الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ﴾ الآية. قال ابن عباس: قدم وفد نجران على رسول الله ﷺ، فتنازعوا مع اليهود، فكذّب كل واحد منهما صاحبه، فنزلت هذه الآية فيهم [[أخرجه الطبري في "تفسيره" بنحوه 1/ 494 - 495، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 208 وإسنادهما حسن، وذكره المصنف في "أسباب النزول" دون عزو لابن == عباس ص 39، وكذا الثعلبي في "تفسيره" 1/ 1120، وذكره ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 175.]]. فقوله تعالى ﴿وَهُم يَتْلُونَ الكِتَبَ﴾ قال الزجَّاجُ: يعني [[في (أ) و (م): (نعني).]] به أن الفريقين يتلون التوراة، وقد وقع بينهم هذا الاختلاف، وكتابهم واحد، فدلّ بهذا على ضلالتهم، وحذّر بهذا وقوع الاختلاف في القرآن؛ لأن الفريقين أخرجهما إلى الكفر [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 195.]]. وقيل معنى قوله ﴿وَهُم يَتْلُونَ الكِتَبَ﴾ رفع الشبهة بأنه ليس في تلاوة الكتاب معتبر في الإنكار إذا لم يكن لهم برهان على ما ينكرون، فلا ينبغي أن يدخل الشبهة بإنكار أهل الكتاب لملة الإسلام، إذ كلُّ فريق من أهل الكتاب قد أنكر ما عليه الآخر. ثم بين أن سبيلهم كسبيل مَنْ لا يعلم الكتابَ في الإنكار لدين الله من مشركي العرب وغيرهم ممن لا كتاب لهم، فهم في جحدهم لذلك إذ لا حجة معهم يلزم بها تصديقهم لا من جهة سمع ولا عقل، فقال: ﴿كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ﴾ [[ينظر: "البحر المحيط" 1/ 353.]]. قال ابن عباس: يريد: أمةَ نوحٍ وعادٍ وثمودَ وقومِ فرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة وقوم تبع، كلهم كذبوا الرسل، واختلفوا على أنبيائهم، وكذَّبوهم كما كذب اليهود والنصارى محمدًا ﷺ [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 1/ 1121 عن ابن جريج عن عطاء قريبًا من هذا اللفظ، وأخرجه عن عطاء أيضا: الطبري في "تفسيره" 1/ 497، ابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 209.]]. وقال مقاتل [[هو مقاتل بن سليمان بن بشر الأزدي البلخي، أبو الحسن، من أعلام المفسرين، ولكنه رمي بالتجسيم، متروك الحديث، وانظر ترجمته في المقدمة.]]: يعنى: مشركي العرب قالوا: إن محمدًا وأصحابه ليسوا على شيء من الدين [["تفسير مقاتل" 1/ 132. ويروى عن السدي فيما أخرجه الطبري في "تفسيره" 1/ 497، و"ابن أبي حاتم" 1/ 209.]]. وقوله تعالى: ﴿فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾ الآية، قال أبو إسحاق: المعنى: أنه [[في (ش): (أنهم).]] يريهم من يدخلُ الجنة عيانًا ويدخل النار عيانًا [[ليست في (أ)، (م). وفي "معاني القرآن" للزجاج قال بعدها: وهذا هو حكم الفصل فيما تصير إليه كل فرقة.]]، فأما [[في (ش): (وأما).]] حكم الدين [[في "معاني القرآن" فأما الحكم بينهم في العقيدة.]] فقد بيّنه الله عز وجل بما أظهر من حجج المسلمين [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 195، وزاد: وفي عجز الخلق عن أن يأتوا بمثل القرآن.]]، وقال الحسن: حُكْمُه فيهم أن يكذّبهم جميعًا، ويدخلهم النار [[ذكر هذا الوجه: أبو حيان في "البحر المحيط" 1/ 354.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب