الباحث القرآني

قوله تعالى ﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ﴾ قال المفسرون [[الثعلبي 7/ 89 ب.]]: لما عبّر يوسف رؤيا الملك بين يديه قال له الملك: فما ترى أيها الصديق؟ قال: أرى أن تزرع في هذه السنين المخصبة زرعًا كثيرا وتبني الأهرا [[كذا في جميع النسخ والصحيح "الأهرام" كما في الوسيط 2/ 618.]] والخزائن وتجمع الطعام فيها؛ ليأتيك الخلق من النواحي، فيمتارون منك بحكمك [[في (ج): (بحكمتك).]]، ويجتمع عندك من الكنوز ما لم يجتمع لأحد قبلك، فقال الملك: ومن لي بهذا [[في (ب): (هذا) من غير باء.]]، ومن يجمعه ويكفي الشغل فيه؟، فقال يوسف: اجعلني على خزائن الأرض إني على حفظها، ثم حذف المضاف. وقوله: ﴿الْأَرْضِ﴾ قال المفسرون [[الرازي 18/ 160، البغوي 4/ 251، ابن عطية 8/ 7.]]: يعني أرض مصر. وقال أهل العربية [[الطبري 13/ 5، الثعلبي 7/ 90 أ.]]: يعني خزائن أرضك، فجعلت الألف واللام بدلاً من تعريف الإضافة كقول النابغة [[جزء من عجز بيت، وتمامه: لهم شيمة لم يعطها الدهر غيرهم ... من الناس، والأحلام غير عوازب للنابغة الذبياني. انظر "ديوانه" ص 56، والطبري 13/ 5، وفي القرطبي 9/ 212 عجزه: من الجود والأحلام غير كواذب]]: والأحْلامُ غَيْرُ عَوَازِبِ يريد: وأحلامهم. روى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في هذه الآية قال: قال رسول الله ﷺ: "رحم الله يوسف لو لم يقل اجعلني على خزائن الأرض لاستعمله من ساعته، ولكنه أخر ذلك سنة" [[الثعلبي 7/ 90 أ، و"زاد المسير" 243/ 4، والقرطبي 213/ 9 قال الحافظ ابن جر في "الكاف الشاف" ص 90 "أخرجه الثعلبي عن ابن عباس من رواية إسحاق ابن بشر عن جويبر عن الضحاك عنه وهذا إسناد ساقط، وقال الألباني. موضوع، انظر: "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (329).]]. فإن قيل: لِمَ طلب يوسف الإمارة، والنبي ﷺ قال لعبد الرحمن بن سمرة "يا عبد الرحمن لا تسل الإمارة" [[الحديث أخرجه البخاري (6622) كتاب الإيمان والنذور، باب قول الله تعالى == ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ﴾ وفي (¬6722) كتاب كفارات الأيمان، باب الكفارة قبل الحنث وبعده وفي مواضع أخرى (¬7146)، (¬7147). وأخرجه مسلم (¬1824) في الإمارة، باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها.]]؟. والجواب من هذا ما ذكره أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 116.]] قال: إن الأنبياء بعثوا لإقامة الحق والعدل ووضع الأشياء مواضعها، وعلم يوسف ﷺ أنه لا أحد أقوم بذلك ولا أوضع له في مواضعه منه، فسأل ذلك إرادة للصلاح. وقوله تعالى: ﴿إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد لا يضيع من ذلك عندي شيء، عليم بما أفعل ويصلح ملكك. وقال قتادة [[و [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 116.]] الطبري 13/ 5، الثعلبي 7/ 90 أ.]]: حفيظ لما وليت، عليم بأمره ونحوه. قال ابن إسحاق (¬3) وأبو إسحاق [["زاد المسير" 4/ 244، والرازي 18/ 160.]]: وقال جماعة: يريد أني كاتب حاسب. فإن قيل [["تفسيرمقاتل" 155 أ، و"زاد المسير" 4/ 243.]]: لِمَ ترك الاستثناء في هذا بأن يقول: إن شاء الله، وإدخال الاستثناء في مثل هذا أوجب في كلام مثله؟. ولِمَ مدح نفسه بالحفظ والعلم؟ والجواب أن يقال: أما تركه الاستثناء فإن ذلك كان منه خطيئة أوجبت عليه من الله العقوبة، بأن أخر تمليكه عن ذلك الوقت، ذكر مقاتل ابن سليمان (¬6): أن النبي ﷺ قال: "إن يوسف قال: إني حفيظ عليم، لو قال: إن شاء الله، لملك من وقته ذلك"، ويمكن أن يقال: إنه أضمر في نفسه الاستثناء دان لم يتلفظ به. أو يقال: أراد أن حفظي يزيد على حفظ غيري، وكذلك علمي، وكان هذا مما لا يدخل فيه شك حتى يحتاج إلى الاستثناء، وأما مدحه نفسه فإن مثل هذا إذا خلا من البغي والاستطالة، وكان المراد فيه الوصول إلى حق يقيمه، وعدل يحييه، وجور يبطله، كان ذلك جائزًا جميلًا. كقول القائل: إني لحافظ كتاب الله، عالم بتفسيره، عارف بشرائع الإسلام، يقصد بهذا القول قصد أن يتعلم منه إنسان فيفيده مما علمه الله حسن ذلك منه، ولم يحمل ذلك على تزكية النفس إذا عري قوله من الخيلاء والكبر، ذكر هذا كله أبو بكر [["زاد المسير" 4/ 244، 245.]]. وقال الكلبي فيما رواه عن ابن عباس [["تنوير المقباس" ص 151، الثعلبي 7/ 90 أ.]] في قوله: إنه حفيظ أي: لتقدير الأقوات، عليم بسني المجاعة، وقال الكلبي [["تنوير المقباس" ص 151، الثعلبي 7/ 90 أ.]]: ويقال معناه: عليم بلغات الناس كلهم، وذلك أن الناس كانوا يفدون على الملك من كل ناحية ويتكلمون بلغات مختلفة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب