الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ اجْعَلنِي على خَزَائِن الأَرْض﴾ اخْتلفُوا أَن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام لم طلب هَذَا؟ قَالَ (بَعضهم) : إِنَّمَا طلب ذَلِك لِأَنَّهُ عرف أَن ذَلِك؛ وَصله إِلَى وُصُول أَهله إِلَيْهِ من أَبِيه وَإِخْوَته وَغَيرهم، وَمِنْهُم من قَالَ: إِنَّمَا طلب ذَلِك لِأَنَّهُ عرف أَنه أقوم النَّاس بِالْقيامِ بمصالح النَّاس فِي السنين الشداد، فَطلب لهَذَا الْمَعْنى. وَقَوله: ﴿اجْعَلنِي على خَزَائِن الأَرْض﴾ الأَرْض هَاهُنَا: أَرض مصر، والخزائن: هِيَ خَزَائِن الطَّعَام وَالْأَمْوَال. وَقَالَ ربيع بن أنس: " اجْعَلنِي على خَزَائِن الأَرْض " أَي: على خراج مصر ودخلها. ﴿إِنِّي حفيظ عليم﴾ أَي: حفيظ للخزائن، عليم بِوُجُوه مصالحها. وَفِي بعض التفاسير: " إِنِّي حفيظ عليم " أَي: كَاتب حاسب. فَإِن قيل: هَل يجوز أَن يتَوَلَّى الْمُسلم من يَد كَافِر عملا؟ قُلْنَا قد قَالُوا: إِنَّه إِذا علم أَن الْكَافِر يخليه وَالْعَمَل بِالْحَقِّ يجوز أَن يتَوَلَّى. وَقد ﴿مكنا ليوسف فِي الأَرْض يتبوأ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نصيب برحمتنا من نشَاء وَلَا نضيع أجر﴾ رُوِيَ أَن ملك مصر لم يكن طاغيا ظَالِما، وَإِنَّمَا كَانَ رجلا عفيفا فِي دينه، وَإِنَّمَا الطاغي الظَّالِم كَانَ فِرْعَوْن مُوسَى. وَفِي الْقِصَّة: أَن الْملك مكث سنة لَا يوليه ثمَّ ولاه. وَفِي بعض الغرائب من الْأَخْبَار بِرِوَايَة أنس عَن النَّبِي: " أَن يُوسُف لَو لم يطْلب يوليه فِي الْحَال، وَلكنه لما طلب أخر الْملك سنة ". فَإِن قَالَ قَائِل: أَيجوزُ للْإنْسَان أَن يُزكي نَفسه وَقد قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: " إِنِّي حفيظ عليم "؟ قُلْنَا: يجوز إِذا كَانَ فِي ذَلِك مصلحَة عَامَّة. وَقيل: إِنَّه يجوز (إِذا عرف أَنه) لَا يلْحقهُ بذلك آفَة وَأمن الْعجب على نَفسه. وَعَن بعض الْأَئِمَّة: لَا يضر الْمَدْح من عرف نَفسه. وَقد قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " أَنا سيد ولد آدم وَلَا فَخر " وَالْخَبَر بِطُولِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب