قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ﴾ الآية، مضى الكلام في الجهاز والرحل [[عند قوله تعالى ﴿وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ﴾ [يوسف: 60]. وقوله تعالى ﴿وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ﴾ [يوسف: 62].]]. وأما السقاية فقال الليث [["تهذيب اللغة" (سقى) 2/ 1715، و"اللسان" (سقى) 4/ 2043.]]: السقاية: الصواع الذي كان يشرب فيها الملك.
وقال غيره: السقاية [["تهذيب اللغة" (سقى) 2/ 1715، و"اللسان" (سقى) 4/ 2043.]]: الإناء الذي يُسْقى فيه، وهو هاهنا صواع الملك الذي كان يشرب منه.
قال ابن عباس [[الطبري 13/ 17 بنحوه، و"زاد المسير" 4/ 258.]] في رواية عطاء: وكان قدحًا من زبرجد، وكان يشرب فيه الماء، وكان موضوعًا بين يدي يوسف. وقال ابن زيد [[الطبري 13/ 17، و"زاد المسير" 4/ 259، والثعلبي 7/ 96 ب.]]: كان كأسًا من ذهب. وقال ابن إسحاق [[الثعلبي 7/ 96 ب.]] وعكرمة [[أخرج ابن أبي حاتم عنه كما في "الدر" 4/ 50 قوله "كان كأسًا من ذهب على ما يذكرون" قلت في ابن أبي حاتم 7/ 2171 هذا القول عن ابن زيد وأخرج الطبري 13/ 19، وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 50 قال: كان فضة، و"زاد المسير" 4/ 258، والثعلبي 7/ 96 ب.]]: كانت مشربة من فضة مرصعة بالجوهر.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ﴾ قال المفسرون وأهل اللغة [[الطبري 13/ 17، والثعلبي 7/ 96 ب، والبغوي 4/ 265، و"زاد المسير" 4/ 257، و"تهذيب اللغة" (أذن) 1/ 140، و"اللسان" (أذن) 1/ 53.]]: نادى مُناد وأعلم مُعلم. قال ابن الأنباري [["الزاهر" 1/ 29.]]: (أذَّن) معناه أعلم إعلامًا بعد إعلام؛ لأن (فعَّل) يوجب تكرير الفعل، ويجوز أن يكون إعلامًا واحداً من قبل أن العرب تجعل فعّل بمعنى أفعل في كثير من المواضع، وقال سيبويه [["الكتاب" 4/ 62.]]: الفرق بين أذّنت وآذنت، معناه أعلمت، لا فرق بينهما، والتأذين معناه النداء والتصويت بالإعلام، ومضى الكلام في هذا الحرف مستقصًى في مواضع منها قوله: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [البقرة: 279] وقوله: ﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ﴾ [[الأعراف: 44. وقال هنالك ما ملخصه: "معنى التأذين في اللغة: النداء والتصويت بالإعلام، والأذان للصلاة إعلام بها وبوقتها .. ".]] وقوله ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ﴾ [التوبة: 3].
وقوله تعالى: ﴿أَيَّتُهَا الْعِيرُ﴾ قال أبو الهيثم [["تهذيب اللغة" (عير) 3/ 2274.]]: كل ما امتير عليه من الإبل والحمير والبغال فهي عير. قال: وقول من قال العير: الإبل خاصة باطل، قال: وقال [[في (ج): (وقتال).]] نُصير [["تهذيب اللغة" (عير) 3/ 2275.]]: الإبل لا تكون عيرًا حتى يمتار عليها.
وقال أبو عبيدة [["زاد المسير" 4/ 257، القرطبي 9/ 230.]]: العير الإبل الرحولة المركوبة، والصحيح في العير أنها القافلة التي فيها الأحمال، والأصل للحمير إلا أنه كثر حتى سمي كل قافلة محملة عيرًا تشبيهًا بتلك.
قال مجاهد [[الطبري 13/ 18 وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم 7/ 2172، وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 50، وأبو عبيد كما في "الدر" 4/ 48.]]: كانت العير حميرًا.
وقال مقاتل [["تفسير مقاتل" 156 أ.]] بن سليمان: العير الرفقة.
(قال ابن الأنباري: ولا تكون العير رفقة أبدًا إلا على قيام مقام الرفقة وتأديتها عنها) [[ما بين القوسين ساقط من (أ)، (ب)، (ج) وهو في (ي).]].
قال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 120.]]: معناه يا أصحاب العير، ولكن قال: (أيتها العير)، وهو يريد أهلها، كقوله: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾، ويا خيل الله اركبي.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ قال أبو علي: التقدير فقال: إنكم لسارقون. فإن قيل: لم سَرَّق يوسفُ من لم يَسْرِق وهم لم يسرقوا شيئًا؟ قيل [[قال به الزجاج انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 123.]] معناه: إنكم لسارقون يوسف من أبيه، حين طرحتموه في الجب.
وقيل [[وهو قول ابن جرير الطبري انظر: الطبري 13/ 28.]]: إن المنادي نادى وعنده أنهم قد سرقوا السقاية، ولم يعلم أن يوسف أمر بوضعها في رحل أخيه، وإنما كان أمر بذلك على ما أمره الله -عز وجل- فلما فقدها الموكلون بها اتهموهم بسرقتها، على أن النداء بالتسريق كان بغير أمر يوسف ولا علمه، فكان الكذب زائلًا عن نبي الله في الحالات كلها.
{"ayah":"فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمۡ جَعَلَ ٱلسِّقَایَةَ فِی رَحۡلِ أَخِیهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَیَّتُهَا ٱلۡعِیرُ إِنَّكُمۡ لَسَـٰرِقُونَ"}