قوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي﴾ قال المفسرون [[الطبري 13/ 79، والثعلبي 7/ 116أ، والبغوي 4/ 284، و"زاد المسير" 4/ 395.]]: قل لهم يا محمد هذه الدعوة التي أدعو إليها، والطريقة التي أنا عليها سبيلي، قال ابن زيد [[الطبري 13/ 80، وابن أبي حاتم 7/ 2209، وانظر: "الدر" 4/ 76، والثعلبي 7/ 116 أ، والقرطبي 9/ 274، و"البحر المحيط" 5/ 353.]]: سُنَّتي ومنهاجي.
وقال مقاتل [["تفسير مقاتل" 158 أ، والثعلبي 7/ 116 ب.]]: ديني، وسمى الدين سبيلًا لأنه الطريق الذي يؤدي إلى الثواب، ومثله قوله: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ﴾ [النحل: 125] أي: إلى دينه
قال أبو علي [["المسائل الحلبيات" ص. 20.]]: معنى السبيل في اللغة المدرجة والممر، ثم أشيع فيه حتى استعمل في المعتقدات والآراء في الديانات وغيرهما، كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا﴾ [الأعراف: 146] الآية.
وقولى تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي﴾ أي: معتقدي، وفسر السبيل بقوله: ﴿أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا﴾ قال ابن عباس [[البغوي 4/ 284، وابن عطية 8/ 95.]]: يريد على دين ويقين، والبصيرة: المعرفة التي يميز بها الحق من الباطل، ومضى الكلام في هذا عند قوله: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الأنعام: 104].
وقوله تعالى: ﴿وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ يجوز أن يكون (من) عطفًا على المضاف إليه في: ﴿سَبِيلِي﴾ فيكون في [محل الخفض، ويجوز أن يكون عطفًا على الضمير في: ﴿أَدْعُو﴾ فيكون في] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] موضع الرفع، ويكون المعنى: أدعو إلى الله أنا ومن اتبعني يدعو إلى الله، وهذا معنى قول الكلبي [["تنوير المقباس" ص 154، والثعلبي 7/ 116 ب.]] وابن زيد [[الثعلبي 7/ 116ب.]]، فالأحق على من اتبعه أن يدكو إلى ما دعا إليه ويذكر بالقرآن والموعظة، وينهى عن معاصي الله، وهذا الوجه اختيار الفراء [["معاني القرآن" 2/ 55.]] قال: ومن اتبعني يدعو إلى الله كما أدعو [[في (أ)، (ج) تكرار: قال ابن الأنباري: وليس من مؤمن إلا وهو يدعو إلى الله كما أدعو.]].
قال ابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 295.]]: وليس من مؤمن إلا وهو يدعو إلى الله جل وعلا، من قبل أنه لا يخلو من تلاوة القرآن، وكل آية من القرآن تدعو إلى الله -عز وجل- وبينة على صدق الرسول -ﷺ-، قال: ويجوز أن ينقطع الكلام عند قوله (الله) ثم ابتدأ فقال: ﴿عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ فيرتفع من بالنسق على (أنا) وترتفع (أنا) بعلى لأنهما ابتداء وخبر، وهذا معنى قول ابن عباس [[الثعلبي 7/ 116 ب، وابن أبي حاتم 4/ 247 أ.]]: قال يعني أصحاب محمد -ﷺ- الذين آمنوا معه، كانوا على أحسن طريقة وأقصد هداية.
وقوله تعالى: ﴿وَسُبْحَانَ اللَّهِ﴾ عطف على قوله: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي﴾ أيَ: قل هذه سبيلي، وقك سبحان الله تنزيهًا لله عما أشركوا، ﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ الذين اتخذوا مع الله ضدًا أو ندًا أو كفوًا أو ولدًا.
{"ayah":"قُلۡ هَـٰذِهِۦ سَبِیلِیۤ أَدۡعُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِیرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِیۖ وَسُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ وَمَاۤ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ"}