في "تفسيره" 1/ 1274، وينظر: "تفسير البغوي" 1/ 169، "البحر المحيط" 1/ 450،]].
قال أبو إسحاق وابن الأنباري: تأويل الآية: ولَنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع لتصبروا عليه، فيكون صبركم داعيًا من يخالفكم من الكفار إلى أتباعكم والدخول فيما أنتم عليه، وذلك أنهم يقولون: لم يصبر هؤلاء القوم على هذا الدين الذي امتُحِنوا فيه بما امتُحِنوا ونالتهم فيه الشدائد إلا بعد ما قامت براهينُ صحته عندهم، ولم يداخلهم ريب في أنه هو الحق، فيكون ذلك أدعى إلى الإسلام [[ينظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 231.]].
قال أبو بكر: وقيل في الآية: ولنختبرنّكم [[في (ش): (لنختبرنكم).]] بشيء من الخوف والجوع، لتنالوا به درجةً، وتصلوا معه إلى منزلة لولا هو ما وصلتم إليها، ولكي [[في (م): (ولكن).]] تتضرعوا في كشفه عنكم، فتكتسبوا بذلك حظًا من الثواب جزيلًا.
وقال الشافعي - رضي الله عنه -: يعني بالخوف: خوف الله عز وجل، وبالجوع: صيام شهر رمضان، وبنقص من الأموال: أداء الزكوات والصدقات، والأنفس: الأمراض، والثمرات: موت الأولاد؛ لأن ولد الرجل ثمرة قلبه [[ذكره عن الشافعي: الثعلبي في "تفسيره" 1/ 1274، والبغوي 1/ 169، والرازي 4/ 167، وأبو حيان في "البحر" 1/ 450، وذكره ابن كثير في "تفسيره" 1/ 211، قائلًا: وقد حكى بعض المفسرين، ثم قال: وفي هذا نظر.]]. وقد سمى رسول الله ﷺ الولد ثمرة القلب [[رواه البزار عن ابن عمر، وفيه: أبو مهدي سعيد بن سنان، وهو ضعيف متروك، ينظر: "مجمع الزوائد" للهيثمي 8/ 155، وينظر: "كنز العمال" 16/ 284، برقم 44485. وقد أخرج الترمذي في كتاب الجنائز، باب: فضل المصيبة إذا احتسب 3/ 332، (1021) عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: أقبضتم ولد عبدي؟ قالوا: نعم، قال: أقبضتم ثمرة فؤاده؟ قالوا: نعم، قال: فماذا قال عبدي؟، قالوا: حمدك واسترجع، قال: ابنوا له بيتًا في الجنة، وسموه بيت الحمد" وقال: هذا حديث حسن، ورواه عبد بن حميد [برقم 551]، وأبو نعيم في "زوائده على الزهد" لابن المبارك ص 108، وابن حبان في "صحيحه" 7/ 210، والثعلبي في "تفسيره" 1/ 1274، والبغوي في "تفسيره" 1/ 130، قال ابن حجر في "الكاف الشاف" ص 12 - 13. أخرجه أحمد [4/ 415] وغيره من حديث أبي موسى، وصححه ابن حبان، ورواه البيهقي في الشعب مرفوعًا وموقوفًا وقال الألباني في "السلسلة الصحيحة" برقم 1408. الحديث بمجموع طرقه حسن على أقل الأحوال.]] في بعض الأحاديث.
وفي قوله: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ دليل على أن من صبر على هذه المصائب أعطاه الله تعالى في العاجل والآجل ما هو أعمّ نفعًا له.
{"ayah":"وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَیۡءࣲ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَ ٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَ ٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق