الباحث القرآني

﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾ قال ابن عباس: يريد أتى عذابُ الله [[ورد في "تفسير السمرقندي" 7/ 227، بنصه، والثعلبي 2/ 153 ب، بمعناه، وانظر: "تفسير ابن عطية" 8/ 365، "تنوير المقباس" ص 282.]]، وقال الحسن وابن جريج: أي عقابُه لمن أقام على الإشراك به والتكذيب لرسوله [[أخرجه الطبري 14/ 75 بمعناه عن ابن جريج، وورد في "تفسير الطوسي" 6/ 358، عنهما، و"تفسير الماوردي" 3/ 178، عن ابن جريج، و"تفسير القرطبي" 10/ 65، عنهما.]]، وهذا القول في معنى ﴿أَمْرُ اللَّهِ﴾ هاهنا هو اختيار الزجاج؛ قال: ﴿أَمْرُ اللَّهِ﴾: ما وعدهم الله من المجازاة على كفرهم من أصناف العذاب، واحتج بقوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ﴾ [هود: 40]، أي: جاء ما وعدناهم به، وبقوله: ﴿أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا﴾ [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 189، بنصه.]] [يونس: 24]. وفسّر آخرون هذا العذاب؛ فقال: هو الأمر بالسيف، وقالوا: هذا جواب النضر بن الحارث حين قال: ﴿فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً﴾ الآية [الأنفال: 32]، فأنزل الله: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [[ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 153 ب، بنحوه، وذكره المؤلف في "أسباب النزول" له ص 284، وانظر: "تفسير البغوي" 7/ 5 - 8.]]، أي: لا تطلبوه قبل حينه، وهذا كما تقول لمن يطلب أمرًا يستعجل فيه، أتاك الأمر فلا تستعجل. وقال جماعة من المفسرين: ﴿أَمْرُ اللَّهِ﴾ هاهنا الساعة [[ورد في "تفسير السمرقندي" 2/ 227، بنحوه، والثعلبي 2/ 153 ب، بلفظه، و"تفسير الماوردي" 3/ 178، عن الكلبي، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 7، عن الكلبي وغيره، وابن عطية 8/ 365، و"تفسير القرطبي" 10/ 66، والخازن 3/ 105، وأبي حيان 5/ 472، وقال: هو قول الجمهور.]]؛ وذلك أن المكذبين بها استعجلوها، فقل لهم: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾. قال أبو إسحاق: استبطاؤا [[في (أ)، (د): (استبطلوا)، والمثبت من (ش)، وهو موافق للمصدر.]] أمْرَ الله، فأعلم اللهُ أن ذلك عنده في القرب بمنزلة ما قد أتى، كما قال: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر: 1]، وكما قال: ﴿ومَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ﴾ [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 189، بنصه تقريباً.]] [النحل: 77]؛ وعلى هذا، إنما قال لِمَا لَم يأت بعد أتى؛ لأنه آت لا محالة، والعربُ إذا ذكرت شيئًا قَرُبَ وقوعه أخرجته مخرج الواجب، كقوله تعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّار﴾ [الأعراف: 44]، وقد مر. وقوله تعالى: ﴿سُبْحَانَهُ﴾ هو قال ابن عباس: نَزَّه نفسه [[انظر: "تنوير المقباس" ص 282، وورد غير منسوب في "تفسير مقاتل" 1/ 200 أ، وهود الهواري 2/ 359، والسمرقندي 2/ 228، والفخر الرازي 19/ 218.]]، وقال الزجاج: تنزيه له وبراءة من السوء [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 190، بنحوه.]]، ﴿وَتَعَالَى﴾ أي: ارتفع وتعاظم بأعلى صفات المدح عن أن يكون له شريك، و (ما) في قوله: ﴿عَمَّا﴾ يجوز أن تكون (ما) المصدر، والتقدير: عن إشراكهم، والمعنى عن إشراكهم به غيره، فحُذف للعلم، ويجوز أن تكون بمعنى الذي؛ أي: ارتفع عن الذي أشركوا به [[في جميع النسخ: (أشركهم به)، ولا يستقيم بها المعنى، فلعلها تصحفت عن المثبت، أو التبست على النساخ بما قبلها.]]؛ لأنهم ﴿لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب