الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أدْعُو إلى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أنا ومَنِ اتَّبَعَنِي وسُبْحانَ اللَّهِ وما أنا مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ قالَ المُفَسِّرُونَ: قُلْ يا مُحَمَّدُ لَهم: هَذِهِ الدَّعْوَةُ الَّتِي أدْعُو إلَيْها، والطَّرِيقَةُ الَّتِي أنا عَلَيْها سَبِيلِي وسُنَّتِي ومِنهاجِي، وسُمِّيَ الدِّينُ سَبِيلًا لِأنَّهُ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إلى الثَّوابِ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ﴾ (النَّحْلِ: ١٢٥) . واعْلَمْ أنَّ السَّبِيلَ في أصْلِ اللُّغَةِ الطَّرِيقُ، وشَبَّهُوا المُعْتَقَداتِ بِها لَمّا أنَّ الإنْسانَ يَمُرُّ عَلَيْها إلى الجَنَّةِ. ﴿أدْعُو إلى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ﴾ وحُجَّةٍ وبُرْهانٍ، أنا ومَنِ اتَّبَعَنِي إلى سِيرَتِي وطَرِيقَتِي وسِيرَةِ أتْباعِي الدَّعْوَةِ إلى اللَّهِ؛ لِأنَّ كُلَّ مَن ذَكَرَ الحُجَّةَ وأجابَ عَنِ الشُّبْهَةِ؛ فَقَدْ دَعا بِمِقْدارِ وُسْعِهِ إلى اللَّهِ. وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ الدُّعاءَ إلى اللَّهِ تَعالى إنَّما يَحْسُنُ ويَجُوزُ مَعَ هَذا الشَّرْطِ وهو أنْ يَكُونَ عَلى بَصِيرَةٍ مِمّا يَقُولُ وعَلى هُدًى ويَقِينٍ، فَإنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهو مَحْضُ الغُرُورِ، وقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: «العُلَماءُ أُمَناءُ الرُّسُلِ عَلى عِبادِ اللَّهِ مِن حَيْثُ يَحْفَظُونَ لِما تَدْعُونَهم إلَيْهِ» وقِيلَ أيْضًا: يَجُوزُ أنْ يَنْقَطِعَ الكَلامُ عِنْدَ قَوْلِهِ ﴿أدْعُو إلى اللَّهِ﴾ ثُمَّ ابْتَدَأ وقالَ: ﴿عَلى بَصِيرَةٍ أنا ومَنِ اتَّبَعَنِي﴾، وقَوْلُهُ: ﴿وسُبْحانَ اللَّهِ﴾ عُطِفَ عَلى قَوْلِهِ: ﴿هَذِهِ سَبِيلِي﴾ أيْ قُلْ: هَذِهِ سَبِيلِي، وقُلْ: سُبْحانَ اللَّهِ؛ تَنْزِيهًا لِلَّهِ عَمّا يُشْرِكُونَ، وما أنا مِنَ المُشْرِكِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَعَ اللَّهِ ضِدًّا ونِدًّا وكُفُؤًا ووَلَدًا. وهَذِهِ الآيَةُ تَدُلُّ عَلى أنَّ حِرْفَةَ الكَلامِ وعِلْمَ الأُصُولِ حِرْفَةُ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، وأنَّ اللَّهَ ما بَعَثَهم إلى الخَلْقِ إلّا لِأجْلِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب