الباحث القرآني
﴿ولَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿واسْتَعِينُوا﴾ إلَخْ عَطْفَ المَضْمُونِ عَلى المَضْمُونِ، والجامِعُ أنَّ مَضْمُونَ الأُولى طَلَبُ الصَّبْرِ، ومَضْمُونَ الثّانِيَةَ بَيانُ مَواطِنِهِ، والمُرادُ لَنُعامِلَنَّكم مُعامَلَةَ المُبْتَلى والمُخْتَبَرِ، فَفي الكَلامِ اسْتِعارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ؛ لِأنَّ الِابْتِلاءَ حَقِيقَةٌ لِتَحْصِيلِ العِلْمِ، وهو مُحالٌ مِنَ اللَّطِيفِ الخَبِيرِ - والخِطابُ عامٌّ لِسائِرِ المُؤْمِنِينَ - وقِيلَ: لِلصَّحابَةِ فَقَطْ، وقِيلَ: لِأهْلِ مَكَّةَ فَقَطْ.
﴿بِشَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ والجُوعِ﴾ أيْ: بِقَلِيلٍ مِن ذَلِكَ، والقِلَّةُ بِالنِّسْبَةِ لِما حَفِظَهم عَنْهُ مِمّا لَمْ يَقَعْ بِهِمْ، وأخْبَرَهم - سُبْحانَهُ - بِهِ قَبْلَ وقَوْعِهِ لِيُوَطِّنُوا عَلَيْهِ نُفُوسَهُمْ، فَإنَّ مُفاجَأةَ المَكْرُوهِ أشَدُّ، ويَزْدادُ يَقِينُهم عِنْدَ مُشاهَدَتِهِمْ لَهُ حَسْبَما أخْبَرَ بِهِ، ولِيَعْلَمُوا أنَّهُ شَيْءٌ يَسِيرٌ لَهُ عاقِبَةٌ مَحْمُودَةٌ.
﴿ونَقْصٍ مِنَ الأمْوالِ والأنْفُسِ والثَّمَراتِ﴾ عَطْفٌ إمّا عَلى ( شَيْءٍ ) ويُؤَيِّدُهُ التَّوافُقُ في التَّنْكِيرِ ومَجِيءُ البَيانِ بَعْدَ كُلّ وإمّا عَلى ( الخَوْفِ ) ويُؤَيِّدُهُ قُرْبُ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ ودُخُولُهُ تَحْتَ شَيْء والمُرادُ مِنَ الخَوْفِ خَوْفُ العَدُوِّ ومِنَ الجُوعِ القَحْطُ إقامَةً لِلْمُسَبِّبِ مَقامَ السَّبَبِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما -، ومِن نَقْصِ ( الأمْوالِ ) هَلاكُ المَواشِي، ومِن نَقْصِ (الأنْفُسِ ) ذَهابُ الأحِبَّةِ بِالقَتْلِ والمَوْتِ، ومَن نَقْصِ ( الثَّمَراتِ ) تَلَفُها بِالجَوائِحِ، ونَصَّ عَلَيْها مَعَ أنَّها مِنَ ( الأمْوالِ )؛ لِأنَّها قَدْ لا تَكُونُ مَمْلُوكَةً، وقالَ الإمامُ الشّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ -: ( الخَوْفُ ) خَوْفُ اللَّهِ تَعالى ( والجُوعِ ) صَوْمُ رَمَضانَ، والنَّقْصُ مِنَ ( الأمْوالِ ) الزِّكْواتُ والصَّدَقاتُ، ومِنَ ( الأنْفُسِ ) الأمْراضُ، ومِنَ ( الثَّمَراتِ ) مَوْتُ الأوْلادِ، وإطْلاقُ الثَّمَرَةِ عَلى الوَلَدِ مَجازٌ مَشْهُورٌ؛ لِأنَّ الثَّمَرَةَ كُلُّ ما يُسْتَفادُ ويُحَصَّلُ، كَما يُقالُ: ثَمَرَةُ العِلْمِ العَمَلُ. وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِن حَدِيثِ أبِي مُوسى، وحَسَّنَهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ -: «”إذا ماتَ ولَدُ العَبْدِ، قالَ اللَّهُ - تَعالى - لِلْمَلائِكَةِ: أقَبَضْتُمْ ولَدَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: أقَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ قَلْبِهِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ اللَّهُ - تَعالى -: ماذا قالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ واسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ - تَعالى -: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا في الجَنَّةِ، وسُمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ“،» واعْتَرِضُ ما قالَهُ الإمامُ بَعْدَ تَسْلِيمِ أنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ قَبْلَ فَرْضِيَّةِ الصَّوْمِ والزَّكاةِ بِأنَّ خَوْفَ اللَّهِ - تَعالى - لَمْ تَزَلْ قُلُوبُ المُؤْمِنِينَ مَشْحُونَةً بِهِ قَبْلَ (p-23)نُزُولِ الآيَةِ، وكَذا الأمْراضُ ومَوْتُ الأوْلادِ مَوْجُودانِ قَبْلُ، فَلا مَعْنًى لِلْوَعْدِ بِالِابْتِلاءِ بِذَلِكَ، وكَذا لا مَعْنًى لِلتَّعْبِيرِ عَنِ الزَّكاةِ - وهي النُّمُوُّ والزِّيادَةُ - بِالنَّقْصِ، وأُجِيبَ بِأنَّ كَوْنَ قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ مَشْحُونَةً بِالخَوْفِ قَبْلُ لا يُنافِي ابْتِلاءَهم في الِاسْتِقْبالِ بِخَوْفٍ آخَرَ، فَإنَّ الخَوْفَ يَتَضاعَفُ بِنُزُولِ الآياتِ، وكَذا الأمْراضُ، ومَوْتُ الأوْلادِ أُمُورٌ مُتَجَدِّدَةٌ يَصِحُّ الِابْتِلاءُ بِها في الآتِي مِنَ الأزْمانِ، والتَّعْبِيرُ عَنِ الزَّكاةِ بِالنَّقْصِ لِكَوْنِها نَقْصًا صُورَةٌ - وإنْ كانَتْ زِيادَةً مَعْنًى - فَعِنْدَ الِابْتِلاءِ سَمّاها نَقْصًا، وعِنْدَ الأمْرِ بِالأداءِ سَمّاها زَكاةً يَسْهُلُ أداؤُها ﴿وبَشِّرِ الصّابِرِينَ﴾ 155 خِطابٌ لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ - أوْ لِكُلِّ مَن تَتَأتّى مِنهُ البِشارَةُ، والجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلى ما قَبْلَها، عَطْفَ المَضْمُونِ عَلى المَضْمُونِ مِن غَيْرِ نَظَرٍ إلى الخَبَرِيَّةِ والإنْشائِيَّةِ، والجامِعُ ظاهِرٌ، كَأنَّهُ قِيلَ: الِابْتِلاءُ حاصِلٌ لَكم - وكَذا البِشارَةُ - ولَكِنْ لِمَن صَبَرَ مِنكُمْ، وقِيلَ: عَلى مَحْذُوفٍ؛ أيْ: أنْذِرِ الجازِعِينَ وبَشِّرْ.
{"ayah":"وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَیۡءࣲ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَ ٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَ ٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











