الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿بِشَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ والجُوعِ﴾، ولَمْ يَقُلْ: ”بِأشْياءَ“، فَإنَّما جاءَ عَلى الِاخْتِصارِ، والمَعْنى يَدُلُّ عَلى أنَّهُ: ”وَشَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ وشَيْءٍ مِنَ الجُوعِ وشَيْءٍ مِن نَقْصِ الأمْوالِ والأنْفُسِ“، وإنَّما جَعَلَ اللَّهُ هَذا (p-٢٣١)الِابْتِلاءَ، لِأنَّهُ أدْعى لِمَن جاءَ بَعْدَ الصَّحابَةِ، ومَن كانَ في عَصْرِ النَّبِيِّ ﷺ، إلى اتِّباعِهِمْ، لِأنَّهم يَعْلَمُونَ أنَّهُ لا يَصْبِرُ عَلى هَذِهِ الأشْياءِ إلّا مَن قَدْ وضَحَ لَهُ الحَقُّ، وبانَ لَهُ البُرْهانُ، واللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - يُعْطِيهِمْ ما يَنالُهم مِنَ المَصائِبِ في العاجِلِ، والآجِلِ، وما هو أهَمُّ نَفْعًا لَهُمْ، فَجَمَعَ بِهَذا الدَّلالَةَ عَلى البَصِيرَةِ، وجَوَّزَ الثَّوابَ لِلصّابِرِينَ عَلى ذَلِكَ الِابْتِلاءِ، فَقالَ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَبَشِّرِ الصّابِرِينَ﴾، بِالصَّلاةِ عَلَيْهِمْ مِن رَبِّهِمْ، والرَّحْمَةِ، وبِأنَّهُمُ المُهْتَدُونَ، فَقالَ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿الَّذِينَ إذا أصابَتْهم مُصِيبَةٌ قالُوا إنّا لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٦]، أيْ: نَحْنُ وأمْوالُنا لِلَّهِ، ونَحْنُ عَبِيدُهُ، يَصْنَعُ بِنا ما شاءَ، وفي ذَلِكَ صَلاحٌ لَنا وخَيْرٌ، ﴿وَإنّا إلَيْهِ راجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٥٦]، أيْ: نَحْنُ مُصَدِّقُونَ بِأنّا نُبْعَثُ، ونُعْطى الثَّوابَ عَلى تَصْدِيقِنا، والصَّبْرِ عَلى ما ابْتَلانا بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب