الباحث القرآني

﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾: لَنُصِيبَنَّكم إصابَةَ مَن يَخْتَبِرُ أحْوالَكُمْ؛ أتَصْبِرُونَ عَلى البَلاءِ؛ وتَسْتَسْلِمُونَ لِلْقَضاءِ؛ ﴿بِشَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ والجُوعِ﴾؛ أيْ: بِقَلِيلٍ مِن ذَلِكَ؛ فَإنَّ ما وقاهم عَنْهُ أكْثَرُ بِالنِّسْبَةِ إلى ما أصابَهم بِألْفِ مَرَّةٍ؛ وكَذا ما يُصِيبُ بِهِ مُعانِدِيهِمْ؛ وإنَّما أخْبَرَ بِهِ قَبْلَ الوُقُوعِ لِيُوَطِّنُوا عَلَيْهِ نُفُوسَهُمْ؛ ويَزْدادَ يَقِينُهم عِنْدَ مُشاهَدَتِهِمْ لَهُ؛ حَسْبَما أخْبَرَ بِهِ؛ ولِيَعْلَمُوا أنَّهُ شَيْءٌ يَسِيرٌ؛ لَهُ عاقِبَةٌ حَمِيدَةٌ؛ ﴿وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوالِ والأنْفُسِ والثَّمَراتِ﴾: عَطْفٌ عَلى "شَيْءٍ"؛ وقِيلَ: عَلى "الخَوْفِ"؛ وعَنِ الشّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: "الخَوْفُ: خَوْفُ اللَّهِ؛ والجُوعُ: صَوْمُ رَمَضانَ؛ ونَقْصٌ مِنَ الأمْوالِ: الزَّكاةُ والصَّدَقاتُ؛ ومِنَ الأنْفُسِ: الأمْراضُ؛ ومِنَ الثَّمَراتِ: مَوْتُ الأوْلادِ"؛ وعَنِ النَّبِيِّ ﷺ: « "إذا ماتَ ولَدُ العَبْدِ قالَ اللَّهُ (تَعالى) لِلْمَلائِكَةِ: "أقَبَضْتُمْ رُوحَ ولَدِ عَبْدِي؟"؛ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ؛ فَيَقُولُ - عَزَّ وجَلَّ -: "أقَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ قَلْبِهِ؟"؛ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ؛ فَيَقُولُ اللَّهُ (تَعالى): "ماذا قالَ عَبْدِي؟"؛ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ؛ واسْتَرْجَعَ؛ فَيَقُولُ اللَّهُ - عَزَّ وعَلا -: "ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا في الجَنَّةِ؛ وسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ"؛» ﴿وَبَشِّرِ الصّابِرِينَ﴾ ﴿الَّذِينَ إذا أصابَتْهم مُصِيبَةٌ قالُوا إنّا لِلَّهِ وإنّا إلَيْهِ راجِعُونَ﴾: الخِطابُ لِلرَّسُولِ ﷺ؛ أوْ لِكُلِّ مَن يَتَأتّى مِنهُ البِشارَةُ. والمُصِيبَةُ: ما يُصِيبُ الإنْسانَ مِن مَكْرُوهٍ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ -: « "كُلُّ شَيْءٍ يُؤْذِي المُؤْمِنَ فَهو لَهُ مُصِيبَةٌ"؛» ولَيْسَ الصَّبْرُ هو الِاسْتِرْجاعُ بِاللِّسانِ؛ بَلْ بِالقَلْبِ؛ بِأنْ يَتَصَوَّرَ ما خُلِقَ لَهُ؛ وأنَّهُ راجِعٌ إلى رَبِّهِ؛ ويَتَذَكَّرَ نِعَمَ اللَّهِ (تَعالى) عَلَيْهِ؛ ويَرى أنَّ ما أبْقى عَلَيْهِ أضْعافَ ما اسْتَرَدَّهُ مِنهُ؛ فَيُهَوِّنُ ذَلِكَ عَلى نَفْسِهِ؛ ويَسْتَسْلِمُ؛ والمُبَشَّرُ بِهِ مَحْذُوفٌ؛ دَلَّ عَلَيْهِ ما بَعْدَهُ؛ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب