الباحث القرآني
﴿قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الأرْضِ﴾ أيْ أرْضِ مِصْرَ وفي مَعْناهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ أيْ أرْضِكَ الَّتِي تَحْتَ تَصَرُّفِكَ وقِيلَ: أرادَ بِالأرْضِ الجِنْسَ وبِخَزائِنِها الطَّعامَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنها و( عَلى ) مُتَعَلِّقَةٌ عَلى ما قِيلَ بِمُسْتَوْلٍ مُقَدَّرٍ والمَعْنى ولِّنِي عَلى أمْرِها مِنَ الإيرادِ والصَّرْفِ ﴿إنِّي حَفِيظٌ﴾ لَها مِمَّنْ لا يَسْتَحِقُّها ﴿عَلِيمٌ﴾ . (55) . بِوُجُوهِ التَّصَرُّفِ فِيها وقِيلَ: بِوَقْتِ الجُوعِ وقِيلَ: حَفِيظٌ لِلْحِسابِ عَلِيمٌ بِالألْسُنِ وفِيهِ دَلِيلٌ عَلى جَوازِ مَدْحِ الإنْسانِ نَفْسَهُ بِالحَقِّ إذا جُهِلَ أمْرُهُ: وجَوازُ طَلَبِ الوِلايَةِ إذا كانَ الطّالِبُ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلى إقامَةِ العَدْلِ وإجْراءِ أحْكامِ الشَّرِيعَةِ وإنْ كانَ مِن يَدِ الجائِرِ أوِ الكافِرِ ورُبَّما يَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ إذا تَوَقَّفَ عَلى وِلايَتِهِ إقامَةُ واجِبٍ مَثَلًا وكانَ مُتَعَيَّنًا لِذَلِكَ وما في الصَّحِيحَيْنِ مِن حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لا تَسْألِ الإمارَةَ فَإنَّكَ إنْ أُوتِيتَها عَنْ مَسْألَةٍ وُكِلْتَ إلَيْها وإنْ أُعْطِيتَها مِن غَيْرِ مَسْألَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْها» وارِدٌ في غَيْرِ ما ذُكِرَ وعَنْ مُجاهِدٍ أنَّهُ أسْلَمَ عَلى يَدِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ ولَعَلَّ إيثارَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لِتِلْكَ الوِلايَةِ خاصَّةً إنَّما كانَ لِلْقِيامِ بِما هو أهَمُّ أُمُورِ السَّلْطَنَةِ إذْ ذاكَ مِن تَدْبِيرِ أمْرِ السِّنِينَ لِكَوْنِهِ مِن فُرُوعِ تِلْكَ الوِلايَةِ لا لِمُجَرَّدِ عُمُومِ الفائِدَةِ كَما قِيلَ.
وجاءَ في رِوايَةِ أنَّ المَلِكَ لَمّا كَلَّمَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ وقَصَّ رُؤْياهُ لَهُ قالَ: ما تَرى أيُّها الصِّدِّيقُ قالَ: تَزْرَعُ في سِنِي الخِصْبِ زَرْعًا كَثِيرًا فَإنَّكَ لَوْ زَرَعْتَ فِيها عَلى حَجْرٍ نَبَتَ وتَبْنِي الخَزائِنَ وتَجْمَعُ فِيها الطَّعامَ بِقَصَبِهِ وسُنْبُلِهِ فَإنَّهُ أبْقى لَهُ ويَكُونُ القَصَبُ عَلَفًا لِلدَّوابِّ فَإذا جاءَتِ السُّنُونُ بِعْتُ ذَلِكَ فَيَحْصُلُ لَكَ مالٌ عَظِيمٌ فَقالَ المَلِكُ: ومَن لِي بِهَذا ومَن يَجْمَعُهُ ويَبِيعُهُ لِي ويَكْفِينِي العَمَلُ فِيهِ فَقالَ: ﴿اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الأرْضِ﴾ .. إلَخْ والظّاهِرُ أنَّهُ أجابَهُ لِذَلِكَ حِينَ سَألَهُ وإنَّما لَمْ يَذْكُرْ إجابَتَهُ لَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ إيذانًا بِأنَّ ذَلِكَ أمْرٌ لا مَرَدَّ لَهُ غِنًى عَنِ التَّصْرِيحِ بِهِ لا سِيَّما بَعْدَ تَقْدِيمِ ما تَنْدَرِجُ تَحْتَهُ أحْكامُ السَّلْطَنَةِ جَمِيعُها وأخْرَجَ الثَّعْلَبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يَرْحَمُ اللَّهُ تَعالى أخِي يُوسُفَ لَوْ لَمْ يَقُلِ: ﴿اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الأرْضِ﴾ لاسْتَعْمَلَهُ مِن ساعَتِهِ ولَكِنَّهُ أخَّرَ ذَلِكَ سَنَةً» ثُمَّ إنَّهُ كَما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وغَيْرِهِ تَوَّجَهُ وخَتَمَهُ بِخاتَمِهِ ورَدّاهُ بِسَيْفِهِ ووَضَعَ لَهُ سَرِيرًا مِن ذَهَبٍ مُكَلَّلًا بِالدُّرِّ والياقُوتِ طُولُهُ ثَلاثُونَ ذِراعًا وعَرْضُهُ عَشْرَةُ أذْرُعٍ (p-6)ووَضَعَ عَلَيْهِ الفُرُشَ وضَرَبَ عَلَيْهِ حُلَّةً مَنِ إسْتَبْرَقٍ فَقالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: أمّا السَّرِيرُ فَأشُدُّ بِهِ مُلْكَكَ وأمّا الخاتَمُ فَأُدَبِّرُ بِهِ أمْرَكَ وأمّا التّاجُ فَلَيْسَ مِن لِباسِي ولا لِباسِ آبائِي فَقالَ: قَدْ وضَعْتُهُ إجْلالًا لَكَ وإقْرارًا بِفَضْلِكَ فَجَلَسَ عَلى السَّرِيرِ ودانَتْ لَهُ المُلُوكُ وفَوَّضَ إلَيْهِ المَلِكُ أمَرَهُ وأقامَ العَدْلَ بِمِصْرَ وأحَبَّتْهُ الرِّجالُ والنِّساءُ وباعَ مِن أهْلِ مِصْرَ في سِنِي القَحْطِ الطَّعامَ في السَّنَةِ الأُولى بِالدَّراهِمِ والدَّنانِيرِ حَتّى لَمْ يَبْقَ مِنها شَيْءٌ وفي الثّانِيَةِ بِالحُلِيِّ والجَواهِرِ وفي الثّالِثَةِ بِالدَّوابِّ والمَواشِي وفي الرّابِعَةِ بِالعَبِيدِ والجَوارِي وفي الخامِسَةِ بِالضَّياعِ والعَقارِ وفي السّادِسَةِ بِالأوْلادِ وفي السّابِعَةِ بِالرِّقابِ حَتّى اسْتَرَقَّهم جَمِيعًا وكانَ ذَلِكَ مِمّا يَصِحُّ في شَرْعِهِمْ فَقالُوا: ما رَأيْنا كاليَوْمِ مَلِكًا أجَلَّ وأعْظَمَ مِنهُ فَقالَ لِلْمَلِكِ: كَيْفَ رَأيْتَ صُنْعَ اللَّهِ تَعالى فِيما خَوَّلَنِي فَما تَرى في هَؤُلاءِ فَقالَ المَلِكُ: الرَّأْيُ رَأْيُكَ ونَحْنُ لَكَ تَبَعٌ فَقالَ: إنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ تَعالى وأُشْهِدُكَ أنِّي قَدْ أعْتَقْتُهم ورَدَدْتُ إلَيْهِمْ أمْلاكَهم.
ولَعَلَّ الحِكْمَةَ في ذَلِكَ إظْهارُ قُدْرَتِهِ وكَرَمِهِ وانْقِيادُهم بَعْدَ ذَلِكَ لِأمْرِهِ حَتّى يَخْلُصَ إيمانُهم ويَتَّبِعُوهُ فِيما يَأْمُرُهم بِهِ فَلا يُقالُ: ما الفائِدَةُ في تَحْصِيلِ ذَلِكَ المالِ العَظِيمِ ثُمَّ إضاعَتِهِ وكانَ عَلَيْهِ السَّلامُ في تِلْكَ المُدَّةِ فِيما يُرْوى لا يَشْبَعُ مِنَ الطَّعامِ فَقِيلَ لَهُ: أتَجُوعُ وخَزائِنُ الأرْضِ بِيَدِكَ فَقالَ: أخافُ إنْ شَبِعْتُ أنْسى الجائِعَ وأمَرَ عَلَيْهِ السَّلامُ طَبّاخِي المَلِكِ أنْ يَجْعَلُوا غِذاءَهُ نِصْفَ النَّهارِ وأرادَ بِذَلِكَ أنْ يَذُوقَ طَعْمَ الجُوعِ قَلّا يَنْسى الجِياعَ قِيلَ: ومِن ثَمَّ جَعَلَ المُلُوكُ غِذاءَهم نِصْفَ النَّهارِ وقَدْ أشارَ سُبْحانَهُ إلى ما آتاهُ مِنَ المُلْكِ العَظِيمِ بِقَوْلِهِ جَلَّ وعَلا:
{"ayah":"قَالَ ٱجۡعَلۡنِی عَلَىٰ خَزَاۤىِٕنِ ٱلۡأَرۡضِۖ إِنِّی حَفِیظٌ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق